علياء حامد وندى الخولى وياسمين سليم «لا.. على خلفية صفراء وكتابة بالأسود» كلمة رسمت دلالة «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين» فى أذهان المصريين، وشعار كسر تحذير «ممنوع الاقتراب والتصوير» بحفره على جدران المناطق العسكرية التابعة للقوات المسلحة، ومطلب ردده المتظاهرون والثوار فى كل ربوع مصر بعد أيام قليلة من رحيل المخلوع فى 11 فبراير 2011، ولا يزالون يرددونه حتى يومنا هذا.. بعدما انقضى عام ونصف العام على قيام ثورة 25 يناير، وقد استنزفت المحاكمات العسكرية الثوار والمتظاهرين، وأخفت معالم هتاف كان يُردد فى الأيام الأولى للثورة، كان يقول «الجيش والشعب إيد واحدة»..
مرحلة أولى من الثورة قد انقضت، بتمام الانتخابات الرئاسية ووصول مرشح الإخوان، محمد مرسى للحكم، ودخلت «مصر الجديدة» فى مرحلة ثانية لا تزال غير واضحة المعالم والأبعاد.. ولكن لا شك أن شعار «لا للمحاكمات العسكرية» مستمر ما بين مراحل الثورة مهما طالت وتتابعت، حتى الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين على خلفية جميع أحداث الثورة، ووقف وإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين. التقديرات تشير إلى أن أعداد المحاكمين عسكريا منذ قيام الثورة وحتى أحداث العباسية، تتراوح ما بين 5 آلاف، بحسب جبهة الدفاع عن متظاهرى مصر، إلى 12 ألفا بحسب مجموعة لا للمحاكمات العسكرية.. وسواء كان العدد 5 أو 12.. فالواقع يقول إن المحاكمات العسكرية تمثل التحدى الأول أمام الرئيس مرسى، الذى تمت مواجهته بالأمر، فرد «قيل لى إن بعضهم بلطجية»، وانطلقت المظاهرة الأولى فى اتجاه القصر الرئاسى، تطالبه «بإصدار قرار بالإفراج الفورى عن جميع المعتقلين والمسجونين فى أحداث الثورة منذ يومها الأول وحتى هذه اللحظة»، بحسب الخطاب الذى تقدمت به المسيرة للرئيس.
وحتى اللحظة توقف السجال عند أمر رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة من القضاء العسكرى والنائب العام ووزارة الداخلية، للنظر فى قضايا المعتقلين والمحبوسين، وسرعة الإفراج عمن لم يثبت أنه ارتكب أية جريمة جنائية.
خريطة المحاكمات العسكرية من «9 مارس» ل«العباسية»
9 مارس، 28 يونيو، مسرح البالون، وزارة الداخلية، وزارة الدفاع، محمد محمود، مجلس الوزراء، السفارة الإسرائيلية، العباسية.. أحداث تحمل العديد من الذكريات المؤلمة للشارع المصرى، ووقائع سلمت لبعضها البعض شعار «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين»، بعدما أعاد المجلس العسكرى وقوات الشرطة العسكرية إنتاج نفس النظام القمعى والقهرى لوزارة الداخلية ومنحت نفسها حق التعذيب والسحل والترهيب.
كل هذه الأحداث السالف ذكرها، كانت ولا تزال نماذج صارخة على محاكمة «العسكر» للمدنيين، رغم المطالبات والمحاولات البائسة بوقف هذه المحاكمات، وتحويل المدنيين للمحاكم الطبيعية للتقاضى أمام قاضيهم المدنى.
المحامى الحقوقى، وعضو جبهة الدفاع عن متظاهرى مصر، محمد عبدالعزيز، فند الأحداث والمواقع التى تم على إثرها محاكمات عسكرية لمجموعات من المدنيين بعد عمليات القبض العشوائى عليهم، قائلا: «بدأت الشرارة الأولى فى أحداث 9 مارس، عندما تم القبض العشوائى على مجموعة من المتظاهرين، وفض اعتصامهم بالقوة من قبل قوات الشرطة العسكرية، ثم محاكمة بعضهم عسكريا»، مضيفا «ثم تتالت المحاكمات العسكرية للمدنيين فى العديد من الأحداث نهاية بأحداث العباسية الأخيرة، والتى شهدت إلقاء القبض على أكثر من 300 مدنى ومحاكمتهم عسكريا».
الاتهامات التى يستخدمها العسكر فى إلقاء القبض على المدنيين لا تختلف كثيرا، من وجهة نظر عبدالعزيز، عن نفس اتهامات وزارة الداخلية فى قمعها لأى شكل احتجاجى ما قبل الثورة، فالاتهامات تصب فى الغالب فى «التجمهر، وتعطيل حركة المرور والمواصلات، والاعتداء على موظف عام أثناء تأدية عمله، والبلطجة»، وأضيف لها «الاعتداء على عسكرى أو تخريب منشأة عسكرية».
ولكن الفرق بين أسلوبى وزارة الداخلية والشرطة العسكرية فى التعامل مع المتهمين بهذه التهم «المطاطة»، على حد تعبير عبدالعزيز، يكمن فى «أن الشرطة العسكرية أصعب وأشد ظلما للمتهمين، حيث إن المحاكمات تتم فى الغالب فى نفس يوم إلقاء القبض على المتهم، فضلا عن الإحالات السريعة للمحاكمات العسكرية دون المرور على إجراءات التحقيق فى الأقسام والنيابة وخلافه»، ليس هذا وحسب، بل أضاف عبدالعزيز «الأكثر صعوبة أيضا والتى نواجهها كمحامين يتمثل فى عدم القدرة على التواصل مع المتهم، وصعوبة ظروف التراحيل والسجون».
