سعر الدينار الكويتي اليوم الجمعة 24-5-2024 مقابل الجنيه المصري بالبنوك    حملات توعية لترشيد استهلاك المياه في قرى «حياة كريمة» بالشرقية    أسعار اللحوم اليوم الجمعة 24 مايو 2024 في أسواق الأقصر    تسليم الدفعة الثانية من الرخص الدائمة لمراكز تدريب مهنية بالمحافظات    إعلام فلسطيني: 5 شهداء وعدة مصابين بقصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا بحي الفاخورة    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل قائد كتيبة بيت حانون في غزة    اليوم.. محكمة العدل الدولية تصدر قرارها بشأن طلب وقف إطلاق النار في غزة    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس لبحث وقف إطلاق النار في غزة    أمريكا تفرض قيودا على إصدار تأشيرات لأفراد من جورجيا بعد قانون النفوذ الأجنبي    إصابة رئيس التشيك أثناء قيادته دراجة نارية ونقله للمستشفى العسكري في براغ    دون راحة| الزمالك يواصل تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة الاتحاد السكندري    «الأرصاد» تحذر من ارتفاع الحرارة مرة أخرى.. ما سبب عدم استقرار الطقس؟    تغير مفاجئ في حالة الطقس وكتل هوائية تضرب البلاد اليوم    دفن شخص والاستعلام عن صحة 3 آخرين في انقلاب سيارة بالعياط    مصرع شخصين وإصابة آخرين في حريق بمنزل بكفر شكر    موعد ظهور نتيجة امتحانات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ.. رابط مباشر    مدحت صالح يعلن وفاة شقيقه أحمد: مع السلامة يا حبيبي    عائشة بن أحمد تروي كواليس بدون سابق إنذار: قعدنا 7 ساعات في تصوير مشهد واحد    هشام ماجد: الجزء الخامس من مسلسل اللعبة في مرحلة الكتابة    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    سعر اليوان الصيني بالبنك المركزي اليوم الجمعة 24 مايو 2024    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    «الإفتاء» توضح مناسك الحج بالتفصيل.. تبدأ بالإحرام    «الإفتاء» توضح نص دعاء السفر يوم الجمعة.. احرص على ترديده    «القاهرة الإخبارية»: أمريكا تدرس تعيين مستشار مدني لإدارة غزة بعد الحرب    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 24 مايو في محافظات مصر    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 24 مايو 2024    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    نجم الأهلي السابق: نتيجة صفر صفر خادعة.. والترجي فريق متمرس    عودة الروح ل«مسار آل البيت»| مشروع تراثي سياحي يضاهي شارع المعز    أشرف بن شرقي يقترب من العودة إلى الزمالك.. مفاجأة لجماهير الأبيض    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    مصرع شخص فى مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالفيوم    أستاذ اقتصاد: التعويم قضى على الطبقة المتوسطة واتمنى ان لا أراه مرة أخرى    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    جهاد جريشة: لا يوجد ركلات جزاء للزمالك أو فيوتشر.. وأمين عمر ظهر بشكل جيد    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    أصداء «رسالة الغفران» في لوحات عصر النهضة| «النعيم والجحيم».. رؤية المبدع المسلم وصلت أوروبا    الهندية كانى كسروتى تدعم غزة فى مهرجان كان ب شق بطيخة على هيئة حقيبة    «حبيبة» و«جنات» ناجيتان من حادث معدية أبو غالب: «2 سواقين زقوا الميكروباص في الميه»    متحدث الوزراء: المجلس الوطني للتعليم والابتكار سيضم رجال أعمال    الزمالك ضد فيوتشر.. أول قرار لجوزيه جوميز بعد المباراة    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    شعبة الأدوية: التسعيرة الجبرية في مصر تعوق التصدير.. المستورد يلتزم بسعر بلد المنشأ    وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    إخفاء وإتلاف أدلة، مفاجأة في تحقيقات تسمم العشرات بمطعم برجر شهير بالسعودية    حزب الله اللبناني يعلن استهدف جنود إسرائيليين عند مثلث السروات مقابل بلدة يارون بالصواريخ    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    في إطار تنامي التعاون.. «جاد»: زيادة عدد المنح الروسية لمصر إلى 310    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وُلِدَ الدُّسْتُورُ .. فَمَتَى سيكْبُرُ لِيذْهَبَ إلى المَدْرَسَةِ ؟
