الفاسدون والجهات التي وردت في التقرير الخطير للجهاز المركزي للمحاسبات عن نهب المال العام لن يخوضوا المواجهة صريحة مع الجهاز ورئيسه القاضي الشجاع والنبيل المستشار هشام جنينة ، أحد رموز تيار الاستقلال الذي تصدى لمبارك في عز جبروته وقت أن كان بعض المتصدرين الآن يسبحون بحمد الطاغية ، لن يخوضوا المواجهة صريحة ومباشرة معه ، ولكنهم سيحركون بيادقهم وأدواتهم الإعلامية لهجاء الرجل وشتمه ومحاولة النيل منه ، هناك سباق محموم الآن من مافيا الفساد المتغلغة في أكثر من مؤسسة رسمية بعضها حساس جدا ، من أجل التنكيل بهشام جنينة أو حتى سجنه من أجل غلق ملفات الفساد المروعة التي تورطوا فيها ودفنها إلى الأبد ، لم يعد خافيا أن هشام جنينه هو رجل اللحظة الخطأ ، جاء على حين غفلة من مؤسسة الفساد وتوسد هذا المنصب الحساس ، ولكنهم يحاولون الآن خلعه بأي سبيل ، يعرفون طهارته ونقاءه وثوريته أيضا من أيام مبارك ، ويعرفون شجاعته وأن أحدا لا يعرف له "ذلة" لكي يمسكه منها ، لذلك يخافونه جدا ، وترتعد مفاصلهم من كل كلمة يقولها ، من يتصور أن قاضيا جليلا كهذا يتعرض لثلاث قضايا جنائية تمت إحالته بالفعل إلى اثنتين منها خلال شهر واحد ، والثالثة في الطريق ، من يتصور أن رئيس أكبر مؤسسة رقابية مصرية سيادية يتعرض للشتم من محامي مبارك والجواسيس ويقول له علنا وعلى الفضائيات التي أمرت بفتح شاشاتها له : أنت ضلالي ، فريد الديب لم يكن يوما شجاعا ، ولكنه يعرف جيدا أن هجاء هشام جنينة وشتيمته الآن هي قربى للنافذين ، ويعرف أن أحدا لن يحاكمه أو يعاقبه على سبه وقذفه العلني البذيء ، ولذلك يخوض فيه ، ومن ورائه جوقة أدوات الفساد وأذرعه في الإعلام وغيره ، وقد بدأ الهجوم من ليلة أمس بعد ساعات قليلة من إعلان جنينة بيانه المروع عن حجم الفساد ونهب المال العام الذي يصل إلى عشرات المليارات ، كان أولى بها الغلابة والبسطاء والبنية الأساسية المهترئة ، ولكن مؤسسات سيادية وقضائية وأمنية نهبتها ، رغم أن وظيفتها أن تحميها ، بل إن وزيرا للداخلية استخسر في فقراء المصريين إنشاء مدرسة لهم فاستولى على الأرض المخصصة وغير قرار تخصيصها ليضمها إلى ممتلكاته وثروته كما كشف الجهاز ، وصدق الشاعر الحكيم عندما قال : وراعي الشاة يحمي الذئب عنها .. فكيف إذا الرعاة هم الذئاب ، وهذا تقريبا معنى ما قاله وعقب به المستشار الفاضل أمس وهو ينعي للشعب المصري ضياع العدل وانتشار الفساد والتستر على الفساد أيضا الذي حفظت مئات الملفات منه في الأدراج من سنوات بدون أي معنى ولا مبرر مفهوم . السفلة والكلاب المستأجرة الذين أطلقوا بعضهم على المستشار الفاضل أمس ، وستتوهج حملتهم خلال الأيام المقبلة والذين لن يستريحوا إلا أن يرون هذا الفارس النبيل المطارد للفساد وهو في السجن أو منفي خارج البلاد ، هؤلاء يحاولون شخصنة القضية ، وكأن هشام جنينة هو الذي ضرب أرقاما ومعلومات من دماغه ، أو كأنه الذي بحث بنفسه ونقب في أطنان الملفات والوثائق للوصول إلى تلك المعلومات الخطيرة ، وهؤلاء "الضلالية" الحقيقيون يتجاهلون عمدا أن هذه البيانات هي محصلة جهد مئات الخبراء العاملين في الجهاز المركزي للمحاسبات ، أعلى مؤسسة رقابية سيادية ، الذين درسوا الملفات وسهروا عليها شهورا طويلة ، كل في الملف الذي أوكل إليه ، وفي النهاية قدموا لقيادة الجهاز النتائج النهائية للبحث والفحص ، والمستشار جنينه هو مجرد قارئ لهذه البيانات لا أكثر ، هو بموجب مسؤوليته كرئيس للجهاز الرقابي يعلن للرأي العام نتائج عمل الجهاز وخبرائه ، وبعض هذه الجهود بدأت في فترات سابقة لرئاسة هشام جنينة ، وجرأة الرجل أتت من إصراره على إعلان الحقائق أمام الشعب والرأي العام ، لم يحاول أن "يطرمخ" عليها أو يدفنها في الأدراج ليكون شريكا في التستر على الفساد ، وقال أنه في ظل غياب البرلمان كان لزاما أخلاقيا عليه أن يصارح الشعب ، صاحب السلطة وصاحب السيادة ، ومرجع القرار كله ، وهذا ما أصاب مافيا الفساد بالجنون . المستشار هشام جنينة هو ضمير مصر الحقيقي الآن ، وحارس المال العام المستباح، هو صوت الحق في واقع مترع بالكآبة والفساد والفوضى ، ولا يصح لذي ضمير وطني محب لهذا الوطن وحريص على مستقبله إلا أن يعلن تضامنه مع هذا القاضي الشجاع ، لا ينبغي أن يترك الرجل وحده في مواجهة هذه العصابة الخطيرة ، لأنهم نافذون في مؤسسات لها أدوات قمع وسيطرة وتلفيق ، والرجل أعلن صراحة أنهم يراقبون هاتفه ، وهو رئيس جهاز سيادي ، .. قلوب وضمائر كل شرفاء مصر معك يا سيادة المستشار ، والله يحفظك ويحميك من شر هذه الطغمة الفاسدة .