المحامى الحقوقى أكد أن المتهمين والمحالين للقضاء العسكرى تم تعذيبهم وسحلهم وصعقهم بالكهرباء، ولم يتم التحقيق فى أى من هذه الوقائع إطلاقا، ولم يتم اتهام أى ضابط عسكرى بتهمة جنائية رغم بشاعة التعذيب الذى ترك أثارا بالغة على أجساد العديد من المحاكمين عسكريا، مستثنى من ذلك «محاكمة قناص العيون فى أحداث محمد محمود».
«للأسف القضاء لا يتعامل مع هؤلاء الضحايا الذين وقع عليهم ومورس ضدهم التعذيب باعتبارهم مجنى عليهم، لكنهم ليسوا أكثر من متهمين وجناه»، قالها عبدالعزيز متأسفا على حال المئات من المحاكمين عسكريا، مشيرا إلى أن معظم هذه القضايا هى فى الأصل «قضايا سياسية» هدفها التنكيل بهم من خلال «المحاكمات السريعة والحبس الاحتياطى على فترات طويلة وسرعة إصدار ووقف تنفيذ الأحكام بعد صدورها، ليشمل ملف الصحيفة الجنائية للمتظاهرين المدنين على تهم».
وفى هذا الصدد أكد عبدالعزيز أن حوالى 50% من المحاكمين عسكريا، صدرت ضدهم تهم مع إيقاف التنفيذ، وال50% المتبقين، تتراوح أحكامهم ما بين السجن لفترات ما بين أشهر وسنين، و10% فقط من إجمالى المتهمين حصلا على البراءة. يعيد عبدالعزيز دفة الحديث إلى مطلب «وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين» قائلا: «هذا المطلب لم يتحقق حتى الآن رغم كل هذه الأحداث المؤسفة بسبب المادة 48 من قانون القضاء العسكرى، الخاصة بالمحاكمات العسكرية للمدنيين إذا ما كان أحد طرفى النزاع الشرطة العسكرى».
العدد التقريبى للمحاكمين عسكريا بحسب عبدالعزيز، يقدر ب5 آلاف مدنى، مقسمين كالآتى: «1- متهمون تم احتجازهم فقط من قبل عناصر من وزارة الداخلية أو الجيش وبعدها تم إخلاء سبيلهم، 2- مواطنون احتجزهم بلطجية تابعون للداخلية والشرطة العسكرية، كما فى أحداث محمد محمود ومنهم منى الطحاوى وماجد البطل، 3- متهمون تم التحقيق معهم فى أقسام الشرطة ثم ترحيلهم للنيابة، 4- متهمون قامت قوات الأمن المركزى باحتجازهم».
وكانت عمليات القبض العشوائى تتم من قبل قوات الشرطة العسكرية بأعداد كبيرة، بحسب عبدالعزيز، الذى ضرب المثل فى أحداث السفارة الإسرائيلية، وأحداث محمد محمود، تم إحالتهم للمحاكم الجنائية وأمن الدولة، وأحداث مجلس الوزراء، ووزارة الداخلية وشارع الشيخ ريحان، وأحداث العباسية من ضمنهم من 60 إلى 80 مدنيا مازالوا محبوسين على ذمة المحاكمات العسكرية».
أما عن تحليله لإصرار المجلس العسكرى على عدم الانصياع لمطلب الثورة «وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين وإلغائها»، قال عبدالعزيز «المجلس أراد بهذه المحاكمات أن يتمتع بصلاحيات محاكمة أى حد يعتدى عليه، وهو وضع غير منصف لأن القاضى العسكرى ينتمى لوزارة الدفاع، وبالتالى يكون خصما وحكما فى نفس الوقت».
واتهم عبدالعزيز المجلس العسكرى والقوى السياسية بالتواطؤ مع المجلس العسكرى فى عدم مواجهة الأحكام العسكرية، التى لم يضعوها على أجندتهم كما وضعوا الانتخابات على رأسها.
اتهامات عبدالعزيز طالت أيضا جماعة الإخوان المسلمين الذين قال عنهم «تم تلفيق العديد من القضايا للثوار غير المنتمين للإخوان فى ظل حالة التوتر والصراع بين المجلس العسكرى والجماعة طوال عام ونصف من قيام الثورة، ولم يحاول الإخوان مرة واحدة أن يتصدوا لهذه المحاكمات، فرغم ترديدهم طوال الوقت عبارة: إحنا بتوع الثورة، بل على الرغم من ذلك فقد حاولوا تشويه صورة العديد من الثوار بوصفهم بلطجية، وهم يسيرون على نفس خطى المجلس».
عمرو البحيرى ضحية ليلة «رصيدنا لديكم يسمح»
عمرو البحيرى (32 عاما).. هو المفجر الأول لقضية المحاكمات العسكرية فى مصر، بعد إلقاء القبض عليه يوم 25 فبراير 2011، فى توقيت اعتصام عدد من النشطاء والمواطنين أمام مجلس الوزراء للمطالبة بإقالة رئيس مجلس الوزراء، فى هذا الوقت، أحمد شفيق.
عمرو تمت إحالته للقضاء العسكرى بعد قيام قوات الشرطة العسكرية بفض الاعتصام بالقوة المفرطة، باستخدام الهراوات والعصى الكهربائية، ثم خرج علينا المجلس العسكرى فى اليوم التالى لفض الاعتصام ليبدى أسفه عن أحداث تلك الليلة عبر رسالته الشهيرة: «رصيدنا لديكم يسمح»، ويعلن القبض على مجموعة من البلطجية ومن بينهم عمرو البحيرى.
