تسع ل10 آلاف فرد.. الجيش الأمريكي يدرس إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من غزة    موسكو تحذر من عودة النازية في ألمانيا وتؤكد تمسكها بالمبادئ    نيوسوم يهاجم ترامب في قمة المناخ ويؤكد التزام كاليفورنيا بالتكنولوجيا الخضراء    القوات الجوية السعودية و الدفاع الجوي تواصلان مشاركتهما في تمرين مركز الحرب الجوي الصاروخي    قلبهم جامد.. 5 أبراج مش بتخاف من المرتفعات    لتجنب زيادة الدهون.. 6 نصائح ضرورية للحفاظ على وزنك في الشتاء    نائب محافظ الإسماعيلية يتفقد مستوى النظافة العامة والتعامل مع الإشغالات والتعديات    «الجبهة الوطنية» يُشيد بسير العملية الانتخابية: المصريون سطروا ملحمة تاريخية    التعليم تحسم الجدل بشأن تحويل طلاب الابتدائي صغار السن بين المدارس 2025-2026    قبل غلق اللجان الانتخابية.. محافظ الأقصر يتفقد غرفة العمليات بالشبكة الوطنية    الحسيني أمينا لصندوق اتحاد المهن الطبية وسالم وحمدي أعضاء بالمجلس    سلاح ذو حدين، عمدة نيويورك يعتزم اتخاذ خطوة هامة تجاه ترامب قبل تولي المنصب    اتهام رجل أعمال مقرب من زيلينسكي باختلاس 100 مليون دولار في قطاع الطاقة    مواجهة قوية تنتظر منتخب مصر للناشئين ضد سويسرا في دور ال32 بكأس العالم تحت 17 سنة    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل استعداداته لمواجهتي الجزائر (صور)    حبس سائق المطرب الراحل إسماعيل الليثي 4 أيام على ذمة التحقيق، اعرف السبب    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    تصالح الإعلامي توفيق عكاشة وعمال حفر بعد مشاجرة الكمبوند ب 6 أكتوبر    800 للجنيه دفعة واحدة.. ارتفاع كبير في سعر الذهب اليوم بالصاغة والشعبة تكشف السبب    فى عز فرحتها مانسيتش مامتها.. مى عز الدين تمسك صورة والدتها فى حفل زفافها    البترول: التحقيق فى سقوط برج أحد أجهزة الحفر وخروج اثنين من المصابين    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    وفد السياحة يبحث استعدادات موسم الحج وخدمات الضيافة    نقيب الإعلاميين: الإعلام الرقمي شريك أساسي في التطوير.. والذكاء الاصطناعي فرصة لا تهديد.    بيان رسمي من خوان بيزيرا بشأن تجاهل مصافحة وزير الرياضة بنهائي السوبر    «ميقدرش يعمل معايا كده».. ميدو يفتح النار على زيزو بعد تصرفه الأخير    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    منتخب مصر يستعد لأوزبكستان وديا بتدريبات مكثفة في استاد العين    الغندور يكشف حقيقة تدخل حسام حسن في استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    انتخابات مجلس النواب 2025.. محافظ الفيوم يتابع أعمال غلق لجان التصويت في ختام اليوم الثاني    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عمليات الفرز في لجان محافظة الجيزة    موعد إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب 2025 (متى يتم قبول الطعون؟)    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأربعاء 12 نوفمبر 2025    أمطار غزيرة وثلج .. بيان مهم بشأن حالة الطقس: 24 ساعة ونستقبل العاصفة الرعدية    في ظروف غامضة.. سقوط فتاة من الطابق الرابع بمنزلها بالمحلة الكبرى    مصرع شخص غرقًا في دمياط والأهالي تنتشل الجثمان    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025    السياحة تصدر ضوابط ترخيص نمط جديد لشقق الإجازات Holiday Home    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    مي سليم تطلق أغنية "تراكمات" على طريقة الفيديو كليب    السفير التركي: العلاقات مع مصر تدخل مرحلة تعاون استراتيجي شامل    قلق وعدم رضا.. علامات أزمة منتصف العمر عند الرجال بعد قصة فيلم «السلم والثعبان 2»    6 أبراج رجال «بيحبوا الأكل السبايسي».. مغامرون يعشقون الإثارة ويتلذّذون بطعم الفلفل الحار والتوابل    لماذا نحب مهرجان القاهرة السينمائي؟    ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار فونج-وونج بالفلبين ل 25 قتيلا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. روسيا تمنع 30 مواطنا يابانيا من دخول البلاد.. اشتباكات بين قوات الاحتلال وفلسطينيين فى طوباس.. وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلة يقدم استقالته لنتنياهو    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل رئيس نادي قضاه الأسكندرية    استجابة من محافظ القليوبية لتمهيد شارع القسم استعدادًا لتطوير مستشفى النيل    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    نقل جثمان نجل مرشح مجلس النواب بدائرة حلايب وشلاتين ونجل شقيقته لمحافظة قنا    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضل يوم الجمعة
نشر في المصريون يوم 16 - 04 - 2011

لا يحظى يوم من أيام الأسبوع بين المسلمين بما يتمتع به يوم الجمعة؛ وفيما ينقل الرواة عن الرسول الكريم؛ فهو اليوم الذي خبأه الله لهم وأغفل عنه السابقين؛ فكان لليهود السبت وللنصارى الأحد.
وعن النبي 'إن أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ'. وهناك العديد من الأحاديث حول فضل الجمعة وفضل قراءة سورة الكهف فيه، وفضل المشي إلى المساجد وحتى فضل الموت في يوم الجمعة.
وعندما انتقل مركز الثقل الإسلامي من الجزيرة إلى حواضر تحب الحياة مثل دمشق والقاهرة وبغداد أضيفت لمحات دنيوية لليوم، فهو اليوم الذي تسبقه ليلة المتعة، وبين الرجال والنساء صار التذكير بأن اليوم هو 'الخميس' قادرا على تركيز حمرة الدماء في الوجه الحيي. والإسلام ليس ضد الدنيا ولا ضد وفاء الناس لمتعة أجسادهم، خصوصا وقد ألبسوا متعتهم ثياب طاعة خاطوها من الدعوة الإسلامية إلى عمارة الأرض.
ليلة الجمعة صارت ليلة للجسد، يعقبها يوم عطلة يضمن الاستيقاظ المتأخر بعد الشقاوات الليلية، ويبدأ بإفطار أسري واستحمام ثم التوجه إلى المساجد.
ظل الجمعة منذ البعثة المحمدية يوما للطاعة، حتى شهور خلت عندما تحول إلى يوم للعصيان، في تونس ثم مصر، واليمن وها هي سورية تتابع مسيرة أخواتها العربيات في التطلع إلى الحرية بكثافة العصيان يوم الجمعة.
يبدأ الخارجون على سلطة العصابة احتجاجاتهم في أي من أيام الأسبوع، لكن الحشد الكبير لا يكون إلا يوم جمعة.
في مصر، كان الخامس والعشرون من يناير يوم ثلاثاء، واستمرت المظاهرات يومي الأربعاء والخميس، وكان دور الأيام الثلاثة غير المنكور هو إنهاك عناصر الأمن، لكن الدعوة إلى الحشد الكبير تحدد لها الجمعة. كان الأربعاء والخميس أشبه بوقت المناوشة الاستطلاعية بين جيشين لا يعرف أحدهما الكثير عن الآخر، بينما كانت القيادة على الطرفين قد استعدت بالتعليمات المناسبة لعناصرها.
قوى الثورة دعوتها معلنة: الخروج من المساجد الكبرى في جميع المحافظات والكاتدرائية بالعباسية في القاهرة رمزا لوحدة الشعب.
والنظام استعد بتعليماته السرية: إخراج كل المخزون من قنابل الغاز وعصي الكهرباء والرصاص الحي وخطباء المساجد!
