عندما صادرت صحيفة "المصري اليوم" مقال المفكر الكبير محمد سليم العوا ادعت أن مبررها في ذلك هو إغلاق باب الجدل في هذه المسألة وطي هذه الصفحة ، ورغم أن هذه كما عرفنا ونشرنا ، مجرد ادعاءات كاذبة لإخفاء السبب المباشر لمنع مقال العوا ، وهو تدخلات بعض ملاك الصحيفة ، إلا أن الشاهد في المسألة أنه لم يمض سوى يومين فقط على هذا الكلام الزائف وإذا بالمصري اليوم تفتح النار على الدكتور العوا وتلوح بأنه متعصب وضيق الأفق وأنه لولا تساهل القضاء معه لكان الآن في المحكمة لكي يلقى جزاءه متهما بنشر الأخبار الكاذبة وبالطائفية ، وكلام آخر على هذا المنوال ، وهو موقف يكشف عن مستوى متدني من أخلاق المهنة وانعدام المروءة ، هذه الهجمة مع الأسف كانت عبر مقال الزميل "بلال فضل" بعنوان "من حقك أن تعرف" ، وقد عرفنا يا بلال ، ولو أن غيرك قال ما قلت لكانت لنا معه وقفات قاسية ، وعندنا الكثير الذي يمكننا قوله ، ولكن سابق الود والاحترام بيننا يمنعنا من ذلك ، وهو أهل له حقيقة ككاتب موهوب ومثقف محترم وإن اختلفنا في مواقف وأغضبنا هلعك وتراجعك أمام أمواج الابتزاز الذي أصبح شعار المرحلة في كل المستويات في مواقف أخرى ، ليست قضيتنا فيما كتب بلال ، ولكن قضيتنا مع الصحيفة التي قالت أنها أغلقت "باب الفتنة" ومنعت كل الأطراف من الخوض في الأطراف الأخرى ، ثم إذا بها تفتح النار على أحد الأطراف دون الآخرين ، وهو ما يكشف بذاته عن جوهر الأوامر التي صدرت للمصري اليوم ، وأنه لم يكن المقصود منها حماية كرامة الطرفين ، وإنما حماية طرف بعينه ، واستباحة الآخر ، هل يمكن أن تفتح المصري اليوم لمقالات المؤيدين للدكتور العوا لكي يردوا عن عرضه الذي استباحته الصحيفة أمس في مقال بلال ، هل ستسمح الصحيفة للعوا نفسه بأن يوضح موقفه من الاتهامات غير اللائقة التي رددها ضده أمس بلال ، بالطبع لن تفعل ، وعندما قلنا أن المال الطائفي يحكم المصري اليوم فلم نكن نهاجم أو ننتقد فقط ، وإنما كنا ننقل المعلومات التي نعرفها ، ويعرفها كثيرون غيرنا ، كما نعرف أن هناك رقابة "خاصة" على كل ما ينشر في المصري اليوم بما في ذلك مقالات مجدي الجلاد نفسه ، ولتلك الرقابة صلاحيات كاملة في إلغاء أي مقال حتى لو مقال رئيس التحرير ، وهذه المعلومات لم ننقلها عن خصوم المصري اليوم ، أو حتى عن أطراف قريبة من الصحيفة ، وإنما من أصحاب الشأن في الصحيفة نفسها ، بلال فضل في مقاله الطويل جدا ، وهو أطول مقال أقرأه لبلال من سنين ، ومع ذلك أشار إلى أن له "كماله"، وهو طول يكشف عن حجم حرجه بعد أن نشرنا خبر امتناعه عن نشر مقاله بسبب غضبه من منع مقال العوا ، شرق وغرب ولف ودار بأسطر طويلة لكي يشرح ملابسات امتناعه عن نشر مقاله ، ولكنه في المحصلة اعترف بصحة الخبر الذي نشرته المصريون ، أو حسب ما قال "أحد المواقع الالكترونية" ، وكان مصدرنا للمعلومة لا يتطرق إليه الشك نهائيا في الواقعة ، وأكد بلال أنه امتنع فعلا عن نشر مقاله حتى يتبين سبب منع مقالات العوا ، ثم راح يشرح اتصالاته بمجدي الجلاد لكي يستوضح منه أسباب المنع وأنه اقتنع بكلام الجلاد ومبرراته ، ومقال بلال يحتوي على تناقضات كثيرة خاصة في تعليقه على العوا ، والذي ما كان لكاتب شاب مثله أن يتطاول عليه بمثل هذا الأسلوب المتعالم ، وهو أستاذه ، وعلى الأقل عندما يعلق على موقف قانوني لتصريحات العوا كان عليه أن يلزم حدود الأدب ، وأنه يتكلم مع أستاذ للقانون تخرج على يديه أجيال من القضاة والمستشارين الذين تعرفهم محاكم مصر الآن بطولها وعرضها ، كما لا يليق ببلال أن يستشهد بكاتبة صحفية ليؤكد "البطلان القانوني" لكلام العوا ، عيب ، مشكلة بلال فضل الآن ، والتحدي الأكبر له ، وأقولها مخلصا لصداقته ، أن طريقه الجديد "ككاتب سيناريو" لأفلام ومسلسلات ، سيضعه شاء أم أبى في دوامة استقطابات مالية وسياسية وشللية معقدة ، تجعله يتحسس قلمه جيدا قبل أن يكتب شيئا له طعم أو رائحة أو موقف ، وعملية تأديب وحصار سيناريست بحجم وتاريخ أسامة أنور عكاشة رحمه الله ، أعطت الدرس والعبرة لكل من يأتي بعده . [email protected]