ولم تمض واقعة القبض على البحيرى مرور الكرام، على النشطاء السياسيين وزملاء عمرو فى الاعتصام الذين شهدوا على وقائع الاعتداء عليه وضربه بصورة وحشية، خاصة بعد عرضه على المحاكمة العسكرية وإصدار حكم بالسجن 5 سنوات مع الشغل والنفاذ فى القضية رقم 155 لسنة 2011 جنايات عسكرية شرق، دون إبلاغ أسرته أو السماح له بتوكيل محام، وهو ما اعتبروه «انتهاكا واضحا وصريحا لأبسط حقوقه كمواطن مصرى». البحيرى واجه تهمة حيازة السلاح فى بدء القضية، ثم تحول الاتهام إلى الاعتداء على مكلف بخدمة عامة، وأدانت منظمة العفو الدولية المحاكمة العسكرية التى خضع لها عمرو البحيرى وناشدت السلطات المصرية إطلاق سراحه لكونه كان يمارس حقه فى التظاهر السلمى معبرا عن رأيه ولم يرتكب ما يستدعى محاكمته.
عمرو الذى لم يكمل مدة عقوبته، خرج منذ عدة أشهر من السجن العسكرى، فى حالة نفسية سيئة لم يتمكن من الخروج منها حتى الآن، وحاولت «الشروق» التواصل معه لتمنحه الحق فى سرد ما تعرض له منذ القبض عليه وحتى خروجه، إلا أن جميع المحامين والنشطاء المتواصلين معه، أكدوا انهياره نفسيا.
إسلام حربى نزيل «عنبر الطفولة» فى السجن الحربى
والدة اسلام حربى
16 عاما هو عمر الطفل إسلام حربى، الذى قضى آخر سنة فى سجن شديد الحراسة للبالغين بعد محاكمته أمام محكمة عسكرية فى مارس 2011، بعد القبض عليه فى الشارع بالمقطم، حيث يعمل فى أحد أفران الخبز؛ لينفق على أسرته، على حد قول والدته.
تقول شقيقة إسلام، عبير حربى، «أثناء خروجه من عمله وجد خناقة فى أول الشارع، وقف يشاهدها، وجاء الجيش فتشه وضربه وأخذه، واختفى 15 يوم وبعدها اتصل بى قال لى إنه محبوس فى سجن طرة»، مشيرة إلى أنها فى أول زيارة له مع والدتهما فوجئت به وتبدو على وجهه آثار التعذيب والضرب، «كان مصاب بكدمات فى عينه وآثار ضرب... شكله وكأنه ميت». وجه ضباط الجيش الاتهام إلى حربى بالسرقة وحيازة سلاح أبيض، وأخذوه إلى السجن الحربى س 28 فى القاهرة، على حد قول أمه. حيث حُكم عليه فى اليوم نفسه، إلا أنهم لم يعرفوا الحكم تحديدا إلا عندما تمكنوا من زيارته فى أواخر أبريل.
تقول والدة حربى إنها طلبت من مكتب القضاء العسكرى فى صلاح سالم نسخة من الحُكم الصادر ضد ابنها وأية وثائق أخرى متعلقة بقضيته، لكن لم تحصل على هذه الوثائق بعد، ولم تعرف الحُكم الصادر عليه إلا بعدما قرأت اسمه فى قائمة الزيارات التى يضعها حراس السجن، وإلى جوار اسمه مكتوب «سجن 7 سنوات».
يتواجد إسلام حربى حاليا فى زنزانة فى سجن طره غرب مع سجناء بالغين، رغم أنه لا يتجاوز 16 عاما، رغم أن المادة 112 من قانون الطفل المصر تنص على أنه «لا يجوز احتجاز الأطفال أو حبسهم أو سجنهم مع غيرهم من البالغين فى مكان واحد، ويراعى فى تنفيذ الاحتجاز تصنيف الأطفال بحسب السن والجنس ونوع الجريمة.
شاهد تحول إلى متهم
كان مهند سمير (19 عاما) يظن عند استجابته لطلب التوجه لمديرية أمن القاهرة للتعرف على صورة من أصابه فى أحداث مجلس الوزراء، أنه يساعد فى الوصول «للطرف الثالث» الذى طالما تحدث عنه الكثيرون باعتباره المسئول عن إصابة ومقتل العشرات من المتظاهرين فى الكثير من الأحداث، إلا أنه فوجئ بنفسه متهما رغم أنه أحد ضحايا أحداث مجلس الوزراء.
تروى هبة عبدالقادر والدة مهند، بداية الأحداث عندما أصيب ابنها فى آخر أيام اعتصام مجلس الوزراء، يوم 20 ديسمبر، تلقى مهند، الذى اعتاد على نزول جميع الأحداث السياسية فى الشارع منذ 25 يناير 2011، اتصالا هاتفيا من أصدقائه يطلبون منه النزول لدعمهم بعد بدء هجوم عليهم فى الميدان، ليتوجه للميدان حيث تلقى طلقا ناريا فى ساقه تسبب فى قطع شريان.
تقول الأم «نزل على النت أنه مات، نزلت أجرى وعرفت إنه فى مستشفى الهلال، حيث أجريت له عملية جراحية فى ساقه، وبعد ما فاق حكى لى إن قوات الأمن المركزى طاردتهم حتى الصينية، وهناك دخل عليهم الجيش وضرب عليهم نار، دخلت طلقة فى ساقه وأصيب صديقه، رامى شرقاوى، الذى كان واقفا بجواره ولم يكن يعرف أن الطلقة أصابت صديقه فى صدره ومات على أثرها».
