بقرار حبس الرجل ذي الوجه البلاستيكي "صفوت الشريف" أمس بعد قرار حبس ابراهيم كامل وزكريا عزمي ، نستطيع أن نطمئن بشكل كامل إلى انتهاء حقبة مبارك وأنجاله ، وأنه لم يعد هناك وجود لشيء اسمه "الحزب الوطني" وأنه لا قلق منذ اليوم من شيء اسمه "فلول الوطني" ، والتي تحولت إلى فزاعة في الأسابيع الأخيرة ، رغم أن التفكير في التآمر لن ينتهي بسهولة ، ولكنه تفكير أفراد ، وليس تفكير تنظيمات أو أحزاب سياسية . لا أستطيع أن أخفي ابتهاجي الشديد بقرار حبس صفوت الشريف ، كنت قلقا طوال اليوم من الأنباء المترددة وغير الثابتة حول حبسه ونفي حبسه ، وانتهاء التحقيقات معه ونفي انتهاء التحقيقات ، كنت أعرف أن "لوبي" صفوت الشريف في الإعلام المصري الخاص والرسمي واسع جدا وما زال نافذا ، وأنجاله يملكون صحفا حاليا ومواقع الكترونية معروفة ولهم نفوذ في بعض الفضائيات الخاصة ، وهذا اللوبي توقعت أن يكون وراء تسريب أخبار حبسه مبكرا من أجل إحراج جهات التحقيق وإضعاف توجهها نحو حبسه ، ولكن الأخبار أتت متأخرة بصدور قرار حبسه الرجل الأخطر في نظام مبارك . صفوت الشريف كان يملك سطوة غير عادية في السياسة المصرية من خلال امتلاكه مفاتيح الإعلام الرسمي والخاص ، فهو الرجل الذي تربع على الإذاعة والتلفزيون الرسمي خلال أكثر من عشرين عاما ، ثم تولى مسؤولية وزارة الإعلام أيضا لفترة طويلة ، ثم تولى رئاسة مجلس الشورى وما يتبعه من مؤسسات ديكورية وضعها مبارك لإحكام سيطرته على كل شيء في البلد ، فهو بحكم كونه رئيس مجلس الشورى كان رئيسا للمجلس الأعلى للصحافة ، وهو المسؤول الأول والأخير عن اختيار رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية بالكامل ورؤساء تحريرها ، لذلك كانوا يدينون له شخصيا بالولاء أكثر من ولائهم للرئيس مبارك نفسه ، كما كان رئيسا للجنة شؤون الأحزاب ، والمتحكم فعليا في قرار منح صكوك البركة لبعض الأفراد بالموافقة على خروج الحزب "المعارض" إلى الحياة أو تحويله إلى الأرشيف ، كما كان يملك مفتاح القرار في حسم أي انقلاب أو انشقاق داخل أي حزب ، فاعترافه بأي طرف يكفي لإطاحة الآخرين وتمكين الطرف الذي اعترف به من الحزب وصحفه ومقاره وكل شيء فيه ، كما كان بحكم منصبه في المجلس الأعلى للصحافة يملك مفاتيح إصدار تراخيص أي صحف خاصة جديدة أو مجلات أو منعها ، ولطالما استخدم هذه الورقة في ترويض صحفيين من أصحاب الصوت العالي والجعجعة ، وآخرون من أصحاب الحديث الخيالي عن قصص المخابرات والجنس وما شابه ، والذين كانوا يقدمون أنفسهم في صورة المعارضين أو المسقلين أو المتمردين ، بينما هم في الحقيقة مجرد خدم في ديوان صفوت الشريف وجزءا من حاشيته ، وهناك صحفي معروف بصخبه في هجاء مبارك وأنجاله في صحيفته اليومية التي طرد منها قبل أشهر في ضجة كبيرة ، كان أحد غلمان صفوت الشريف ، ولا يكتب حرفا واحدا في صحيفته ضد صفوت الشريف ، وهناك صحفي آخر طرد من صحيفة خاصة فقرر منحه ترخيص صحيفة خاصة وألزم إبراهيم نافع أيام كان يرأس مجلس إدارة الأهرام بأن يطبع له صحيفته مجانا بدون أي مقابل لمدة ستة أشهر ومنحه عقود إعلانية سخية تحول بها خلال عام واحد إلى مليونير . قصص كثيرة وعديدة ، ربما يأتي وقت فراغ نستطيع فيه أن نحكي ونتسلى ، ولكن الخلاصة أن ضربة "صفوت الشريف" هي الأخطر حتى الآن في تطورات أحداث الثورة المصرية بعد قرار حبس زكريا عزمي ، وعندما وصلني قرار حبسه وتحويله إلى سجن طره مع مجموعة أذناب نظام مبارك ، حمدت الله تعالى ، وأيقنت أننا أمام فجر جديد ، وأن مصر تسترد عافيتها ، وأن شعبها منصور بإذن الله . كل التحية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أعلن منذ وقت مبكر أن أحدا لن يكون فوق المساءلة أو التحقيق أو الإدانة ، فوفى بوعده ، وكان كثيرون قد شككوا في كلامه وقتها وقالوا لماذا يتركون زكريا عزمي ولماذا يتركون صفوت الشريف ولماذا يتركون أنس الفقي ولماذا يتركون أحمد نظيف ولماذا يتركون محمد إبراهيم سليمان ، الآن جميعهم في السجن ، وأظن أننا سنقرأ قريبا آخر الأسماء "الثقيلة" التي يصدر قرار إيداعها السجن . "قل اللهم مالك الملك ، تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ، وتعز من تشاء وتذل من تشاء ، بيدك الخير ، إنك على كل شيء قدير" [email protected]