إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    منال عوض تبحث فرص التوسع في الاستثمارات البيئية بالمحميات الطبيعية    الرقابة المالية توافق على التأسيس والترخيص ل 6 شركات بأنشطة صندوق الاستثمار العقاري والتخصيم والتمويل العقاري وإدارة الصناديق    كوبارسي يدخل تاريخ برشلونة برقم مميز    شوبير يوضح تفاصيل عرض لاعب الزمالك على الأهلي خلال الميركاتو الشتوي    تحريات حادث مصرع الفنانة نيفين مندور في حريق شقتها: النيران التهمت غرفتها وزوجها كان في الصالة    فضيحة شركات السياحة المزيفة.. ضبط المتهمين بالنصب على المواطنين في رحلات الحج والعمرة    درجة الحرارة 1.. غيوم وأمطار غزيرة على مدينة سانت كاترين    محافظ أسوان يشيد بنجاح جراحة دقيقة للعمود الفقرى في مستشفى دراو المركزي    رويترز: ضغوط أمريكية على باكستان للمساهمة في قوة الاستقرار الدولية بغزة    عاجل- الاحتلال الإسرائيلي يرتكب 11 خرقًا جديدًا لوقف إطلاق النار في غزة    إقبال كثيف من المواطنين على التصويت فى جولة الإعادة بالمقطم    نساء المطرية يسيطرن على المشهد الانتخابي فى اليوم الأول بجولة الإعادة    مواعيد مباريات منتخب مصر في أمم إفريقيا 2025 بالمغرب    «إكسترا نيوز» ترصد التصويت في جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب في جنوب سيناء    غرفة عمليات حماة الوطن تتابع التصويت بجولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب بالمرحلة الثانية    "متبقيات المبيدات" يستقبل وفدا صينيا رفيع المستوى لتعزيز جهود فتح الأسواق العالمية    خروج عربة قطار عن القضبان بمحطة الحامول في المنوفية (صور)    صناع فيلم "فلسطين 36" يتحدثون عن ترشيح الفيلم للأوسكار: شرف وفخر وجهد كبير    قاضى قضاة فلسطين: الدور المصرى تجاه القضية الفلسطينية ممتد وتاريخى    فيلم "الست" بطولة منى زكي يحقق إيرادات وصلت إلى 13.5 مليون جنيه    عرض مسرحي في الأوبرا يتتبع روايات «باكثير» احتفالا بمرور 115 عاما على ميلاده    «الخارجية» تصدر الكتاب الأبيض حول مبدأ الاتزان الاستراتيجي في السياسة المصرية    بعد إدراج الكشري على قائمة اليونسكو.. رحلة في جذور الأكلات الشعبية المصرية    محافظ قنا يوجه بحملات مرورية مكثفة للحد من حوادث الطرق    إصابة 4 أشخاص إثر حادث إنقلاب سيارة بصحراوى أسيوط    وأنا أحبك يا سليمة.. أول رواية لشريف سعيد الفائز بجائزة نجيب محفوظ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17-12-2025 في محافظة الأقصر    الأربعاء.. 18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    59 تهمة بينها 15 قتل.. تفاصيل التهم الموجهة لمنفذ هجوم سيدنى الإرهابى    تزايد اقبال المواطنين بلجان انتخابات الإعادة لمجلس النواب بالغربية    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    مصر تواجه تغير المناخ بمشروع الإسكان الأخضر.. تنفيذ 68 ألف وحدة سكنية بتكلفة تتخطى ال 52 مليار جنيه..أكتوبر الجديدة وأسوان والعبور الجديدة والعاشر من رمضان أبرز المدن..المشروع يستهدف ترشيد استهلاك الطاقة.. صور    بعد إدراج الكشري في اليونسكو.. التراث غير المادي مهدد بالاندثار دون توثيق    إعلام الاحتلال: إسرائيل تستعد لمواجهة عسكرية مع حزب الله نهاية العام    شيكاغو فاير يتمسك بصفقة ليفاندوفسكي    سطوحي قائمًا بأعمال عميد علوم عين شمس وطنطاوي للآثار    أبو الغيط: الاحتلال يُمعن في إفراغ وقف إطلاق النار بغزة من مضمونه    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    الصحة تكشف تفاصيل تجديد بروتوكول مواجهة الطوارئ الطبية لمدة 3 سنوات جديدة    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاربعاء 17-12-2025 في محافظة قنا    من سندرلاند إلى ليفربول.. خريطة غيابات الدوري الإنجليزي في كان 2025    مصطفى أبو سريع يعلن انفصاله عن زوجته ويعلق: كانت حق الأم المثالية لأولادي    وفاة نيفين مندور بطلة فيلم "اللي بالي بالك"    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    السجن 5 سنوات لعامل بتهمة إشعال النيران بسيارة مياه معدنية فى قنا    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    رسل الموت تنزل فى سراييفو    سعر الدولار اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 في مصر    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام الطرح الخاص للشركة العملية للطاقة» وإدراجها في بورصة الكويت    اسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    وكيل صحة الإسماعيلية تُحيل المقصرين بوحدة «أبو جريش» للتحقيق    «ترامب» يحذر فنزويلا من صدمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة    أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    اللاعب يتدرب منفردًا.. أزمة بين أحمد حمدي ومدرب الزمالك    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت فى كأس عاصمة مصر    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصول الأكلات التراثية.. من أين جاءت؟

كثيرا ما نتحدث عن أصول الأطعمة المختلفة، ونسب أكلات بعينها إلى حضارات أو عصور معينة، لكن نادرا ما نتوقف عند السؤال الأهم: كيف نعرف أصل الطعام من الأساس؟، وما هي الأدلة العلمية التي يستند إليها؟.
الإجابة على هذه الأسئلة توضحها الدكتورة هالة بركات، الباحثة في مجال الأغذية وخبيرة النباتات المصرية القديمة، من خلال تصريحاتها ل "الشروق" التي تتيح لنا فهما أدق لتاريخ ما كان يأكله المصريون عبر العصور.
كيف نعرف تاريخ الأكلات التراثية؟
أوضحت دكتورة هالة بركات، أن معرفة تاريخ الأكلات التراثية لا تقوم على الاجتهاد أو الشائع المتداول، وإنما تعتمد على مصادر علمية واضحة؛ فالأكلات المتأخرة نسبيا يمكن تتبع تاريخها من خلال كتب الطبخ والمصادر المكتوبة، أما الأكلات الأقدم بكثير، فيجري التعرف عليها عبر الأدلة الأثرية، مثل بقايا النباتات في المواقع الأثرية، أو الرسومات والنقوش على جدران المعابد والمقابر، مع اعتبار أن العينات النباتية المكتشفة تُعد أكثر دقة من الرسومات في تحديد ما كان يزرع ويستخدم بالفعل.
وأضافت، أنه في هذه الحالة يأتي دور علم دراسة النباتات الأثرية (Archaeobotany)، الذي يعتمد على تحليل بقايا النباتات التي عُثر عليها في المواقع الأثرية، لمعرفة أنواع النباتات التي كانت موجودة، وكيف استخدمت غذائيا؛ فمن خلال هذه الدراسات يمكن القول مثلا إن الفول كان معروفا في مصر منذ الأسرة الرابعة، وهو ما يرجح أنه كان يزرع ويطهى ويستهلك بالفعل في تلك الفترة.
ورغم ذلك، فإن هناك بعض التفاصيل الهامة الأخرى؛ فالفول لم يكن نباتا مصري المنشأ، بل جاء في الأصل من مناطق نموه البري في إقليم الهلال الخصيب، فيما تشير هذه المعطيات إلى أن كثيرا مما نعده اليوم من أكلات هو في الأصل استخدام مشترك للنباتات، تشاركته مناطق واسعة تمتد من جنوب تركيا وشمال سوريا وفلسطين عبر الهلال الخصيب، ثم شرقا إلى العراق وإيران، وصولا إلى مناطق تزرع فيها أنواع متعددة من البقوليات مثل الهند.
ولا تزال هذه المناطق تعتمد على هذه النباتات بوصفها جزءً أساسيا من تراثها الغذائي، وقد تتبع طرقا متشابهة في إعداد الطعام ك"التنبيت" مثلا الذي يعزز من القيمة الغذائية، ما يؤكد أن بعض الممارسات لم تكن حكرا على بلد واحد، بل تراثا غذائيا مشتركا تشكل عبر الجغرافيا والزمن.
تأثير البيئة والظروف الاجتماعية
وأوضحت أن البيئة والظروف الاجتماعية تلعبان دورا حاسما في تشكيل الأكلات، ويظهر ذلك بوضوح في الأكلات الشعبية، التي تقوم في الأساس على مكونات خفيفة، متوفرة طوال العام، ولا ترتبط بمنطقة واحدة بعينها.
وقالت إن الكشري مثالا واضحا على ذلك؛ فهو طبق واحد له أشكال وتسميات متعددة حسب المكان؛ فالكشري المعروف في الإسكندرية يختلف عما يسمى ب"الكشري الدمياطي"، بينما نجده في سيناء طبقا من الأرز والعدس، قد يضاف إليه اللبن الرايب أو الطماطم، ويعرف ببساطة باسم "رز بعدس".
وعند الرجوع إلى كتاب "نظيرة نيقولا" نجد أن وصفة الكشري في أصلها شديدة البساطة، وتتكون من الأرز والعدس فقط، مع إمكانية إضافة صلصة، وهو ما يؤكد أن الوصفات ليست ثابتة، بل متحولة وتختلف باختلاف المكان، وبتغير الزمن وفقا للظروف الاجتماعية والاقتصادية.
من هنا تشير الدكتورة هالة بركات، إلى أهمية دراسة أنماط الأكل المعاصرة: كيف يأكل الناس اليوم؟، وكيف تتغير طرق تناول الطعام تبعا للبيئة والظروف الاجتماعية وما هو متاح من موارد؟، فالبيئة الزراعية تحدد شكل الغذاء؛ إلى أن بعض المناطق تعتمد أساسا على الخبز المصنوع من القمح، بينما تميل مناطق أخرى، مثل شمال الدلتا، إلى الإكثار من الأرز لارتباطه بالزراعة المحلية، وفي مطروح مثلا يختلف نمط الخبز والغذاء عما هو سائد في القاهرة، وهو ما يؤكد أن الموقع الجغرافي وما يسمح بزراعته ينعكس مباشرة على الأكلات الشعبية.
افتتاح المتحف المصري فرصة يجب أن تستغل
أضافت أنه رغم محاولة بعض التجارب الحديثة الاستفادة من هذا التنوع، مثل المطاعم التي تقدم الأكل الشعبي بصيغة معاصرة، وهو نموذج نجح تسويقيا، لكن يظل التأثير من الناحية الثقافية محدودا، والطرح الأهم، خاصة في سياق مثل افتتاح المتحف المصري الكبير، هو المطالبة بوجود مطعم جاد يقدم الأكل التراثي المصري بدقة، ويربطه بتاريخه، ويغير قائمته تبعا للفصول، ويشرح أصول الأكلات ومكوناتها؛ فالمتحف، بما يملكه من شواهد أثرية، مثل النباتات التي عثر عليها في مقبرة توت عنخ آمون، يتيح فرصة فريدة لربط الطعام بالتاريخ المادي المعروض، وتحويل الأكل من تجربة استهلاكية إلى تجربة معرفية وثقافية متكاملة.
مصر.. مطابخ لا مطبخ واحد
أشارت إلى أن المطبخ المصري قادر على أن يستقبل عناصر من ثقافات مختلفة، ثم يعيد تشكيلها وتطويعها حتى تصبح مصرية خالصة في المذاق والروح، وتُعد هذه القدرة على التحوير والتطوير من سماته الأساسية.
كما يتميز المطبخ المصري بسرعة التغير مقارنة بمطابخ أخرى في المنطقة، ربما بسبب حب التجديد والانفتاح على ما يعرف ب"الموضة الغذائية"، إلى جانب رغبة المصريين في تجربة أطعمة متنوعة خارج المنزل، مع بقاء أكل البيت مقبولا ومحبوبا دون حساسية ثقافية تجاه تغييره.
وأكدت أنه لا يمكن فهم المطبخ المصري باعتباره كيانا واحدا موحدا؛ فمصر شديدة الاتساع والتنوع البيئي، وما يزرع ويؤكل في الساحل الشمالي الغربي أو شمال سيناء، حيث الزراعة المطرية وإنتاج الزيتون والشعير، يختلف جذريا عما يوجد في الدلتا أو الصعيد، ودمياط على سبيل المثال لها مطبخ خاص ومميز، وثقته الباحثة تركمان الريدي في كتاب مهم عن الأكل الدمياطي.
كما تشير إلى أنه من خلال عملها رأت كيف تحتفظ مناطق مثل إسنا بأكلات محلية لا تكاد تعرف خارجها، مثل استخدام نبات القرطم الأخضر في الطهي، وهي عادة يتفردون بها وتقتصر عليهم فقط، ما يدل على حاجتنا لدراسة تراث الطعام المصري بشكل أعمق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.