تعزيز صلاحيات المؤسسات الأمنية سيكون له تبعات كارثية على الديمقراطية "يُضيِّع المصريون آخر فرصة لبناء نظام ديمقراطي شامل على نطاق واسع من بين أيديهم".. هكذا علقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على استعداد المصريين للخروج للاستفتاء على مسودة الدستور الجديد، وأعزت ذلك إلى تحدي تلك المسودة لوعود الربيع العربي الثورية بمنحها سلطات لتلك المؤسسات التي سيطرة من قبل على مصر "بقبضة من حديد" – على حد وصف الصحيفة. واستبعدت الصحيفة الأمريكية في افتتاحيتها أن يتم الالتزام بأي تطورات في اللغة الدستورية، وعبرت عن أسفها لكون التاريخ المصري لا يقدم أي ضمانات علي التزام بها، ورأت أن الاختبار الحقيقي لأي دستور هو إلى أي مدى يتم الالتزام به على أرض الواقع. وتنبأت بأن تعزيز صلاحيات المؤسسات الأمنية بصورة أكبر سيكون لها تبعات "كارثية" على الديمقراطية –على حد وصف الصحيفة– على الرغم من أن توق المصريين لأن ينعموا بالمزيد من الاستقرار بعد ما يقرب من ثلاثة سنوات عمها الصخب قد أصبح واضحًا للعيان، وأشارت إلى المداهمات التي شنتها قوات الأمن مؤخرًا والتي استهدفت الآلاف من النشطاء الليبراليين واليساريين ممن خرجوا في تظاهرات مناهضة لقانون التظاهر، والذي كان آخر محاولة للحكومة لكبح جماح المعارضة. وتوقعت أن تتم المصادقة علي الدستور عبر استفتاء شعبي خلال ال30 يومًا المقبلة، كما أن المصريين الذين حرموا من ممارسة أي نشاط على مدى عقود فترة حكم المخلوع سيتسمون ب"الحكمة" التي تجعلهم يقرأون مسودة الدستور بدقة، ويطالبون اللجنة المكلفة بصياغته بتغيير بنوده. ورأت أن لغة الدستور تبدو "غامضة" وغربية في بعض الأحيان، حتى أنها تعزز من نفوذ المؤسسة العسكرية، والشرطة، والقضاء، تلك المؤسسات التي ضافرت جهودها للإطاحة بمرسى، وحظر جماعة "الإخوان المسلمين"؛ على الرغم من أنه من الناحية النظرية يمنح المواطنين حقوقًا مهمة جديدة، من بينها تجريم التعذيب، والاتجار بالبشر، ويطالب الدولة بحماية المرأة من العنف. وقالت إن الجيش قد فاز باستقلالية كبيرة في دستور 2012؛ ومع ذلك ستعزز الوثيقة الجديدة من ذلك الوضع بدرجة أكبر لاعطائها المؤسسة العسكرية الحق في تعيين وزير الدفاع لفترتين رئاسيتين قادمتين، كما أنها ستسمح بالمحاكمة العسكرية للمدنيين، ذلك الإجراء الذي طالما عارضه النشطاء الديمقراطيون. وأوضحت "نيويورك تايمز" بأن الدستور الجديد يقضي باستشارة مجلس من كبار الضباط في المسائل المتعلقة بالسياسة الأمنية، ما دفعها للترجيح بدرجة كبيرة التأكيد على عدم إدخال ما لا يذكر من الإصلاحات ذات المغزى والتي كانت من الممكن أن تخضع الجيش والشرطة بحسم للسيطرة المدنية. وقالت إن مرسي ومؤيديه قد ذهبوا إلى أبعد من هذا العام الماضي في الاصطدام بقوة مع الشعب عبر دستور عزز بدرجة كبيرة من دور الشريعة الإسلامية وتقييد الحريات، ووصفت "نيويورك تايمز" الدستور الجديد ب"المعيب"؛ لإقصائه تيار الإسلام السياسي عن المشاركة في صياغته، فضلا ًعن سعيه لمحاولة سحق الإخوان بدرجة كبيرة عبر حظرة إقامة أي حزب سياسي علي أساس ديني. وأفادت بأن التغيير الذي أُجري في اللحظات الأخيرة علي أحد البنود قد أثار احتمالية عدم سماح الجيش بإجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية مخالفًا الوعد الذي كان قطعه علي نفسه سابقًا، وتابعت القول إن تلك الخطوة قد تجعل من المرجح فوز الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع في سباق الانتخابات الرئاسية إذا ما قرر الترشح.