عصر الولاءات واللواءات كمعيار لاختيار المسئولين يجب أن ينتهي . كنا نتمنى أن يتم اختيار المحافظين في العهد الجديد عن طريق الانتخاب ولكن لم يتسن ذلك فتوقعنا على الأقل أن تتغير معايير الاختيار ، فتكون الكفاءة وليس الولاء ، ويكون الأداء وليس اللواء . لكن للأسف حركة المحافظين الأخيرة لم تأت بجديد ، فبعد إلغاء محافظتي حلوان و6 أكتوبر، أصبح هناك 27 محافظة في مصر ،وشملت الحركة 18 محافظا جديدا ، وتم نقل محافظين اثنين إلي محافظات أخري واستمر 7 محافظين في أماكنهم . المحصلة النهائية أن هناك 18 من بين 27 محافظ يحملون لقب لواء سابق، سواء شرطة أو جيش ،أي أن نسبة اللواءات في المحافظين الحاليين تصل إلي حوالي 66 % وهم محافظو قنا ،أسيوط ،الدقهلية، الفيوم ،السويس ،جنوبسيناء، شمال سيناء ،بورسعيد،الإسماعيلية ،المنيا ،أسوان ،الوادي الجديد ،سوهاج ،دمياط ،مطروح ،الأقصر،البحيرة ،الغربية والباقون إما تكنوقراط أو مستشارون ترددت أنباء غير موثقة عن علاقتهم بالحزب الوطني المنحل . سيكون من الإجحاف أن ندعي أن كل من يسبق اسمه لقب لواء لا يصلح كمسئول ولكن في المقابل فأن ذلك لا يعني تلقائيا أن كونك عسكريا أو شرطيا يجعلك محافظا ناجحا.وحتى إن نجح واحد أو اثنان منهم أو حتى عشرة فلا يمكن أن ينجح الثمانية عشر كلهم . هذا بالنسبة للواءات ، أما بالنسبة للولاءات فأمثلتها كثيرة وكلنا عايشناها في مختلف المصالح الحكومية والمناصب مهما ارتفعت أو انخفضت ،فالمسئول كان إما قريبا وإما زميلا سابقا وإما جارا وإما صديقا مخلصا ،أو مخلصا بدون حتى أن يكون صديقا ، وذلك طبعا بغض النظر عن مؤهلاته أو كفاءته ،والنوع الأخير هو ما شهد به شاهد من أهلها مؤخرا ، وأقصد هنا اللواء منير شاش المحافظ السابق لشمال سيناء عند حديثه عن تعامل الشرطة مع أهل سيناء وعن المعيار الذي كان سائدا في أغلب الأحيان حيث كان يتم اختيار شيوخ القبائل من أعوان الشرطة الموالين لهم دون اعتبار الأعراف القبلية والكفاءة مما أفقدهم الثقة وأسقط هيبتهم أمام ذويهم وأصبحوا بلا قيمة أو فعالية وأدت تبعات هذا القرار إلى تحويل سيناء إلى كتلة ملتهبة تهدد الأمن القومي المصري . وأخيرا يدفعنا ذلك إلى تساؤل آخر حول دور الشباب في المناصب القيادية ، فأصغر محافظ حاليا في أواخر الخمسينيات من العمر أي يتبقى له شهور حتى يصل إلى سن المعاش الرسمي ،ناهيك عن الحديث عن مجلس الوزراء . فنحن جميعا نعلم أن الثورة قامت على أكتاف الشباب ، هم من ضحوا بأرواحهم ، هم من دفعوا الثمن الباهظ ، هم من فتحوا صدورهم العارية أمام الرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع والحجارة ،هم من كسروا حاجز الخوف الذي دحرت عليه الأجيال الثائرة السابقة , ألا يستحق هؤلاء أن يكون لهم ممثلون في المناصب العليا مثل ما يحدث في باقي دول العالم . وليست بعيدة عنا أمثلة باراك أوباما ودافيد كاميرون وحتى محمود محيي الدين .فالأول أي الرئيس الأمريكي من مواليد 1961 ،والثاني أي رئيس وزراء بريطانيا من مواليد 1966 ،والثالث أي وزير الاستثمار المصري السابق الذي جاء به جمال مبارك من مواليد 1965.ولكن يبدو أن سياستنا مازالت الشباب شباب القلب والدهن في العتاقى . * إعلامي مصري