عروس أحلامي البهية .. بغداد.. عانقتها في وضح النهار، بغداد.. وغرست في ملامحها عيوني كي لا أنسى. بغداد..عروسٌ بهية وشهية وصبية فارعة صافية الجمال، قدها كخيرزانةٍ.. وعيونها نجلاء وشعرها ليلٌ.. وقلبها ببياض الحليب، وفراتها سكر، وناسها، وما أدراك ما ناسها! على الرغم مما يحيطها من الحزن و الإهمال، إلا أنها ما تزال تضج بالحياة والحركة، في شارع المتنبي الذي أبى إلا أن يترك ذكرى رصيفه على خديّ الأيسر ليترك وجعا ليس بحجم أوجاعه ولكن ليقول لي: يا حبيبتي كم أتألم بمرور المارقين على اسفلتي وبين مبانيّ العتيقة .. أولئك الذين ما اهتموا بفتح كتاب واحد من ملايين تلك الكتب العظيمة المحتوى والرخيصة الثمن، أعداء الحياة! بغداد.. المدينة التراثية وبيت الجواهري وتمثال الرصافي، محل عصير الزبيب الأصلي والتاريخي، شارع المتنبي الذي عشقته لشوشتي وتماثيل الميادين التي تعيدك إلى ألف ليلة وليلة كهرمانة، وشهريار وشهرزاد، والفانوس السحري للمبدع الرائع محمد غني حكمت ونصب الحرية في ساحة التحرير لجواد سليم وشارع السعدون، والكرادة ، وساحة الفردوس وشارع اأي نؤاس، والسمك المسقوف، الذي يصطاده الطهاة أمامك ويشقونه نصفين ويتبلونه بتوابل عراقية مدهشة ويطهونه بطريقة عجيبة على "الصهد" وشارع الرشيد ، والكرخ والرصافة ودجلة والنوارس والجسور.. مرقد الشريف الرضي صاحب القصيدة الشهيرة: ياظبية البان ترعى في خمائله / ليهنك اليوم إن القلب مرعاكِ هامت بك الروح لم تطلب سواك هوىً / من أخبر العين إن القلب يهواك؟ الماء عندكِ مبذولٌ لشاربه / وليس يرويك إلا مدمعي الباكي أنتِ النّعيمُ لقَلبي وَالعَذابُ لَهُ / فَمَا أمَرّكِ في قَلْبي وَأحْلاكِ عندي رسائل شوق لست أذكرها / لولا الرقيب لقد بلغتها فاكِ
كما التقط لي الأصدقاء عشرات الصور بمختلف الزوايا مع كل هذه الأماكن التي زادنا الشوق لها خاصة مع تمثال المتنبي لعلمهم بحبي له، فهل شعر المتنبي بروح التي أحبته فكتبته وهو واقف شامخٌ في عليائه ومن تحته ترسو لآلئه: "أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي، وأسمعت كلماتي من به صمم"!، وهل يستمع إلى الشعراء بعد كل صلاة أيام الجمع وهم واقفوا يتحلق من حولهم عشاق الشعر وأربابه؟ ياله من من منظر، وساعة قشتالة القديمة والعربة الملكية التي كانت تجرها الأحصنة.. الناس الناس تحب بلادها الناس تحب الشعر والكتب والحياة.. الناس تحب دجلة الخير الذي يفيض يفيض دوما محملا بالحياة والأحبة الأمنيات الجميلة. بغداد عاصمة العلم وكلية التربية الأساسية بالجامعة المستنصرية العظيمة، وعميدها الإنسان النبيل أ.د جميل موسى النجارالذي قضى أكثر من عقد من عمره في القاهرة، ويحفظ بشرها ومبانيها ويتكلم عنها بحب وشوق شديدين، وأساتذتها الرائعون، وجدرانها التي تضج بالمعرفة وتئن بحزن العراق! الناس في بغداد جميلون طيبون، طيبون إلى أبعد درجة، وعلى الرغم من أن ملامحهم مرهقة وقلوبهم متعبة من سنوات القفز في متاهات البحث عن الاطمئنان والأمان، إلا إنهم مازالوا يأملون في أجمل الأشياء، يأملون أن تذوب كل الاختلافات الطائفية والمذهبية ، يتوقون إلى أن تتماهى العلاقات بين الكاظمية والأعظمية، ويسود الحب والتاسامح بين المسلمين وغيرهم. بغداد التي كانت منارة العالم وأهم رافد من روافد العلوم والفنون والآداب والإنسانية في العالم، تنتظر الكثير من الحب والدعم وإنكارالذات ما تزال كذلك، ومحبوها كثرٌ.. رعاكِ الله يا بغداد.. وتحية لأصدقائي الرائعين النبلاء الدكاترة الأفاضل (مقداد عبد الرحيم، جليل خزعل، وعبد الرضا، ونضال وطاهرة وجميع القلوب التي أحاطتني برعايتها.. كلٍّ باسمه وشكرا للجميلين الذين توّجوني بالتكريم مرتين وبألقابٍ.. إن دلت فإنما تدل على الحب والكرم "القشلة" مرقد الشريف الرضي