«زى النهارده».. محكمة العدل الدولية: «طابا مصرية» 29 سبتمبر 1988    تقديرًا لجهودها.. قرار جمهوري يجدد الثقة في الدكتورة جيهان عبدالفتاح عميدًا لكلية التربية للطفولة المبكرة    رئيس محكمة النقض يستقبل عميد حقوق الإسكندرية لتهنئته بالمنصب    وكيل تعليم الإسكندرية يكشف حقيقة صور المقاعد المتهالكة بمدرسة تجريبية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. اليوم    أسعار الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن الإثنين 29 سبتمبر 2025    بنود يرفضها نتنياهو وحماس في مسودة خطة ترامب لوقف الحرب في غزة    زيلينسكي يعلن عن احتمال حدوث انقطاع للتيار الكهربائي في أوكرانيا    إعلام إسرائيلي: توقف مؤقت للرحلات الجوية في مطار بن جوريون    عاجل| إيران تؤكد: لا نسعى لتطوير أسلحة نووية وترفض مفاوضات تدخلنا في مشاكل جديدة    الدوري المصري الممتاز غيابات الأهلي والزمالك في مواجهة القمة: من سيتأثر أكثر؟    حسام غالي خارج القائمة.. محمد علي خير يكشف مفاجأة في قائمة الخطيب بشأن انتخابات الأهلي    فيريرا يصدم نجم الزمالك قبل ساعات من مباراة الأهلي    بعد مطاردة أمنية.. مصرع «صدام» صاحب فيديو فرض إتاوة في سوق أبو دياب بقنا    خروج عربات قطار بضائع عن القضبان في بني سويف    توقف حركة قطارات الصعيد عقب خروج قطار بضائع عن القضبان في بني سويف    أجواء خريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين 29 سبتمبر    المؤبد لتاجر المخدرات الصغير.. بائع ملابس حول شبرا الخيمة إلى وكر للسموم    مهرجان هولندا لأفلام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يكشف عن جوائز دورته السادسة    142 يومًا تفصلنا عن شهر رمضان المبارك 2026    ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 50 فلسطينيًا منذ فجر الأحد    الصين تعلن استعدادها لتعزيز التعاون مع كوريا الشمالية لمواجهة "الهيمنة"    حسين عيسى: انخفاض التضخم لا يعني تراجع الأسعار فورا    الإسكان: طرح 18 ألف قطعة أرض بمشروع «بيت الوطن».. والشائعات عن بُعد المواقع غير صحيحة    الأمانة العامة للصحة النفسية: إطلاق مبادرة لمواجهة إدمان الألعاب الإلكترونية.. الأمر لم يعد رفاهية    شراكة استراتيجية بين الحكومة وBYD لتصنيع السيارات الكهربائية    رئيس شعبة الدواجن: بيع الفراخ الحية في المحلات غير قانوني    منتخب المغرب يهزم إسبانيا في كأس العالم للشباب تحت 20 عاما    كونتي: أعجبني أداء الفريق رغم الخسارة من ميلان.. ونستقبل أهداف كثيرة    الحماية المدنية تنجح في إنزال جثمان مواطن ثقيل الوزن من شقته بالطابق الخامس    طالبا الدعم.. توصيات نتنياهو لمؤثرين أمريكيين تثير جدلا بمواقع التواصل    كل ما تريد معرفته عن قمة القاهرة بين الأهلي