نشر في المصريون يوم 18 - 01 - 2014

إذا أردت أن تتعرف على شعب أكثر هوساً بمظاهر الاحتفاء بحدث سياسي دون الالتفات إلى دلالته أو كنهه فلا تجتهد في البحث ، فالمصريون وحدهم منذ تاريخهم الضارب في القدم اهتموا بذلك ، وبغير الاستطراد الطويل للتأكيد على هذا الملمح الثقافي الحصري لدى المصريين ، فالانتقال سريعاً نحو احتفاء شعب
بدستوره يعد أكثر قبولاً وحداثة ، فالمصريون الذي خرجوا ليومين متتاليين للتعبير عن فرحتهم أو استيائهم نحو الكتب الصغير الذي تضمن مواد وأبواب دستورهم لم يكن مدهشاً أو مغايراً لطبيعة هذا الشعب الذي قرر منذ سنين أن يكترث طويلاً بأحداثه اليومية والسنوية ، رغم أن الاحتفاءهم السياسي لم يكن على نفس حدث الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الذي اعتدت فيه أن أخرج وأسرتي لمشاهدة مظاهره وملامحه التي كانت مصر يوماً ما هي الوطن الذي امتلك وحده حق الاحتفال والاحتفاء بهذه الذكرى .
المهم خرج المصريون بالملايين ليصوتوا بأغلبية حسب الاستطلاعات الأولية بنعم لا للدستور لعدة أسباب بل لنجاح خارطة الطريق فقط ، ويكفيك أن تقف على أبواب بعض اللجان بالمناطق الشعبية وبالقرى الأكثر فقراً والتي زادها الوريث الضائع جمال مبارك فقراً على فقر لتسأل المواطنين عن أبرز المواد التي نالت إعجابهم بالدستور ليقولوا لك إجابات متباينة ومدهشة مثل : قلت نعم بالتأكيد ، وآخر نعم لقواتنا المسلحة ، وثالث هذا الدستور أحسن دساتير العالم ، ورابع وخامس ، ولم أعثر على مواطن يشير إلى مادة بعينها أو جملة أبواب ومواد نالت إعجابه وتقديره ، وهذا يؤكد أن خروج المصريين كان من أجل نجاح خارطة الطريق والقضاء على الإرهاب الذي صار لصيقاً بتنظيم الإخوان وليس من أجل دستور لجنة الخمسين الذي لم يقرؤه مصريون كثر .
وربما اهتمت وسائل الإعلام بهذا الخروج العظيم والاستثنائي وراحت بعض الفضائيات تهلل لمشهد الازدحام ، لكن كان من الأحرى عليها وعلى السادة رواد الفضائيات الفراغية أن تبحث جلياً في علامات هذا الخروج الذي بقدر ما هو أسعدني إلا أنني اعتقدت أن المصريين لأول مرة يعرفون كلمة الدستور والتصويت على مواده بدليل التدافع بين المواطنين والوقوف بالطوابير وبعد ذلك الخروج إلى الشوارع للفرحة والابتهاج متناسين أنهم أقدم شعوب الأرض معرفة وتوثيقاً للدساتير والقوانين لكن لأننا شعب احترف هوس الاحتفاء والاحتفال يمكن التماس العذر لهم .
لكن أزمة المصريين الحقيقية أنهم شعب يأبى الانتظار فهو لم يقبع للاستماع إلى نتائج الاستفتاء النهائية واكتفى بالخروج إلى الشوارع والميادين وسط رقصات وحركات استعراضية وسيارات تدوي إيذاناً بنتيجة شعبية بغير انتظار القرار النهائي الذي يصدر من اللجنة العليا للانتخابات وهذا أمر خطير وعلى الدولة والحكومات التي ستتعاقب على مصر أن تدرك هذه السمة الوافدة على طبائع المصريين الذي بنوا السد العالي وشيدوا الأهرامات وحفروا قناة السويس ورغم ذلك أصبحوا شعباً يمقت ويأبى الانتظار وربما أن صبرهم قد نفد عقب الأيام الثمانية عشر التي أدت إلى سقوط مبارك ونظامه ، وانهار الصبر نهائياً بعد سنة طويلة تحت حكم الرئيس المعزول مرسي وأهله وعشيرته لذا كان قرارهم بأن الانتظار لم يعد كفيلاً وكافياً للحياة.
