مازالت ردود الفعل تتوالى على مشروع القانون العنصري الجديد حول "يهودية إسرائيل"، الذي أقرته جكومة بنيامين نتنياهو في 24 نوفمبر, وحذر كثيرون من أنه يمهد لنكبة جديدة بحق الفلسطينيين. وذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية في افتتاحيتها في مطلع ديسمبر أن حكومة نتنياهو تسعى بقوة لتمرير مشروع قانون "الدولة القومية اليهودية" في الكنيست الإسرائيلي, وهو ما يتناقض مع إعلان إسرائيل في أكثر من مناسبة "أنها دولة ديمقراطية". وتابعت الصحيفة "أن نص إعلان دولة إسرائيل يشير إلى الوعد بالمساواة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لجميع السكان بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس". وأضافت " مشروع قانون القومية اليهودية يعطي الأولوية ليهودية إسرائيل على حساب ديمقراطيتها، وهذا سيضر بسمعتها الدولية". وتابعت أن هذا القانون يعني زيادة "الحقوق الوطنية" لليهود وحدهم، أما المواطنون العرب (الفلسطينيون) في إسرائيل, فسيتمتعون بحقوق مدنية كأفراد، ولكن دون أي حقوق وطنية. وأشارت "الجارديان" أيضا إلى أن من شأن القانون الجديد أن يحط من مكانة العربية كلغة رسمية بإسرائيل. ومضت الصحيفة بالقول :"إن إسرائيل أصرت على مدى نصف قرن على أنها دولة ديمقراطية كاملة، ولكن القانون الجديد يكذب هذا الادعاء، وذلك لأن في القانون الجديد تكريس لعدم المساواة، وضمان حقوق اليهود على حساب العرب". وتابعت "قانون القومية اليهودية يعتبر ضد الفلسطينيين الذين يعيشون داخل إسرائيل، ويجب على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلغاء هذا القانون قبل فوات الأوان". كما نشرت الصحيفة مقالا للكاتب الإسرائيلي رؤوفين ريفلين أشار فيه إلى أن قانون القومية اليهودية يفتح المجال أمام الآخرين لانتقاد إسرائيل، وذلك لأنه يضع اليهودية قبل الديمقراطية. وأضاف "دولة إسرائيل قائمة على اليهودية والديمقراطية، وإزالة أي من هذين المفهومين من شأنه أن يضر بسمعة إسرائيل". وفي السياق ذاته, ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية أن قانون "القومية", الذي أقرته حكومة نتنياهو يحصر الحقوق الوطنية على اليهود دون العرب الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، وقد أثار ردود فعل غاضبة داخل أوروبا. وأوضحت الصحيفة في تقرير لها في 30 نوفمبر أنه وفقًا لمعظم القراءات النقدية لمشروع القانون، ومن بينها آراء أعضاء في مجلس الوزراء الإسرائيلي، فإن هذا التشريع المقترح يجعل من العرب الإسرائيليين بمثابة مواطنين درجة ثانية. وحذرت الصحيفة، من أن مشروع القانون سيفاقم من التوتر في إسرائيل، كما أن مسودة التشريع تشير إلى أنه سيعقبه المزيد من الإجراءات، مثل عدم اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية. وأضافت " أصدقاء إسرائيل في أوروبا باتوا يرون بشكل متزايد أن إسرائيل جوهر المشكلة، بدلًا من أن تكون شريكًا في حل دولتين مع الفلسطينيين". واللافت إلى الانتباه إلى أن "قانون القومية قوبل أيضا بانتقادات داخل إسرائيل, حيث نشرت صحيفة "هآرتس" مقالا الكاتب يحزقيل درور في 29 نوفمبر هاجم فيه بشدة هذا القانون, موضحا أن إسرائيل في حاجة إلى زعيم من نوع آخر. وأضاف الكاتب أن حكومة نتنياهو تحاول مواجهة المشكلات السياسية والأمنية المتغيرة والمتصاعدة من خلال ردود تكتيكية عادة ما تفشل، مؤكدا أن تشديد العقوبات وهدم منازل الفلسطينيين لا يردع "الإرهاب", في إشارة لعمليات المقاومة الفلسطينية. وتابع " الهذيان منتشر في إسرائيل على أعلى المستويات"، مرجحا حدوث أزمات سياسية وأمنية كبيرة إلى حين انتهاء البلبلة وصعود قيادة من نوع جديد, لكنه استطرد :" الثمن قد يكون باهظا حتى ذلك الحين". كما نشرت الصحيفة ذاتها مقالا تحت عنوان "القانون الذي سيغير وجهنا", حذرت فيه من عواقب إقرار قانون "القومية", الذي ينص على أن "إسرائيل دولة الشعب اليهودي". ودعا الوزير الإسرائيلي السابق يوسي سريد في المقال من يلتزمون بالديمقراطية لمعارضة هذا القانون في الكنيست, قائلا :"وهكذا سنعرف من معنا ومن مع نتنياهو". وتابع سريد "قانون القومية سيضع الدولة اليهودية على رأسنا، ويؤدي بالدولة الديمقراطية إلى أسفل أقدامنا", مضيفا أنه سيصادر كل حقوق مواطني إسرائيل العرب "عرب 48 "، ويلغي تأثير العربية كلغة رسمية ثانية، وفوق كل ذلك سيمحو "المساواة". وبدورها, نشرت صحيفة "يديعوت" أيضا مقالا لوزير العدل الإسرائيلي السابق دانييل فريدمان توقع فيه أن يتسبب "قانون القومية" بالضرر لإسرائيل, مثلما تسبب سن قانون القدس عام 1980, حين قدم رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك مناحيم بيغن اقتراح قانون أساس القدس عاصمة إسرائيل, وذلك بعد عام من اتفاق السلام مع مصر. وأضاف دانييل أنه في ظل الوضع المتفجر بالقدسالشرقية والضفة الغربية, يمكن للقانون أن يتسبب بالضرر لإسرائيل, وزيادة الصراع مع الأقليات بداخلها. وتابع "لدى إسرائيل الكثير من القوانين التي تتحدث عن طابع الدولة, والإعلان الزائد لن يضيف شيئا, ولن يحل المشكلة ولن يجيب على السؤال, من هو اليهودي". ويجمع كثيرون أن مشروع قانون "يهودية إسرائيل" ، أو مشروع قانون "القومية", كما أطلقت عليه حكومة نتنياهو يهدف للقضاء على حل الدولتين, ونزع المواطنة عن فلسطينيي 48، وسلب اللاجئين الفلسطينيين حقهم بالعودة, وتكريس احتلال الضفة والقدس, وهو ما يشكل نكبة جديدة للفلسطينيين بعد "نكبة 48 ".