والزمالك بالدوري المصري    أحمد موسى: إخواني واخد أراضي كتير من بيت الوطن.. "واسطة ولا مين بيساعده"    كارولين عزمي تكشف عن مواصفات فتى أحلامها    ليفربول يحافظ على صدارة الدوري الإنجليزي رغم الهزيمة الأولى    وزير الزراعة: ارتفاع أسعار الطماطم مؤقت.. والأزمة تنتهي خلال أسبوعين    بمكون سحري.. طرق طبيعية لعلاج قرحة المعدة بدون أدوية    binge watching يهدد صحة القلب    7 أطعمة تؤدي للإصابة ب أمراض الكلى (تعرف عليها)    «المصري اليوم» ترصد شكاوى السائقين والمواطنين بموقف رمسيس الجديد بعد تشغيله جزئيًا    خالد جلال: مشكلة الزمالك فى الموارد المالية ومشكلة الأهلى أوضة اللبس    «عبدالصادق» يوجه بإنشاء فرع ل«اللغات» داخل الجامعة الأهلية    فيضانات في السودان بسبب سد النهضة.. عباس شراقي: كميات تغرق مصر لولا السد العالي    ليلى علوي في أحدث ظهور مع يسرا وهالة صدقي خلال حفل عمرو دياب    بشرط وحيد.. عبدالحكيم عبدالناصر: «الأمريكان عرضوا على والدي يرجعوا سيناء ورفض»    اختر كلماتك بعناية وحذر.. حظ برج الجدي اليوم 29 سبتمبر    أحمد السقا يطمئن جمهوره بعد حادث سير بسيارته: "الحمد لله بخير"    حكيم يطرح كليب "فظيعة فظاعة" بلمسة فرعونية وتقنيات الذكاء الاصطناعي    نجل عبد الناصر: قرار تنحي والدي بعد نكسة 67 لم يكن تمثيلية (فيديو)    «نهاياتهم مأساوية».. خالد الجندي يوضح حكم المجاهرة بالمعصية وتشجيع الفاحشة    هل يجوز تأجيل قضاء الصلوات الفائتة لليوم التالي؟.. أمينة الفتوى تجيب    تعرف علي مواقيت الصلاه غدا الاثنين 28-9-2025 في الدقهلية    وزير الزراعة: التوجه نحو الاقتصاد الأخضر ضرورة    الأربعاء.. مجلس النواب يبحث اعتراض رئيس الجمهورية على قانون الإجراءات الجنائية    إعلام فلسطيني: مستوطنون يحطمون مركبات المواطنين في بلدة حوارة تحت حماية قوات الاحتلال    إدخال 110 شاحنات تحمل 3 آلاف طن مساعدات للقطاع    الصداع النصفي ينهي حياة بلوجر ب«جلطة دماغية نادرة».. انتبه ل12 علامة تحذيرية    تعرف على مواقيت الصلاة غدا الاثنين 29سبتمبر2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عزرائيل» يشكركم على الطريق الدائرى

عندما أعلن عن بداية تنفيذ أولى مراحل الطريق الدائرى عام 1985 كان بمثابة «مشروعا قوميا» لحل أزمة المرور فى مصر.. والآن بعد ربع قرن ومع افتتاح آخر مراحله - تقريبا- أصبح «كارثة قومية».. هذه النهاية لم تأت من فراغ، بل كنتيجة طبيعية للعمل العشوائى وانعدام التنسيق بين الوزارات والهيئات المسئولة عنه وعما يحيط به من توسعات عمرانية.. حتى عندما وضعت خطة لعلاج ما أصاب تخطيطه الأصلى من أمراض كان مصيرها الحفظ فى أرشيف وزارة النقل وكان كل ذنبها أنها من إنجازات الوزير السابق.. فتحول الطريق الدائرى من حل إلى عقدة.
