من الإفتاء بقتل المتظاهرين ضد مرسى.. إلى ضرب أنصاره فى المليان.. ومن تشبيه السيسى بموسى إلى المطالبة بقطع عنقه.. ووصف الإخوان بأحفاد الخوارج.. إلى المطالبة بتطليق الزوجة الإخوانية لم تشهد مصر فحسب حالة من الاستقطاب السياسي، بسبب الآراء والمواقف المتباينة للفرقاء السياسيين، بل رافقتها أيضًا حالة من الاستقطاب الديني، متمثلة في الفتاوى ذات الصبغة السياسية، التي أسهمت في تعزيز حالة الانقسام المجتمعي في مصر، بعد أن أضحى لكل فريق علماؤه ومشايخه الذين يفتون على هواه السياسي، يؤججون نار الفتنة اشتعالاً دون مراعاة للحفاظ على مصالح الوطن ووحدة أبنائه، بعد أن ذهب الكثير في فتاواهم إلى حد التحريض على الاقتتال، وتخريب البيوت. يبرز ذلك في العديد من الفتاوى التي أطلقها علماء ورجال دين وفجرت ردود فعل واسعة، ومنها على سبيل المثال: الفتوى بإهدار دم المتظاهرين الذين كانوا يهدفون لإسقاط الرئيس محمد مرسى في 24 أغسطس 2012 لكونهم "خارجون عن الديمقراطية"، وأخرى تحرّم الخروج عليه قبل مظاهرات 30يونيه 2013، التي تلاها قرار الجيش بالإطاحة به، والإفتاء ببطلان محاكمته، مقابل أخرى تشدد على ضرورة الضرب بيد من حديد وتعطي المسوغ الشرعي لقتل أنصاره، مرورًا بتحريم المشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والانقسام حول شرعية حكم المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع، بين داع إلى المصريين بضرورة الانضواء تحت ولايته، وآخر يصفه بأنه "طاغية" يجب "ضرب عنقه"، انتهاءً بفتوى تطليق "الزوجة الإخوانية"، وتشبيه كل من المشير السيسي، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية بالنبيين موسى وهارون عليهما السلام. المصريون رصدت أكثر الفتاوى إثارة للجدل خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي وفي أعقاب الإطاحة به في الثالث من يوليو 2013. إهدار دم المتظاهرين ضد مرسي أفتى الشيخ هاشم إسلام عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء الأزهر بإهدار دم المتظاهرين الذين كانوا يهدفون لإسقاط الرئيس محمد مرسي في 24 أغسطس 2012، باعتبارها "ثورة خوارج وردة على الديمقراطية والحرية"، وقال إن "من أراد أن يخرج هو خارج على ثورة 25 يناير، وخارج بجريمتين هما الحرابة الكبرى والخيانة العظمى للوطن ولله ورسوله وللمؤمنين"، على حد قوله. القرضاوي يحرم إسقاط مرسي قبل أكثر من أسبوع على موعد مظاهرات 30 يونيه 2013، أفتى الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" بتحريم إسقاط الرئيس المعزول محمد مرسي، قائلاً إنه منتخب بشكل شرعي وهو "رجل صائم قائم يخاف الله". وتابع متسائلاً: "كل يوم هناك من يقول لا نريد مرسي لماذا؟ هل فسق مرسي أو عصى الله أو زنا أو وقف ضد الشعب؟ ومع ذلك أرادوا قتله في قصره وهو لم يفعل شيئا ولم يأمر بقتل أحد". علي جمعة: اضرب في المليان في 18 أغسطس 2013، أفتى الدكتور علي جمعة، مفتي مصر السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر بحضور وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي، ووزير الداخلية محمد إبراهيم، وعدد من قيادات الشرطة والجيش لجنود وضباط الشرطة والجيش بقتل المتظاهرين من أنصار الرئيس المعزول، قائلاً: "اضرب في المليان، وإياك أن تضحي بأفرادك وجنودك من أجل هؤلاء الخوارج، فطوبى لمن قتلهم وقتلوه، فمن قتلهم كان أولى بالله منهم، بل إننا يجب أن نطهر مدينتنا ومصرنا من هذه الأوباش، فإنهم لا يستحقون مصريتنا ونحن نصاب بالعار منهم