ولعلماء الاجتماع رأي آخر في مظاهر الخروج العظيم للمصريين للاحتفاء بالتصويت وليس ممارسة الحقوق السياسية ، لأن من أسباب الخروج هو الغضب على تنظيم الجماعة ، وليس المواد الدستورية التي من بينها كلمات مثل معايير الجودة ومعدلات النمو العالمية والحوكمة ، وهذه الكلمات وغيرها لا تتماشى مع وطن لا يزال يعاني من خطرين كبيرين وهما شلل الأطفال ومحو الأمية ، لذا فالقضاء على التنظيم وجعله غير شرعي تم بالفعل من خلال الخروج إلى اللجان الانتخابية والاحتفاء بالشوارع والميادين ، فالمصريون الذين ذهبوا وصوتوا بنعم قالوها في وجه التنظيم وأنهم يريدون تاريخاً جديداً لمصر وأهلها . ولنفس العلماء رأي آخر مثير للدهشة ، بأن المصريين الذين اعتادوا تهميش الثقافة والابتعاد عن وجعها وآلامها وتخييلاتها الظنية ، قرروا لآخر مرة أن يستمسكوا بها من خلال وثيقة وعقد اجتماعي مكتوب يحدد العلاقة بين المواطن ووطنه ، ويميز حقوقه وواجباته على هذه الأرض .
لكن تبقى الإحصائيات الأولية عن نتائج التصويت هي الأكثر أهمية ؛ فعدد الأصوات الهائلة الكبيرة حجماً التي قالت نعم تظل أزمة حقيقية وعائقاً أمام الدولة والسلطة السياسية ، لأن بهذا العدد أيقن النظام الحاكم حقيقة أن الشعب هو المعلم والملهم والمحرك للمشهد السياسي في مصر ومن ثم ينبغي الآخذ بجدية عدد هذه الأصوات التي ستمسك عما قريب في رقبة الحكومة في حالة التقاعس أو تأخر تنفيذ المطالب والمواد التي تضمنها الدستور الجديد ، وهذا يجعل النظام السياسي فعلاً في حالة حذر وترقب دائم من غضبة الشعب الذي صوت بنعم انتظاراً لمستقبل مغاير لعقود مبارك البائسة ولسنة مرسي الفاشلة . فهذا الرقم الذي تجاوز نسبته 98 % يمثل مأزقاً كبيراً أمام أي نظام سياسي يفكر ولو لبرهة صغيرة أن يتأخر عن تنفيذ مطالب شعبه ولا يكترث بتحقيق مطامحه التي لا تهدأ ولا تستكين .
وكم أتمنى ألا يعزي المصريون ويؤلوا نتيجة الاستفتاء على الدستور إلى شخص بعينه أو لحزب ديني ذي صبغة سياسية أو لفصيل أو لجماعة بل إليهم أنفسهم لأنهم بحق مالكو الأرض والوطن ، وأنهم شرارة العمل ويقين النجاح على هذه الأرض المباركة ، وعليهم أن يقرأوا الواقع بعمق وروية ، فكم من شعب انمحى لأنه تعلق بزعيم ولم يفطن أن مصر بحق ولاّدة بفطرتها ، وأنها الباقية بنشيدها وعلمها وجيشها العظيم الباسل وبنيلها وترابها وبتاريخها الأمجد والأروع .
لكن بعد الاستفتاء على الدستور والنتيجة غير المحتملة لأنها ستخرج بنعم وبالموافقة ، هل آن الوقت لقراءته اليوم لا من أجل التعرف عليه وعلى مواده فقط ، بل من أجل استشراف مستقبل لوطن لم يعد منتظراً لثورة جديدة لأنه بالفعل استهلك طاقاته في ثورتين متتاليتين ولا تزال الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والعيش بمنأى ؟؟ .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.