قال قضاة، إن الحكم الصادر ببراءة الرئيس الأسبق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي في قضية قتل المتظاهرين إبان ثورة 25يناير 2011 "شابه عوار دستوري، يخول لمحكمة النقض تصحيحه عند عرض القضية عليها"، بعد أن طعن النائب العام على الحكم الصادر أمس الأول. وقال المستشار أحمد سليمان وزير العدل الأسبق، إن "التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة خلال فترة المستشار طلعت عبدالله (النائب العام إبان عهد الرئيس المعزول محمد مرسي) وقد باشرها 17من وكلاء النيابة وأعدوا مذكرة تضمنت أدالة الثبوت والقرائن ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك وباقي المتهمين في القضية في 660صفحة تم تسليمها للمحكمة". وأضاف أنه لا يعلم ما مصير هذه المذكرة، وما إذا كانت قد عرضت على المحكمة أم لا؟. وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي كلف لجنة الإصلاح التشريعي عقب صدور الحكم في "قضية القرن" بدراسة التعديلات التشريعية على قانون الإجراءات الجنائية، الخاص بالمادة (15)، والتى حدد فيها القانون الحالى انقضاء الدعوى الجنائية فى الجناية ب10 سنوات، لتنص فى تعديلها الجديد، أن يبدأ انقضاء الدعاوى الجنائية من "تاريخ ترك الموظف العام لمنصبه"، كما طالبت المحكمة. وقال سليمان إن "هذا التعديل المقترح إن كان يسد نقصًا تشريعيًا، إلا أنه يأتي من باب امتصاص غضب الشعب"، لافتًا إلى أنه "إذا قبلت محكمة النقض الطعن فسوف تفصل في الموضوع لأن الطعن بالنقض للمرة الثانية". وأضاف "هذا التعديل لا يسرى على مبارك، حيث إن الخطأ الذى وقعت فيه المحكمة هو أنها اعتبرت أن إحالة العادلى وباقى المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين عدا مبارك يعد بمثابة الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل مبارك، وبالتالى قضت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة لهم لسابق صدور أمر جنائى أمر بالأوجه". وأوضح أن "المسلم به قانونًا أنه يحق للنيابة العامة أو النائب العام أن تعدل عن الأمر إذا ظهرت أدلة جديدة ضد المتهمين، وبالتالى تكون إحالة مبارك إحالة صحيحة، حيث إنه تم إعداد تقرير لجنة تقصى الحقائق المشكلة برئاسة المستشار عزت شرباش بهذا الخصوص". فيما أبدى المستشار محمد ناجى دربالة، نائب رئيس محكمة النقض تحفظه على هذا التعديل، قائلاً إن هناك "العديد من الملاحظات التي كان يجب على المحكمة أن تأخذها في الاعتبار عند الفصل في الدفع، كأن تكون هناك قوة قاهرة أو نوع من أنواع المانع المادى الكبير الذى يمنع إقامة الدعوى فى موعدها"، معتبرًا أن تحريك الدعوى الجنائية فى وقتها يوقف سريان المدة وهذا المانع . وأوضح أن "الرئيس المخلوع حسنى مبارك ونجليه علاء وجمال كانوا جميعهم فى السلطة من عام 2002 وهو تاريخ التعاقد وظلوا فى السلطة لعام 2011 ولم يغادروها، فذلك يكون مانعًا قهريًا يوقف سريان مدة تقادم الدعوى الجنائية، حيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق وأن قضت بأنه إذا وجد نص قانونى يمنع التقاضى ثم يقضى بعدم دستوريته، فإن الفترة التى مرت حتى القضاء بعدم دستورية النص المانع من التقادم، فهذه الفترة لا تحسب مانع مانع قهرى". وقال دربالة، إن "مبارك كان متورطًا فى جريمة الحصول على التربح وجريمة الغاز وهذه الجرائم من الجرائم المستمرة التى تتتابع أفعالها ولا يبدأ حساب مدة التقادم عنها، والجرائم المرتبطة بها جريمة التربح والتربح للغير إلى الوصول عند الفعل الأخير من هذه الجرائم، ومن المتعارف عليه أن هذه الجرائم مستمرة لم بعد الثورة، وبالتالى غاب عن ذهن المحكمة أن هذه الجرائم مستمرة لا تسقط بالتقادم". وأكد دربالة، أن "كل هذه المبادئ القانونية جعلت فى الحكم خطأ قانونى يخول لمحكمة النقض عند عرض القضية عليها نقض الحكم وإعادة المحاكمة"، مشيرًا إلى أن هذا الخطأ القانونى يمكن تصحيحه، من خلال محكمة النقض . يذكر أن ممثل النيابة العامة أثناء المحاكمة، قد طالب باعتبار عام 2004 هو عام وقوع الجريمة، بدلاً من عام 1997، بدعوى أن الفيلات التى حصل عليها مبارك ونجلاه، ظلت تحت أعمال التشييد والبناء حتى 2004، تفاديًا لانقضاء الدعوى الجنائية عام 2007، وأن تظل منظورة حتى عام 2014. إلا أن رئيس المحكمة المستشار محمود كامل الرشيدى، شكّل لجنة لحسم هذا الجدل، وانتهت إلى أن عام 1997، هو عام وقوع الجريمة وعندما قضت المحكمة بحكمها بانقضاء الدعوى الجنائية، "كانت ملتزمة بتطبيق القانون، ومن هنا يأتى دور اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، فى إطار تكليفات رئيس الجمهورية، لتلافى الثغرات القانونية بما يكفل تحقيق العدالة"، حسبما ذكر فى هذا الأمر. وتنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "تنقضى الدعوى الجنائية فى مواد الجنايات بمضى عشر سنوات من يوم وقوع الجريمة، وفى مواد الجنح بمضى ثلاث سنوات، وفى مواد المخالفات بمضى سنة، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرتين السابقتين لا تبدأ المدة المسقطة للدعوى الجنائية المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات، والتى تقع من موظف عام إلا من تاريخ انتهاء الخدمة أو زوال الصفة ما لم تبدأ التحقيق فيها قبل ذلك".