ليس هناك مجال لأن تلتبس الأمر على أحد فيما يتعلق بالقوى الحاكمة في مصر الآن، فمنذ 25 يناير عاد الحق الأصيل إلى اصحابه، وعاد ما كان مقرراً بداهة وما هو معلوم من العقل بالضرورة ومقرراً في دستور مصر وفي كل دساتير الدنيا أن (الشعب هو صاحب السيادة)، وأن (الأمة هي مصدر السلطات)، وبالتالي فإن الإرادة الشعبية الجامعة كما تقررها هتافات الملايين من أفراد الشعب الذي هو مصدر السلطات هي التي وجهت دفة الحكم خلال الشهر الماضي، فأسقطت الرئيس، وأشارت إلى أصنام الفساد فأنكفأوا على وجوههم، فالفضل لله أولاً واخيراً ثم للثوار الذين خرجوا يوم 25 يناير وللشعب بأكمله الذي خرج وراءهم. وعليه فما الجيش إلا يد من إيادي شعب مصر تسلم الزمام ليسلمها لليد الأخرى بعد شهور، وليس لليد من أمرها شيئ، إنما هي تتحرك أو تقف بأمر من العقل الذي هو عقل الشعب، ومن نافلة القول أن الجيش إنما هو بضعة من الشعب، يتقاضي افراده مرتباتهم من أموال الشعب، وسلاحه أنما دفع ثمنه بأموال الشعب. لعل تلك المقدمة واجبة للدخول إلى الأسئلة التي تطرحها هذه المقالة، والتي تتلخص في العجب من بقاء وزارة العهد البائد حتى يومنا هذا خاصة بعد أن قال الشعب كلمته بشأنها عدة مرات أقواها واصرحها يوم جمعة النصر 18 فبراير، وكنت أتصور أن تتقدم الوزارة بإستقالتها مباشرة عشية هذا اليوم نزولاً على إراة الشعب كما أعلنها من خلال مليوني متظاهر في ميدان التحرير ومثلهم في ميادين المدن الكبرى المصرية (الشعب يريد إسقاط الحكومة)، ففيم بقاؤها بعدها ؟!، ولم يؤجل المجلس العسكري إقالة الحكومة وقيام حكومة تسيير أعمال تمثل العهد الجديد وتتكون من وجوه مقبولة شعبياً، .. ألم يسقط الشعب حكم التزوير والوصاية، ففيم بقاء وزارة عائشة عبد الهادي وأبو الغيط وسامح فهمي و أنس الفقي، فيم بقاء هؤلاء، كأن الشعب لم يقم بثورته بعد، هذه علامة إستفهام. وسؤال آخر، كيف يحاكم حبيب العادلي في قضايا أموال ولا يحاكم بتهمة الخيانة العظمى والتخلي عن الشرف والمسؤولية في جريمة إختفاء عناصر وزارة الداخلية من الشارع المصري، والتي ترافقت مع إطلاق البلطجية وإحراق الأقسام وإطلاق المساجين، وكيف يحاكم في قضايا أموال قبل أن يحاكم بتهمة القتل العمد وإطلاق النار على شهداء الثورة. وسؤال ثالث، لماذا هذا الصمت المطبق عن صفوت الشريف وفتحي سرور وزكريا عزمي وغيرهم، وكيف يترك هؤلاء مطلقي السراح، يكيدون للنظام الجديد أو يحرقون وثائق وملفات النظام القديم، أو يهربون الأموال للخارج، فبأي منطق يترك أمثال هؤلاء مطلقي السراح. إن هناك جدلا يثيره بعض الناصحين الأمناء أنه من الأفضل إغلاق ملفات الماضي، والإلتفات نحو المستقبل، ويغزي هذا الإتجاه حجتين، الأولى أن الإلتفات إلى المستقبل هو طريق النجاح بينما الإتلفات إلى الماضي هو تباطؤ وتعثر، والحجة الأخرى أن التسامح ومد يد الصفح وإغلاق الملفات هي من شيم الكرام، وهي أقرب إلى روح الإسلام، وهناك من أصحاب هذا الرأي من لا يتطرق الشك إلى عدالتهم ونزاهتهم، ولكنهم أخطأوا في هذا الأمر خطئاً شديداً، وتلقفه عنهم مجرمو النظام يحاولون