وتتابع والدة مهند أنه فى اليوم الحادى عشر جاءه فى المستشفى ضابط يدعى كريم عز الدين، سأله عما حدث، وعند سؤاله تتهم من، كان رد مهند «اتهم الجيش»، مؤكدا للضابط أنه يستطيع التعرف على من أطلق عليه النار لأن عينيهما تلاقت ولم تكن تفصلهما إلا أمتار قليلة.
وتضيف الأم أنهم حرروا محضرا بالواقعة فى نقطة الشرطة الموجودة بالمستشفى، حيث اتهم مهند المشير نفسه بأنه هو من أرسل القوات لضرب النار عليهم، مشيرة إلى أن الضابط عز الدين كان يقوم بزيارة نجلها بشكل شبه يومى ويطلب منه التوجه لقسم الأزبكية لعرض صور بعض المشتبه بهم عليه للتعرف عليهم.
«بعد حوالى شهر خرج من المستشفى وبعد 3أيام رحنا المستشفى للتغيير على الجرح وقلت له تعالى نروح القسم يمكن نقدر نساعدهم»، تروى السيدة هبة عبدالقادر، مشيرة إلى أنهم التقوا هناك مفتش المباحث أحمد الأعصر، وكانت مقابلتة جيدة.. سأل الضابط مهند: لماذا ينزل التحرير، ومنذ متى، وما إذا كان شارك فى أحداث محمد محمود والسفارة الإسرائيلية، وما اذا كان يعرف الدكتور أحمد معتز، وطارق زيدان وأجاب مهند بالإيجاب، لافتة إلى أن كل هذا كان «بدون ورقة أو قلم»، وهو ما برره الأعصر بأنه أمر تلقائى قام به بحكم وظيفته.
ورغم أن الزيارة لقسم الأزبكية كانت لمشاهدة صور المشتبه بهم، إلا أن هذا لم يحدث، حسبما توضح الأم، لأن جهاز الكمبيوتر الخاص بالأعصر كان لا يعمل، وتضيف: «مشينا على أساس إن فى يوم تانى بعد التغيير على الجرح نمر عليهم»، مضيفة أنه فى يوم 9 يناير الماضى، وبعد ذهابها مع نجلها لإنهاء إجراءات الإجازة المدرسية والتأمين الصحى، نصحته بالذهاب للقسم للتعرف على الصور، فقرر الذهاب مع صديقه المحامى، جون عدلى، الذى كان معه فى الأحداث.
«جون فات عليه الساعة 6 وراحوا القسم، وحوالى الساعة 9 اتصلوا بيا إنهم هايروحوا مديرية أمن القاهرة لأن جهاز الكمبيوتر كان معطل هذه المرة أيضا، وجون قال إحنا مجنى عليهم حتى أطمئن»، مشيرة إلى أنها تلقت الساعة 11 اتصالا هاتفيا من جون يخبرها أنهم التقوا فى المديرية بضابط يدعى أحمد مجدى، ثم أخذوا مهند فى غرفة أخرى، «ورجعوا يقولو له يلا يا بابا روح، ولما سأل على مهند قالوا له روح اللى بيدخل عندنا مش بيخرج تانى».
وتروى الأم، التى ترعى أبناءها الثلاثة بعد وفاة زوجها، «رحت على المديرية، وطلع ضابط اسمه أحمد بكرى زعق لى، ورفض إدخال الأدوية لمهند، وقال لى يموت فى 60 داهية ويلا اطلعى بره، رحت عملت تلغراف لوزير الداخلية والنائب العام إن ابنى كان رايح شاهد أخذوه».
بعد حوالى 4 أيام تلقت مكالمة هاتفية من مهند يخبرها أنه موجود فى سجن تحت الأرض فى التجمع الخامس، وبالفعل توجهت إلى هناك مع المحامى عدلى تأكدت أنه سيعرض على النيابة المسائية، إلا أنهم أخبروها أنه سيعرض على النيابة فى اليوم التالى، «مشيت الساعة 9:30 بعدما طفوا الأنوار أتاريهم عرضوه فى نفس اليوم من غير محامى، وقرروا حبسه 30 يوم على ذمة التحقيق فى القضية»، بحسب الأم.
بعدها عرفت الأم أن ابنها تعرض للتعذيب فى مديرية أمن القاهرة، كما روى لها، حيث خلعوا عنه ملابسه، وربطوا يديه من الخلف، وقاما بصعقه كهربائيا، وهم يسألونه من كانوا يعطوكم أموالا ولماذا كانوا ينزلون التحرير، ولأى الجماعات ينتمون ومن ينظمهم، وهو ما أنكره بالكامل، ثم أرغموه على التوقيع على اقوال لا يعرف ما هى، كما أنهم منعوا عنه الطعام والشراب لمدة ثلاثة أيام، وكذلك الأدوية مما تسبب فى إصابته بجلطة فى ساقه.
وتضيف السيدة هبة أن قاضى التحقيقات الذى استجوب ابنها فيما بعد لم يسأله سوى سؤالين «أنت حضرت حريق المجمع العلمى؟ فأجاب بلا، وهل تعرف أحمد معتز وطارق زيدان؟ فأجاب بنعم»، ثم طلب منه التوقيع على أقواله فرفض أن يوقع على ما لا يعرفه فهدده بإعادته لمديرية الأمن.
