الاعتقال العشوائى قادهم إلى السجن.. والتهم حيازة أورق.. أعلام.. تيشيرتات.. كوفيات فلسطينية.. كتب ل"لينين".. وصور ل"جيفارا" حقوقيون: أحراز قانونية لاستهداف النشطاء والثوار "أعلام.. تيشيرتات.. بوسترات.. صورة ل"جيفارا".. كتب لكتاب ومفكرين عالميين.. وأجهزة "لاب توب" وهواتف الأندرويد ".. كلها أشياء احترس من حملها فهى وعلى الرغم من بساطتها قد ترسلك إلى الزنزانة ما لم تودِ بحياتك وتنهيها باعتبارك أحد المجرمين الأشداء والإرهابيين الذين يشكلون خطرًا على حياة المواطنين. هذا ما تؤكده الأحداث والوقائع الأخيرة التى تجرى بالشارع المصرى، فمع تزايد أعداد الاعتقال المبرر والعشوائى للطلاب والمتظاهرين والثوار والمارين صدفة بالقرب من موقع الأحداث، أصيب العاملون بالمجتمع المدنى والحقوقيون والنشطاء بحالة من الصدمة والذهول الذى وصل فى كثير من الأحيان إلى حالة من الضحك الهستيرى باعتبار المثل الشهير "شر البلية ما يضحك"، فكثير من الشباب الذين تم اعتقالهم خلال الفترة الماضية كانت الاتهامات الموجهة إليهم والتى تراوحت بين إثارة الشغب واستخدام العنف وبين الانتماء لجماعة إرهابية مسندة فى المقام الأول إلى الأحراز التى وجدت معهم خلال عملية الاعتقال، مؤكدين أنه ولأول مرة تشهد ملفات التحقيقات مثل هذا النوع من الأحراز. فلم يكن يتخيل كمال سعيد وأحمد عبد العزيز وحسام الخولى وغيرهم من أصدقاء المعتقلين، أن تتسبب صورة "جيفارا" وعبارة "لسه فى أمل" المكتوبة على إحدى "البادجات" فى اعتقالهم أثناء جلوسهم على أحد المقاهى بمدينة نصر بتهمة خرق قانون التظاهر وعدم الحصول على تصريح بعد اجتماعهم وإلقائهم بين جدران الزنازين فصورة جيفارا التى طالما ارتداها الشباب ممن له انتماءات سياسية ومن ليس له علاقة بها أصبحت اليوم تهمة يعتقل من يحملها وتسجل من بين الأحراز التى تدين المتهمين. وكشف زيزو عبده، القيادى بحركة شباب 6 إبريل فى وقت سابق على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" ما سجل من أحراز بالمحضر الرسمى للقضية التى عرفت بقضية "معتقلى القهوة" حيث قال "الأحراز عبارة عن بادجات جيفارا وخنقتونا ولسه فيه أمل والتوصيفات التى كتبتها الداخلية بجوار تلك الأحراز كانت "زعيم اليسار فى العالم"، بجوار بادج جيفارا، كما كتبت عبارة "المقصود به الجيش والشرطة" بجوار بادج "خنقتونا"، وعبارة "الثورة قادمة" بجوار بادج "لسه فيه أمل". ومن جانبها أكدت ياسمين حسام الدين، المحامية الحقوقية، وعضو لجنة الدفاع عن معتقلى القهوة، أن تلك الأحراز لا تعد جريمة يعاقب عليها القانون والتى من ضمنها الكوفيات والشيلان الفلسطينية، مشيرة إلى وجود لافتات من ضمن الأحراز مكتوبًا عليها لن نركع لأمريكا، متسائلة: "ماذا فى تلك العبارة يهدد الأمن القومى المصرى". ووفقًا لما ذكرته حسام الدين ل"المصريون" فإن كل شيء يمكن أن يمت للجريمة بصلة لابد أن يتم تسجيله ضمن الأحراز، إلا أنه منطقيًا وطبيعيًا دائمًا يقوم الضباط المشرفون على عملية إلقاء القبض والنيابة العامة بفرز كل الأشياء الموجودة برفقة المتهمين ومكانهم واستبعاد الأشياء التى ليس لها علاقة بالجريمة ولا يعاقب عليها القانون. واتهمت المحامية الحقوقية قوات الأمن والنيابة بمحاولة خلق حالة من التلبس بجرائم غير موجودة من الأساس وتلفيق المحاضر فى كل القضايا الحالية وكتابة ما يحلوا لهم من تهم وإثبات أحراز ليس لها أى علاقة منطقية بتلك التهم. وكان لعمار ياسر، أحد الطلاب، ومسئول حركة الاشتراكيون الثوريون بجامعة حلوان وعضو جبهة طريق الثورة ثوار تجربة أخرى مع الأحراز الغريبة التى يتم استخدامها ضد من ترغب قوات الأمن فى إلقاء القبض عليه، فوجود كتاب للمفكر الثورى الروسى فلاديمير لينين فى يد أحد الطلاب خلال فترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات قد يتسبب فى اعتقاله بتهمة الانتماء للشيوعية، أما الآن وبعد مرور أكثر من ثلاثين عامًا على رحيل السادات أصبحت تلك الكتب متوفرة لدى أى بائع للكتب ولم تعد ملكيتها تهمة، وبالتالى فوجوده على رأس قائمة