شاهدت يوم أمس 21/11/2014، مقطع فيديو انتشر على موقع التواصل الاجتماعي، منسوبًا لأعلى سلطة إعلامية في حزب النور، يقول فيه بالنص: "إحنا وصلنا لمعالي وزير الأوقاف، إن إمام مسجد ربعاوي بيقول على السيسي إنه قاتل وخائن"!! اللافت أن "الإمام الربعاوي" لم يقل هذا الكلام على المنبر، وإنما في صفحته الرسمية على فيس بوك.. أي أن حزب النور يقوم بدور الشرطة الدينية لصالح وزير الأوقاف.. وأن نشاطه الرقابي لا يقتصر على كتابة التقارير الأمنية للأئمة أثناء تأدية عملهم على المنابر.. وإنما وضع صفحاتهم على فيس بوك أيضا تحت رقابة "مخبرين" من حزب النور. الدهشة هنا ليست بسبب الواقعة ذاتها العمل ك"مرشدين" لصالح وزير الأوقاف.. وإنما عن "المجاهرة" بهذه الجريمة غير الأخلاقية في الفضائيات.. وهم يتلون قوله صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافى إلا المجاهرون"!! الثابت في التحليلات المتعلقة بالسلفية المصرية، بأنها امتداد للسلفية التي تنزع للتعايش مع الأنظمة بغض النظر ما إذا كانت قمعية أم ديمقراطية.. وتقبل العمل كمرشدين للأجهزة الأمنية باعتبارها من باب "النصح لولي الأمر".. فالتجسس على المعارضين للأنظمة، "نصيحة لولي الأمر".. وليس تشجيعًا له على قمع شعبه ودهسه بالمدرعات وبأحذية قوات الأمن واستباحة ماله وعرضه وحرمة بيته وكرامته وآدميته!! وللإنصاف.. ينبغي الإشارة إلى أن السلفية المصرية، تتميز بأنها لا تعرف علاقات السلطة بداخلها.. ولا سمع ولا طاعة إلا ل"الدليل الشرعي".. وهي الميزة التي تمنح للناشط السلفي مساحة لا سقف لها من الاستقلال العقلي.. التي تميزه عن بقية التنظيمات الإسلامية الأخرى التي تستند إلى علاقات سلطة حديدية بداخلها "السمع والطاعة".. مثل جماعة الإخوان المسلمين.. ولقد ظهرت هذه الخاصية بشكل كبير، في الأزمة التي أعقبت الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي.. حيث شاركت النخبة السياسية والدينية لحزب النور في عملية عزل مرسي.. فيما رفض عامة السلفيين عملية العزل.. وفيما كان قادة النور يصطفون مع سلطة 3 يوليو ويحتفلون معهم بانتصار قوى 30 يونيو.. كان السلفيون ينتظمون بالآلاف مع المعتصمين في رابعة والنهضة.. بل اعترف الشيخ ياسر برهامي، بأن أكثر ضحايا فض الاعتصام، كانوا من السلفيين وخاصة الدعوة السلفية وليس من الإخوان المسلمين!! إن من يتابع مواقف حزب النور في الآونة الأخيرة، يلحظ تحولاً شديد الغرابة، ففي فترة من فترات ما بعد 25 يناير 2011، كان ثمة ما يمكن اعتباره ارتقاء للسلم السياسي بشكل كان يحمل البشارة بحزب إسلامي واعد.. غير أنه مع انتصاره على الإخوان في هوجة 30 يونيو وما بعدها، عاد إلى طبيعته الأولى قبل الثورة، كنخبة دينية لصيقة بالأداء الديكتاتوري والقمعي للسلطة.. وتراهن عليها أكثر من رهانها على الرأي العام داخلها.. قبل الرهان على الشعب نفسه.. وهو رهان معلق مستقبله ب"الغيب السياسي".. قد يختفي حال اختفت الأنظمة الحليفة له.. ويمسى نسيًا منسيًا.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.