مهند، المحبوس منذ أكثر من ستة أشهر وموجود حاليا فى ملحق مستشفى سجن طره تحقيقات، فصل «بأوامر من فوق»، كما تنقل الأم عن ناظر مدرسته، الذى تم استدعاؤه بدوره وتم التحقيق معه لنحو خمس ساعات عن سلوك مهند فى المدرسة فى محاولة إثبات أنه طالب مشاغب، مما جعل الأم تعانى الأمرين حتى يتمكن من أداء امتحانات الثانوية العامة بنظام المنازل، بينما ينتظر المثول أمام المحكمة يوم 29 الحالى بتهمة اتلاف ممتلكات، والتعدى على السلطات، وإحراز قنابل مسيلة للدموع، وتعطيل المواصلات وحرق سيارة أمن مركزى وسيارة شرطة.
آخر المفرج عنهم فى «العباسية» حكايات من خلف أسوار سجن28
يستكمل طريقه الثورى رغم ما تحمله من أعباء نفسية وجسدية منذ اليوم الأول للثورة التى تركت آثارها على جميع أنحاء جسده، قد يكون سعيدا بإصابته فى عينه اليمنى يوم 25 يناير 2011، ولكن المؤكد أنه فخور أيضا بجميع إصاباته التى تلقاها على مدار عام ونصف العام، وفى طريق صموده أمام للثورة المضادة.. خاصة هناك فى السجن عندما كان يرفع شعار «لا للمحاكمات العسكرية».
إنه الشاب الثلاثينى محمود أمين، آخر المفرج عنهم من المدنيين المُحاكمين عسكريا على خلفية أحداث العباسية 4 مايو الماضى، والذى روى ل«الشروق» تفاصيل إلقاء القبض عليهم على يد الشرطة العسكرية، وما يحدث هناك خلف أسوار «س 28»، وسجن طره تحقيق.
«الكلمة كانت تسبق الحدث»، عبارة لخص بها أمين ما كان يدور فى أحداث العباسية، مفسرا «فى عز الضرب والاشتباكات والإبادة الجماعية التى أشرفت عليها ونفذتها بعناية قوات الشرطة العسكرية، كنا نسمع البلطجية بيقولوا: اهربوا من هنا بسرعة لأن الجيش هيضرب نار، فنلاقى ضرب النار بدأ فعلا بعد دقائق معدودة.. وهكذا».
التعاون بين البلطجية وقوات الشرطة العسكرية تجلى لأمين عندما استوقفه بلطجى قائلا: «هات مفتاح العربية والموبايل وكل اللى معاك»، فلم يحاول أمين الجدال معه، ولكنه استخرج كارت الذاكرة من هاتفه قبل أن يسمع منه عباره «إنت طلعته ليه.. صورت عليه الأحداث إلى بتحصل هنا»، فى هذه اللحظة بدأ الشك يتلاعب بأمين، لأنه من غير المنطقى أن يسأل بلطجى مثل هذا السؤال.
ثم تحول الشك إلى يقين، عندما حاول أمين الفرار من البلطجية الذين أشبعوه ضربا مبرحا بالسنج والمطاوى والجنازير، واستنجد بضابط الصاعقة الذى وجده أمامه وقال له «أنا جايلك أسلم نفسى»، فأعاد الضابط دفعه ناحية البلطجية قائلا «خدوه»، ثم حمله البلطجية إلى أتوبيس تابع للقوات المسلحة، وكان معه فيه 4 بنات، «ثم بدأت حفلة ضرب وشتيمة بكل الأشكال داخل الأتوبيس».
الأتوبيس حمل أمين والعشرات من المعتقلين إلى الإدارة المركزية للشرطة العسكرية، وهناك استقبلوهم ب«تشريفة من نوع خاص» على حد تعبير أمين، ب«الضرب وطفى السجاير كما فى أفلام نادية الجندى، وأخيرا ربطوا يديه من الخلف باستخدام حزام البنطلون».
ثم تم ترحيلهم مرة أخرى من الإدارة المركزية إلى س 28، وهناك كانت القيود المكبلة لأيديهم يتم فكها بالنار «بالولاعة كان العسكرى بيسيح الكيس البلاستك أو يحرق الحزام»، مما أدى إلى إصابة الجميع بحروق تتراوح درجات خطورتها ما بين البسيط وحروق الدرجة الثالثة كما حدث مع محمد ربيع، أحد المعتقلين.
«جابولنا دكتور واحد ومعاه إبرة خياطة واحدة، معظمنا رفض الخياطة، لأننا مش عاوزين نجدد الآلام مرة تانية بإبرة خياطة ملوثة تمر على الجميع»، سبقت هذه الخطوة عرض المعتقلين للتحقيقات فجر يوم السبت الموافق 5 مايو، ووجهت النيابة العسكرية لأمين تهم «رشق الحجارة، والتخريب، والبلطجة، والتواجد فى أماكن محظورة، و...، مش فاكرهم الحقيقة بس هما كانوا 7 تهم»، هذا ما تذكره أمين من تهم.
ثم تم تقسيم المجموعة التى تم إلقاء القبض عليها يوم الجمعة إلى مجموعات أصغر وحملتهم عربيات الترحيلات إلى سجون مصر المختلفة، وكان أمين ضمن مجموعة ذهبت لسجن طرة تحقيق، فى الثانية عشرة من منتصف ليلة الأحد 6 مايو، وهناك «استلمتنا لجنة من السجن، وحلقولنا شعرنا وسجلوا إصاباتنا ولبسونا لبس السجن ووزعونا على العنابر».
