سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في بداية الأسبوع السبت 11 مايو 2024    انخفاض أسعار الدواجن لأقل من 75 جنيها في هذا الموعد.. الشعبة تكشف التفاصيل (فيديو)    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    مندوب مصر لدى الأمم المتحدة: ما ارتكبته إسرائيل من جرائم في غزة سيؤدي لخلق جيل عربي غاضب    الطيران المروحي الإسرائيلي يطلق النار بكثافة على المناطق الجنوبية الشرقية لغزة    الإمارات تستنكر تصريحات نتنياهو حول دعوتها للمشاركة في إدارة مدنية بغزة    مأ أبرز مكاسب فلسطين حال الحصول على عضوية الأمم المتحدة الكاملة؟    على طريقة القذافي.. مندوب إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة (فيديو)    حكومة لم تشكل وبرلمان لم ينعقد.. القصة الكاملة لحل البرلمان الكويتي    الخارجية الفرنسية: ندعو إسرائيل إلى الوقف الفوري للعملية العسكرية في رفح    البحرين تدين اعتداء متطرفين إسرائيليين على مقر وكالة الأونروا بالقدس    هانيا الحمامى تعود.. تعرف على نتائج منافسات سيدات بطولة العالم للإسكواش 2024    أوباما: ثأر بركان؟ يحق لهم تحفيز أنفسهم بأي طريقة    تفاصيل جلسة كولر والشناوي الساخنة ورفض حارس الأهلي طلب السويسري    «كاف» يخطر الأهلي بقرار عاجل قبل مباراته مع الترجي التونسي (تفاصيل)    جاياردو بعد الخماسية: اللاعبون المتاحون أقل من المصابين في اتحاد جدة    مران الزمالك - تقسيمة بمشاركة جوميز ومساعده استعدادا لنهضة بركان    نيس يفوز على لوهافر في الدوري الفرنسي    ضبط المتهم بقتل صديقه وإلقائه وسط الزراعات بطنطا    أنهى حياته بسكين.. تحقيقات موسعة في العثور على جثة شخص داخل شقته بالطالبية    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    حار نهاراً.. ننشر درجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت فى مصر    مصرع شخص واصابة 5 آخرين في حادث تصادم ب المنيا    غرق شاب في بحيرة وادي الريان ب الفيوم    «آية» تتلقى 3 طعنات من طليقها في الشارع ب العمرانية (تفاصيل)    «عشان ألفين جنيه في السنة نهد بلد بحالها».. عمرو أديب: «الموظفون لعنة مصر» (فيديو)    عمرو أديب عن مواعيد قطع الكهرباء: «أنا آسف.. أنا بقولكم الحقيقة» (فيديو)    حج 2024.. "السياحة" تُحذر من الكيانات الوهمية والتأشيرات المخالفة - تفاصيل    تراجع أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 11 مايو 2024    سيارة صدمته وهربت.. مصرع شخص على طريق "المشروع" بالمنوفية    طولان: محمد عبدالمنعم أفضل من وائل جمعة (فيديو)    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    حظك اليوم برج الجوزاء السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    تراجع أسعار النفط.. وبرنت يسجل 82.79 دولار للبرميل    محمد التاجى: اعانى من فتق وهعمل عملية جراحية غداً    الإبداع فى جامعة الأقصر.. الطلبة ينفذون تصميمات معبرة عن هوية مدينة إسنا.. وإنهاء تمثالى "الشيخ رفاعة الطهطاوى" و"الشيخ محمد عياد الطهطاوى" بكلية الألسن.. ومعرض عن تقاليد الإسلام فى روسيا.. صور    وظائف جامعة أسوان 2024.. تعرف على آخر موعد للتقديم    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    إدراج 4 مستشفيات بالقليوبية ضمن القائمة النموذجية على مستوى الجمهورية    أخبار كفر الشيخ اليوم.. تقلبات جوية بطقس المحافظة    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    لتعزيز صحة القلب.. تعرف على فوائد تناول شاي الشعير    مادلين طبر تكشف تطورات حالتها الصحية    شهادة من البنك الأهلي المصري تمنحك 5000 جنيه شهريا    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    نقاد: «السرب» يوثق ملحمة وطنية مهمة بأعلى التقنيات الفنية.. وأكد قدرة مصر على الثأر لأبنائها    "سويلم": الترتيب لإنشاء متحف ل "الري" بمبنى الوزارة في العاصمة الإدارية    آداب حلوان توجه تعليمات مهمة لطلاب الفرقة الثالثة قبل بدء الامتحانات    حسام موافي يكشف أخطر أنواع ثقب القلب    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عزرائيل» يشكركم على الطريق الدائرى

عندما أعلن عن بداية تنفيذ أولى مراحل الطريق الدائرى عام 1985 كان بمثابة «مشروعا قوميا» لحل أزمة المرور فى مصر.. والآن بعد ربع قرن ومع افتتاح آخر مراحله - تقريبا- أصبح «كارثة قومية».. هذه النهاية لم تأت من فراغ، بل كنتيجة طبيعية للعمل العشوائى وانعدام التنسيق بين الوزارات والهيئات المسئولة عنه وعما يحيط به من توسعات عمرانية.. حتى عندما وضعت خطة لعلاج ما أصاب تخطيطه الأصلى من أمراض كان مصيرها الحفظ فى أرشيف وزارة النقل وكان كل ذنبها أنها من إنجازات الوزير السابق.. فتحول الطريق الدائرى من حل إلى عقدة.
