هل يستغرب أحد الجهد الرهيب الذي بذله نتنياهو لدى الأمريكان طلباً لتدخلهم العاجل من أجل منع سقوط حسني مبارك بعدما ثار عليه شعبه وطالبه بالرحيل؟ وذلك لابعاده عن قبضة شعبه ومنعهم من تقديمه للمحاكمة؟ ومن أجل دهس العدالة بالأحذية ومنع سيف القانون من ان يصل الى حبيبهم الطاغية المجرم. لا أظن أحداً يستغرب من هكذا سلوك وهكذا مشاعر، فلقد كان ذلك على الدوام هو سلوك كبار رجال العصابات سواء المحليون منهم أو الدوليون عندما يسقط أحد الصبيان. انهم لم يكونوا يتخلون أبداً عن الصبي الذي طالما عمل في خدمتهم وأدى لهم أقذر الأدوار. وهذه بالطبع ليست نبالة سلوك بقدر ما هي تحرك غريزي للدفاع عن النفس، ورغبة في ان يكون سلوكهم مثالاً ورسالة موجهة للصبيان الآخرين، وحتى يعلم جميع أفراد العصابة أنهم يمثلون عائلة واحدة متماسكة قد اجتمعت على الضلال، وربط الاجرام والوساخة بين أفرادها برباط أقوى من روابط الدم! وأيضاً حتى يكون الأمر واضحاً بأن أفراد العصابة سيظلون في حدقات العيون وفي بؤرة الاهتمام مهما حدث، وان بيوتهم وزوجاتهم وأبناءهم سوف تكون تحت رعاية المعلم حتى يفك الله زنقة الصبي الأزعر!. وربما هذا ما يفسر أيضاً حالة الهستيريا التي تجتاح وزارة الداخلية بمصر حتى بعد الثورة وبعد سقوط النظام كلما حل موعد محاكمة أحد حيوانات شرطة مبارك المفترسة... فمرة يتهرب رجال البوليس من تأمين مكان المحاكمة ويتركون المحكمة بدون شرطة حتى يجد القاضي نفسه مضطراً للتأجيل، وبهذا تكون الفرصة أكبر في مساعدة المتهمين على الافلات من العقاب سواء عن طريق ترتيب وتستيف الأوراق التي تهدر القضية أو بالنجاح في تهريبهم خارج البلاد... ومرة يفرضون كردوناً من الأمن المركزي حول قفص الاتهام لاخفاء زملائهم عن العيون وحمايتهم من نظرات الضحايا!... ومرة ثالثة بالسماح للمتهمين من رجال الشرطة المحبوسين بالحضور للمحاكمة مرتدين ملابسهم الرسمية التي كانوا يرتدونها وقت ان كانوا في الخدمة يرتكبون ما شاؤوا من جرائم.. مع ان لبس السجن الأبيض الخاص بالمحبوسين احتياطياً هو ما يتعين ارتداؤه بنص القانون!. وفي نفس هذا الاطار يمكننا ان نتحدث عن المعاملة التي لقيها أفراد عصابة مبارك المحبوسين بسجن طرة، فلقد رأينا أعضاء التشكيل العصابي من الوزراء والمسؤولين واحداً واحداً وهم يركبون سيارات الترحيلات التي حملتهم الى سجن طرة، ورأينا صور بعضهم بملابس السجن البيضاء مثل أحمد عز وزهير جرانة وأحمد المغربي وهم داخل القفص، ولمحنا حراس صفوت الشريف وهم يحاولون تغطيته وفرد جاكت أمام وجهه وهو خارج من غرفة التحقيق حتى لا يراه شعب مصر، لكننا رأيناه على الرغم من ذلك وعلامات الذل والحسرة ترتسم على وجهه. وكذلك فتحي سرور وأحمد نظيف اللذان تابعتهما الكاميرات ونقلت لنا انكسارهما وسوء مآلهما. الا واحد فقط.... واحد فقط من العصابة لم نره أبداً ولم تتسرب بشأنه أي صورة سواء من مكان التحقيق بمقر النيابة وأو بجهاز الكسب غير المشروع أو بسجن طرة. واحد فقط حرصت الأجهزة الأمنية على ان تحفظه من عيون الشامتين وتفرض عليه حماية لا يستحقها أمثاله من القتلة اللصوص. واحد فقط كان استثناء من بين جميع أفراد شلة مبارك الأب ومبارك الابن اجتهدت وزارة الداخلية في منحه دلالاً زائداً ووضعاً مميزاً وتكريماً لا يستحقه.. ذلك هو السيد حبيب العادلي وزير داخلية مبارك الذي يضم ملفه ارتكاب جرائم ضد الانسانية كالقتل الجماعي والتعذيب، بخلاف السرقة والتربح والاختلاس ونهب المال العام. والواقع ان كل ما سبق لا يفسره الا حقيقة واضحة ساطعة كالشمس تؤكد أنه مثلما ان المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً... فكذلك المجرم للمجرم!. نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية: