«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارم يحي : “مكرم” نقيب حظر النشر .. عن “حرية التعبير” في صحافتنا .. و تونس الحمراء أيضا
نشر في البديل يوم 20 - 01 - 2011

ساق القدر الاستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الى اختبار عملى كاشف في شهرين متتاليين . و للاسف فان النتيجة في المرتين كانت صفرا كبيرا . في
المرة الأولى تقدم العبد لله في 19 ديسمبر 2010 بوصفه مواطنا مصريا و صحفيا بجريدة ” الأهرام ” و عضوا بالجمعية العمومية لنقابة الصحفيين اليه برسالة رقيقة ، أرفق بها مقالا محدود المساحة بعنوان ” النقابة والدكتور البرادعي و احتكار الرأي ” ، وذلك ردا على مقال ” في فروق اللغة وأصول وآداب التعامل ” ، والمنشور له على نصف صفحة كاملة بجريدة ” الأهرام ” في اليوم السابق . وقمت بإيداع نسختين من (الرد / المقال ) لدى مكتب نقيب الصحفيين بالنقابه و مكتب الاستاذ مكرم في جريدة ” الأهرام ” . وبعدها بأقل من ساعة تلقيت إتصالا هاتفيا ، ولكن من مكتب ثالث للأستاذ مكرم . هذه المرة من “دار الهلال” يفيد تسلم ( الرد / المقال ) ،وإعتذار المرسل اليه بسفره لعدة ايام خارج البلاد . وهو ما يشهد بكفاءة ويقظة سكرتارية مكرم هنا وهناك .. وفي كل مكان (!).
و لأنني لم أشغل نفسي كثيرا باكتشاف كم مكتب للاستاذ مكرم في وسط القاهرة وحدها أو خارجها وكم سكرتيرا و كم سيارة أو بمغزى الإعتذار ، فقد قنعت بنعمة اليقين في أن الرجل قد تسلم ( الرد / المقال ) . و أصبحت لديه على الأقل ثلاث نسخ . إحداها أرسلت على عجل ب ” الفاكس ” الى “دار الهلال” ، حيث ظل هناك من قبل رئيسا لمجلس الإدارة ورئيسا لتحرير مجلة ” المصور ” من عام 1981 وحتى عام 2005 . ومن بينها خمس سنوات كاملة على الأقل متخطيا سن المعاش ، وقد وضع ومعه سلطة دولة مبارك القانون تحت أحذيتهم ( راجع المادة 61 للقانون رقم 96 لسنه 1996 بشأن تنظيم الصحافة ، علما بان قانون الصحافة السابق لسنة 1980 كان يحظر بصفة مطلقة بقاء قيادات الصحف القومية الى ما بعد سن الستين ) .
وكان على العبد لله ( 52 عاما ) أن ينتظر لير كيف سيتصرف كاتب الرأي المخضرم و نقيب الصحفيين ( 75 عاما ) وصاحب العمود اليومي و المقال الاسبوعي في “الأهرام” ، و الصفحة الأخيرة في مجلة ” المصور ” وغيرها . واللهم لا حسد . وهنا قد يتفضل قارئ فطن ليسأل : ولماذا لم تتقدم بنسخه أخرى من ( الرد / المقال) الى زملائك المسئولين عن النشر في جريدة “الأهرام ” ؟. وهنا أيضا أجد نفسى مضطرا للإجابة ب ” أنه القدر”. وببساطة فقد ساق القدر العبد لله الى اختبارين آخرين خلال الشهر الماضي ، ومعي الدكتور عبد المنعم سعيد عضو لجنة السياسات بحزب مبارك محتكر الحكم ورئيس مجلس إدارة “الأهرام” و أيضا الدكتور حسن أبو طالب عضو لجنة السياسات كذلك و مسئول صفحة الرأي بالأهرام ( ولديه مناصب أخرى هو الآخر ). وكانت النتيجة لكليهما صفرا كبيرا مماثلا لصفر الاستاذ مكرم .
