يعاني 208 من الزراعيين وأسرهم من صراع ممتد منذ حوالي ربع قرن مع الجمعية التعاونية الأساسية للبناء والإسكان لخريجي المعاهد الزراعية– المسجلة برقم 141 لسنة 1982. ففي ثمانينات القرن الماضي قامت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ببيع قطعة أرض زراعية أمام نهر النيل مباشرة على طريق حلوان – التبين، مساحتها 18 فدان وثلاث قراريط – بما يعادل حوالي 76 ألف متر مربع – إلى الجمعية المذكورة في 25/7/1985. ووافقت وزارة الزراعة على تحويلها إلى أرض مباني وتقسيمها بناء على طلب الجمعية، وتم اعتماد التقسيم تحت رقم 67 لسنة 1988 محافظة القاهرة ونشره بالوقائع المصرية بالعدد رقم 20 بتاريخ 3/1 /1989، وتم عمل جلسة التخصيص في 26/10 /1990؛ حيث تم تخصيص حوالي 208 قطعة أرض فضاء لأعضاء الجمعية. وعلى الرغم من سدادهم لقيمة الأراضي كاملة ونفقات إدخال المرافق إليها من مياه وكهرباء وصرف وكافة الالتزامات المالية عن الأرض تجاه الجمعية، إلا أن أصحابها لم يقوموا باستلامها وتفاجئوا بإعلان الجمعية عن عرضها للبيع في المزاد العلني المنعقد بنادي الزراعيين في تاريخ 7/10 /2010، بحجة أن المشروع فشل. ولم تتم دعوة أعضاء الجمعية من مستحقين تلك الأراضي على الإطلاق إلى جمعية عمومية لمناقشة القرار أو أخذ رأيهم في بيعها؛ حيث لا تقوم الجمعية بالإعلان عن جمعياتها العمومية بالجرائد الرسمية كما هو مفترض بل تكتفي بإعلان صغير في جريدة متخصصة غير معروفة تسمى "التعاون". والمدهش في الأمر أن ما تم عرضه للبيع في المزاد العلني فقط 73878 متر مربع من مساحة الأرض البالغة أكثر من 76 ألف متر مربع، دون أن يدري الأعضاء ما مصير حوالي 3 آلاف متر الباقية؟!. وقيّم الخبراء المثمنون قيمة الأرض ب 358 جنيهًا للمتر الواحد على الرغم من موقعها المتميز ووقوعها على كورنيش النيل، وفاز بالمزاد مقاول يدعى صلاح الدين أحمد حامد، إلا أنه لم يسدد سوى 10 % فقط من قيمتها وامتنع عن السداد، وقامت الجمعية بتسليمه الأرض بوضع اليد بالمخالفة لكراسة الشروط التي تنص على أن يتم تسليم الأرض للشاري بعد أن يسدد 40 % من قيمتها حتى تاريخ 7/2 /2011 وفي حالة التأخير عن السداد يُفسخ العقد ويُطبق الشرط الجزائي بعدم استرداد المشتري لنسبة 10 % المدفوعة من القيمة المتفق عليها ويعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه. وهنا احتدم الصراع بين والجمعية التعاونية الأساسية للبناء والإسكان لخريجي المعاهد الزراعية ومالكي الأراضي وورثتهم، وبدأوا في تقديم بلاغات ضدها والقيام بالضغط على مجلس إدارتها لتسليمهم إياها؛ فجاءهم الرد بالتهديد بسحب الأراضي منهم لأنهم يقومون بالتشهير بالجمعية، بحسب زعمهم. وكان من المفترض أن تقوم الجمعية بقيادة المهندس مصطفى كامل الخطيب بصفته سكرتير الجمعية بفسخ العقد مباشرة إلاّ أنه لم يحرك ساكناً لعدة أشهر. وفي أعقاب ثورة 25 يناير 2011، تم عقد جمعية عمومية لمناقشة الأمر والتصويت إما بفسخ التعاقد وإلغاء المزاد أو الاستمرار في التعاقد وإمهال المشتري للسداد المريح على مدى خمس سنوات وبدون فوائد؛ وقد صوت جميع الأعضاء الحضور على إلغاء البيع والمزاد مع استلامهم الأرض. وفي الأسبوع الأول من شهر يوليو 2011، تفاجأ الأعضاء في المشروع بخطابات مسجلة من الجمعية تدعوهم فيها لمناقشة الأمر للمرة الرابعة على التوالي في تاريخ 15/7 /2011، معللة ذلك بعدم قانونية الاجتماع السابق الذي أقرت فيه الجمعية إلغاء البيع بالمزاد، وأكد الحضور إصرارهم على تنفيذ قرار إلغاء البيع، كما طالبوا بضرورة تسليمهم الأرض وفسخ التعاقد مع المشتري. ولم تلق مطالبات الأعضاء اهتمامًا من القائمين على الجمعية فآثروا أن