فى عام840 م أى بعد قرنين من ظهور الإسلام عمل الخليفة المعتصم(833-843م) على القيام بأخطر عملية إحلال وتبديل فى جيش الأمة ..مستبدلا العرب بالأتراك ....بعد 25 عاما تقريبا من هذا التاريخ قام هؤلاء الأتراك بقتل الخليفة المتوكل إبن المعتصم..عاشر الخلفاء العباسيين وحفيد الرشيد .. من هذا التاريخ انقسمت الخلافة الإسلامية إلى سلطتين سلطة شكليه يمثلها الخليفة العباسي(العربي) وسلطة دنيوية يمثلها أميرالأمراء سلطان الترك.. تدريجيا تفكك المجتمع والدولة إذ ما لبثت كل حامية عسكرية أن استقلت بمدينة أو مقاطعة .. فالترك كانوا ابعد ما يكون عن مفهوم المجتمع المتماسك حيث الثقافة والحضارة والقانون..وصفهم الجاحظ بأنهم (بدو العجم) من وقتها تقريبا توقفت الحضارة الإسلامية عن النمو . فى عام 1098م سقطت القدس بأيدي الصليبيين.. استمرت الحروب الصليبية قرنين..وفى نهاية الأمر فشلت (إسرائيل مرعوبة من هذا النموذج)..لم يرضيهم هذا الفشل وإمكانية قيام الأسد الجريح ثانية فاتصلت البابوية بخاقانات التتار فى الصين ودار بينهما حديث مكتوم حول خطورة هؤلاء الذين يسجدون لإله واحد أحد.. فتحرك هولاكو وأحرق بغداد عام 1254م(سيتكررذلك عام 2003م) ومن بعده احرق تيمورلنك دمشق 1400م (إن شاء الله لن يتكرر ذلك في أي تاريخ) . امتد ذلك واستمر بكل أثارة الاجتماعية والسياسية و الفكرية من القرن التاسع حتى القرن السادس عشر. خلالها نشأ حلف خطير بين الشعوب الإسلامية و المماليك (المقاتلون الأشداء القادمون من بلاد البخاري والنسائي والترمذي) وقام فقهاء أهل السنة على توثيق هذا الحلف( صونا للدين و العرض). خلال هذا الحلف أنتج الفقهاء مفهومين شرعيين/سياسيين من أخطر المفاهيم التاريخية على قلب الأمة ودورتها الحضارية(ستستمر معنا حتى 2011م وما قد يليه وما قد لا يليه) هذين المفهومين هما تحريم الثورة وجواز إمارة المتغلب(ماحدث فى سقيفة بنى ساعدة يبطل هذين المفهومين). استمر حكم المماليك ثلاثمائة عام..خلالها تم تجميد كل شيء وتعطلت الأمة عن الإنتاج الحضاري . فى القرن السادس عشر انتقلت الخلافة شرعيا وسياسيا إلى الأتراك العثمانيين..الذين وجدوا المفهومين السابقين جاهزين على أرفف التاريخ.. فاعملوهما بإحكام حاكم وشدوا وثاق الأمة برباط الخوف والخضوع . بعدها سيخرج مفكرعروبى سيهاجم بضراوة هذين المفهومين ... مفهوم تحريم الثورة(طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد)ومفهوم جواز إمارة المتغلب(أم القرى) ..لكن الوطأة كانت أشد من كتابين كتبهما مفكر. المعتذرون عن الخلافة العثمانية يقولن بأنها قامت على حماية الأمة لمدة 400 عام لكن أحدهم رد قائلا أن أوروبا الصليبية كانت منشغلة خلال هذا الزمن(بالمخاض العظيم):استيطان أمريكا والإصلاح الديني. ويتساءلون فى دهشة مروعة عن سقوط غرناطة 1492م فى الوقت الذى كان يملك العثمانيون فيه أقوى جيش برى وبحرى فى العالم..وردوا الوفود العربية التى أتت من أسبانيا إلى القسطنطينية خائبة . بعد ذلك تمت المساومات على أقطار الأمة قطرا قطرا .. وجاء الاحتلال الأوروبي والاغتصاب الصهيوني . بنهاية الحرب العالمية الثانية يخرج الاحتلال ويترك مكانه نواة صلبة من لحمته وسداه ..اختار لها مكانا مرعبا(فلسطين) وأوجد لها ذريعة أكثررعبا(عودة المسيح)..ووعى تماما دورالمماليك فى تعطيل حضارة الأمة..لكن المماليك كانوا مع ذلك(ركن الدين وفخر الدين..) فتم البحث عن مماليك(ضد الدين وحرب الدين..) فكانت الدولة الجديدة .. وتنطوى صفحات التاريخ صفحة تلو صفحة..ويبقى فى حقيقته خيطا متصلا موصلا ببعضه يسلم بعضه بعضا ..وتبقى من الهزائم مرارتها وحسرتها ومن الانكسار مهانته وذله ومن التردى خنوعه وخضوعه . وتبقى حقيقة الحقائق التى ما غفل عنها أحد ولكن اختلفت الدروب إليها .. وهى(ما بأنفسهم..)ونفس الأمة هم الناس..علماء ومفكرون ونخب وفقهاء ومثقفون وفلاحون وعمال وطلبة هم العامة والبسطاء الذين يحرسون الطريق ويطفؤن الحريق وينقذون الغريق كما وصفهم الجاحظ وكلها توصيفات مجازيه تشي بأهميتهم القصوى (لا تمشى بك اليد ولكن تمشى بك القدم). من.. من المهتمين بالإصلاح يعطيني أذنه اصرخ فيها أن(أفيقوا يرحمكم الله ..) انتبهوا إلى مسرح العرائس الذي نصبوه لكم وشدوا كل من عليه بخيوط أحكمت جيدا(بقفاه).. هاهوالمجتمع(الأمة)فى فوضاه وتأخره وتخلفه وتهلهله وسكرته ... يحتاج الأخلاق..فهل عندكم منها ..؟ يحتاج المعرفة فهل عندكم منها ..؟ يحتاج التنظيم فهل عندكم منه..؟ يحتاج الأمل فهل عندكم منه ؟ مسرح العرائس مكان لا يليق بأصحاب الهمم ورجال النهضة وأبرار الأمة .. وأنت حيث تضع نفسك وكرامتك نتاج نشاطك .. دعكم من الكلام القديم الذي بلى وشاخ وفقد معناه..دعكم من المضغ بلا هضم.وانظروا خلفكم وأمامكم وأمعنوا التبصر بكل ما حولكم . عبرة التاريخ تقول لكي يعود للدين مجدة ويقام بين الناس هى أن يكون المجتمع أقوى من الدولة .. وقوته لا تكون بالصيحات والشعارات..قوته تكون بالتربية و المعرفة والتنظيم .. هذا كتابي إليكم والنذير لكم ***لمن رأى رأيه منكم ومن سمعا .. وقد بذلت لكم نصحي بلا دَخَل***فاستيقظوا إن خير العلم ما نفعا..