أثار الكشف عن ملفات الفساد في عهد النظام السابق عقب الإطاحة بنظام حسني مبارك، والتي تدين الكثير من مؤسسات الدولة بالفساد، دعوات عاجلة إلى فتح التحقيق مع مسئولي الجهات الرقابية المختلفة لتقاعسها عن أداء واجبها المنوط بها في ملاحقة الفاسدين وإحالتهم للمحاكمة، وأحد هذه الأجهزة التي كانت موضع اتهام على نطاق واسع هو جهاز الرقابة الإدارية، الذي يتبع رئيس الجمهورية. وقلل المفكر جمال أسعد من جدوى الأجهزة الرقابية في مصر سواء كانت تتبع رئيس الجمهورية أو جهات أخرى، قائلاً إنه لا قيمة لها بعد أن توغل الفساد في شرايين الوطن بطوله وعرضه، معتبرا أن الإشكالية هو أنه حتى اللحظة نعيش نفس الظروف ونفس الملابسات والمنهج ولم يحدث تغيير حتى الآن. وطالب في تصريح ل "المصريون" بتغيير جذري خاصة فيما يسمى الجهات الإشرافية والرقابية بالدولة لتعاد صياغتها بالكامل حتى تقوم بدورها بالشكل الصحيح ولا تستثني أحدًا من العقاب، فالمطلوب هو دستور جديد وقوانين جديدة تقطع العلاقة بين رئيس الجمهورية والأجهزة الرقابية، على أن تخضع هذه الأجهزة للمساءلة الشعبية. واقترح أسعد أن يتولى هذه المهمة مجلس الشعب عبر مزاولة مهامه الرقابية على الجهات التنفيذية، ومنها الإشراف على الجهاز الرقابي، وإن كان لا يتوقع أن يكون هناك مجلس شعب حقيقي يتولى القيام بمثل هذه المهمة، فهو يرى أنه لكي يتسنى وجود رقابة شعبية بمفهومها الشامل فإنه لابد أن يكون هناك ما يسمى بالشفافية وإتاحة المعلومات، ومن ثم ستوجد الرقابة الشعبية. وشدد على أن العملية يجب أن تكون متكاملة بين مجلس الشعب والجهات الرقابية، فتلك الجهات عليها أن تتابع قضايا الفساد وتخطر مجلس الشعب بهذه التقارير، والمجلس والرقابة الشعبية يفجران تلك القضايا بينما يتابع الشعب ما وصلت إليه القضايا، محذرا من أنه إذا لم يكن هناك نظام جديد يعتمد على دستور وقوانين مختلفة وروح سياسية وثورة جديدة سيظل الحال كما هو عليه. فيما فسر المحامي نزار غراب عدم قيام الأجهزة الرقابية برسالتها كما ينبغي بأنها تابعة لجهات ما في الدولة وغير مستقلة، وكان الولاء بها للمصالح الشخصية التي تقدم علي مصلحة الوطن، مطالبا لإصلاح تلك الأجهزة أن يتوافر لها الاستقلال المالي والقانوني والحصانة، وألا تكون تابعة لجهات التي من المفترض أنها تباشر الرقابة عليها. وأكد أهمية أن تتمتع الأجهزة الرقابية بشخصية قانونية مستقلة، وأن لا يوجد سلطان عليها إلا القانون، داعيا إلى تعديل تشريعي يكفل لها ذلك، مع الأخذ في الاعتبار أهمية إصلاح تلك الأجهزة من الداخل وبتر العناصر الفاسدة بها ممن قال إنها لا تعرف أي ولاء للوطن، متسائلا باستغراب: كيف يقوم هؤلاء بالدور الرقابي والكشف عن الفساد وهم في الأساس فاسدين؟. في حين رأى الدكتور حمدي حسن المتحدث الإعلامي السابق لكتلة "الإخوان المسلمين" البرلمانية أن عجز الجهات الرقابية في كشف الفساد كان نتيجة انتشاره بشكل سرطاني في العهد القديم، وكانت كافة المؤسسات فاسدة من أدانها إلى أعلاها. وأضاف إن من يحمي البلاد من الفساد خلال المرحلة القادمة هي الشفافية وإعمال إرادة وسلطة الشعب في انتخابات نزيهة، فإذا وجدت سلطة شعبية تحقق بشكل جدي ومعبرة عن إرادة الشعب فهي التي سيقع عليها محاربة الفساد، فضلا عن ووجود أعلام حر ومؤسسات مجتمع مدني قوية وحياة حزبية قوية، فكل هذا يمنع من تجزر الفساد، وإذا غاب كل هذا فلا وجود إلا للفساد. وأشار إلى أن فكرة أن تكون الجهات الرقابية تابعة لمجلس الشعب اقتراح يجب إدراجه والنظر إليه في المرحلة المقبلة، إلي جانب إيجاد تشريع يكفل لتك الجهات والأجهزة استقلالية حتى تعمل في إطار من الحرية "غير المملاة.