يسلكوا المسلك القانوني للحصول على حقوقهم المشروعة؛ حيث تقدم محمد حبيب الله أحمد، المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، ببلاغ إلى السيد النائب العام الأسبق المستشار عبدالمجيد محمود، يطالبه خلالها بسرعة اتخاذ اللازم نحو مسئولي الجمعية الذين يصرون على الإضرار العمدي بمصالح الأعضاء ورفضهم تسليم الأرض وإصرارهم على الاستمرار في البيع بعد تحقق الشرط الفاسخ – بحسب البلاغ -، مطالبًا إياه بغل يد مسئولي الجمعية عن التصرف في شئون مشروع حلوان وعدم إصدار أي قرارات بخصوصه لحين التحقيق فيه. وبعد أن تقدم بتظلم رقم 580 لسنة 2013 إلى نيابة حلوان الجزئية، وتحت ضغط من الأعضاء على الجمعية تم توقيع عقود بيع ابتدائية لهم وتم توثيقها في مكتب الشهر العقاري؛ وحيث إنه لم يتم حسم الصراع بعد تم تقديم شكوى رقم 201358 إلى المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء منذ عدة أشهر دون أن يتم البت فيها. واتهم مقدم الشكوى الجمعية المذكورة بالتلاعب في ميزانية مشروعات الجمعية وعدم مراعاة القانون فيها وتعمد إفشال المشروعات استغلالاً لقانون التعاونيات للحصول على عمولة من بيع المشروع، مشيرًا إلى أنه لم يتم عمل إعلان عن المزاد بالجرائد الرسمية وموضحًا أن ما تم عرضه للبيع في المزاد العلني فقط 73878 متر مربع من مساحة الأرض البالغة أكثر من 76 ألف متر مربع. وطالب بسرعة إيقاف مجلس الإدارة وفحص دفاتر ومستندات الجمعية واتخاذ اللازم قانونا تجاههم ومحاسبتهم على إهدار أموال الجمعية. وحول ذلك يقول محمد حبيب الله، المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، إن الدكتور عبد السلام جمعة الملقب ب "أبوالقمح" في مصر هو رئيس والجمعية التعاونية الأساسية للبناء والإسكان لخريجي المعاهد الزراعية؛ لكنه نظرًا لكبر سنه وظروفه الصحية قام بتفويض صلاحيته إلى المهندس مصطفى كامل الخطيب – بصفته سكرتير الجمعية – والذي سبق التحقيق مع بعد الثورة بتهمة التورط في موقعة الجمل على خلفية كونه رئيسًا لمجلس محلي محافظة الجيزة في ذلك الوقت، متهمًا إياه بتبديد أموال الجمعية التي تعد جزءًا من المال العام؛ حيث إن الجمعية اشترت أراضي مشروع حلوان في عام 1977 بقيمة 324815 جنيه مصري؛ لكن كُتب في الميزانية انه تم شراؤها بأكثر من 400 ألف جنيه. كما كانت تحتوي على شجر برتقال مثمر تم بيعه بقيمة 22849 جنيه مصري دون إدراج ذلك في الميزانية، موضحًا أن هناك فساد مالي وتلاعب كبير بميزانية الجمعية يدفع القائمين عليها لجعل جلسات مناقشة الميزانية سرية وسط غياب أو تواطأ من موظفي الرقابة الإدارية والإتحاد التعاوني. وتساءل حبيب الله: أين هي وعود محلب بحل مشكلات المواطنين ووعود السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بمكافحة الفساد؟، مناشدًا إياهم بسرعة التدخل لتخليص أكثر من مائتين من خريجي الكليات والمعاهد الزراعية وأسرهم من تلك المعاناة، خاصة أن البعض منهم هم ورثة أيتام وفقراء بحاجة ماسة للحصول على أرضهم. وحذّر المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة من أن القانون المدني يعد أرضًا خصبة للثغرات القانونية التي تسمح بالتلاعب بالقوانين وهروب الجاني بفعلته دون عقاب رادع وخاصة في مجال الأراضي والعقارات، حيث يقوم بعض ضعاف النفوس بدفع جزء صغير من قيمة الأرض ثم يستولون عليها ويشيدون عمارات سكنية فوقها ثم يقومون ببيعها ويظل الصراع القانوني بينهم وبين أصحاب الأرض لسنوات يكون خلالها الجاني قد باع تلك الوحدات ولاذ بالفرار خارج البلاد، مشيرًا إلى أنه حتى لو تم إلقاء القبض عليه فلا يتم سجنه طالما أن التعاقد محكوم بالقانون المدني. شاهد الصور: