رأت صحيفة "نيويورك تايمز"، الأمريكية، أنه على الرغم من أن الدستور الجديد قد منح المواطنين حقوقًا جديدة في غاية الأهمية، على رأسها تجريم التعذيب والاتجار بالبشر، والعمل على حماية المرأة من العنف؛ إلا أنه لا يزال يمنح وضعًا مميزًا لتلك المؤسسات التي كانت عقبة أمام السنوات الثورية المضطربة التي مرت بها البلاد، والتي من بينها جهاز الشرطة، الذي كان ينظر إليه باعتباره مصدر الانتهاكات الرئيسي. وكشفت عن أن طغيان النقاش بشأن الدستور على تقارير الاضطرابات المتنامية خلال الأيام الأخيرة، إنما يسلط الضوء على الفجوة القائمة ما بين الخطاب الرسمي للدولة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وتكتيكات الدولة القمعية التي طال أمدها . ورأت "النيويورك تايمز"، أن الدستور الذي تمت المصادقة عليه هو آخر محاولة لمحو آثار حكم الإسلاميين، ولفتت إلى أن العجلة في تمرير دستور مرسي قد خلفت ميراثًا مريرًا ترك الباب مفتوحًا لتوجيه المزيد من الانتقادات إليه. ورجحت الصحيفة أن تواجه الحكومة الحالية انتقادات مماثلة لتلك التي واجهها نظام مرسي، بحسب محللين سياسيين، نظرًا لضعف نسبة تمثيل تيار الإسلام السياسي في اللجنة. وقالت إن نص الدستور على حظر أي حزب يقوم على أساس ديني، من المحتمل أن يجرم الأحزاب التابعة لتيار الإسلام السياسي. وقالت إن العديد من الخبراء أشاروا إلى العديد من التطورات الملحوظة التى اشتمل عليها الدستور الجديد، على رأسها تطرقه لتفاصيل متعلقة بحقوق الطفل، والالتزام بما وقعت عليه مصر من الاتفاقيات الدولية. كما أنه يضمن حق المتهم في الصمت، ويدشن لجنة لمكافحة أي شكل من أشكال التمييز. وأشارت إلى اعتبار المسئولين المصريين الانتهاء من مسودة الدستور وعرضه للاستفتاء الشعبي، حدثًا بالغ الأهمية بالنسبة لخارطة الطريق إلى الديمقراطية المقترحة، وتصويتًا حاسمًا على شرعية الحكام الحاليين للبلاد. واعتبرت التغيير الذي نال من إحدى مواد الدستور والذي وصفته الصحيفة الأمريكية بغير المتوقع فيما يتعلق بإجراءات الانتخابات البرلمانية، قد أثار الشكوك واحتمالية تأجيل خارطة الطريق العسكرية. ولفتت إلى أن لجنة "الخمسين" لم تحسم بعد أيهما سيكون له الأسبقية، إجراء الانتخابات البرلمانية أم الرئاسية، تلك الخطوة التي جعلت البعض يتكهن بأنها تهدف إلى تمهيد الطريق أمام السيسي، لأن يتولي سُدة الحكم. ورأت "النيويورك تايمز" أن تغطية البرامج التليفزيونية الإخبارية، والتي حاولت الالتزام بنقل رؤية شاملة للوضع القائم في البلاد عبر الموازنة ما بين بث جلسة تصويت لجنة صياغة الدستور، والاضطرابات الحادثة في ميدان التحرير؛ حيث احتشد مئات الطلاب قبل أن تفرقهم عاصفة من قنابل الغاز، قد كشفت عن مدى التناقض الواضح ما بين الخطاب المثالي لمواد الدستور المدونة، والواقع الذي يبدو أكثر مرارة. وقالت إن المحللين استبعدوا أن يقود الدستور الجديد، البلاد إلى أي شكل من أشكال التغيير الجذري الذي تحتاجه البلاد بدرجة بالغة؛ على الرغم من التطورات الملحوظة في صياغته مقارنة بالدساتير السابقة. وأشارت إلى أن المسودة الحالية للدستور، لا تختلف بدرجة كبيرة عن الدساتير السابقة، إذ ارتكزت على دستور 1971، الذي يرجع إليه صائغو الدستور مرارًا كما لو كان "كتابًا مقدسًا"، على حد وصف الصحيفة، ونقلت عن زياد العلي، الفقيه الدستوري، وأحد الاستشاريين بالمعهد الدولي للديمقراطية، والمساعدة الانتخابية، كلماته المشوبة بنبرة التهكم: "إنه شىء رائع للغاية، إنه في ظل بيئة ثورية، ألا نحصل على دستور ثوري". وأفادت الصحيفة الأمريكية، بأن الأصوات المطالبة بالتغيير قد ارتفعت مؤخرًا؛ إذ واجهت الحكومة المؤقتة "غضبًا" بشأن ما اعتبره معارضوها "انتكاسة" إلى عهد الديكتاتورية؛ نظرًا للمصادقة على قانون التظاهر القمعي الذي أسفر عن تجدد مداهمة تظاهرات الطلاب والنشطاء غير الإسلاميين. وأشارت إلى تمديد فترة حبس الناشط السياسي البارز علاء عبد الفتاح على خلفية اتهامه بانتهاك هذا القانون. وتابعت أن اعتقال عبد الفتاح، وغيره من النشطاء الليبراليين واليساريين البارزين قد بدأ – بالفعل – في توسيع قاعدة معارضة الحكومة الحالية؛ إذ لم تعد قاصرة على أنصار المعزول مرسي الذين تحملوا وطأة قمع الدولة. وأشارت إلى مقتل ما يقرب من ألف منهم على أيدي قوات الأمن منذ يوليو الماضي، وإلقاء القبض على الآلاف بمن فيهم قيادات جماعة "الإخوان المسلمين"، كما حكم على عدد من الشباب بأحكام قاسية، على حد قول الصحيفة؛ لتظاهرهم ضد الجيش.