رحلة التراحيل التى انتهت إلى سجن طرة، لم تكن الأخيرة، فأمين قضى فى السجن 42 يوما من المعاملة «غير الآدمية» على حد تعبيره، «45 واحد فى زنزانة واحدة، المصابين كانوا بيناموا قاعدين، واللى إصاباتهم خفيفة بيناموا وهما واقفين»، وفى اليوم الثانى قامت إدارة السجن بفصل 15 من المحبوسين فى زنزانة أخرى ومن بينهم أمين، بعدما اعترضوا على التكدس الشديد.
وفى جلسة الاستئناف الأولى، اتفق جميع المقبوض عليهم فى أحداث العباسية فى سجنى طرة تحقيق والمزرعة على الدعوة للإضراب عن الطعام، إذا لم يتم الإفراج عنهم فى جلسة 19 مايو، وبالفعل دخل أمين و12 غيره فى إضراب عن الطعام يوم 20، فقامت إدارة السجن بفصل ال13 مضرب فى زنزانة منفصلة «علشان توزن الأكل الذى يدخل وتتابع حالتنا الصحية.. وواجهنا محاولات عديدة لفض الإضراب من رئيس المباحث ومأمور السجن بدعوى: المجلس العسكرى ما بيتلويش دراعه»، وتوجه فريق من النيابة العسكرية للسجن لتحرير محضر بالإضراب يوم 23 مايو.
الإضراب عن الطعام الذى كان يهدف للإفراج الفورى عن كل المحاكمين عسكريا، انتهى به الحال ب3 مضربين وهم أمين ومهندس محمد عمرو (53 عاما) وأحمد عاطف طه، ومرة أخرى تم نقل الثلاثة إلى زنزانة منفصلة، و«اتمنعنا من التريض وفضلنا قاعدين فى الزنزانة 24 ساعة».
«يوم 27 مايو خرج أحمد عاطف، وفى يوم 3 يونيو خرج المهندس عمرو، وفضلت لوحدى مضرب عن الطعام ومحبوس لوحدى فى الزنزانة من يوم 6 ل18 يونيو، ورفضت إنى أعلق محاليل.. ولكن فى هذه الفترة كانت حالتى النفسية زى الزفت، وبدأت انهار وأصرخ فى الزنزانة كل يوم، وأقول: يا رب اللى إحنا فيه ده ظلم»، لم تتمكن الكتب من تهدئة أمين بل زادت من حدة غضبه وسوء حالته النفسية، لأنه بدأ يشعر بألم شديد فى عينه كلما حاول القراءة.
أمين كان محجوزا فى مستشفى معهد ناصر لإجراء عملية فى عينه اليمنى قبل أحداث العباسية، وبالفعل أجرى عملية تمهيدية يوم 2 مايو، وكان من المقرر أن يجرى الأخرى يوم 6 مايو، ولكنه كان قد استأذن إدارة المستشفى أن يخرج ليشارك فى أحداث العباسية ويعود فى نفس اليوم.. ولكنه خرج ولم يعد.
يعاود أمين حديثه عن ذكرياته فى سجن طرة تحقيق «فى يوم 9 يونيو، كانت الزيارة الأولى من والدىّ وخطيبتى، واشتدت المحايلات لإجبارى على فض الإضراب، خاصة بعد تدهور حالتى الصحية»، وبالفعل «غصب عنى فكيت الإضراب علشان خاطر أبويا وأمى إلى كان هيجرالهم حاجة من القلق علىّ». تم التجديد لأمين فى جلسة 16 يونيو، بعد الاشتباه فى اتهامه بالقيام ب11 جريمة يعود تاريخ أولها إلى عام 1985، أى عندما كان يبلغ من العمر 5 سنوات.
حينها فقط اكتشفت النيابة العسكرية تشابه الأسماء بين أمين ومتهم آخر بال11 جريمة، وأصدرت قرار بإخلاء سبيله يوم 18 يونيو على ذمة قضية 123/2012 جنايات عسكرية.
خرج أمين من السجن صباح يوم 19 يونيو، عازما على استكمال الثورة وعدم الكف عن ترديد «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين»، خاصة أنه خرج حاملا عشرات الرسائل من مساجين طرة، تطالب بحياة آدمية.
الحل فى يد رئيس الجمهورية «لو أراد»
«المشكلة الأساسية أن المحكمة العسكرية وفقا لقانون القضاء العسكرى هى من تحدد اختصاصاتها وبالتالى رغم أن ما حدث تم بشكل غير قانونى، إلا أنها من تحدد أن هذا من سلطتها»، هكذا حدد المدير التنفيذى لمركز هشام مبارك للقانون، المحامى الحقوقى أحمد راغب، أزمة المحاكمات العسكرية للمدنيين.
وأضاف راغب «قانون القضاء العسكرى نفسه يتيح محاكمة المدنيين بشكل واسع وبالتالى ممكن لو حد انتقد المؤسسة العسكرية أو الجيش أو المجلس العسكرى فى الشارع أو الصحف يخضع لمحاكمات عسكرية، وهذا ما كان يحدث قبل الثورة، بالتالى القانون نفسه مشكلة ويتم استخدامه بشكل سيئ».