ويجب أن نتبرأ منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب". هاشم: محاكمة مرسي "باطلة شرعًا" عقب الإطاحة بمرسي، أصدر الشيخ هاشم إسلام عضو لجنة الفتوى بالأزهر، فتوى ب"تحريم" محاكمة الرئيس المعزول، ووصفها ب"الهزلية"، داعيًا الشعب المصري إلى أن "يهب لتخليص الرئيس الشرعي من الاختطاف والأسر"، لكونه تمت مبايعته "بيعة عامة بالانتخاب الحر المباشر من شعب مصر"، مما يستوجب "سقوط وبطلان محاكمته شرعًا وعرفًا وقانونًا، لأنه لا يزال الرئيس الشرعي، والحق معه وفي جانبه". أحمد كريمة: اقتلوا الإخوان ولكم الأجر في 26 ديسمبر 2013، أفتى الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر بقتل أعضاء "الإخوان المسلمين"، بعد أن وصفهم ب "أحفاد الخوارج" الذين قتلوا عثمان بن عفان، ثالث الخلفاء الراشدين، وخلفه علي بن أبي طالب، قائلاً إن هؤلاء "لايقيمون للدين وزنا, ولا للوطن قيمة, ولا للدماء والأعراض والأموال حرمة, الأموال آلهتهم, شهواتهم معبودهم, تنفيذ تعليمات قوادهم وحيهم المقدس. وأضاف أن نبي الإسلام - صلوات الله وسلامه عليه – حذر وأنذر منهم بقوله: " يخرج في آخر الزمان قوم حداث الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، فمن لقيهم فليقتلهم، فإن في قتلهم أجر عند الله يوم القيامة". "تحريم" المشاركة في الاستفتاء عشية الاستفتاء على الدستور في 14 و15يناير 2014، أفتى الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" بحرمة المشاركة فيه، باعتباره نوعًا من "التعاون على الإثم والعدوان"، كونه يقوي ويدّعم ما وصفها بالسلطة "الانقلابية"، أو يمنحها الشرعية، أو يطيل أمد وجودها، أو يقوي شوكتها، يعد من التعاون على الإثم والعدوان، وهو عمل مُحَّرم شرعًا"، معتبرًا أيضًا أن الدستور المستفتى عليه "وثيقة باطلة". فتوى كويتية تحرض على قتل السيسي في السادس من يناير 2014، نشرت صحيفة "الوطن" الكويتية" فتوى للداعية الدكتور عجيل النشمي، رئيس رابطة علماء الشريعة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يصف فيها المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع بأنه "طاغية" يجب "ضرب عنقه"، ردًا على فتوى الداعية الكويتي الشيخ حاي الحاي التي أكد فيها شرعية ولايته على مصر وضرورة الانضواء تحت حكمه. شاهين: تطليق الزوجة الإخوانية في 30 يناير 2014، أفتى مظهر شاهين، إمام مسجد عمر مكرم، بتطليق الزوجة المنتمية لجماعة الإخوان المسلمين، لأن "مصلحة الوطن والدين أهم من المصالح الشخصية". وأضاف: "الكثير يعانون من اكتشاف أن زوجاتهم إخوانيات، وأنه يوجد خلية نائمة بجواره على سريره وقنبلة موقوتة"، موضحًا أنه "لو تعارضت مصلحة الزوجة مع المصلحة الوطنية يبقى البلد الأول، هذا ما يسمونه فقه الأولويات، ويعني أضحي بمراتي ولا أضحي بمصر بشرط أن يعطيها حقوقها بما يرضي الله". الهلالي: السيسي وإبراهيم "موسى وهارون" في السادس من فبراير 2014، شبه الدكتور سعدالدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، كلاً من المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية بالنبيين موسى وهارون، خلال حفل تكريم أسر الشهداء ومصابي الشرطة، قائلاً: "تمر الأيام وما كان لأحد أن يتخيل أن سنة الله تتكرر، ويأتي من يقول لا إسلام إلا ما نمليه عليكم، ولادين إلا ما نعرفه لكم ويقيض الله للمصريين من يقف في مواجهتهم لكي يحقق أن يكون الدين لله كما أمر الله، فابتعث الله أيضًا رجلين، كما ابتعث وأرسل من قبل رجلين موسى وهارون".