أعلنت حملة حمدين صباحي أنه حصل على أعلى الأصوات في السعودية، بعد إدانته لفض اعتصام رابعة الدامي. ويكتسب هذا الإعلان صدقيته من الأوزان النسبية للمصريين "المؤدلجين" في منطقة الخليج، فالغالبية "إخوان".. غير أن مركز ثقلهم الأكبر في السعودية.. وإذا سرت الأمور على هذا النحو، فإن ذلك يعني بأن الجماعة قد تصوت "سرا" لصالح صباحي، وربما تتسع هذه النزعة لصيب حظ منها، التيار الإسلامي الواسع المتعاطف مع الإخوان في محنتهم مع السيسي. إذن الكرة لا زالت في الملعب، والمفاجآت متوقعة، غير أنه من الأهمية الإشارة إلى كلام صباحي عن "رابعة".. فلئن كان يمكن تفسيره في سياق الدعاية الانتخابية، إلا أنه يتسق مع تكوينه السياسي، بغض النظر عن مقتضيات اللحظة الراهنة.. فصباحي مناضل سياسي اصطدم بالسلطة وذاق مرارة الاعتقال والحبس، ويحمل مشروعا مدنيا للدولة، ومناصر لحقوق الإنسان.. ويعرف جيدا أن الأجهزة الأمنية في صورتها الحالية والمتوارثة من عهود الاستبداد، تعتبر أكبر معوقات التحول الديمقراطي.. ويدرك تماما بأن العقيدة الأمنية المصرية، تحتاج إلى قطيعة جذرية مع موروثها الأمني القمعي.. سليل الأنظمة العسكرية القمعية. ولعل تتبع السيرة الذاتية لصباحي، يحيلنا إلى استشراف شكل العلاقة حال فاز في الانتخابات بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسات الخشنة.. فهو لا يمثل تهديدا للجيش، لأنه يختلف عن الرئيس السابق محمد مرسي، الذي كان تقف ورائه جماعة كبيرة، تمثل أخطر تحد للمؤسسة العسكرية منذ انقلاب يوليو 1952 وحتى الآن. وإذا كانت الأدلة والقرائن المتواترة تؤكد بأن السيسي مرشح الجيش، فإن الأخير قد يتخلى عنه، حال جاءت النتائج على نحو، لم يترك له خيار إلا التسليم بما جاء به الصندوق، لأن المسألة في النهاية بوجود صباحي على رأس السلطة تظل في المربع الآمن بالنسبة للمؤسسة العسكرية. صباحي لن يكون "خطرا" إلا على الأجهزة الأمنية، فالأخيرة سيزعجها وجوده رئيسا للدولة، بوصفه "مناضلا حقوقيا" سينتصر في النهاية لحقوق الإنسان.. وهي الحقوق التي لا يمكن أن تتعايش مع جهاز أمني معاد لها. وفي هذا السياق أيضا، فإن ملف الشهداء والعدالة الانتقالية، ربما يكون أكثر حضورا في وجود صباحي.. فهو ابن الحركة الوطنية المصرية وثورة يناير.. بل من المتوقع أن يكون هذا الملف هو أول ما يستهل به أيامه في قصر الاتحادية.. إذ يعي تماما أن قوى ثورة يناير التي تناصره الآن وتؤيده تعتبر هذا الملف على رأس أولويات نضالها في الشوارع وفي الميادين.. وأن شرعيته ستظل رهن أدائه في هذه المعضلة، لأنها تتشابك مع وعوده باصلاح مؤسستي العدالة والأمن.. فملف الشهداء والعدالة الانتقالية، هو مناط الشرعية الحقيقية لأي رئيس خرج من رحم ثورة يناير.. وإذا كان الإسلاميون يطالبون بفتح ملف الشهداء بمن فيهم شهداؤهم الذين سقطوا في "رابعة" وفي غيرها، فإن الفرصة أقرب إليهم أمام صناديق الاقتراع.. فلا تعززوا رأي من قال فيكم إنكم "أصحاب الفرص الضائعة".
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.