بدأ العمل فيه فى يونيو 1985 بتكلفة 2,6 مليار جنيه .. طوله 100 كيلومتر تقريبا، ويمر عليه أكثر من 150 ألف سيارة يوميا وكانت تعليمات المهندس (حسب الله الكفراوى) وزير الإسكان فى حينها واضحة بضرورة أن يبعد الطريق عن التجمعات السكنية ويكون من الطرق السريعة كما هو متبع فى العواصم العالمية التى تعانى من الكثافة المرورية مثل فرنسا وألمانيا بهدف تفريغ وسط المدن من المرور العابر، ولكن فى عهد وزير الإسكان السابق إبراهيم سليمان تم إنشاء القاهرة الجديدة على مساحة 66900 فدان كتلة واحدة ملاصقة للطريق الدائرى بالمخالفة لتوصيات الخبراء... هذا بخلاف التجمعات السكانية العشوائية التى انتشرت على جانبى الطريق فى غفلة من المحليات والتهمت حرم الطريق، وفى عام 1998 تم نقل تبعية الطريق من وزارة الإسكان إلى الهيئة العامة للطرق والكبارى.
الحادث الذى وقع السبت الماضى على الدائرى عند كوبرى بشتيل لم يكن الأول والأبشع ففى أغسطس 2009- وقع حادث مؤلم راح ضحيته العميد مصطفى زيد مدير إدارة المباحث الجنائية بمديرية أمن الجيزة والذى كان يشرف على تنظيم المرور بنفسه قبل الإفطار فى رمضان ومعه العقيد مجدى عبدالله، ولكن يشاء القدر أن يأتى أتوبيس نقل عام مسرعا ويصطدم بالعميد مصطفى زيد الذى وافته المنية متأثراً بجراحه فى الحال والعقيد مجدى عبدالله الذى نقل مصابا بمستشفى الشرطة بالعجوزة.
وقبل أن يمر على هذا الحادث شهرا وقعت حادثة أخرى راح ضحيتها حفيدة الشيخ الشعراوى هند محمد صبرى، 45 سنة التى لقيت مصرعها، على الطريق الدائرى أمام منطقة كرداسة بالجيزة، حيث كانت فى طريقها إلى مدينة السادس من أكتوبر لإحضار ابنتها من الجامعة، وتعطلت سيارتها، وأثناء محاولتها مع 3 أشخاص آخرين إصلاح السيارة، دهستهم سيارة كانت تسير بسرعة جنونية على يمين الطريق، وقبل هاتين الحادثتين بعام كاد حسام عاشور لاعب النادى الأهلى أن يلقى حتفه عندما انقلبت به السيارة فى منزل الدائرى بالمريوطية بعد أن انفجر إطار سيارته بسبب مخلفات كانت ملقاة على منزل الدائرى وسقطت السيارة من أعلى الكوبرى وكتبت له النجاة بمعجزة.
وفى السنوات الأخيرة تكرر وقوع الحوادث على الطريق الدائرى بشكل يومى ومروع والسبب الرئيسى هو الزحف العمرانى الرهيب الذى أدى إلى انتشار المواقف العشوائية عليه بما يتنافى مع الهدف الذى أنشئ من أجله فمرور المشاة من فوق الطريق الدائرى يمثل خطورة كبيرة عليهم تستلزم وجود محطات مجهزة للركاب لمنع وقوع الحوادث فالطرق السريعة فى الدول المتقدمة لا تسمح سوى لرجال المرور والصيانة بالتواجد عليها.
- الحل فى الدرج
ولأن هذه المواقف أصبحت أمرا واقعا لا يمكن تغييره كان من الضرورى تعديل تصميمات الطريق الدائرى بحيث تسمح بوجود ممرات مشاة فى المناطق السكنية بعيدة عن مسارات السيارات سواء عن طريق كبارى أو أنفاق لتلافى وقوع أية حوادث حيث لا يمكن إنشاء محطات عليه إلا وفقاً للأصول الهندسية.. لذلك وضع المهندس (محمد لطفى منصور) وزير النقل السابق - قبل استقالته- خطة لتطوير الطريق الدائرى وتحويله إلى «طريق حر» وإنشاء محاور بديلة باستثمارات تزيد على مليار ونصف المليار جنيه.
