مازالت ردود الفعل تتوالى على الخطوة الفلسطينية بالتوقيع على طلبات انضمام إلى 15 معاهدة واتفاقية دولية, حيث نشرت صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية مقالا للكاتب ويسلي بوردن في 5 إبريل طالب فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما باستدعاء وزير خارجيته جون كيري إلى الوطن، لأن جهوده لإحلال السلام في الشرق الأوسط ما زالت تتعثر وتذهب أدراج الرياح. وأضاف الكاتب أن كيري صنع مزيدا من الفوضى في الشرق الأوسط , وهو يسعى لإبقاء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين على قيد الحياة، مضيفا أن كيري لن يجد إلى تحقيق السلام سبيلا، وأنه سيواصل المقامرة برهانات فاشلة، وذلك لأنه لا الإسرائيليين أو الفلسطينيين مقتنعون بجدوى الاستمرار في المفاوضات. وبدوره, قال الكاتب الأمريكي جاكسون ديل في مقال نشرته صحيفة" واشنطن بوست" في 5 إبريل, في لهجة ساخرة, إن كيري سبق أن صرح قبل أشهر بالقول إنه بفضل الدبلوماسية الأمريكية فإن مصر متجهة نحو الديمقراطية، وأن مؤتمر السلام في جنيف سرعان ما يستبدل الرئيس السوري بشار الأسد بحكومة انتقالية، وإن الفلسطينيين والإسرائيليين سيتوصلون إلى عقد اتفاق سلام شامل ينهي عقودا من الصراع بين الطرفين، لكن أيا مما صرح به وزير الخارجية الأمريكي لم يحدث، وأن توقعاته ذهبت أدراج الرياح. وفي السياق ذاته، قال الكاتب الأمريكي تشالز كروثامر أيضا في مقال بالصحيفة نفسها إن أكبر فشل للدبلوماسية الأمريكية هذه الأيام, هو ما يتمثل في عدم تمكن واشنطن من عقد اتفاق إطار للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأضاف الكاتب أن كيري قام في غضون التسعة أشهر الماضية ب12 زيارة للشرق الأوسط بهدف دفع محادثات عملية السلام المتعثرة إلى الأمام، لكن المفاوضات لم تراوح مكانها. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفض التهديدات الإسرائيلية باتخاذ إجراءات عقابية ضد الفلسطينيين ردا على مساعيهم للانضمام إلى منظمات واتفاقيات دولية، في حين لوّحت واشنطن -التي ألقت بلائمة تعثر مفاوضات السلام على الطرفين- بوقف وساطتها, التي يقودها كيري. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسئول فلسطيني طلب عدم الكشف عن اسمه قوله في 5 إبريل إن عباس رفض في اتصال هاتفي مع كيري العدول عن مساعيه الرامية للانضمام إلى المعاهدات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة. وكان عباس فاجأ الجميع في مطلع إبريل بالتوقيع على طلبات الانضمام إلى 15 معاهدة واتفاقية دولية, ردا على إلغاء إسرائيل الإفراج عن الدفعة الرابعة والأخيرة من قدامى الأسرى الفلسطينيين, وفق اتفاق لاستئناف المفاوضات في يوليو الماضي. وتفجرت الأزمة عندما رفضت إسرائيل الإفراج عن مجموعة من الأسرى الفلسطينيين بموجب اتفاق استئناف المفاوضات، ما لم يقدم الفلسطينيون ضمانات بأنهم سيواصلون المحادثات بعد الموعد النهائي الذي تحدد لها في البداية، وهو 29 إبريل، فيما قررت السلطة الفلسطينية تقديم طلبات الانضمام لمنظمات ومعاهدات دولية, ردا على موقف تل أبيب. ومن الإجراءات العقابية التي تعتزم إسرائيل اتخاذها -وفق صحيفة "إسرائيل هايوم" - تجميد الترخيص الممنوح لمشغل الهواتف النقالة الفلسطيني لتطوير شبكة البنى التحتية في قطاع غزة. كما تعتزم أيضا تقليص أنشطة الفلسطينيين بالمنطقة "ج" بالضفة الغربيةالمحتلة حيث هناك مستوطنات وممارسة إسرائيلية للسيطرة المدنية والعسكرية الكاملة، كما لوّحت تل أبيب بتجميد نقل الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية. وعلى وقع هذه التطورات في الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية، أعرب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن أسفه لقيام الطرفين خلال الأيام الماضية بخطوات قال إنها غير مواتية. وأشار كيري إلى أنه رغم إبداء الطرفين رغبتهما في مواصلة المفاوضات, فإنه لا يمكن التفاوض إلى ما لا نهاية، مؤكدا أنه سيجري مع إدارته تقييما دقيقا لدور واشنطن في سلام الفلسطينيين والإسرائيليين. ومن جهته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست إن مسئولية إيجاد أرضية مشتركة تقع على عاتق القادة الفلسطينيين والإسرائيليين، ودعاهم إلى اتخاذ ما وصفها بالقرارات الصعبة من أجل عملية السلام, مضيفا أن كيري زار المنطقة مرارا على أمل التوصل لاتفاق سلام. ولكن إرنست أكد أن المرحلة الحالية من عملية السلام لم تنته، وقال أيضا :"لا نحتاج لأن نرى انهيار شيء بذلنا جهدا فيه", مشيرا إلى أن من مصلحة الولاياتالمتحدة والعالم أن يحل الفلسطينيون والإسرائيليون خلافاتهم. ومن جانبهم، مضى الفلسطينيون في خطوات الانضمام إلى المنظمات الأممية، وقال سفير السلطة الفلسطينية لدى الأممالمتحدة رياض منصور إنه جرى تسليم خطابات طلب الانضمام إلى 15 معاهدة واتفاقية تابعة للمنظمة الدولية إلى مكتب الأمين العام بان كي مون. وأوضح منصور أن الفلسطينيين يمارسون حقهم القانوني في الانضمام لهذه المعاهدات والاتفاقيات، ولفت إلى أن طلبات الانضمام التي ستحال إلى الدائرة القانونية في الأممالمتحدة ستدخل مبدئيا حيز التنفيذ بعد ثلاثين يوما من تقديمها، وأكد أن الإجراء شكلي ولا يستطيع أحد معارضته. وتتعلق بعض الطلبات المقدمة للأمم المتحدة باتفاقيات فيينا حول العلاقات الدولية والاتفاقية بشأن حقوق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية مكافحة الفساد. وأشار منصور إلى أن طلبات الانضمام هذه "هي دفعة أولى"، موضحا أن السلطة الفلسطينية يمكنها أن تقدم لاحقا دفعة ثانية وربما ثالثة من طلبات الانضمام "بحسب موقف إسرائيل" و"مصالح الشعب الفلسطيني". ويأمل الفلسطينيون في أن توفر لهم الخطوة التي اتخذها عباس أساسا أقوى للجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية, وتقديم شكاوى رسمية ضد إسرائيل بسبب استمرار احتلالها الأراضي, التي استولت عليها عام 1967. يذكر أن صفة دولة مراقب التي حصل عليها الفلسطينيون في نوفمبر 2012 بالأممالمتحدة تمنحهم إمكانية الانضمام إلى مختلف الاتفاقيات والمنظمات الدولية