من بين ما تلقيت من ردود وتعليقات على مقالى الأول ب"المصريون" (5/4/2006) ، "إذ يتلهى النظام بالأحزاب" تلقيت هذه الرسالة الكريمة من الدكتور محمد حمادة (أحد أعضاء حزب "الوسط" كما وصف نفسه) يقول فيها : " (...) لقد قرأت مقالكم الأخير بجريدة المصريون والذى دعوتَ فيه الى إعلان أحزاب الوسط والكرامة والإصلاح من طرف واحد . ولكنى أودأن أسألك : ما هى الفائدة العملية من ذلك؟هل يمكن إنشاء مقرات باسم هذه الأحزاب؟هل يمكن الدخول فى الانتخابات باسم هذه الأحزاب؟؟هل يمكن إثبات عضويات للأعضاء؟هل.. وهل؟! ما الفارق الفعلى يا سيدى؟ أظن أن البحث عن طريق بديل لتنفيذ الفكرة أفضل ! ما رأيكم ؟" . محمد حمادة طبيب بشرى ... ...! وأنا أشكره , بدايةً , على اهتمامه بقراءة المقال ثم بالكتابة إلىَّ تعقيباً , وأتمنى أن يسمح لى بهذا البيان الموجز جدًّا .. ... ... أتفق معك تماما فى أن خطوةً كالتى دعوتُ إليها ليست مجانيةً ولا رخيصةَ التكاليف (ولكنها أيضا ليست باهظتَها !) , كما أنه لم يخفَ علىَّ ما يكتنفها من صعوبات وعقبات عند محاولة تطبيقها عمليًّا . ولكنى أرى أننا لابد وأن نجترح عملاً سياسيًّا غير تقليدى فى مواجهة نظام غير تقليدى أيضاً فى اهترائه الداخلى كنظامنا . أدعو إلى عمل سياسى خلاَّق متعالٍ على الأسقف الموجودة , متمردٍ على الأنساق والهياكل التى كانت ولا تزال نكبةً على البلاد . قد يكون العمل السياسى فى إطار حركات جامعة لا تُحاصَر داخل صناديق خانقة (أقصد : مقرات رسمية !) .. نوعًا من البديل المقترح . قد يكون تنظيم جبهة وطنية موحدة على المبادىء الأساسية التى يحتاج إليها المصريون جميعاً هذه اللحظة : الحرية , الديمقراطية , أنسنة السلطة .. نوعاً بديلاً آخر . قد يكون الاجتماع على رفض النظام , القائم على غير مشروعية , ومن ثَمَّ .. الدعوة إلى جمعية تأسيسية وطنية جامعة لطرح تصور عملى أؤكد : عملى فيما يجب عمله فى مرحلة ما بعد النظام الحالى .. بدايةَ الطريق . لكن التأكيد , من جانبى على الأقل , ينبغى أن ينصبَّ على ضرورة الارتفاع عما حشر فيه النظامُ "معارضتَه" الافتراضية ! ولا طريق إلى هذا سوى بأفق منفتح , وخيال سياسى خِصب , ووطنية صادقة .. وإيمانٍ بأن مصرنا العظيمة تستحق وضعا (سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا .. ودينيًّا أيضاً !) أفضل ! ... ... ولا أزال أرى أن أمثولة النهاية الوفدية التى أشرت إليها فى ذلك المقال ينبغى أن تكون رسالتها قد وصلت بالفعل إلى سائر الوطنيين الشرفاء , والتى أوجزها الدكتور حسن نافعة فى قوله بمقاله المهم : " ما بعد الحريق " .. حريق الوفد المادى (المصرى اليوم : 9/4/2006) : " إن التحليلات القائلة باستحالة استمرار النظام السياسي الراهن علي ما هو عليه ليست مبالغاً فيها.. فها هي الأحداث تتحرك وتتدافع أمام أعيننا بطريقة تبدو , من فَرْط لا عقلانيتها، وكأنها تفتش عن طريقة لإخراج مشهد ختامي لا يعلم إلا الله متي ولا كيف سيجيء !" .. وإذا سمح لى الدكتور محمد والقارىء الكريم بالاقتباس مما ذكرتُ بمقالى السابق ؛ فإننى أقول مجدَّداً : " لتكن مسرحية الوفد الدامية التى شهدت عرضَها الفاجعَ الأخير (نفس يوم قرار محكمة الأحزاب تأجيل قضية الوسط : 1/4) حافزاً أخيراً لكل وطنىِّ مصر المحترمين كى يسدلوا ستار النهاية على لعبة , هزلية ودامية فى آنٍ , طالت أكثر مما ينبغى ! فهل يبدأ أهل "الوسط" و"الكرامة" والإصلاح" .. سكانُ مصر الأصليون بتعبير الصديق بلال فضل ؟!" .. ... ... وختاماً : هل تصنعون ؟! [email protected]