الآن.. والآن فقط بزغ فجر جديد ليضيء مستقبل مصر، ويمهد الطريق لأبنائنا وشبابنا ليصنعوا «مصر الجديدة»، ويشكلوا بأيديهم وعقولهم ورؤاهم «مصر» التي يريدونها، وليس مصر التي اورثناهم اياها. الآن اقول لابنتي «مريم» كنت محقة في اصرارك على العودة الى مصر وتغيير الواقع وتحقيق عشرات الاحلام التي كانت تخرج من شفتيك كطلقات الرصاص، مليئة بالامل في غد مشرق، ومفعمة بالافكار «المجنونة». .. وأعترف يا بنيتي انني كنت على خطأ وأنا ابتسم لك ابتسامة الحكماء، مؤكدا «ليس الآن يا حبيبتي وقت تحقيق الاحلام الكبار فظروف مصر لا تسمح».. أعترف لك: «الآن فهمت.. الآن فهمت»، وكان رفضي فقط من منطلق حرص الوالد المحب، ورؤية الاب اليائس من التغيير.. الاب الذي عاصر ثلاثة عهود بعد التحول للجمهورية ادت جميعها لتراكم اليأس والاحباط والشعور بالظلم والغبن دون أدنى أمل في التغيير.. حتى أتى جيلك، انت واصدقاؤك.. «ميتشو ونادو وروزا وانجي وميرو وحمادة وأحمد علاء».. «اللي كنت باسميهم عيال الفيس بوك».. هؤلاء الشباب الرائع والذين اثبتوا للعالم كله أن مصر ابدا لن تموت، وان شباب مصر قادر على صنع المعجزات، وقادر على قهر الأمن الباغي.. ودحر الطغاة الجبارين.. وزعزعة عروش الظالمين الذين ساموا شعبهم اصناف الذل والهوان.. وقادر على الاطاحة بمن «تفرعنوا» على حساب كرامة أمة.. كانت فيما مضى - وحتى وقت ليس ببعيد – تعلم العالم معنى الحرية والوطنية. هؤلاء الشباب لا يحتاجون لوصاية من أحد، ولا لحكمة المشيب، ولا لنصائح ارباب المعاشات، اتركوهم يكملوا تجربتهم.. دعوهم ينتشوا بهواء العزة والكرامة يستنشقونه عميقا صافيا.. ويزفرون معه «سخامات» الخنوع والذل وامتهان الكرامة المصرية التي عانى منها الشعب قرابة 60 عاما. ان جيل الشباب الذي نجح في صنع ثورة فريدة ابهرت العالم كله لقادر على اعادة تشكيل الشخصية المصرية، وابرائها من التشوهات العميقة التي لازمتها طوال عشرات السنين الماضية، تلك التشوهات التي حطت من كرامة المصري داخل بلده، وأنقصت من قدره خارجها. يا شباب مصر.. يا صنّاع المعجزة.. يا من اخجلتمونا من انفسنا ثم رفعتم رؤوسنا فوق السحاب.. افرحوا بأنفسكم.. واسعدوا بانجازكم الرائع.. وحافظوا على التاريخ المشرف الذي شكلته دماء شهدائكم الزكية الطاهرة.. ولا تدعوا «عواجيز الفرح» يسرقون فرحتكم. حسام فتحي [email protected]