تأتى ليلة النصف من شعبان فى كل عام لتحمل معها دلالات ودروس لكل مسلم ، حيث تؤصل لمفهوم الجماعة ووحدة الصف ، وما أجمل أن تحتفى الأمة بذكرى تحويل القبلة وما أروع أن نعى دلالة الحدث حيث روح الجماعة وروح الفريق الواحد كانت شعارا رفعه الصحابة طاعة لله تعالى ولرسولة صلى الله عليه وسلم . ولعلى أعتبر ذلك رسالة الى أبناء مصر فى الوقت الراهن حيث يحتاج الوطن الى وحدة الصف ووحدة الكلمة ، فى ظل مناخ سيطرت عليه روح الفرقة ، واختلف الثوار فى مسميات لايجوز على الاطلاق الاختلاف عليها فى اللحظة الراهنة ومنها هل الدستور أولا أم الانتخابات أولا ، هل مصر تسعى الى دولة دينية أم دولة مدنية ، ولعلى أجزم أن وحدة القوى الشعبية التى اجتمعت فى ميادين مصر ، ومنها ميدان التحرير الذى بقى رمزا يعبر عن شعار اصلته الثورة " الشعب والجيش يدا واحدة " فما أجمله من شعار وما أعظمه من مكسب حققته الثورة ، ويجب أن يحافظ الثوار عليه حتى النهاية ، حيث رأيت بنفسى تلك الروح الطيبة عبر قيم مختلفة ومتعددة أصلتها الحياة داخل الميدان ومنها الايثار الرائع الذى يبادر اليه الثوار رغم اختلاف توجهاتهم السياسية ، والتسامح الذى تلمسه فى أعين الجميع وتصرفاتهم . وما أجمل أن نقرأ التاريخ وندرس السيرة النبوية الشريفة لنقف على دلالة الحدث حتى نستقى الدروس والعبر ونطبقها فى واقعنا ، وما أجمل التطبيق عندما يكون فى ضوء وعى وادراك بطبيعة الحدث ، وما أعظم أن تتعلم الأمة معنى وحدة الصف والكلمة عبر دراسة حدث تاريخى تم تأصيله فى القرآن الكريم والسنة المطهرة حيث كان رسول الله صلى الله عليه و سلم و المسلمون يصلون إلى بيت المقدس و مضى على ذلك ستة عشر شهرا أو سبعة عشر أو ثمانية عشر شهرا, و كان الرسول صلى الله عليه و سلم يحب أن يصرف إلى الكعبة و قال لجبريل:"وددت أن يصرف الله وجهى عن قبلة اليهود", فقال:إنما أنا عبد فادع ربك و اسأله, فجعل يقلب وجهه فى السماء يرجو ذلك حتى أنزل الله عليه{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِك فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} سورة البقرة، من آية 144 و كان جعل القبلة الى بيت المقدس ثم تحويلها الى الكعبة حكم عظيمة و محنة للمسلمين و المشركين واليهود و المنافقين . فأما المسلمون فقالوا:سمعنا و اطعنا و قالوا آمنا به كل من عند ربنا و هم الذين هدى الله و لم يكن كبيرة عليهم . و أما المشركون فقالوا:كما رجع الى قبلتنا يوشك أن يرجع الى ديننا و ما رجع اليها إلا انه الحق و أما اليهود فقالوا:خالف قبلة الأنبياء قبله و لو كان نبيا لكان يصلى الى قبلة الأنبياء وأما المنافقون فقالوا: ما ندرى محمد أين يتوجه إن كانت الأولى حقا فقد تركها و إن كانت الثانية هى الحق فقد كان على باطل, و كثرت أقاويل السفهاء من الناس و كانت كما قال الله تعالى{وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ}سورة البقرة، من آية 143 وهكذا انصرف المسلمون إلى الكعبة مطيعين لله و لرسوله و صارت قبلة المسلمين إلى يوم القيامة أينما كانوا ولوا وجوههم شطرها. فيا أيها الثوار عليكم بوحدة الصف ووحدة الكلمة حتى تتحقق أهداف ثورتنا النبيلة ، تلك الثورة التى سوف تبقى فى ذاكرة التاريخ نموذجا يدرس للأجيال الحالية والتالية ، لأنها تحمل دلالات للخير والحب والتسامح ، تحمل الخير كل الخير لمصر الحاضر والمستقبل ، وكما كان تحويل القبلة نموذجا يعبر عن عنطاعة الله ورسولة ، فعليكم أن تتحدوا فى سبيل كلمة سواء الا وهى " مصر أولا "