حيث كان الوزير قد وقع بروتوكول تعاون بين مصر وإسبانيا لإعداد دراسة شاملة لتطوير الطريق الدائرى ليشمل العديد من الخدمات بنظام النقل الذكى وبالمشاركة مع القطاع الخاص ومن أهم هذه الخدمات الحفاظ على القطاع العرضى للطريق بواقع 4 حارات مرور بكل اتجاه وإنشاء طريق خدمة بواقع حارتين لكل اتجاه وذلك لتسيير حركة النقل عليه بعيداً عن الطريق الرئيسى بالإضافة إلى رفع كفاءة ورصف الطريق وربط محطات الأتوبيس المقترحة بمواقف السيارات أسفل الطريق الدائرى وتوفير سلالم متحركة عند محطات الأتوبيسات المقترحة وإنشاء محطات للخدمة وساحات للانتظار وأخيراً تطبيق أنظمة النقل الذكية من خلال تشجيع المستثمرين على تشغيل أتوبيسات مفصلية ذات مسار معزول عن الطريق لخدمة المدن الواقعة عليه ومن أجل تنفيذ هذه الخطة الطموحة تم تفعيل البروتوكول الموقع بين مصر وأسبانيا بالتعاون مع وزارة التعاون الدولى واعتماد منحة لتقديم خدمات استشارية لتطوير الطريق الدائرى كما تم التعاقد مع المكتب الاستشارى الإسبانى (ابيرينزا) لتقديم الدراسات اللازمة لتطوير الطريق ولكن فجأة توقف كل ذلك وسقط المشروع فى غياهب الأدراج بعد خروج منصور من الوزارة!!
- «رايح».. «جاى»
للوقوف على حالة الطريق الدائرى الآن وما أصابه من أمراض قمنا بجولة على معظم محاوره ولأن القوس الغربى تحديدا هو الذى يقع عليه حوادث مشاة باستمرار لأنه يخترق مناطق مأهولة بالسكان فقد انصب اهتمامنا عليه.
البداية كانت من موقع الحادث الأخير - الذى راح ضحيته 12 شخصا - عند سلم كوبرى «بشتيل» وهى المنطقة الوحيدة على المحور التى ليس لها أى منافذ للمواصلات من أسفل الدائرى لذلك ستجد تكدسا بشريا على الدائرى من سكان هذه المنطقة يصاحبه تكدس لسيارات الأجرة «الميكروباص وأتوبيسات النقل العام»، وموقف «بشتيل» هو واحد من عشرات المواقف الأخرى على طول القوس الغربى تفصل بين كل موقف وآخر مسافة تقدر بحوالى 2 ك.م .
ولأن الدائرى يخترق مناطق سكانية ويقسمها لنصفين فهناك نفق أسفله عند كل منطقة حتى يمر سكانها من هذا النفق دون الحاجة للصعود والمرور من الطريق ولذلك تسمى الوصلة فوق كل نفق بكوبرى يحمل اسم المنطقة مثل كوبرى الطوابق وكوبرى منشية البكارى وكوبرى المعتمدية والقومية وصفط اللبن وغيرها.
وبما أن هذه الأنفاق أصبحت مسدودة بأكوام القمامة وتسكنها الكلاب الضالة ويسودها الظلام الدامس فمن الطبيعى أن يخشى أى شخص من استخدامها فتكون النتيجة هى استخدام السلالم على جانبى الطريق التى يصعد بها الأهالى إلى الطريق لأنه مرتفع.
- انتحار جماعى
بالصعود إلى الدائرى لا تنتهى المشاكل بل تبدأ فجموع الأهالى تنقسم إلى مجموعتين الأولى تقف على نفس الجانب فى انتظار وسيلة مواصلات ولأن العشوائية أصبحت نمط حياة بالنسبة لهم فلا أحد منهم يراعى خطورة الوقوف على طريق سريع، فيظن الغريب عن بلدنا لأول وهلة إذا ما رأى هذا التجمع فى نهر طريق سريع كالدائرى إنها محاولة للانتحار الجماعى.. فهم يتصرفون بلامبالاة شديدة وإذا سألت أيا منهم هل هو مدرك لخطورة ما يفعله وطلبت منه أن يقف على جنب وليس فى منتصف الطريق ستجد جوابا واحدا متفق عليه «هما اللى يحاسبوا.. طب خلى عربية تخبط حد من اللى واقفين.. كانت الناس تقطعه وتولع فى العربية»!!