الترويج لهذا الرأي الذي هو بمثابة طوق نجاة لهم، لكن هذا الرأي مردود عليه في حجتيه، فأما الأولى فحن في طريقنا إلى المستقبل إنما نخوض حرب كفاح وسط تحديات كبيرة، وما سمعنا عن جيش من الجيوش أخذ يتقدم وترك وراءه جيوب العدو تغير عليه وتقطع عليه طريق إمداداته، لا تتقدم الجيوش إلا الأمام أبداً -خاصة بعد المعارك الكبرى - إلا بعد تصفية جيوب الأعداء، ولا يمكننا التقدم إلى الأمام إلا بفتح كل ملفات العهد القديم وتصفية كل الفاسدين، وإلا فما أسرع من أن تجد معظم هؤلاء تسلل بشكل أو آخر لينشر فساده في النظام الجديد. وأما ما يقال عن التسامح فلعل هؤلاء قد قرأوا أو إهتموا بجانب واحد من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا خطأ فادح، واحياناً يكون نصف المتعلم اسوأ من الجاهل، فسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم كان فيها التسامح والقصاص، وفيها اللين والشدة، وكان صلى الله عليه وسلم يضع الشيئ في موضعه، والفقه كل الفقه في أن تعلم على أي جزء من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ستسقط واقعك لتتعلم منه، فعند دخول الرسول صلى الله عليه وسلم مكة كانت هناك ثلاث طوائف، طائفة أمنها الرسول وهي الغالبية، وطائفة أباح الرسول دماءهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة، وطائفة تصدوا لحرب الرسول فقاتلهم خالد بن الوليد وأفناهم، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يسوي بين من يعلم وبين من لا يعلم، فهو صلى الله عليه وسلم الذي هدأ المسلمين لما بال أعرابي في المسجد وقال لهم بهدوء أهريقوا على بوله الماء...وأنتهى الأمر هو ذاته الذي إشتد على أسامة بن زيد لما جاءه يتشفع في المخزومية التي سرقت، فقال لأسامة غاضباً:أتشفع في حد من حدود الله ؟!، ثم صعد المنبر غاضباً وقال: أما والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها، فهل الذين أطلقوا النار على الشهداء وامروا بإطلاق البلطجية ينطبق عليهم اي طائفة يوم فتح مكة، الذين امنهم الرسول، أم الذين حاربوا خالدأً والذين اباح الرسول دماؤهم ولو تعقلوا باستار الكعبة ؟!، وهل الذين سرقوا المليارات وخانوا الأمانة ينطبق عليهم مثل الأعرابي الذي بال في المسجد أم ينطبق عليهم قول رسول الله ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) يا عجباً للذين يطالبوننا بإغلاق الملفات، أما سمعوا بهذه الأمثلة وغيرها عشرات من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، أصمت آذانهم أم عميت عيونهم فلم يعرفوا حديث الرسول ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) لا يا سادة، والله لن يكون لنا مستقبل دون قطع دابر المفسدين، ولتأخذ العدالة مجراها، وليخرج منهم من يثبت براءته... وهيهات، (جمال مبارك واحمد عز وصفوت الشريف وفتحي سرور وزكريا عزمي وأسامة سرايا والقط ومحمد علي إبراهيم وعبد الله كمال ومئات غيرهم)....هم العدو فأحذروهم قاتلهم الله أنى يؤفكون، هم العدو نقول فيهم كما قال بلال لما رأى أمية أبن خلف......لا نجونا إن نجوا. [email protected]