و للأسف رسب الثلاثة على التوالي في اختبارات متواضعة بشأن تقاليد المهنة وحرية التعبير وحقوق الزمالة ، فضلا عن حقوق القراء المهدرة أصلا. فقد سبق وكتبت فور مهزلة التزوير الفاضح الماس بكرامة المصريين لانتخابات مجلس الشعب مقالا بعنوان ” رسالة من صحفي بالأهرام الى الدكتور عبد المنعم سعيد : إستقل من الوطني ؟” . وكانت الغاية ان افتح ملف العلاقة بين حزب مبارك محتكر الحكم من جانب و بين الصحافة القومية وما تعانيه من تدهور مهني وقمع الحريات في الخبر والرأي من جانب آخر. و المقال منشور بموقع جريدة ” البديل ” الالكتروني في 3 ديسمبر 2010 وفي جريدة “العربي ” المطبوعة بعدد 12 ديسمبر 2011 . وبعدما اشرت في المقال / الرسالة الى أنني كنت اتمنى نشره في الجريدة التي أعمل بها، قلت للدكتور سعيد ما معناه : اسمحوا ان اختبر انحيازكم للديموقراطية والالتزام بالقانون بفتح حوار على صفحات ” الأهرام ” حول تطويره واستقلاليته و ان تفتحوا بالأصل حوار حرا حول عواقب تزوير الانتخابات والمنهج الاستئصالي الذي أديرت به ، وبمشاركة كل الآراء والتيارات بما في ذلك ” الإخوان المسلمين “. لكن لا حياة لمن تنادي.
ولاحقا .. وتحت الحاح الضمير كتبت مقالا محدود المساحة ( لا يتجاوز 400 كلمة ) بعنوان ” زميلي بدر وزاور الفجر ” لصفحات الرأي بالأهرام . وهي ماشاء الله وفيرة يرتع فيها كتبه لجنة السياسات والحزب ( طبعا “الحزب” لأنه واحد أحد لا يحتاج الى تعريف ) . و سلمته يدا بيد في 16 ديسمبر الماضي الى الدكتور “أبو طالب” . لكن لاحياة لمن تنادي . والمقال الآن منشور في موقع ” إخوان أون لاين” الالكتروني ، بعدما ارسلته الى زميله وزميلي وزميل النقيب الصحفي الاستاذ بدر محمد بدر بعد اطلاق سراحه.
ولقد سار النقيب الاستاذ مكرم مع العبد لله هو الآخرعلى سنة سلفه ورفاقه الحزبيين في ” التجمع الدستوري المصري ” أقصد “الوطني الديموقراطي التونسي ” الدكتورين العزيزين المحترمين ” السعيد ” و ” أبو طالب” . ومرة أخرى لا حياة لمن تنادي . و لقد حاولت تأمل الأمر قليلا ، فاكتشفت ان المقالات الثلاث المحجوبة او شبه المحجوبة في صحيفتى ” الأهرام “ جميعا لا تخالف بأي حال
الدستور والقانون .و أن أسباب الحجب تكاد أيضا تكون واحدة . فالسادة الحاجبون كلهم من ” الحزب ” .ولم تخلو سيرتهم من انتعال القانون بأحذيتهم بشأن علاقة الصحف القومية بالأحزاب .(راجع مقال ” صحف قومية أم نشرات حزبية ؟” المنشور ” العربي ” 2 يناير و ” البديل ” الالكتروني 9 يناير 2011 )
لكن ما جدد عندي الاسبوع الماضي ذكرى ( الرد / المقال ) المحجوب عن النشر بيد نقيب الصحفيين ،ما نشرته ” الأهرام ” للاستاذ مكرم يوم 17 يناير 2011 .وجاء فيه نصا عن دكتاتور تونس لا مصر طبعا وتحت عنوان لا يخلو من دلالة شائعة عند كتبه الاستبداد هذه الايام ” تونس حالة خاصة ” . قال :” أصل الداء الذي ساعد على قتل نظامه قمعه الشديد لحرية الرأي و التعبير وتكميمه الأفواه وسيطرته على كل وسائل الإعلام التي لم تكن تستطيع ان توجه نقدا لحكومته ولتصرفات بطانته” . وزاد على ذلك قوله :” وثالثة الاثافي في نظام حكم الرئيس بن على أنه فقد جسور التواصل مع أجيال جديدة ..”.
ولما كان الاستاذ مكرم قد تجرع حبوب الشجاعة وأنتابته صحوة الضمير متأخرا جدا، وبعدما فر صديقه ” الجنرال بن على “. فقد فكرت أن أتخذ منه دراسة حالة لجيل من كتبه الاستبداد في صحافتنا، بدوره اسلم الراية لجيل جديد بذات المواصفات ، وبعدما اخلص المحدثون لحكمة الأقدمين منهم، وتتلخص في عبارة : ” نافق رئيسك الذي ينافق الرئيس “. ( راجع فصل ” الطيعون المطيعون : في صناعة الصحفي وترويضه ” بكتاب العبد لله :” حرية على الهامش : في نقد أحوال الصحافة المصرية ” ، الصادر عام 2005 ، وبالمناسبة فان الاستاذ مكرم لديه نسخة منه) .
نعم .. فكرت في أن أعكف على دراسة حالة الاستاذ مكرم ، لمكانته وثقله المهني والنقابي في صحافتنا على مدى ما يزيد عن الثلاثة عقود. لكننى وجدت ان هناك ماهو أجدى الآن. فقط أكتفى هنا بعدد من الملاحظات العابرة التي قد تفيد كافتراضات مقترحة لجهود لا حقة لباحثين في تاريخ الصحافة المصرية .
بعد أن قام الاستاذ مكرم مع كل الإحترام والتقدير بوصفه أمينا عاما لاتحاد المحامين العرب بزيارة تونس في نهاية إبريل عام 2010 و بتسليم الدكتاتور ” بن على ” درع الاتحاد ومعه الاستاذ إبراهيم نافع رئيس الإتحاد عاد ليكتب في عموده اليومي بالاهرام في 2مايو 2010 ” تحت عنوان ” الحرية والمسئولية ” العبارات التالية :” لا أحد ينكر حجم التقدم الضخم الذي طرأ على مصر والعالم العربي في حرية الكلمة والتعبير و وسع من نطاقها الى حد سقطت معه معظم الخطوط الحمراء ” .
مع كل الإحترام والتقدير ،إحتكر الاستاذ مكرم ويحتكر وأمثاله من جيله و الجيل التالي له مساحات نشر وب “الفدان” . فيما جرى حجب حقوق النشر والتعبير عمن ليسوا على دينهم . وصوردت معها حقوق القراء في المعرفة وفي خدمة صحفية مهنية محترمة .وهنا يحضرني على سبيل المثال المرحوم الاستاذ موسى جندي “الأهرام ” .وقد مات كمدا ومرضا قبل أن يبلغ الستين، محروما من النشر ومحاصرا وممنوعا من الدخول الى مقر عمله في المؤسسة . ويحضرني أيضا الاستاذ سمير تادرس أطال الله عمره ، و قد سارعت “الأخبار ” الى احالته للمعاش فور بلوغه الستين ، ومن دون ان تمدد له حتى الخامسة و الستين ، كما ينص القانون . و الاستاذان ” جندي ” و ” تادرس ” كانا بالأصل خبيرين بارعين في الشئون الدولية يشهد لهما بالنزاهة والكفاءة وباجادة اللغات الأجنبيه.