المجموعة الثانية تحتاج لعبور الطريق لاستقلال وسائل مواصلات من الجانب الآخر لذلك تجدهم فجأة قد تحولوا إلى بهلوانات يتقافزون بين السيارات لعبور الطريق.. تصاحب قفزاتهم أصوات صرير عجلات السيارات المسرعة فى محاولة من قائديها للتوقف المفاجئ لتفادى هؤلاء الذين هبطوا أمامهم فجأة على طريق من المفترض أنه طريق حر (طريق سريع) لا يوجد به عبور مشاة ولا تقاطعات ولذلك يكون مرور يوم دون وقوع حوادث هو الاستثناء.
- مجانين على الطريق
على الرغم من أن سائقى «الميكروباص» يحفظون محطات تجمع الركاب عن ظهر قلب إلا أنهم يصرون على السير فى يسار الطريق وبسرعة كبيرة حتى الوصول إلى المحطة وعندها بالضبط تجد «الميكروباص» ينحرف فجأة وبدون أى إشارة من أقصى اليسار لأقصى اليمين ويتوقف بشكل مفاجئ.. فى نفس الوقت الذى تحاول فيه السيارات التى تسير على اليمين تفادى الفخاخ البشرية - التى تلتهم حارتين من أصل 4 حارات هى عرض الطريق - فتنحرف من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وبشكل مفاجئ أيضا فتكون النتيجة اصطدام كليهما فى المنتصف وسحق الركاب الواقفين على الأرض.. فيصبح نهر الطريق نهرا من الدماء.
- البديل القاتل!
فى الوقت الذى تغيب فيه الخدمات عن الطريق الدائرى فلا توجد أى وحدات إسعاف على الطريق ولا أوناش لسحب السيارات المعطلة ولا استراحات لسيارات النقل الثقيل مثل الموجودة على الطرق السريعة الصحراوية الأخرى وهى أشياء تسهم فى تأمين حركة السيارات على الطريق والتقليل من احتمالات وقوع الحوادث. تجد فى المقابل خدمات بديلة وعشوائية تتسبب فى وقوع الحوادث مثل (نصبة الشاى) وبائعى الفاكهة.. والبسكويت والحلوى والسجائر. وأيضا قيام بعض الأشخاص بوضع إطارات قديمة تالفة بعرض الحارة اليمنى كإعلان عن وجود فنى إصلاح كاوتش متجول وكولديرات مياه مختبئة خلف الحاجز الأسمنتى لا يراها السائق إلا وهو يمر بجانبها فيتوقف بشكل مفاجئ غير عابئ بمن خلفه. كل هذه الأشياء تتسبب فى كوارث على الطريق.
- الدائرى.. البيئة!
على الرغم من تصريحات المهندس ماجد جورج وزير البيئة بأن الوزارة قامت برفع التراكمات من جانبى الطريق الدائرى وداخل الأنفاق بالقوس الغربى الجنوبى المشترك بين محافظتى الجيزة و6 أكتوبر خلال شهر سبتمبر الماضى إلا أننا خلال الجولة التى قمنا بها على نفس الأماكن التى صرح الوزير بتطهيرها اكتشفنا تراكم المخلفات والقمامة بشكل لا يوحى أبدا بأنها قد رفعت منذ فترة قريبة بالإضافة إلى أكوام من مخلفات تكسير المبانى فى ملفات ومطالع الدائرى ترتطم بها السيارات ليلا. والمشكلة ليست فى الشكل الحضارى على الطريق فهذه رفاهية لا نحلم بها.. ولكن الأزمة الحقيقية فيما ينتج عن حرق هذه المخلفات من سحب دخان تعوق الرؤية نهارا وليلا فى ظل غياب الإنارة على الطريق الدائرى، ومما لا شك فيه أنها من أهم أسباب وقوع الحوادث.