بدأ العمل فيه فى يونيو 1985 بتكلفة 2,6 مليار جنيه .. طوله 100 كيلومتر تقريبا، ويمر عليه أكثر من 150 ألف سيارة يوميا وكانت تعليمات المهندس (حسب الله الكفراوى) وزير الإسكان فى حينها واضحة بضرورة أن يبعد الطريق عن التجمعات السكنية ويكون من الطرق السريعة كما هو متبع فى العواصم العالمية التى تعانى من الكثافة المرورية مثل فرنسا وألمانيا بهدف تفريغ وسط المدن من المرور العابر، ولكن فى عهد وزير الإسكان السابق إبراهيم سليمان تم إنشاء القاهرة الجديدة على مساحة 66900 فدان كتلة واحدة ملاصقة للطريق الدائرى بالمخالفة لتوصيات الخبراء... هذا بخلاف التجمعات السكانية العشوائية التى انتشرت على جانبى الطريق فى غفلة من المحليات والتهمت حرم الطريق، وفى عام 1998 تم نقل تبعية الطريق من وزارة الإسكان إلى الهيئة العامة للطرق والكبارى.
الحادث الذى وقع السبت الماضى على الدائرى عند كوبرى بشتيل لم يكن الأول والأبشع ففى أغسطس 2009- وقع حادث مؤلم راح ضحيته العميد مصطفى زيد مدير إدارة المباحث الجنائية بمديرية أمن الجيزة والذى كان يشرف على تنظيم المرور بنفسه قبل الإفطار فى رمضان ومعه العقيد مجدى عبدالله، ولكن يشاء القدر أن يأتى أتوبيس نقل عام مسرعا ويصطدم بالعميد مصطفى زيد الذى وافته المنية متأثراً بجراحه فى الحال والعقيد مجدى عبدالله الذى نقل مصابا بمستشفى الشرطة بالعجوزة.
وقبل أن يمر على هذا الحادث شهرا وقعت حادثة أخرى راح ضحيتها حفيدة الشيخ الشعراوى هند محمد صبرى، 45 سنة التى لقيت مصرعها، على الطريق الدائرى أمام منطقة كرداسة بالجيزة، حيث كانت فى طريقها إلى مدينة السادس من أكتوبر لإحضار ابنتها من الجامعة، وتعطلت سيارتها، وأثناء محاولتها مع 3 أشخاص آخرين إصلاح السيارة، دهستهم سيارة كانت تسير بسرعة جنونية على يمين الطريق، وقبل هاتين الحادثتين بعام كاد حسام عاشور لاعب النادى الأهلى أن يلقى حتفه عندما انقلبت به السيارة فى منزل الدائرى بالمريوطية بعد أن انفجر إطار سيارته بسبب مخلفات كانت ملقاة على منزل الدائرى وسقطت السيارة من أعلى الكوبرى وكتبت له النجاة بمعجزة.