ويعترف راغب بأنه «أمر بالغ الصعوبة»، على حد وصفه، «بعد أن أخذ مجلس العسكرى فى يده سلطة التشريع، فلن نستطيع تغيير قانون القضاء العسكرى»، متوقعا أن تشهد الفترة القادمة قيام المجلس العسكرى بوضع قوانين وتعديلات على القوانين تمنحه أكبر قدرة من السيطرة والتأثير والفعالية، «بعد ما وضع منشور 45 لسنة 2011 ، والمادة 8 من قانون القضاء العسكرى، والذى يعطى حماية للعسكريين حتى لو خرجوا من الخدمة، وهى المادة التى استفاد منها شفيق وعمر سليمان، وأتوقع مواد كثيرة من هذا النوع فى الفترة».
إلا أن المحامى الحقوقى أشار إلى أنه من جهة أخرى «فبالرجوع للقوانين العادية أو القضاء العسكرى أخرى فإن الرئيس الجديد محمد مرسى لديه الآن من الصلاحيات أن يصدر عفوا عن المحكوم عليهم أو يصدر قرار بإلغاء الأحكام، باعتباره رئيس جمهورية منتخبا، وهذا ما نطالب به فى مجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين».
ولم يستبعد راغب أن يتحجج المجلس العسكرى بأنه المسيطر على كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة، لرفض العفو، «لكنه بهذا يضع نفسه فى تناقض»، على حد قوله، موضحا أنه رغم أن الإعلان الدستورى المكمل يجعل المجلس العسكرى صاحب الكلمة الأولى والعليا فى كل ما يتعلق بالقوات المسلحة، «لكن لو طرحوا هذه الحجة سيقعون فى تناقض لأنهم كانوا يقولون من قبل أنه قضاء مستقل ومثله مثل القضاء العادى، بالتالى صلاحيات رئيس الجمهورية فى القضاء العادى أنه يمكن أن يستخدم فى الإعفاء عن بعض الجرائم، وقد استخدمها مبارك من قبل».
وعن تعليق مرسى بأنه «قيل لى إن المسجونين بلطجية»، رد راغب «هذه نفس المعايير التى يقولها المجلس العسكرى، مرسى نفسه لما اتقبض عليه فى يناير 2011 كان توصيفه القانونى أنه خارج عن القانون، المعيار الأساسى لإثبات أنهم بلطجية أن يكون هناك محاكمة عادلة».
وطالب راغب الرئيس الجديد بإظهار إرادته وإصراره على إنهاء الملف بشكل كامل، «وبعدين نتكلم عن آليات، إلغاء أحكام أو إعادة محاكمة لكن كل هذا رهينة بوجود إرادة سياسية عند مرسى لإنهاء الملف بشكل كامل»، على حد قوله.
وأضاف راغب «نرى أن مرسى عليه الاعتذار لضحايا المحاكمات العسكرية باعتبار أنه يمثل الدولة المصرية ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وعليه اتخاذ اجراءات واضحة للملاحقة القضائية لأفراد وضباط القوات المسلحة الذين ارتكبوا جرائم ضد هؤلاء المدنيين.. لابد من تعزيز وتكريم ضحايا المحاكمات العسكرية باعتبارهم ضحايا النظام البائد، وأن يتعهد بعدم استخدام صلاحياته فى إصدار قوانين أو الموافقة على قوانين تتضمن انتهاكات للمدنيين بتعريضهم للمحاكمات العسكرية»
فتيات أمام المحاكم العسكرية.. «وا مرساااااااااه»
مشادة صغيرة مع ضابط شرطة أمام مسجد مصطفى محمود، قادت مى، إلى حكم عسكرى لمدة 3 أشهر.
مى التى فوجئت بتحرير محضر ضدها من الضباط، تم تحويله إلى النيابة العسكرية ومنها إلى محكمة عسكرية، تعيش الآن هاربة خوفا من تنفيذ الحكم عليها ودخولها السجن العسكرى.
مى كما تقول، عنها المحامية فى مجموعة لا للمحاكمات العسكرية، راجية عمران، «ليست الفتاة الوحيدة التى تعرضت للمحاكمات العسكرية منذ ثورة 25 يناير»، وتضيف «قضية مى كانت فى الأيام الأولى للثورة، ولم نعلم بها إلى متأخر».
وتضيف « قصة المحاكمات العسكرية، التى بدأت تظهر ملامحها فى فض اعتصام 9 مارس، لم تستثنى الفتيات، اللاتى كان لهن نصيب من هذه المحاكمات».
تقول راجية « بداية المحاكمات العسكرية للفتيات، كانت فى فض اعتصام 9 مارس، حيث ألقى القبض على 17 بنت، تعرض 8 منهم لكشوف عذرية وهى القضية التى فجرتها سميرة إبراهيم احدى الفتيات اللاتى ألقى القبض عليهم».
تروى راجية تفاضيل الواقعة: «الفتيات فوجئوا بحصلوهن على حكم عسكرى خلال أيام قليلة مع إيقاف التنفيذ، طعنت عليه بعض المنظمات الحقوقية».
«حالة سميرة ومن معها لم تكن الأخيرة التى يتعرض فيها فتيات للمحاكمات العسكرية»، كما تقول راجية «لدينا حالات عديدة نلتقى بأهاليهن خلال مؤتمرات لا للمحاكمات العسكرية ونحاول أن نوثق هذه الأحداث».
أبرز القضايا التى تعرضت فيها فتيات للمحاكمات العسكرية، كانت أحداث العباسية الأخيرة فى مايو الماضى، فبحسب راجية «تم إلقاء القبض على 16 فتاة، حول 9 منهن إلى محكمة عسكرية وهن الآن فى انتظار مصيرهن حيث بدأت أولى جلساتهن أمس، الثلاثاء».
