في كل مرة أكتب – أو يكتب غيري- فيها مقالا ينتقد فيه الخطاب الإخواني الذي يصدر عن بعض كبارهم . تنهال علي الشتائم والبذاءات من شبان غير مؤهلين للرد ، ربما لأنهم غير مؤهلين أصلا للفهم بسبب الرعونة واستعجال تأمل الكلام . . ولو كانت تلك الردود المفعمة بالسخافات والبذاءات قد أتتني من غير مدعي الإسلام لتقبلتها باعتبار أن هؤلاء لا يعرفون شيئا عن أخلاقيات الإسلام ومبادئه .أو تعاليمه التي تضمنتها آيات بينات من القرآن الكريم ."وجادلهم بالتي هي أحسن" .."وقولوا للناس حسنى" ألي أخر الآيات القرآنية التي تحض علي مكارم الأخلاق فيما ينبغي على المسلم الحق أن يتحلي بها في مواجهة معارضيه من الكفرة والملحدين فما بالكم بالمعارضين مثلي من المسلمين الذين يحرصون علي أداء الفرائض التي أمرنا بها الله . ولا ينكر شيا من الدين بالضرورة .بل وأمضي عمره حالما بأمة أسلامية واحدة تخلصت من الجهل والجهلاء والسفه والسفهاء والمدعين والادعاء والنفاق والمنافقين ! إن مسلما هذا شأنه مع الإسلام دينه الذي يؤمن به ويخلص له .لابد وأن يكون من أبعد الناس عن العلمانية والإلحاد الذي رماني به بعض القراء – غير الأعزاء- حتى إن بعضهم وصفني بأنني حمار أو حيوان ولا أفقه شيئا في أمور الدين .لمجرد أنني تعرضت بالنقض لمرشدهم في بعض ما جاء في واحد من خطاباته الموجهة إلينا . وأقول لهؤلاء الذين وصفوني بالحمار أو الحيوان إنني لو كنت كذلك فعلا لما ترددت لحظة واحدة في الانتساب إلي جماعة يرأسها طبيب بيطري تخصص في علاج الحيوانات والحمير . لأضمن لنفسي على الأقل علاجا مجانيا من هذه الصفة الذميمة التي رماني بها بعض الذين يبدو إنهم قد انتموا لتلك الجماعة دون أن يستفيدوا شيئا من مرشدها !! أما المهذبون – المسلمون حقا من قراء هذه الصحيفة الغراء – فأقول لهم إن خلافي هو خلاف"مع المسلمين "من الإخوان وليس خلاف "عن المسلمين" منهم . أي إنهم خلاف في الشريعة وليس خلافا في العقيدة شأن كل الفقهاء الذين اختلفوا مع الإخوان أو غيرهم من دعاة الإسلام أو أدعيائه.. وهو الخلاف الذي لم تسلم منه جماعة الإخوان نفسها .حين انشق عنها الكثيرون اختلافا معها .وليس اختلافا عنها. بدءا من الشيخ الشعراوي وانتهاء بعبد المنعم أبو الفتوح ومحمد حبيب مرورا بالدكتور القرضاوي والشيخ الباقوري وعبد العزيز كامل وأحمد حسني وسليمان حافظ والغزالي وغيرهم من أئمة الإسلام وشيوخه . فلم يجدوا من يتهمهم بالكفر أو العلمانية أو الإلحاد أو حتى الابتعاد عن شريعة الله ومخالفتها. لا قداسة في الإسلام لأحد . فلم يعرف الإسلام طوال تاريخه" رجل الدين"كما يعرفه أصحاب الديانات الأخرى . فكل مسلم هو رجل دين .مكلف من الله بنشر دينه والعمل به .وادعاء القداسة لجماعة أو شخص منها مخالف لشرع الله . ومبادئ الإسلام التي ساوت بين الجميع في التكليف والالتزام بها . وأي خلاف مع أي جماعة إسلامية ليس خلافا مع الإسلام أو عن الإسلام .وحين نتعرض بالنقد لأي من دعاة العمل بالشريعة الإسلامية فإن ذلك لا يعنى خروجنا عن الشريعة أو الملة كما يري هؤلاء مع كل المخالفين لهم فيتهمونهم بالعلمانية أو الإلحاد .وهم لا يعلمون معنى لاى من تلك الصفات التى يرمون مخالفيهم بها .فهناك أحزاب دينية تحكم في أوروبا وهناك أحزاب أخري علمانية ..فهل تتساوى دينية الأحزاب المسيحية فى أوروبا مع دينية الأحزاب الإسلامية عندنا ..ألا يعنى ذلك أن ليس كل دعاة الخلط بين الدين والسياسة هم إسلاميون؟! لقد اختلف الأئمة من المسلمين فيما بينهم . فمنهم من تسامح ومنهم من تشدد . ولم يجد من تسامح منهم بين معارضيه من اتهمه بالكفر أو العلمانية أو معاداة الدين إلي غير ذلك من الاتهامات التي يطلقها الجهلة والمتعصبون والمتنطعون . ورأيي أن الإخوان وبعض العاملين بالساسة باسم الدين إنما يتخذون من الدين وسيلة لأهداف سياسية .. بينما ندعو نحن إلي اتخاذ السياسة وسيلة لأهداف دينية.. فالدين غاية ولا ينبغي أن يكون مجرد وسيلة وهذا ما قصده ابن قيم الجوزيه حين قال "حيثما توجد المصلحة فثم شرع الله"وهو ما قصده أيضا "ابن تيمية" حين قال بأن الله ينصر الأمة العادلة مع كفرها . على الأمة المسلمة علي ظلمها .فكأن العدل مقدم على الإسلام وعلى الدين وبمقدار ما نلتزم بمبادئ العدل ينصرنا الله على من عادانا . وأن العدل يمكن أن يجتمع مع الكفر كما يمكن أن يجتمع الظلم مع الإسلام وهذا ما نراه في كثير من الدول حولنا تلك التي تحكم باسم الإسلام وهى أبعد ما تكون عن ذلك .بينما نرى أمما تحكم بالعدل والمساواة وهى على غير الإسلام دينا..فبلغت ما بلغت من رفعة وتقدم. أخيرا...أقول اقرأوا ثم افهموا قبل أن تلقوا بالكلام جزافا دون وعى وإدراك . فليس ذلك من الإسلام الذي ربط وثيقا بين الإيمان والعقل .فلا إيمان لمن لا عقل له ولا دين لمن تنازل عن عقله للأخرين .."ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق "وليس بالبذاءات والسباب والشتائم . التي نهي عنها الرسول حين قال المسلم ليس بالطعان أو اللعان أو الفاحش ..وحين يكون المرء طعانا ولعانا فإنه لا يكون على الإسلام الصحيح وهذا دليل قدمتموه لنا بأيديكم على صحة حكمنا عليكم وموقفنا منكم ..فكيف نقبل أن نكون مع زمرة المخالفين لتعاليم الإسلام ومبادئه التزاما بأدب الحوار والجدل بالتي هي أحسن . فالإسلام ليس إدعاء ولكنه دعوة ..إلى الحق وبالحق!!