وفى السنوات الأخيرة تكرر وقوع الحوادث على الطريق الدائرى بشكل يومى ومروع والسبب الرئيسى هو الزحف العمرانى الرهيب الذى أدى إلى انتشار المواقف العشوائية عليه بما يتنافى مع الهدف الذى أنشئ من أجله فمرور المشاة من فوق الطريق الدائرى يمثل خطورة كبيرة عليهم تستلزم وجود محطات مجهزة للركاب لمنع وقوع الحوادث فالطرق السريعة فى الدول المتقدمة لا تسمح سوى لرجال المرور والصيانة بالتواجد عليها.
- الحل فى الدرج
ولأن هذه المواقف أصبحت أمرا واقعا لا يمكن تغييره كان من الضرورى تعديل تصميمات الطريق الدائرى بحيث تسمح بوجود ممرات مشاة فى المناطق السكنية بعيدة عن مسارات السيارات سواء عن طريق كبارى أو أنفاق لتلافى وقوع أية حوادث حيث لا يمكن إنشاء محطات عليه إلا وفقاً للأصول الهندسية.. لذلك وضع المهندس (محمد لطفى منصور) وزير النقل السابق - قبل استقالته- خطة لتطوير الطريق الدائرى وتحويله إلى «طريق حر» وإنشاء محاور بديلة باستثمارات تزيد على مليار ونصف المليار جنيه.
حيث كان الوزير قد وقع بروتوكول تعاون بين مصر وإسبانيا لإعداد دراسة شاملة لتطوير الطريق الدائرى ليشمل العديد من الخدمات بنظام النقل الذكى وبالمشاركة مع القطاع الخاص ومن أهم هذه الخدمات الحفاظ على القطاع العرضى للطريق بواقع 4 حارات مرور بكل اتجاه وإنشاء طريق خدمة بواقع حارتين لكل اتجاه وذلك لتسيير حركة النقل عليه بعيداً عن الطريق الرئيسى بالإضافة إلى رفع كفاءة ورصف الطريق وربط محطات الأتوبيس المقترحة بمواقف السيارات أسفل الطريق الدائرى وتوفير سلالم متحركة عند محطات الأتوبيسات المقترحة وإنشاء محطات للخدمة وساحات للانتظار وأخيراً تطبيق أنظمة النقل الذكية من خلال تشجيع المستثمرين على تشغيل أتوبيسات مفصلية ذات مسار معزول عن الطريق لخدمة المدن الواقعة عليه ومن أجل تنفيذ هذه الخطة الطموحة تم تفعيل البروتوكول الموقع بين مصر وأسبانيا بالتعاون مع وزارة التعاون الدولى واعتماد منحة لتقديم خدمات استشارية لتطوير الطريق الدائرى كما تم التعاقد مع المكتب الاستشارى الإسبانى (ابيرينزا) لتقديم الدراسات اللازمة لتطوير الطريق ولكن فجأة توقف كل ذلك وسقط المشروع فى غياهب الأدراج بعد خروج منصور من الوزارة!!
- «رايح».. «جاى»
للوقوف على حالة الطريق الدائرى الآن وما أصابه من أمراض قمنا بجولة على معظم محاوره ولأن القوس الغربى تحديدا هو الذى يقع عليه حوادث مشاة باستمرار لأنه يخترق مناطق مأهولة بالسكان فقد انصب اهتمامنا عليه.
البداية كانت من موقع الحادث الأخير - الذى راح ضحيته 12 شخصا - عند سلم كوبرى «بشتيل» وهى المنطقة الوحيدة على المحور التى ليس لها أى منافذ للمواصلات من أسفل الدائرى لذلك ستجد تكدسا بشريا على الدائرى من سكان هذه المنطقة يصاحبه تكدس لسيارات الأجرة «الميكروباص وأتوبيسات النقل العام»، وموقف «بشتيل» هو واحد من عشرات المواقف الأخرى على طول القوس الغربى تفصل بين كل موقف وآخر مسافة تقدر بحوالى 2 ك.م .
ولأن الدائرى يخترق مناطق سكانية ويقسمها لنصفين فهناك نفق أسفله عند كل منطقة حتى يمر سكانها من هذا النفق دون الحاجة للصعود والمرور من الطريق ولذلك تسمى الوصلة فوق كل نفق بكوبرى يحمل اسم المنطقة مثل كوبرى الطوابق وكوبرى منشية البكارى وكوبرى المعتمدية والقومية وصفط اللبن وغيرها.
