بعد اطلاعي على ما دار أول أمس بين رئيس الوزراء د. أحمد نظيف ومجلس نقابة الصحفيين ، تأكدت تماما أن القيادة السياسية المصرية ، اتخذت قرارا بالتعاطي مع القانون الجديد المطروح بشأن "حرية الصحافة" ، بنفس الطريقة الاحتيالية وبذات ثقافة اللف والدوران واللعب بالثلاث ورقات التي تتعاطى به مع قانون "الطوارئ". هذه التركيبة السياسية الرسمية التي لاتقتاد ولاتعيش إلا على الفساد والقمع والجهل .. لايمكن أن يصدر عنها تشريعات تحارب الفساد وتنهي سياسات القمع وتحاصر الجهل وتنشر التنوير. لقد بدا لي أن صانع القرار في هذا النظام البائس لن يتساهل مع هذا الثالوث : حرية الصحافة ، استقلال القضاء ، احترام حقوق الانسان المصري . الكلام في اجتماع أول أمس كان واضحا بجلاء ، إذ لن تلغى عقوية الحبس ، وسُيبقى عليها في التعديل الجديد ، خاصة وكما ورد على لسان رئيس وزراء حكومة القمع والاذلال والتخلف أحمد نظيف ، فيما يتعلق بالذمة المالية لمن يتناوله الصحفي بالنقد من الشخصيات العامة !... ولماذا الذمة المالية بالذات التي يصر النظام على أن يبقي بشأنها عقوبة الحبس مسلطة على رقاب الصحفيين ؟! إنه تقنين وتشريع رسمي يفرض الحصانة على اللصوص والحرامية وكل من يريد أن يسرق هذا البلد وهذا الشعب ... وهو في حماية القانون . الكلام الذي قيل في الاجتماع كان رسالة واضحة وببجاحة غير معهودة وعيني عينك .. بأن النظام قرر فرض حمايته على رجاله من اللصوص وبالقانون وأن اي صحفي سيقترب منهم سيكون مآله السجن وبئس المصير. رئيس الوزراء الذي سبق وان استخف بشعبه واهانه من قبل في كل عواصم العالم ووصفه بأنه شعب قاصر وغير ناضج وغير مؤهل مثل بقية خلق الله لكي يستمتع بالديمقراطية ، لم يتورع من ابداء استخفافه بمكانة ومنزلة نقابة الصحفيين ومجلسها ونقيبها واستهتاره بدورهم في الدفاع عن حقوق الجماعة الصحفية عندما قال بدون أن يرجف له جفن : " إن عرض التشريع الخاص بإلغاء الحبس في قضايا النشر علي نقابة الصحفيين، لا يلغي حق الحكومة في إحالة المشروع إلي مجلس الشعب بالصورة التي تراها حتي لو لم توافق عليه النقابة"! بالله عليكم .. هل توجد "بجاحة" أو "تناحة" في مثل ما ظهر عليه هذا الخطاب "السخيف" الذي قذفه رئيس الحكومة في وجه المجلس ونقيبه؟! ثم إذا كان وجود مجلس النقابة مثل عدمه في نظر رئيس حكومة نظام النهب العام ، فلماذا قبل الاجتماع بهم ؟!.. هل كان من قبيل التقاط الصور التذكارية وتبادل القفشات والنكات والتجمل بمشاهد كاذبة ومزيفة تدعي سماع الحكومة لرأي أولي الشأن ... حتى إذا حبس صحفي بعد ذلك ، حُملت النقابة المسئولية باعتبارها اطلعت علي التشريع قبل تمريره في مجلس الشعب بدليل دامغ وهو أن مجلسها أخذ صورا تذكارية مع فخافة نظيف باشا؟! وكيف يقبل مجلس النقابة "رشوة" الصحفيين بمبلغ 60 جنيها .. وهو يسمع هذا الكلام السخيف من رئيس الوزراء .. كان على النقابة أن ترفض قبول هذا "المبلغ الرشوة" إلا بعد أن تلبى كل مطالب الصحفيين سيما فيما يتعلق بعقوبة الحبس وأن لايكون أي مسؤول بمنأى عن ملاحقة الصحافة له متى ثبت فساده ولصوصيته مهما علا شأنه وارتفعت منزلته السياسية ، وفي تقديري أن رئيس الوزراء الذي ليس له اية خبرات سابقة في العمل السياسي أو التعاطي مع مؤسسات المجتمع المدني ، غير مدرك أن لدى الصحفيين من القدرات والاوراق التي من شأنها أن تحمله حملا .. هو قيادته السياسية على احترام رغبة الصحفيين ومطالبهم العادلة والمشروعة ... وإني أهيب بزملائي أن لا يسمحوا لمثل هذا النظام الذي على "قد حاله" من الحرفية السياسية أن يستخف بهم وأن يفرض عليهم قانونا جاهليا وظلاميا يحمي رجاله ... ويرمي بالصحفيين في ظلمات سجونه ومعتقلاته. [email protected]