جمال سلطان في القاهرة عجائب لا يمكن تصديق حدوثها في تخطيط أي مدينة لها نسب في التحضر أو التخطيط ، على سبيل المثال تجد في أحد الطرق السريعة عدة محلات كبيرة لبيع الأثاث ، ولا يوجد بين المحل الضخم وبين الطريق السريع سوى نصف متر هي مسافة الرصيف فقط ، من الذي منح هذا المحل ترخيصا بهذه الوضعية ، وكيف تجاهل حتمية وقوف سيارات النقل في عرض الطريق " السريع " لكي تحمل الأثاث أو تضعه ساعة أو ساعتين بما يسببه ذلك من تكدس السيارات وأحيانا كوارث مرورية ، في أي بلد محترم لا يسمح للمحلات الكبيرة أو المطاعم أيا كانت أن تفتح فروعا إلا إذا كانت هناك مساحات كافية لوقوف السيارات ، وهناك في هذا الشارع الذي أقصده خلف مطار القاهرة في طريق المتجه إلى السويس أو الإسماعيلية مدينة ملاهي كبيرة ، ولطالما اشتكى الخلق من الاختناق المروري الذي تسببه خاصة في أيام الإجازات والصيف ، وكم مرة تم صدور القرار بسحب الترخيص ، ثم يعود بقدرة قادر ، وليخبط الجميع رأسه في الحيط ، طالما أن الملايين تدخل الجيوب ، وهناك من يحصل على جزء من الكعكة الحرام ، عندما أنشأوا كوبري أكتوبر قالوا أنهم وضعوا إشارات ضوئية في مطالع الكوبري تنبه من يفكر في صعوده إن كان الطريق سالكا فيمضي أو غير سالك فيبحث عن طريق آخر ، ومن يومها والإشارة على حالها ، ربما لأنهم وجدوه غير سالك بصفة مستمرة فلا معنى لتغيير الإشارة ، أيضا في القاهرة من الطبيعي أن تجد الحكومة أول من يخالف القانون والنظام العام ، وشهيرة هي قصة أن وزارة التخطيط مبناها الرئيسي مخالف للقانون والتخطيط معا ، كما أن جميع المباني السكنية للشرطة وإسكان القوات المسلحة مخالف للقانون خاصة في مدينة نصر ، أيضا تستطيع رؤية سيارات الشرطة الضخمة وهي تسد نصف الطريق في أكثر من مكان مزدحم خاصة عند الجامعات والنقابات في وسط المدينة المختنق أصلا ، وعادي جدا أن ترى علامة ممنوع الوقوف قطعيا وتجد تحتها مباشرة سيارة فارهة في حراسة رجل المرور تنطق بأنها لواحد ممن هم فوق القانون في مصر ، وفي بعض الشوارع المهمة مثل جامعة الدول العربية من الطبيعي جدا أن تجد بعض المطاعم أو المحلات الشهيرة وهي تحجز مساحات كبيرة من الرصيف والمساحة المخصصة للسيارات لحسابها الخاص ، وفق قانونها الخاص ، إذ هناك في مصر القانون العادي المعلن والقانون الموازي غير المعلن ، وفي العادة الثاني هو الذي يفرض حكمه ومنطقه ، من الطبيعي أن تجد سلسلة محلات سوبر ماركت شهيرة أو مطاعم شهيرة وهي تفتح فروعها في أكثر الشوارع ازدحاما وإزعاجا فتفاجأ بأن الطريق نفسه تحول إلى جراج وعلى المتضرر البحث عن طريق آخر ، وإلا فهل تصور من منحهم التراخيص أن الناس ستذهب إليه مشيا على الأقدام ، والذي يدلك على أن المسألة هي مجرد فساد وعقم في التفكير والتخطيط ، أن تلاحظ في المدن الجديدة التي تم إنشاؤها أو تخطيطها في الصحراء المفتوحة ، تجد كافة منشآتها مبنية على نفس الضيق والجليطة التي تراها في القاهرة القديمة ، وتنعدم الفراغات والمساحات الخضراء ، رغم أن الدنيا واسعة أمامه ، إلا أن الضيق لم يكن في الأرض وإنما في العقول والضمائر . [email protected]