الإسلام دين العمل الصالح ودين السلوك الطيب والسمت المهذب ودين الخلق القويم.. والعبادات في الإسلام ليست شعائر تؤدى فقط ولكنها موجهات للإنسان إلى طريق الله.. وإلى طريق الإيمان إلى طريق المراقبة لله سبحانه وتعالى.. إلى طريق حب الخير للناس كل الناس.. موجهات للإنسان إلى طريق جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين..والصيام الذي نعيشه ونعايشه ويعيش في وجداننا وفي كل جوارحنا هذه الأيام الطاهرة، يجب أن يربي الضمير في نفس المسلم ويوقظ هذا الضمير ليكون حيا يقظا لا يعتريه خلل أو عطب أو نوم...إلخ يجب أن يحقق في المسلم خصيصة المراقبة والإحسان وينميها.. يجب أن يشعر الغني بآلام الفقر، بحيث يدفعه إلى البذل والعطاء والسخاء والكرم.. يجب أن يكسب الصوم الشخص أخلاقا رفيعة تظهر دوما في العبادات والمعاملات، وإلا......... فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.. وما يقال عن الصيام يقال أيضا في الشهاداتين وفي الصلاة والزكاة والحج.. فهيا نتعلم مما علمنا إياه النبي (صلى الله عليه وسلم) في معاملتنا مع بعضنا البعض.. خصوصا في هذا العصر الذي طغت فيه الماديات.. النبي (صلى الله عليه وسلم) علمنا حسن الخلق وحسن المعاملة، فكان يمر في الأسواق ذات يوم فوجد رجلا يضع الطعام الحسن أعلى الوعاء، ويضع الطعام الردئ أسفل الوعاء، فقال (صلى الله عليه وسلم) له: "من غش فليس منا". النبي (صلى الله عليه وسلم) علمنا أن من تزوج امرأة على صداق –أي مهر- وهو ينوي أن يأكل صداقها لقي الله يوم القيامة وهو زانٍ.. النبي (صلى الله عليه وسلم) علمنا أن الصدقة بعشر أمثالها وأن القرض بثمانية عشر مثلا.. فإذا أقرضت معسرا كان لك ثمانية عشر مثلا. النبي (صلى الله عليه وسلم) علمنا ألا يبيع أحدنا على بيع أخيه وألا يخطب أحدنا على خِطبة أخيه حتى يذر.. النبي (صلى الله عليه وسلم) علمنا أن من أخذ دينا من أخيه وهو ينوي ألا يؤديه لقي الله يوم القيامة سارقا.. وعلمنا أن من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدي الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله عز وجل.. والقصة رواها البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل، سأل بعض بني إسرائيل أن يُسْلِفَه ألف دينار، فقال: ائتني بالشهداء أُشْهِدُهُم، فقال: كفى بالله شهيدا، قال: فأتني بالكفيل، قال: كفى بالله كفيلا، قال: صدقت، فدفعها إليه إلى أجل مسمى. فخرج في البحر، فقضى حاجته، ثم التمس مركبا يركبها يقْدَمُ عليه للأجل الذي أجله، فلم يجد مركبا، فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار، وصحيفةً منه إلى صاحبه، ثم زجَّجَ موضعها، ثم أتى بها إلى البحر، فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت تسَلَّفْتُ فلانا ألف دينار، فسألني كفيلا، فقلت: كفى بالله كفيلا، فرضي بك، وسألني شهيدا، فقلت: كفى بالله شهيدا، فرضي بك، وأَني جَهَدتُ أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له، فلم أقدِر، وإني أستودِعُكَها، فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم انصرف، وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطبا، فلما نشرها، وجد المال والصحيفة، ثم قَدِم الذي كان أسلفه، فأتى بالألف دينار، فقال: والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه، قال: هل كنت بعثت إلي بشيء، قال: أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذي جئت فيه، قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة، فانْصَرِفْ بالألف الدينار راشدا) فما أحوجنا نحن المسلمين إلى تلك الأخلاق –وللأسف الشديد يتمثلها البعض من المسلمين في رمضان فقط، وكأننا لا نحاسب على أعمالنا إلا في رمضان.. فهيا بنا جماعة المسلمين إلى السير في طريق الله الأمن خلف تعليمات الله التي جاء بها النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)..
* المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية – عضو اتحاد كُتَّاب مصر