الإسلاموفوبيا هي ظاهرة جديدة أذكت نيرانها جملة الأحداث الإقليمية والدولية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في بداية الألفية الثالثة من عمر الإنسانية. ومعناها: الخوف المرضي( وغير المبرر) من الدين الإسلامي, فأي شخص يدين بهذا الدين سيكون بالضرورة وبحسب هذا المعني مجرما وإرهابيا.. ومن ثم يتعين الحذر منه, والابتعاد عنه. وهكذا بدا العالم( خصوصا في أوروبا وأمريكا) كأنه مصاب بلوثة عقلية جعلته يكره فعلا لا قولا العرب والمسلمين ويراهم أقواما من( الأشرار واللصوص, والرعاع والفوضويين..) ولذلك أعطي لنفسه الحق في أن يتعامل معهم بوحشية مستهينا بأرواحهم( وقدس أقداسهم) وعقائدهم, وبات راسخا في الأذهان أن الإسلام هو مصدر الإسلاماوية وهذه الأخيرة هي مصدر الإرهاب( والمقصود بالإسلاماوية هنا هو الاجتهادات العقلية والفكرية التي يقدمها البعض تفسيرا للدين الإسلامي!!)وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بالعداء للعرب والمسلمين سكبت( الإسلاموفوبيا) مزيدا من الزيت عي النار وجعلت الأوروبيين في ال25 دولة الأعضاء في( الاتحاد الأوروبي) يشعرون بأنهم غير آمنين علي أنفسهم في بلدانهم التي يوجد بها نحو26 مليون مسلم. وأصبح حالهم أشبه بحال من يترقب لحظة وقوعه( في الأسر الإسلامي!!) وهكذا انتشرت أفكار ومخاوف أشد فتكا بأمن المواطنين الأوروبيين مثل( ثقفة) المجتمعات الغربية إسلاميا! ونشر مبادئ الدين الإسلامي لتدخل ضمن نسيجها الاجتماعي وتؤثر في رؤاها تجاه الحياة والبشر.. ولئن كانت أحداث11 سبتمبر2001 هي التي خلطت الأوراق وجعت كل ماهو إسلامي تحوم حوله ومخاطر الشبهات. فعندما أبدت إسرائيل انزعاجها من نتيجة استطلاع الرأي الشهير الذي تبين منه أن95% من الشعوب الأوروبية تري أن إسرائيل بممارساتها العدوانية تمثل خطرا علي الأمن والسلم الدولي لم تتردد المفوضية الأوروبية في تقديم الاعتذار إلي حكومة إسرائيل وأكدت أن( استطلاعات الرأي) برغم انها احد أشكال الممارسة الديمقراطية المباشرة لاتؤثر علي القرارات السياسية الأوروبية!كما تعالت الاعتذارات من حكومات الدول الأوروبية التي سارعت بالتنصل من نتيجة هذا الاستطلاع, ولم تتذرع كما هو الحال اليوم بأنها لايجب ان تتدخل في أمر كهذا لأنه يمثل اعتداء علي حرية الرأي!! وليس خافيا ان قاعدة ازدواجية المعايير هي التي حكمت( ولاتزال تحكم) هذه القضية فالحجة التي تساق في حالة العرب والمسلمين هي عدم الاعتداء علي( قيمة حرية التعبير) أما في حالة إسرائيل فذبح هذه( القيمة) يكون حلالا زلالا حتي لاتغضب إسرائيل( الصديقة المدللة للغرب).ثم قد تثور علامات استفهام أخري لامناص منها مثل: لماذا الإسلام دون غيره هو الذي يحرص الأوروبيون علي النيل منه, والإساءة إليه؟. انطلاقا من كل هذه الوقائع فالثابت ان الحديث عن حرية الفكر هو( حديث إفك) وكلمات حق يراد بها باطل, لأن ازدواجية المعايير التي يرتع فيها الغرب السياسي تمارس فقط وبقوة ضد الإسلام والمسلمين. وعقيدتي أن التهدئة مطلوبة( بل باتت ضرورية) والتفكير في تفعيل دوائر الحوار هو الأجدي وقد يكون مهما أن نتعاطي بإيجابية مع الدعوة الأسبانية الخاصة بتحالف الحضارات التي تنطلق مع قاعدة الندية التي تعتبر أساسا لأي حوار.. فالغرب ليس أفضل من الشرق, ولا الشرق بأفضل من الغرب, إنما الجانبان يتشاركان معا في حضارة اليوم التي رفدها المسلمون بفكرهم وابتكاراتهم وحملها الغربيون بعد ذلك باتجاه مزيد من النهضة والرقي. وأخيرا لسنا مع استمرار هذه المشاحنات وهذا التجييش العدائي ضد بعضنا البعض فحوار الثقافات هو الأبقي وتحالف الحضارات يبقي الركيزة الأساسية التي نتجاوز بها هذه الأجواء المليئة بالحقد والكراهية,, حتي لاتتأكد توقعات الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون, والتي يشير فيها إلي أن( العداء للإسلام أصبح بديلا عن العداء للسامية!). نقلا عن صحيفة الاهرام المصرية