لم أكن أحب أن أعود إلى "بلال فضل" ومقاله في المصري اليوم ، لأن الموضوع من وجهة نظري لا يستحق أن أكتب فيه زاويتين ، كما أن الخبر موضع الإشكال لم يكن يستدعي أن يكتب فيه "بلال فضل" مساحة نشر تصلح لرسالة ماجستير ، وليس لتعليق على خبر ، كل هذا الجهد وهذه المساحات من أجل أن يقول بلال في النهاية أنه فعلا أوقف مقالاته بسبب منع مقال العوا ، كل هذا العناء من أجل أن يأخذ علينا أننا لم نأخذ رأيه قبل أن ننشر الخبر الذي اعترف هو نفسه أنه كان صحيحا . ولكني أعتب على "بلال" أنه راح في الجزء الثاني من مقاله يحرض المصري اليوم ونجيب ساويرس على محاكمتنا ، وإن لم يتمكنوا من سجننا فعلى الأقل حسب قوله أن يتم إرهاقنا بتعويضات مالية ، وكنت أتمنى أن ينزه نفسه عن هذا التحريض غير اللائق من مثقف مثله ، رغم أنه تهديد لا يهز شعرة في رؤوسنا ، المصري اليوم لها مستشاروها القانونيون ولها مسؤولوها ولها إداريوها ولها ملاكها ، ولا أظنها في حاجة إلى أن يحرضها بلال فضل على صحف أخرى منافسة ، وتطوعك بهذا الكلام غير اللائق وغير المسؤول يضع أمام مقالك أكثر من علامة استفهام ، كما أن نجيب ساويرس يملك امبراطورية مالية وإعلامية بخبرائها القانونيين والإعلاميين ، ومن ثم لا أظنه ينتظر نصائح أو تحريض مثلك ولكن مثلك ربما يظن البعض أنه يحتاج إلى دفء الامبراطورية ، كنت أتصور أن بلال أكرم على نفسه ومكانه من هذا المستوى . بلال قال أن صحيفة المصريون جعلت منه بطلا عندما انتقد سيد القمني ثم خسفت به الأرض عندما كتب وجهة نظر مغايرة في موضوع كاميليا شحاتة ، وهو كلام فارغ لا معنى له ، فلا يعني ثناؤك على كاتب كان له موقف جيد في قضية أنك تجعله بطلا ، فقط تقول أنه أحسن في القضية ، وإذا أساء في غيرها قلنا أساء في هذه المسألة ، ونحن كمسؤولين عن المصريون لم نكتب حرفا ضد بلال فضل في الصحيفة ، ولكن أحد كتاب الصحيفة غير الدائمين أرسل مقالا فيه تعليق محترم جدا على مقال بلال على موضوع كاميليا وفيه عتاب راقي ، فنشرناه من باب حرية الرأي وقد نشرنا أيضا آراء كانت ضدنا ، ولأن شخص بلال ليس خطا أحمر بحيث لا يجوز نقده أو الاختلاف معه ، وكلامه في موضوع كاميليا كان غاية في الهشاشة والتهافت فحواه أن مصلحة الوطن تقتضي أن لا ننتقد الكنيسة على سجن كاميليا شحاتة أو وفاء قسطنطين وأن "نخرس" تماما وأن نوقف حالة الغضب وننسى الموضوع ، مصلحة الوطن أصبحت عنده المعادل التام لترك الكنيسة تفعل ما تشاء بالمخالفة للقانون ولحقوق الإنسان ، أي أن المعادلة في النهاية : أنت ضد سلوكيات الكنيسة إذن أنت ضد مصلحة الوطن ، وهو كلام ضد العقل وضد المنطق ، بل وضد مصلحة الوطن أيضا ، ومن الطبيعي أن يكتب البعض منتقدا لرؤيته تلك سواء عندنا أو عند غيرنا . وبعيدا عن هذا الخلاف الضيق والهامشي للغاية ، والذي اضطررت إليه فقط لإزالة أي لبس عنده أو عند من يقرأ له ، بعيدا عن هذا كله ، أنا أدعو زميلنا العزيز بلال فضل إلى كلمة سواء ، دعنا من العوا ومن بيشوي ومن ساويرس ومن مجدي الجلاد ، لأن الاستغراق في تلك "الأزقة" مضيعة للوقت وتغييب لجوهر المشكلة ، تعالى إلى صلب الأزمة وجوهرها ، الرأي العام يطالب بالأساس بأن يبسط القانون سيادته على الكنيسة مثلما يبسطها على الأزهر والمساجد ، وأن تخضع الكنائس للتفتيش كما تخضع المساجد لضمان عدم استخدامها من قبل متطرفين لأعمال وأنشطة ضد القانون ، وأن يتم إطلاق سراح أي مواطنة تحتجزها الكنيسة وأسماؤهم مشهورة الآن ، وأن تكون الولاية عليهم للدولة ومؤسساتها وأجهزتها الرسمية ، وأن يتم تجريم تسليم أي مواطن للكنيسة بوصفها جهة غير مخولة قانونا بالسيطرة على المواطنين أو توقيفهم أو حبسهم ، وأن تمتنع الكنيسة عن التورط في الشأن السياسي العام بوصفها مؤسسة للرعاية الروحية ، وأن يتوقف البابا عن الدعوة لمشروع التوريث والإعلان المتكرر عن دعمه وتأييده لأن هذا يجعل الكنيسة كلها خصما سياسيا لملايين المصريين ، وأن يعتذر البابا أو الأنبا بيشوي عن إساءته إلى القرآن الكريم ، وأن يتم تجريم التظاهرات التي تخرج من الكنائس أو من الكهنة ابتزازا للدولة لتحقيق مطالب طائفية أو غير قانونية تطلب تسليم مواطنين للكنيسة أو الاستيلاء على أراضي الدولة ، هذه هي المطالب الأساسية للرأي العام ، فإن رأيت أنها مشروعة وقانونية وعاقلة ومعقولة فلنسمع كلامك وتأييدك لها ، وإن كانت غير ذلك فلتشرح لنا مشكورا أسباب عدم مشروعيتها وعدم قانونيتها ، هذا أفضل لك وللوطن وأنجع لعلاج المشكل الطائفي الحالي ، بدلا من أن تنشغل بالدفاع عن ساويرس وشارل فؤاد والجلاد ، أو أن تورط نفسك أخلاقيا في عار تحريضهم على صحيفة المصريون . [email protected]