وبما أن هذه الأنفاق أصبحت مسدودة بأكوام القمامة وتسكنها الكلاب الضالة ويسودها الظلام الدامس فمن الطبيعى أن يخشى أى شخص من استخدامها فتكون النتيجة هى استخدام السلالم على جانبى الطريق التى يصعد بها الأهالى إلى الطريق لأنه مرتفع.
- انتحار جماعى
بالصعود إلى الدائرى لا تنتهى المشاكل بل تبدأ فجموع الأهالى تنقسم إلى مجموعتين الأولى تقف على نفس الجانب فى انتظار وسيلة مواصلات ولأن العشوائية أصبحت نمط حياة بالنسبة لهم فلا أحد منهم يراعى خطورة الوقوف على طريق سريع، فيظن الغريب عن بلدنا لأول وهلة إذا ما رأى هذا التجمع فى نهر طريق سريع كالدائرى إنها محاولة للانتحار الجماعى.. فهم يتصرفون بلامبالاة شديدة وإذا سألت أيا منهم هل هو مدرك لخطورة ما يفعله وطلبت منه أن يقف على جنب وليس فى منتصف الطريق ستجد جوابا واحدا متفق عليه «هما اللى يحاسبوا.. طب خلى عربية تخبط حد من اللى واقفين.. كانت الناس تقطعه وتولع فى العربية»!!
المجموعة الثانية تحتاج لعبور الطريق لاستقلال وسائل مواصلات من الجانب الآخر لذلك تجدهم فجأة قد تحولوا إلى بهلوانات يتقافزون بين السيارات لعبور الطريق.. تصاحب قفزاتهم أصوات صرير عجلات السيارات المسرعة فى محاولة من قائديها للتوقف المفاجئ لتفادى هؤلاء الذين هبطوا أمامهم فجأة على طريق من المفترض أنه طريق حر (طريق سريع) لا يوجد به عبور مشاة ولا تقاطعات ولذلك يكون مرور يوم دون وقوع حوادث هو الاستثناء.
- مجانين على الطريق
على الرغم من أن سائقى «الميكروباص» يحفظون محطات تجمع الركاب عن ظهر قلب إلا أنهم يصرون على السير فى يسار الطريق وبسرعة كبيرة حتى الوصول إلى المحطة وعندها بالضبط تجد «الميكروباص» ينحرف فجأة وبدون أى إشارة من أقصى اليسار لأقصى اليمين ويتوقف بشكل مفاجئ.. فى نفس الوقت الذى تحاول فيه السيارات التى تسير على اليمين تفادى الفخاخ البشرية - التى تلتهم حارتين من أصل 4 حارات هى عرض الطريق - فتنحرف من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وبشكل مفاجئ أيضا فتكون النتيجة اصطدام كليهما فى المنتصف وسحق الركاب الواقفين على الأرض.. فيصبح نهر الطريق نهرا من الدماء.
- البديل القاتل!
فى الوقت الذى تغيب فيه الخدمات عن الطريق الدائرى فلا توجد أى وحدات إسعاف على الطريق ولا أوناش لسحب السيارات المعطلة ولا استراحات لسيارات النقل الثقيل مثل الموجودة على الطرق السريعة الصحراوية الأخرى وهى أشياء تسهم فى تأمين حركة السيارات على الطريق والتقليل من احتمالات وقوع الحوادث. تجد فى المقابل خدمات بديلة وعشوائية تتسبب فى وقوع الحوادث مثل (نصبة الشاى) وبائعى الفاكهة.. والبسكويت والحلوى والسجائر. وأيضا قيام بعض الأشخاص بوضع إطارات قديمة تالفة بعرض الحارة اليمنى كإعلان عن وجود فنى إصلاح كاوتش متجول وكولديرات مياه مختبئة خلف الحاجز الأسمنتى لا يراها السائق إلا وهو يمر بجانبها فيتوقف بشكل مفاجئ غير عابئ بمن خلفه. كل هذه الأشياء تتسبب فى كوارث على الطريق.
- الدائرى.. البيئة!