- تحت التهديد
فى ظل اختراق الدائرى للعديد من المناطق العشوائية النائية يجب أن يكون هناك تواجد أمنى مكثف لتأمينه.. لكن للأسف لا تجد على الطريق إلا نقاط تأمين بها ضابط وبعض الأمناء والعساكر - يمكن إحصاؤهم على أصابع اليد الواحدة- كل عدة كيلو مترات مما جعل السيارات التى تمر عليه عرضة لبلطجة وإجرام وعشوائية سكان تلك المناطق خصوصا بعد أن وجدوا أنه ورقة ضغط رابحة للفت الأنظار كلما أرادوا شيئا ففى شهر مايو الماضى قطع 3 آلاف متظاهر من أهالى قرية جزيرة محمد وقصر الحما وطناش الطريق الدائرى الممتد من القليوبية إلى الهرم، مما تسبب فى توقف حركة المرور لأكثر من 3 ساعات بسبب اعتراضهم على قرار الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء بضم قراهم إلى محافظة 6 أكتوبر.
وفى عام 2008 كادت كارثة أن تقع عندما هدد العشرات من أهالى «إسطبل عنتر» بقطع كوبرى الطريق الدائرى، ووصل الأمر بالأهالى بالتهديد باستخدام أسطوانات البوتاجاز، والمواد التى تستخدمها المحاجر فى نسف الدائرى لولا تدخل الأمن والسيطرة على الوضع فى آخر لحظة.
- سهرات المنيب
على الجانب الآخر من الدائرى وبالتحديد على كوبرى المنيب ستجد أن حركة المرور عليه ليلا بطيئة جدا على عكس ما يجب أن يحدث ذلك بسبب أن الكوبرى يتحول إلى مقهى مفتوح حيث ينتشر بائعو الحمص الشام والذرة المشوية والبطاطا منذ الساعة السادسة مساء وحتى السادسة صباحا ويقومون بوضع الكراسى البلاستيكية لاجتذاب الزبائن الذين يأتون بسياراتهم والتى يتركونها فى صفين أو ثلاثة موازية للرصيف فيتحول نصف نهر الطريق إلى جراج مما يعيق حركة المرور وذلك أمام أعين رجال المرور وبجوار مبناهم الموجود على الكوبرى دون تدخل أى منهم لمنع ما يحدث.
- القانون هو السبب!
بعد كل ما رصدناه فى جولتنا من مخالفات كان من الواضح لنا أن أحد أهم الأسباب فى وقوع هذه الحوادث المروعة هو عدم تفعيل قوانين المرور وغياب الرقابة عليه وأن الحل فى تفعيل القانون. لكن الخبير المرورى اللواء مجدى الشاهد فاجأنا باتهامه للقوانين الموجودة بأنها السبب المباشر فى وقوع تلك الحوادث وطالب بتغييرها فورا وأوضح وجهة نظره قائلا: «نحن لدينا ظاهرة عجيبة جدا معدل الحوادث طبيعى، بينما معدل الإصابات والوفيات الناتجة عن الحوادث غير طبيعى وذلك لأن النقل والمقطورة تكون طرفاً دائما وتؤدى إلى كارثة.
وكل ذلك بسبب القرار رقم 28 لسنة 2000 بتاريخ 31-1 -2000 الذى أصدره د.الدميرى وزير النقل الأسبق وهو قرار وزارى سار حتى اليوم ينص على السماح لسيارات النقل والمقطورة إذا كانت محملة بأكثر من المرخص لها به أن تكمل سيرها كيفما تشاء لكن على أن يسدد قائد السيارة 10جنيهات عن الزيادة ال 40% وكل طن زائد بعد ذلك يسدد عنه غرامة 50 جنيها وإذا كانت الحمولة مواد بترولية يسدد 20 جنيها على الطن ويستكمل الرحلة بدون حد أقصى للحمولة، لذلك يجب إلغاء القرار فوراً.
