كان الإحتفال بعيد الفطر فى "بلاد النوبة " الأصلية ، له وقع ومذاق مختلف ناتج عن الخصوصية الإجتماعية والثقافية ، فعلى رغم أنه أحتفال دينى للمسلمين إلا أن هناك لمسات تراثية نوبية لا تفوت النوبيين المتمسكن بثقافتهم وتراثهم إضافتها و معايشتها يبدأ الأحتفال بيوم عيد الفطر مبكراً حيث ،يبدأ بإقامة صلاة الفجر ، ثم يتبعة صلاة العيد فى الخلاء الممتد ،خلف كل قرية مطلة على نهر نيلنا النوبى
بعد إنتهاء خطبة العيد والصلاة يقوم الرجال بالتوجه إلى المقابر ، حيث يوضع "جريد" النخل على المقابر ثم "يرشون" المقابر بالمياة ، إعتقاداً بأن أرواح مواتهم تعود فى هذا الوقت من العام !
فى طريق عودتهم إلى القرية ،تشكل بشكل عفوى مواكب منهم ،تقوم بزيارة كل منزل بالقرية لتقديم التهنئة بالعيد
أما نساء القرية فينتظرون أمام بيوتهن لتحية رجال القرية وتقديم أطباق نوبية خاصة تتكون من البلح النوبى والشعرية المصنوعة يدوياً والكعك والشاى النوبى بالحليب
وفى مظهر من مظاهر الترابط و التواصل الإجتماعى النوبى، يقوم الرجال من قرى شرق النيل بعبور نهر النيل ومن ثم زيارة قرى النوبة فى غربها فى اليوم الأول من أيام العيد لتقديم التهنئة و إظهار روح الترابط والمودة و المحبة ، فيقوم رجال قرى الغرب فى اليوم التالى برد الزيارة وتهنئة الأهل بزيارة البيوت بيتاً بيتاً
و التهنئة بالعيد تكون باللغة النوبية :
Corrego e Naloua " كوريجو اى نالويه " أى "كل عام و أنتم بخير "
koo e Naloul "كو أى نالو "" بمعنى "وأنت أيضا "-
الأطفال كانوا يسبقون ويشاركون تلك المواكب وهم فرحين بهذه المظاهر السنوية التى ينتظروها ، حيث تناول الحلوى ، أما النقود فلم يكونوا يعرفونها حيث لا تبادل مالى ولكن سلعى .
وبعد تلك الجولات تقوم كل مجموعة من الرجال بالإتجاه إلى أحد البيوت لتناول الطعام معاً
هذه هى أيام النوبيين التى كانت ، تلك هى حياتهم البسيطة التى كان فيها الحب عنوانها ، والترابط الإجتماعى عمادها ، والتراحم هو سيدها ، حياة أراد أعداء الحياة ألا تكون إلا ذكرى ميتة لكننا نعيدها كحكاوى و نتداولها و نتناولها و نتوارثها و نورثها لجيل بعد جيل . أنها النوبة التى لا نعيش اليوم فيها ، ولكننا نعيش بها و تعيش فينا .