على الرغم من تصريحات المهندس ماجد جورج وزير البيئة بأن الوزارة قامت برفع التراكمات من جانبى الطريق الدائرى وداخل الأنفاق بالقوس الغربى الجنوبى المشترك بين محافظتى الجيزة و6 أكتوبر خلال شهر سبتمبر الماضى إلا أننا خلال الجولة التى قمنا بها على نفس الأماكن التى صرح الوزير بتطهيرها اكتشفنا تراكم المخلفات والقمامة بشكل لا يوحى أبدا بأنها قد رفعت منذ فترة قريبة بالإضافة إلى أكوام من مخلفات تكسير المبانى فى ملفات ومطالع الدائرى ترتطم بها السيارات ليلا. والمشكلة ليست فى الشكل الحضارى على الطريق فهذه رفاهية لا نحلم بها.. ولكن الأزمة الحقيقية فيما ينتج عن حرق هذه المخلفات من سحب دخان تعوق الرؤية نهارا وليلا فى ظل غياب الإنارة على الطريق الدائرى، ومما لا شك فيه أنها من أهم أسباب وقوع الحوادث.
- تحت التهديد
فى ظل اختراق الدائرى للعديد من المناطق العشوائية النائية يجب أن يكون هناك تواجد أمنى مكثف لتأمينه.. لكن للأسف لا تجد على الطريق إلا نقاط تأمين بها ضابط وبعض الأمناء والعساكر - يمكن إحصاؤهم على أصابع اليد الواحدة- كل عدة كيلو مترات مما جعل السيارات التى تمر عليه عرضة لبلطجة وإجرام وعشوائية سكان تلك المناطق خصوصا بعد أن وجدوا أنه ورقة ضغط رابحة للفت الأنظار كلما أرادوا شيئا ففى شهر مايو الماضى قطع 3 آلاف متظاهر من أهالى قرية جزيرة محمد وقصر الحما وطناش الطريق الدائرى الممتد من القليوبية إلى الهرم، مما تسبب فى توقف حركة المرور لأكثر من 3 ساعات بسبب اعتراضهم على قرار الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء بضم قراهم إلى محافظة 6 أكتوبر.
وفى عام 2008 كادت كارثة أن تقع عندما هدد العشرات من أهالى «إسطبل عنتر» بقطع كوبرى الطريق الدائرى، ووصل الأمر بالأهالى بالتهديد باستخدام أسطوانات البوتاجاز، والمواد التى تستخدمها المحاجر فى نسف الدائرى لولا تدخل الأمن والسيطرة على الوضع فى آخر لحظة.
- سهرات المنيب
على الجانب الآخر من الدائرى وبالتحديد على كوبرى المنيب ستجد أن حركة المرور عليه ليلا بطيئة جدا على عكس ما يجب أن يحدث ذلك بسبب أن الكوبرى يتحول إلى مقهى مفتوح حيث ينتشر بائعو الحمص الشام والذرة المشوية والبطاطا منذ الساعة السادسة مساء وحتى السادسة صباحا ويقومون بوضع الكراسى البلاستيكية لاجتذاب الزبائن الذين يأتون بسياراتهم والتى يتركونها فى صفين أو ثلاثة موازية للرصيف فيتحول نصف نهر الطريق إلى جراج مما يعيق حركة المرور وذلك أمام أعين رجال المرور وبجوار مبناهم الموجود على الكوبرى دون تدخل أى منهم لمنع ما يحدث.
- القانون هو السبب!
بعد كل ما رصدناه فى جولتنا من مخالفات كان من الواضح لنا أن أحد أهم الأسباب فى وقوع هذه الحوادث المروعة هو عدم تفعيل قوانين المرور وغياب الرقابة عليه وأن الحل فى تفعيل القانون. لكن الخبير المرورى اللواء مجدى الشاهد فاجأنا باتهامه للقوانين الموجودة بأنها السبب المباشر فى وقوع تلك الحوادث وطالب بتغييرها فورا وأوضح وجهة نظره قائلا: «نحن لدينا ظاهرة عجيبة جدا معدل الحوادث طبيعى، بينما معدل الإصابات والوفيات الناتجة عن الحوادث غير طبيعى وذلك لأن النقل والمقطورة تكون طرفاً دائما وتؤدى إلى كارثة.
وكل ذلك بسبب القرار رقم 28 لسنة 2000 بتاريخ 31-1 -2000 الذى أصدره د.الدميرى وزير النقل الأسبق وهو قرار وزارى سار حتى اليوم ينص على السماح لسيارات النقل والمقطورة إذا كانت محملة بأكثر من المرخص لها به أن تكمل سيرها كيفما تشاء لكن على أن يسدد قائد السيارة 10جنيهات عن الزيادة ال 40% وكل طن زائد بعد ذلك يسدد عنه غرامة 50 جنيها وإذا كانت الحمولة مواد بترولية يسدد 20 جنيها على الطن ويستكمل الرحلة بدون حد أقصى للحمولة، لذلك يجب إلغاء القرار فوراً.
ويكمل كلامة قائلا: «من المضحكات المبكيات أن قانون المرور الجديد يعمل بطريقة خلف خلاف بمعنى أنه قرر عقوبة الحبس دون تصالح فى حالات لا تتسبب فى موت أحد أو تهدد سلامة أحد على الطريق فمثلا الحبس لمن حاز أكثر من رخصة قيادة وجوبى ولا تصالح فيه بينما الحالات التى تتسبب فى الحوادث وتهدد حياة وسلامة الآخرين على الطريق قرر لها المشرع التصالح الفورى إذا دفع السائق الحد الأدنى من الغرامة مثلا هناك مادة تنص على أن سيارات النقل التى يتطاير من حمولتها ما يسبب أذى لمستعملى الطريق أو يهدد حياة المواطنين أو تسيل منها مواد قابلة للاشتعال يمكن للسائق أن يقوم بالتصالح الفورى ودفع الحد الأدنى من الغرامة 50 جنيها ويكمل سيره ليتسبب فى كارثة.
المفاجأة الأكبر أن القاعدة المرورية التى تحدد سير النقل فى اليمين هى قاعدة خطأ وتتسبب فى معظم الحوادث ويشرح اللواء مجدى وجهة نظره فيقول: «معظم منازل الدائرى تكون على اليمين ونظرا لحجم النقل والتريلات فهى تحجب الرؤية عن قائد الملاكى إذا أراد أن يسلك أحد منازل الدائرى ويلتزم بيمين الطريق ومن المفروض أنها تقطع مسافات طويلة عبر المحافظات إذن يجب أن تخصص لها حارة فى أقصى اليسار لا تخرج منها ويكون باقى الحارات من اليسار الذى يلى حارة النقل وحتى يمين الطريق للملاكى والنقل الخفيف».
وفى نهاية كلامنا سألناه إذا كان يرى أن السائقين هم المسئولون عن الحوادث فى ظل كل هذه العيوب والمشاكل فقال اللواء مجدى الشاهد: «المسئولون عن الطرق والكبارى يقولون إن نسبة المسئولية عن الحوادث تنقسم بواقع 95% أخطاء بشرية وال 5% المتبقية على عاتق الطرق والكبارى لكن هذا الكلام غير صحيح فالطرق والكبارى مسئولة 100% ومن يستمر فى تطبيق القوانين المذكورة من مسئولين ولا يغيرها فهو مسئول أيضا».
أما د.سامى أمين عامر العميد السابق لكلية تخطيط عمرانى بجامعة القاهرة فقال «كان هناك حرم للطريق من 120 إلى 200 متر من الجانبين عند بداية إنشائه فى 1985 ولكن السماح للزحف العمرانى والعشوائيات بالبناء داخل هذا الحرم دمرته سواء شكلا من حيث التشويه الجمالى والمعمارى أو مضمونا لأنه مصمم لخدمة المرور العابر فى القاهرة والجيزة وبنى مرتفعا حتى لا يكون فيه تقاطعات ولا يكون عليه محطات أتوبيس ويجب أن يمنع تماما صعود ونزول المواطنين خاصة أن هذه السلالم تم عملها بطريقة عشوائية فليس الهدف من الطريق الدائرى صعود ونزول الركاب وخدمة حركة النقل المتحرك لمسافات طويلة.
وعن المسئول الحقيقى وراء ما وصل له حال الدائرى قال: «المحليات هى المسئول الأول لأنها سمحت بالبناء فى حرم الطريق ثم المسئولون عن إدارة الطريق».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.