مى، الآن فى انتظار قرار العفو من الرئيس الجديد، محمد مرسى، حتى تنهى معاناة أشهر من القلق والخوف، تشعر بها منذ الحكم عليها.
علاء عبدالفتاح «لا للمحاكمات العسكرية».. وجهان لعملة واحدة
علاء أحمد سيف الإسلام عبدالفتاح حمد، الشهير بعلاء عبدالفتاح، أحد أشهر الأسماء التى ارتبطت بقضية المحاكمات العسكرية للمدنيين، لأنه أصر على عدم المثول أمام قاضى عسكرى، بعد القبض عليهم فى 30 أكتوبر من العام الماضى على خلفية اتهامه بحيازة سلاح، والتحريض والتعدى على أفراد من القوات المسلحة والتجمهر وتكدير الأمن العام فى أحداث ماسبيرو.
علاء الذى لم يتمكن من حضور ولادة ابنه الأول خالد، الذى اختار له هذا الاسم، تيمنا بشهيد الطوارئ، خالد سعيد، مدون ومبرمج وناشط حقوقى، من أسرة حقوقية خالصة، فوالده هو المحامى والحقوقى المصرى والمدير التنفيذى لمركز هشام مبارك للقانون سابقا، أحمد سيف الإسلام، ووالدته هى أستاذة الرياضيات بكلية علوم جامعة القاهرة، وعضو حركة استقلال الجامعات، د. ليلى سويف، وأختاه منى وسناء هما من مؤسسى مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين»، ومتزوج من المدونة منال بهى الدين حسن، ابنه الحقوقى بهى الدين حسن، مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان.
علاء، الذى قضى 65 يوما فى الحبس قبل أن يتم الإفراج عنه على ذمة القضية ثم تثبت براءته من الاتهامات التى كانت موجهة له، كثيرا ما طالب بإنهاء حكم العسكر، ووضع كثيرا من المبادرات لوضع الدستور أو لتشكيل مجلس رئاسى حتى يعود الجيش إلى ثكناته وتخليص البلد من الحكم العسكرى، لذا يرى كثيرون أن اتهامه والقبض عليه كان بمثابة عقاب له على هذه الأنشطة، خاصة أن التعنت الذى تم التعامل معه به لم يحدث مع آخرين كانوا متهمين فى نفس القضية.
سامبو «مسجل خطر.. حماية ثوار»
«محمد جاد (26 سنة) الشهير بسامبو بطل دافع عن المتظاهرين يوم 28 يونيو وفجر 29 كمان فى شارع منصور، ياريت نتضامن كلنا معاه، سامبو من الشرابية، والحقيقة ان شباب المناطق الشعبية هما اللى حموا التحرير، ولو نسيناه وتخلينا عن الشباب دول عشان شكلهم مش عاجبنا وفضلنا نتضامن مع النشطاء اصحابنا بس مش عارف مين هايحمى الميدان بكرة»، هكذا تروى صفحة «الحرية لسامبو بطل معركة 28 يونيو بميدان التحرير» على موقع فيس بوك، قصة واحد أشهر ضحايا المحاكمات العسكرية.
سامبو عامل ديكور، ليس له دخل ثابت، يعول عائلته الكبيرة المكونة من والديه وزوجته، بالإضافة إلى طفل رضيع، بينما يقضى والده حكما بالسجن 5 سنوات باعتباره «مسجل خطر»، بعد أن نشرت صور له وهو يحمل بندقية غاز مسيل للدموع.
البداية كانت يوم 28 يونيو 2011 عندما علم سامبو بأحداث مسرح البالون، واقتحام الأمن المركزى لميدان التحرير والهجوم على المعتصمين باستخدام المدرعات والغاز المسيل للدموع، اصطحب أصدقاءه بمنطقة الشرابية وتوجه إلى ميدان الفلكى لمنع الأمن المركزى والبلطجية انهم يهجمون على التحرير من هناك.
وبحسب الصفحة كان هناك ضابط واثنان من العساكر يحاولون الهجوم على الفلكى من خلال حوارى بين محمد محمود والفلكى قرب الفجر، إلا أن المتظاهرين تمكنوا من منعهم بل واستولوا على ملابسهم وخوذهم وسلاحهم، ومنها بندقية الغاز التى لم يكن يعرف أحد كيف يستخدمها، فتبرع سامبو الذى يبدو أنه كان قد تعلم استخدامها وقت التجنيد، فقاد دفاعهم عن أنفسهم ضد غاز الأمن المركزى فى الفلكى وشارع منصور، قبل أن يسلمها لخادم مسجد عمر مكرم صباح يوم 29 يونيو مما ينفى عنه تهمة الاستيلاء عليه. وتضيف الصفحة أن الداخلية اعتبرت سامبو عدوا لها وقررت الانتقام منه، «فجيشوا مخبريهم ومرشديهم لغاية ما وصلوا لسامبو وقبضوا عليه وحولوه للنيابة العسكرية بتهم كذب اهمها انه اعتدى على عسكرى أمن مركزى واستولى على سلاحه، وأنا شاهد عيان على كذب الادعاء ده».
الإدعاء بأن سامبو مسجل خطر يرد عليه المحامى الحقوقى أحمد الأنصارى، قائلا «سامبو ليس مسجل خطر، مثله مثل كثيرين فى مناطق شعبية كان بيتقبض عليه ويوضع فى السجن لمدة 3 او 4 شهور ويخرج، ولو كان مسجل خطر فعلا كان الضابط الذى قبض عليه جاء بصحيفة سوابقه كلها ومدة الحبس فى كل قضية لكن هذا لم يحدث».