ومع كل الإحترام والتقدير ، ماذا كتب الاستاذ مكرم و معه كتبه الاستبداد محتكري مساحات النشر في صحافتنا قبل يوم 14 يناير 2011 عن دكتاتور تونس وعن ذبح وقمع و إفقار التونسسين ،ومنذ تولي “صديقهم الجنرال ” عام 1987 . وإن لم يكتبوا ، فلماذا صمتوا وقد توافرت لهم كل مساحات النشر .و ألم يقرأوا
و لو باللغة العربية تقارير المنظمات المعنية بحقوق الانسان وحرية الصحافة والتعبير . وألم يسمعوا خدمات اللغة العربية بالإذاعات الأجنبيه . أم انهم لا يقرأون ولا يسمعون . و ألم يذهبوا مرارا الي تونس في الضيافة الفخمة ل ” وكالة الاتصال الخارجي” للجنرال ، و”يأكلوا من لحم الشعب التونسى ويشربوا من دمه” ، كما قالت زميلتنا الصحفية التونسية ” نزيهة رجيبة ” ( أم زياد ) في مقر نقابة الصحفيين بالقاهرة في 3 مايو 2006 ؟
ومع كل الإحترام والتقدير ، ألم تتورط مجلة ” المصور ” بالمخالفة للقانون ولميثاق الشرف الصحفي تحت رئاسة تحريره ومعها رئاسة مجلس ادارة المؤسسة ” دار الهلال ” في الخلط بين الإعلان والمادة التحريريه، وفي ممارسة الخداع بنشر اعلانات لجنرالات و أمراء الاستبداد ، ومن دون التنبيه الى طبيعتها
الإعلانية مدفوعة الثمن . أنصحه لو كان قد نسى بأن يراجع معنا كمجرد عينه أعداد 4 مارس و18 مارس و29 إبريل و10 يونيو في عام 2005 .
ومع كل الإحترام والتقدير ، هل يتذكر أحدكم أن الاستاذ مكرم و معه رفاقه من كتبة الاستبداد نشروا ولو لمرة واحدة على مدى تاريخهم المديد في الصحافة وبما لهم من سلطة نشر و مساحات مخصصة لاقلامهم ب ” الفدان ” انتقادا لسياسات مبارك أو سابقيه في حكم مصر . ( ابان رئاسته لمجلس ادارة المؤسسة و رئاسة تحرير المجلة كان يحتكر النشر لنفسه في الصفحات الأولى للمجلة و الصفحة الأخيرة ).
ومع كل الإحترام والتقدير ايضا ، هل لاحظ مكرم ان صورة “مبارك الأب ” احتلت غلاف مجلة “المصور ” في اربعة أعداد من بين 12 عددا خلال اشهر يناير و فبراير و مارس 2005 ، فيما كان توزيع المجلة آخذا بالانهيار بعد انتعاشة مطلع الثمانينيات . وأليس في ذلك ” عبادة حاكم فرد “. وألم يكن هو نفسه الذي كرس مع رفاقه من كتبه الاستبداد تدبيج المقالات في “عيد ميلاد الرئيس “، و على غرار الحالة التونسية تماما. (راجع على سبيل المثال ” تحية من القلب والعقل ” في عدد 6 مايو 2005 بمجلة ” المصور ” ) .
ومع كل الإحترام والتقدير ، ألم يهاجم الاستاذ مكرم بضراوة ويقول مستنكرا ” أنها مهزلة فريدة من نوعها ” و يحذر من ” اللعب بالنار ” لمجرد أن اصواتا واهنة خرجت متحشرجة من نفر في أحزاب المعارضة المرخص لها من لجنة الأحزاب الحكومية التي يرأسها أمين عام حزب “التجمع الدستوري المصري ” تعلن اعتراضا خجولا على التجديد لرئاسة مبارك لمرة ثالثة بآلية الاستفتاءات المزورة . وعلى اساس ان مجلس الشعب الذي يرشحه بأغلبية الحزب الواحد المزورة مطعون في دستوريته ( راجع مقال :”مبارك و فترة رئاسة ثالثة ” في كتاب ” مبارك والمثقفون ” الصادر عن الهيئة العامة للكتاب عام 1993 ).
أليس الاستاذ مكرم مع كل الإحترام و التقدير الذي يهاجم الآن دكتاتور تونس صاحب العبارة الأخيرة الشهيرة ” لا رئاسة مدى الحياة .. لا رئاسة مدى الحياة “هو نفسه الاستاذ مكرم الذي ينخرط منذ نحو العام في الكتابة والنشر مطالبا برئاسة مبارك لفترة سادسة ،وحتى آخر نبضة ونفس .( على سبيل المثال : ” مكرم : ترشيح مبارك لولاية جديدة اكثر سلامة لمصر ” ، بمجلة “الأهرام العربي ” عدد 22 إبريل 2010.و مقال بعنوان :” ماذا لو رشح مبارك نفسه لفترة رئاسة جديدة ” ، بالاهرام اليومي في 1 مايو 2010).
ومع كل الإحترام و التقدير ، ألا يخلط الاستاذ النقيب بين صفته النقابية و بين عضويته بالحزب الحاكم و هجومه بالتالي على الدكتور محمد البرادعي( على سبيل المثال عموده بالأهرام يومي 11 مايو و 10 يونيو 2010 ). و الا يدعونا ذلك في التساؤل عن السبب الحقيقي غير المعلن في منع الدكتور البرادعي لاحقا من دخول نقابة الصحفيين .
و هل يتذكر الاستاذ مكرم مع كل الإحترام والتقدير أنه هو القائل في كتابه ” مؤامرة أم مراجعة : حوار مع قادة التطرف في سجن العقرب” الصادر من دار الشروق عام 2002 و 2003 :” إن الرئيس السادات حاول ان يعيد ضبط الأمور عندما ألغى صحيفة الدعوة ( لا شك انه يقصد مجلة الدعوة الناطقة بلسان الإخوان المسلمين ) و اعادة التأكيد على عدم شرعية الإخوان و اعتقل كل خصومه السياسيين و تحدد إقامة البابا شنوده في وادي النطرون بعد عزله ” ( ص 16) . وهل يليق ان تصدر هذه الكلمات في تبرير إغلاق الصحف و اعتقالات سبتمبر 1981 من كاتب أو من نقيب صحفيين . وهل لا يعرف الاستاذ مكرم ماهو سجن العقرب شديد الحراسة و ما تعرض اليه محاوروه من قادة الجماعة الإسلامية من تعذيب رهيب في عهد مبارك ؟ . واي معنى لإجراء حوار “حر ” مع مسجونين سياسيين كانوا تحت طائلة التعذيب؟!
في الختام وعلى سبيل الذكرى ، فان الاستاذ مكرم كان قد قال في مقال كتبه قبل ان يغادر المقعد المزدوج لرئيس مجلس الإدارة والتحرير قبل أكثر من خمس سنوات كلمات اظنها تركت في نفسى حينها قدرا من التأثر ،رغم انني كنت أرى حذاءه يدوس على القوانين و قلمه يحتكر مساحات النشر . ووقتها لم يكن لي مكان في مصر مطلقا يمكنني ان أكتب فيه . قال :”لا أهدف من اراء الكلمات نفاقا أو زلفى أو أمنا و حماية لأنه لم يعد في العمر بقية ” . ( المصور عدد 24 يونيو 2005 ) .
تأثرت حينها إشفاقا على رجل مسن له في القلب بعض منزلة وكل الإحترام
،وهو يقول :”لم يعد في العمر بقية ” . لكنني الآن أشد تأثرا وهو و رفاقه وتلاميذه على غرار” نافق رئيسك الذي ينافق الرئيس ” يسدون على البلد وعلينا كل النوافذ .
رحم الله الكاتب الصحفي بحق الاستاذ موسى جندي .. وأطال الله عمر الكاتب الصحفي بحق الاستاذ سمير تادرس .لم يحتكرا مساحات نشر ولم يدوسا على القوانين ومواثيق الشرف بالأحذية .ولم يكتنزا المكاتب و السيارات و الأموال
والعقارات والأراضى و عمولات اعلانات الجنرالات و الأمراء . ولم ”
يأكلا من لحمناو يشربا من دمنا”. فقد ألهمانا كثيرا كي نقبض عليه جمر الضمير في هذه المهنة التعسة طوال عهد مبارك المديد .
( والى اللقاء في مقال قادم عن كيف عالجت صحافتنا ايام مابعد هروب الدكتاتور زين العابدين بن على بعنوان:” تونس الحمراء والصحافة المصرية : أيام الحضيض ” وذلك “
إن كان في العمر بقية “)
ملحوظة : مجرد محض صدفة أي تشابه بين هذا المقال و مقال آخر كان
منشورا بإحدى الصحف التونسية محدودة التوزيع أو على شبكة الإنترنت في عهد الدكتاتور “زين العابدين “. وقد كان كتبه الاستبداد عنده أيضايتغنون بحرية صحافة غير مسبوقة . كما كان الرجل على قدر من الدهاء والحنكة هو الآخر فسمح بهوامش “أزقة صحفية ” لغرض ” التنفيس ” .بل كان يدفع أموالا للصحافة الخاصة والحزبية المعارضة ” أزقة النشر ” كي تستمر وتواصل الصدور . لكن كرمه و عطفه على الصحافة للأسف لم يمتد للأسف ليشمل رعايتة كتبه الاستبداد حين غادر الى السعودية ،وحيث لم يكن على الطائرة مقعد لأي منهم .
\
رد على الأستاذ مكرم
النقابة و الدكتور البرادعي و احتكار الرأي
رحم الله شيخ الصحفيين المصريين والعرب النقيب المستقل الاستاذ كامل زهيرى الذي كان يقول ” أسوأ أنواع الاحتكار هو احتكار الرأي ” . ومن هذا المنطلق أكتب كمواطن أولا وكعضو جمعية عمومية لنقابة الصحفيين ثانيا و كصحفي في ” الأهرام ” ثالثا ردا على مقالكم الأسبوعي لا عمودكم اليومي بالجريدة ذاتها و المعنون ” في فروق اللغة وأصول و آداب التعامل ” ، و المنشور بعدد السبت 18 ديسمبر 2010 ، بشأن دعوة عدد من صحفيي جريدة ” الدستور ” للدكتور محمد البرادعى لزيارتهم زيارة تضامنيه بمقر نقابة الصحفيين .
ولعله من بين الأمور المحيرة في هذا المقال كما الرسالة الموجهة الى الدكتور محمد البرادعي من موقع نقيب الصحفيين هي تلك اللغة العصبية . في الرسالة عبارات من قبيل ” فاعلم جيدا....” .و في المقال استخدام الفاظ من قبيل ” كلام رخيص ” و” سفاهات” واطلاق اتهامات على غرار ” السعي للفوضى ” . وفي كل ذلك تناقض ظاهر مع عنوان المقال ومقدمته .يضاف الى التناقض الواضح في المتن ذاته بين القول ” أتحدى أن تكون الرسالة التي بعثت بها الى الدكتور البرادعي تحدثت من قريب أو بعيد عن المنع او طلب رسمي بدخول النقابة” وبين القول بعد عدة فقرات :” إذا كان البرادعي يريد زيارة النقابة فأهلا به متى وافق المجلس ( المقصود مجلس النقابة ) “.(!) .. وحقيقة لا يدرى المرء سببا لهذا التناقض في النصوص المنسوبة الى ذات الكاتب .أهو آفة النسيان أم شئ آخر.
و إذا و ضعنا التناقضات اللفظية والشكلية جانبا و انتقلنا الى الأهم . فإننا إزاء سابقة سلبية ومدهشة في العمل النقابي لم تعرفها نقابة الصحفيين منذ تأسيسها عام 1941.وحقيقة فقد عكفت على مراجعة نصوص قوانين النقابة ( القانون الأول رقم 10 لسنه 1941 .. والقانون الثاني رقم 185 لسنه 1955 ..والقانون الثالث والحالي رقم 70 لسنه 1970 ) فلم أجد نصا او فقرة تخول النقيب أو المجلس سلطة اصدار تصاريح دخول لزوار النقابة وضيوف أعضاء جمعيتها العمومية . بل انه وبعد الاستفهام من عدد من نقابيينا المخضرمين وشيوخ المهنة يمكننى ان استعير لغة مقالكم لأقول :” أتحدى” أن يكون هناك قرار واحد من النقيب أو مجلس النقابة قد صدر على مدى تاريخ النقابة يصرح بدخول زائر أو بمنعه من الدخول .هذا اذا ما تجاوزنا عن كون الزملاء المعتصمين في النقابة من جريدة ” الدستور ” طالما استقبلوا شخصيات عامة سياسية وغير سياسية من دون تقديم طلب أو الحصول على إذن او ممارسة منع . و لا شك ان زيارة الرجل الجليل الدكتور محمد البرادعي لم تكن إلا زيارة تضامنية ولا تخرج عن اطار الزيارات التضامنية السابقة .
والأخطر ..أن منع زائر من دخول النقابة أيا كان الداعي أو المدعو يعد إعتداءا غير مسبوق على حق اعضاء جمعيتها العمومية .وهو حق يدخل في عداد ما يمكن وصفه ب ” الحقوق الطبيعية ” لأعضاء النقابات ، وإلى حد انه لم يكن متصورا ان يصبح في أي يوم من الأيام موضع نقاش ، او مجادلة او منح ، أو حاجة لنص يقره أو ينظمه.
ولعله مما يسئ الى مقام نقابة الصحفيين و تاريخها كنقابة رأي أن يقال يوما انها أغلقت أبوابها في وجه متضامن مع نفر من اعضاء جمعيتها العمومية يرون انهم تعرضوا الى انتهاك حقوقهم المهنية والأدبية . بقدر ما يسئ للمقام والتاريخ أن تغلق النقابة أبوابها دون أي مواطن أو صاحب رأي أيا كان موقف السلطة منه كي يخاطب الرأي العام . وهو بالأصل حق لم يسعى الدكتور البرادعي بعد الى ممارسته .
وهنا اخشى القول بان الكثير من الأمور في هذا البلد تجرى عكس العقل، و أنه اصبح من الترف ان نتحدث عن خلاف في رأي أو دقة معلومة . ولعله ممايستحق الذكرى ولعلها تنفع العقلاء ان نستدعى عبارات للدكتور شبلي شميل ( 1860 1917 ) أحد أعلام فكر التنوير وعلى صفحات مجلة “الهلال ” التي شرفتم برئاسة مجلس ادارتها سنوات عدة . قال منذ اكثر من قرن كامل :” إن النظم السياسية والقانونية لا بد و أن تنسجم مع قوانين الطبيعة التي تقول بأن كل الأشياء في حالة تغير وتطور .. أما إذا بقيت المؤسسات والقوانين دون تغير فانها تغدو فاسدة و غير عادلة و مستبده”. وقال أيضا في ذات السياق :” على الإنسان ألا يهاب ملكا لصولجانه و لا شريعة لاجماع الناس عليها من حيث يراه نافعا للهيئة الإجتماعية مؤيدا لحقوقها .”
وختاما .. علكم تلاحظون انني كتبت ردى هذا في نصف المساحة المخصصة لمقالكم الأسبوعي .ورحم الله شيخ الصحفيين المصريين والعرب و نقيبنا المستقل الاستاذ كامل زهيرى الذي كان يقول :”أسوأ أنواع الاحتكار إحتكار الرأي”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.