ويكمل كلامة قائلا: «من المضحكات المبكيات أن قانون المرور الجديد يعمل بطريقة خلف خلاف بمعنى أنه قرر عقوبة الحبس دون تصالح فى حالات لا تتسبب فى موت أحد أو تهدد سلامة أحد على الطريق فمثلا الحبس لمن حاز أكثر من رخصة قيادة وجوبى ولا تصالح فيه بينما الحالات التى تتسبب فى الحوادث وتهدد حياة وسلامة الآخرين على الطريق قرر لها المشرع التصالح الفورى إذا دفع السائق الحد الأدنى من الغرامة مثلا هناك مادة تنص على أن سيارات النقل التى يتطاير من حمولتها ما يسبب أذى لمستعملى الطريق أو يهدد حياة المواطنين أو تسيل منها مواد قابلة للاشتعال يمكن للسائق أن يقوم بالتصالح الفورى ودفع الحد الأدنى من الغرامة 50 جنيها ويكمل سيره ليتسبب فى كارثة.
المفاجأة الأكبر أن القاعدة المرورية التى تحدد سير النقل فى اليمين هى قاعدة خطأ وتتسبب فى معظم الحوادث ويشرح اللواء مجدى وجهة نظره فيقول: «معظم منازل الدائرى تكون على اليمين ونظرا لحجم النقل والتريلات فهى تحجب الرؤية عن قائد الملاكى إذا أراد أن يسلك أحد منازل الدائرى ويلتزم بيمين الطريق ومن المفروض أنها تقطع مسافات طويلة عبر المحافظات إذن يجب أن تخصص لها حارة فى أقصى اليسار لا تخرج منها ويكون باقى الحارات من اليسار الذى يلى حارة النقل وحتى يمين الطريق للملاكى والنقل الخفيف».
وفى نهاية كلامنا سألناه إذا كان يرى أن السائقين هم المسئولون عن الحوادث فى ظل كل هذه العيوب والمشاكل فقال اللواء مجدى الشاهد: «المسئولون عن الطرق والكبارى يقولون إن نسبة المسئولية عن الحوادث تنقسم بواقع 95% أخطاء بشرية وال 5% المتبقية على عاتق الطرق والكبارى لكن هذا الكلام غير صحيح فالطرق والكبارى مسئولة 100% ومن يستمر فى تطبيق القوانين المذكورة من مسئولين ولا يغيرها فهو مسئول أيضا».
أما د.سامى أمين عامر العميد السابق لكلية تخطيط عمرانى بجامعة القاهرة فقال «كان هناك حرم للطريق من 120 إلى 200 متر من الجانبين عند بداية إنشائه فى 1985 ولكن السماح للزحف العمرانى والعشوائيات بالبناء داخل هذا الحرم دمرته سواء شكلا من حيث التشويه الجمالى والمعمارى أو مضمونا لأنه مصمم لخدمة المرور العابر فى القاهرة والجيزة وبنى مرتفعا حتى لا يكون فيه تقاطعات ولا يكون عليه محطات أتوبيس ويجب أن يمنع تماما صعود ونزول المواطنين خاصة أن هذه السلالم تم عملها بطريقة عشوائية فليس الهدف من الطريق الدائرى صعود ونزول الركاب وخدمة حركة النقل المتحرك لمسافات طويلة.
وعن المسئول الحقيقى وراء ما وصل له حال الدائرى قال: «المحليات هى المسئول الأول لأنها سمحت بالبناء فى حرم الطريق ثم المسئولون عن إدارة الطريق».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.