... وتوتو قسيس من جنوب إفريقيا ويا بخت من قدر وعفي و يا سعد من عرف إن أخد الحق حرفة.,ولم يؤذ أحد كما أوذي نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم .,وما قال أحد كرقي قوله وفعله:إذهبوا فأنتم الطلقاء....ولو ما زلت مصرا على الزعيق ولا فعل يسبق فعل الاحتجاجات فنحن على طرفي نقيض .,ولو بقيت مصمما على الانتقام والقصاص –وهو مطلب شرعي- فانتظر على باب المحكمة أو ما تبقى من مقرات أمن الدولة وأقسام الشرطة وأغلق دكانك و أوقف ماكينة إنتاجك وفضها سيرة. لكن لو هدأت قليلا فجرب ما فعلته جنوب إفريقيا التي بدأت قبلنا بأربع وعشرين سنة.,ولن تخسر شيئا فمن سار على الدرب وصل ومن اعتبر نجح وعبر.,فبعد قرون من ممارسات التمييز العنصري والتطهير العرقي وحروب الإبادة ونهب الثروات والزج بأصحاب البلد الشرعيين في السجون.,انقلب الحال وبعد ربع قرن خرج الزعيم الإفريقي نيلسون منديلا من محبسه وبدأت جنوب إفريقيا يوما معلوما ردت فيه المظالم .يوما أسود على كل أبيض وابيض على كل أسود.,وكانت الدعوات الثأرية عالية والنفوس حاملة ما لا يحمله قدر يغلي و الخوف شديدا من وقوع مجازر وعمليات انتقام واسعة تؤدي لحرب أهلية وعدم استقرار والدخول إلى نفق مظلم.,لكن صوتا عاقلا عنوانه الشهامة ولسانه العفو شيمة الكرام.,والعدل أخو الحكمة نادى إلى تحقيقات دقيقة وعلنية وأمام الضحايا مع المتهمين والمسئولين المباشرين عن أعمال القمع في النظام العنصري من قبل لجنة خاصة هي لجنة التحقيق والمصالحة و قاد أعمالها القسيس "ديزموند توتو " و تكون لهذه اللجنة سلطة إصدار العفو عمن تثبت عليهم الاتهامات ويعتذرون لضحاياهم وكان المحصلة النهائية إدراج نص من قانون تعزيز الوحدة والمصالحة الوطنية يفيد أنه ( عندما يعترف المذنب في طلب مقدم للحصول على عفو بارتكاب "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان" يجب أن تكون الجلسة علنية. ويترتب إبلاغ الضحية أو أحد أقربائه بتاريخ الجلسة ومكانها ويحق له "الإدلاء بشهادته أو تقديم أدلة أو أي شيء يؤخذ بعين الاعتبار". وينبغي على مقدم الطلب "أن يكشف جميع الحقائق ذات الصلة كاملة" وأن يثبت بأن الفعل الذي يسعى إلى الحصول على عفو عنه "كان فعلاً مرتبطاً بهدف سياسي وارتُكب في سياق النزاعات التي نشبت في الماضي". هكذا انتهى عصر استمر قرونا وليس ثلاثين سنة فقط من القهر والاستبداد والفساد والسرقة.,وأصبحت جنوب إفريقيا كما نراها الآن باقتصادها القوي وتطورها التكنولوجي والتعليمي الهائل. ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى مصالحة عامة –أستثني منها الدماء التي سالت- .,مصالحة تعيد الحقوق لأصحابها والمليارات المهربة لخزائنها الاصلية .,والحياة لدورتها الطبيعية ,ومصر لأمانها وأمنها . ولو خيرنا كل متهم بفساد بين إعادة ثلاثة أرباع ثروته غير الشرعية مثلا أو السجن والبهدلة التي بدأت و قد لا تنتهي قريبا .,فأكيد أن من بقي به ذرة تفكير سيشتري نفسه كالمماليك في حضرة العز بن عبد السلام ولو أخذنا أحمد عز ومحمد أبو العينين كمثالين-أكرر الدماء خارج المصالحة ولا شفاعة في الحدود- كلا المتهمين تفتح شركاته آلاف البيوت.,ويتحكم بجزء غير صغير في اقتصاد مصر كلها وبورصتها., ويرتبط مثلا أبو العينين بعلاقات تصديرية مهمة .وأذكر اثناء زيارة استغرقت أسبوعا لليابان علمت أن أهم رجلين بالنسبة لليابان في مصر هما الحاج محمود العربي ثم محمد ابو العينين الاول يستورد ويصنع والثاني يصدر ويصنع هل تربح عز وتربح أبو العينين وغيرهما ؟نعم ..هل أفسد الاثنان خاصة في الانتخابات الأخيرة؟أشهد..وهل سرق الرجلان واستوليا على أموالنا ؟أنتظر حكم القضاء. لكن لو تصورنا أن شكلا جديدا من أشكال التأميم التي نفذها ثوار يوليو بغشم وبصيرة عمياء راجعناها و أبدلناها بمصالحة تضمن لنا النسبة الأكبر من أموالنا وتضمن لمصر ولآلاف العمال شركات قائمة ومستمرة وتصب في الدخل العام مع المصالحة -في حدود الحدود- بمعني لا مصالحة في الدماء لو ثبت تورط أحد ما كائنا من كان في سفك دم مصري.,فأظن أن مصالحة بهذا الشكل مستفيدة من تجربة جنوب إفريقيا قد تساعدنا في العبور نحو الاستقرار والبناء أما لو ظلت الملاحقات والتحقيقات بهذه الصورة الهيسترية- والمشروعة دوافعها- فسلم لي على الثورة المضادة فلا استثمار ينتظر؟و لا استقرار يرتجى .,بل انتظروا ميلشيات مسلحة من مطاريد الأمن بأموال محابيس التجار والفاسدين .,وبإرجاف الصحافة الخاسرة.,وسندخل جميعا نفقا لا مخرج منه إلا برحمة ربي العالم بالحال. [email protected]