الأحراز التى سجلت بمحضر إلقاء القبض على ياسر أمر يدعو للتساؤل، وذلك وفقًا لما أوضحه محمد الزناتى المحامى الحقوقي. وتساءل الزناتى ما هى التهمة المناسبة التى يمكن أن يتهم بها شخص يحمل كتابًا لأحد المفكرين وصورة ل"جيفارا"، مشددًا على أن الدستور الجديد من المفترض أنه يدعم الحريات، فضلاً عن إلغاء قانون الطوارئ. وأوضح الزناتى أنه كثيرًا ما واجه العديد من القضايا التى تسجل بها أحراز غير منطقية خاصة مع قضايا أعضاء حركة شباب 6 إبريل، فدائمًا ما تسجل منشورات الحركة وبنراتها والتيشيرتات المرسوم عليها شعار الحركة على رأس قائمة الأحراز، كاشفًا عن أن التهمة دائمًا ما كانت جاهزة وهى قلب نظام الحكم والتحريض ضد مؤسسات الدولة. وأشار الزناتى إلى قضية أخرى شهدت بعض الأحراز لا منطقية وهى قضية شباب حزب مصر القوية والتى تم إلقاء القبض عليهم أثناء توزيعهم ملصقات مكتوبًا عليها "لا.. للدستور" وذلك قبل إجراء الاستفتاء على دستور 2014، واتهامهم بالإضرار بالسلم العام وقلب نظام الحكم والانتماء لجماعة محظورة. وبحسب ما أكده المحامى الشاب بالأحراز أن معظم الأحراز إن لم يكن جميعها لا تشكل جريمة يعاقب عليها القانون، ما لم تكن سلاحًا أو حرزًا يحرض بشكل مباشر على العنف، بل لا يعتد بها من الأساس ولا تشكل سند ضد المتهم. وأضاف الزناتى أن أى قضية دائمًا ما تكون الأدلة على ارتكاب الجريمة هى التحريات والأحراز والتقارير الطبية إن وجدت والشهود، وبما أن دائما ما تكون الأحراز لا تشكل دليلاً على ارتكاب المتهم لجريمة يلجأ رجال الأمن إلى "التحريات المغلوطة" واستخدام "الحبس الاحتياطى" كعقوبة للثوار والشباب. واتهم الزناتى قوات الأمن والنيابة العامة ب"فبركة" القضايا واستخدام مستندات ليس لها أى أساس من الصحة بقصد استهداف الشباب والقوى الثورية والنشطاء لإلقاء القبض عليهم بشكل تعسفى دون تهم منطقية وأحراز غير مخالفة للقانون.
وفى السياق ذاته أوضحت ياسمين حسام الدين، المحامية الحقوقية أن الأحراز ليس لها وصف دقيق بالقانون وإنما يمكن تعريفه بشكل مبسط بأنه هو كل ما يتم ضبطه وقت التلبس بالجريمة وله علاقة وصلة مباشرة بالجريمة ويعد أداة لها، متسائلة: "ما هى الجريمة فى حمل ملصق كتب عليه لا للدستور المطروح على الشعب للاستفتاء والموافقة عليه أو رفضه"، مشددة:"تلك ليست جريمة تتيح القبض على حامله".
وأفادت ياسمين بأن الوضع الأمنى والقانون والإجرائى فى تلك القضايا غريب، مشيرة إلى قضية أخرى وهى قضية 1292 جنح الأزبكية والمتهم فيها خالد السيد وناجى كامل الناشطان السياسيان، موضحة أنه من بين ما تم تسجيله كأحراز بالقضية 2 لاب توب دون الإشارة إلى التهمة المتعلقة بحيازة تلك الأجهزة، فضلاً عن قنبلتين وقدم هؤلاء المعتقلون طلبًا أمام النيابة لمواجهتهم بتلك القنابل اليدوية وفض الحرز المتعلق بها أثناء التحقيق معهم وفقًا لما يؤكده القانون، وهو ما لم يحدث نظرًا لعدم امتلاك قوات الأمن لتلك القنابل وثبت زيف أفراد الشرطة لما كتبته كأحراز بمحضر القضية، مضيفة أن ذلك الأمر أصبح يتكرر فى معظم القضايا، ليصل الأمر إلى تسجيل حيازة أسلحة ثم يأتى تقرير الطب الشرعى ليثبت أن كل الطلقات التى تم استخدامها رصاصات ميرى.
وشددت حسام الدين على أن تلفيق القضايا والأحراز من قبل الأمن ضد النشطاء ازدادت وطأته فى الوقت الحالى عما كان يحدث فى عهد الرئيس السابق محمد مرسى والرئيس الأسبق حسنى مبارك.
وعلى النقيض هناك حالة من التعسف مع النشطاء المعتقلين فوفقًا لما أكدته ياسمين كعضو بهيئة الدفاع عن علاء عبد الفتاح النشاط السياسى، حيث كشفت عما تعرضوا له من تعنت من قبل النيابة العامة حينما طالبوا بإثبات "منديل مختلط بدماء عبد الفتاح " و"أوكرة باب منزله المكسورة" كأحراز تعد دليلاً على اقتحام منزل عبد الفتاح والاعتداء عليه وزوجته بالضرب وإصابته.
واتهمت المحامية الحقوقية النيابة العامة بأنها نيابة حكومية وتعمل وفقًا لإملاءات الداخلية حيث تصف الاتهامات وفقًا لما كتبه الضباط بالمحضر وليس وفقًا لما رأته بالقضية وعقيدتها المستقلة.