قال الدكتور حسام مغازي، وزير الري، إن الرئيس السوداني عمر البشير أبلغه بأن زيارته الأخيرة للقاهرة، "هي الأقرب له منذ 25 عاما مضت"، على الرغم من أن الزيارة جاءت في أجواء غلبت عليها مشاحنة سياسية وإعلامية بين البلدين الذين تربطهما علاقات تاريخية، يعكر صفوها بين الحين والأخر خلاف حدودي بينهما. وفي مؤتمر صحفي عقده وزير الري مساء الأحد بالقاهرة، قال مغازي الذي ترأس بعثة استقبال البشير، الذي أنهى اليوم زيارته للقاهرة والتي استمرت يومين: "التقيت الرئيس السوداني في لقاء ثنائي وأبلغني بأنه منذ 25 عاما ترددت وأنا رئيس جمهورية على مصر مرات كثيرة، لكن يشهد الله أن هذه الزيارة هي أقرب الزيارات لقلبي، وشعرت خلالها براحة غير طبيعية، وأشعر أن بها الخير لمصر والسودان". وبخلاف زيارات البشير للقاهرة أثناء تولي الرئيس الأسبق حسني مبارك للبلاد لمدة 33 عاما، كان الرئيس السوداني أول رئيس عربي يزورها عقب الإطاحة بمبارك، في 8 مارس 2011 أثناء فترة تولي المجلس العسكري لشؤون البلاد، كما زارها أثناء تولي الرئيس المعزول محمد مرسي في 16 سبتمبر 2013. واتفق البشير خلال زيارته للقاهرة التي تعتبر الأولى منذ الإطاحة بمرسي مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، على رفع مستوى اللجنة العليا المشتركة إلى المستوى الرئاسي، وتفعيل اتفاقية الحريات الأربع (موقعة عام 2004) التي تعطى امتيازات للمواطنين فى كلا البلدين، خلال المرحلة القادمة، بحسب وكالة "الأناضول". والتقى البشير، قبيل مغادرته القاهرة عصر اليوم، ببعض الرموز والشخصيات السياسية، إلى جانب من كبار رجال الأعمال والمستثمرين. وبدأت ملامح انفراج في العلاقة بين البلدين بزيارة السيسي إلى الخرطوم في يونيو الماضي وتقديمه الدعوة لنظيره السوداني لزيارة القاهرة. وكانت حدة التوتر بين البلدين بسبب مزاعم دعم السودان للإخوان، زادت بالتحول الذي طرأ على موقف الخرطوم ودعمها لأديس أبابا عندما قررت الأخيرة في مايو 2013 تغيير مجرى النيل الأزرق أحد أهم روافد نهر النيل كخطوة فاصلة في تشييد "سد النهضة" على مجر النهر وهو مثار خلاف بين أثيوبيا ومصر التي تتخوف من تأثيره على حصتها من المياه. كما تتنازع مصر والسودان السيادة على منطقة مثلث "حلايب وشلاتين وأبو رماد"، وهي أرض تحت السيطرة المصرية منذ عام 1995، بينما يعتبرها السودان جزء لا يتجزأ من أراضيه. ويقع هذا المثلث على الطرف الأفريقي للبحر الأحمر، وتبلغ مساحتها 20.580 كم2، وهي ضمن الأراضي المصرية وفق اتفاق ترسيم الحدود إبان الاحتلال البريطاني في 19 يناير 1899. وتزامنت زيارة البشير مع جولة مفاوضات ثنائية استمرت يومين (الخميس والجمعة) واستضافتها القاهرة، وضمت وزراء الري في مصر وإثيوبيا والسودان تخللها اجتماعات للجنة الخبراء الوطنيين التي تم خلالها التوافق على قائمة المكاتب الاستشارية العالمية التي ستنفذ الدراستين الإضافيتين لتقييم أثار سد النهضة الإثيوبي. وقال وزير الري المصري اليوم، إنه جرى الاتفاق بين الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان على التوقيع مع المكتب الاستشاري العالمي في 16 ديسمبر المقبل، للبدء في مهمة إجراء الدراستين. ولفت إلى أنه في حال "وجود اعتراض على نتائج الدراستين من أي دولة سيتم رفعها للخبير الدولي (سيجرى اختياره في جولة الخرطوم القادمة) خلال أسبوعين من إصدار نتائجه، ليفصل في الأمر".