لم يتحقق أمل الخروج من الكاتدرائية؛ لأن الأمن أصدر أوامره إلى الآباء في العاشرة من ليل الخميس بألا يتواجدوا أو يفتحوا الأبواب يوم الجمعة؛ فكان الصمت عن حق الحرية المفروض على آباء الكنيسة أقل بؤسا من شهادة الزور التي انفرضت على معظم خطباء المساجد.
صدرت الأوامر إلى الخطباء؛ فكان موضوع الخطبة التذكير بكل تراث الطاعة المنسوب إلى الإسلام، واستنكار الخروج على الحاكم.
باستثناء عدد محدود من الخطباء، كانت المواجهة بين خطيب الجمعة والمصلين هي بداية المواجهة بين قوى النظام وقوى الثورة.
قنابل الكلام المغيب للعقول سبقت قنابل الغاز بنحو ساعة. بعض الخطباء نفذ الأوامر برفق يحمي رزقه وظهر أن قلبه مع الثورة لكن لسانه مصادر، البعض كان حاسما في تكفير الداعين إلى 'الفوضى' العاصين 'لأولي الأمر منكم'!
في تلك الجمعة فقط، عرفت لمَ ارتفعت المنابر في معمار المسجد شيئا فشيئا، حتى صار رأس الخطيب يلامس السقف. خطيب الجمعة أقوى من مقرىء القرآن في المسجد. دكة القراءة لا ترتفع كثيرا عن الأرض، وبوسع المبكرين في الذهاب إلى المسجد أن يعلقوا بالاستحسان على التلاوة، بينما ليس من حقهم أن ينبسوا بحرف إذا ما صعد الخطيب إلى المنبر، لا يحق للمرء حتى أن ينصح جاره بالصمت وإلا فلا جمعة له.
سلطة خطيب المسجد أعلى من سلطة أي زعيم ملهم، أعلى سلطة من إله مجنون؛ فذلك الأخير لايرتفع منبره فوق شهود الخطاب بنصف ما يرتفع منبر الجمعة فوق المصلين، ومن حق بل من واجب مستمعي الإله المجنون أن يعلقوا بالاستحسان تصفيقا ومقاطعة بالدعاء الكاذب والمديح السمج ببعض الشعر الحلمنتيشي الذي يناسب مقام المتحدث والسامع.
حظيت جمعة الغضب في مصر بآداب الطاعة الشكلانية وأظن أنه المشهد المكرر نفسه فيما لم أر من جمع البلاد العربية الأخرى لم يعلق أي من المصلين على لغو الإمام، بعضهم لم يكن يسمع، البعض يستمع بقهر من لا يستطيع رد إهانة اسم أمه المحبوبة في مواجهة محقق مسعور.
التزم الغاضبون الصمت وصلوا وراء خصم أو عدو، وبمجرد التسليم والتقاط كل مصل لنعليه بدأ الهتاف على أعتاب المساجد، وراحت نصائح الألسن الذليلة قبض الريح، ولم تمض سوى خمس ساعات حتى انهار جهاز الأمن بعد أن قتل من قتل من الثائرين وملأ صدور من تبقى بغاز تفوقت رائحته على خبث رائحة كلام الأئمة الأسرى.
وستمضي ثورات العرب على دروب الجمعة، غضبا وإصرارا، على الرغم من أن الطليعة في كل الثورات ليست من القوى الدينية التي تتشبث بأفضال يوم الجمعة، لكنها بإلهام إلهي اختارته للقاء مع المناصرين المحتملين، كما أن كونه يوم عطلة يجرد السلطة من ادعاءات تعطيل الإنتاج، وهي الادعاءات التي أتاحت لها تغليظ عقوبات الإضراب عن العمل.
لا عمل للشعوب العربية في يوم الجمعة الآن إلا الغضب. ولابد أن الله في عليائه يبارك تحول يوم الطاعة إلى يوم للعصيان؛ فهو لا يغير بقوم إلا إذا غيروا ما بأنفسهم.
عزت القمحاوي
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.