نصبوا الخيام، شرارة الاحتجاجات الطلابية ضد العدوان على غزة تصل إلى أعرق جامعات كندا    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    عاجل.. قرار مفاجئ من ليفربول بشأن صلاح بعد حادثة كلوب    طارق السيد: الزمالك سيتأهل إلى نهائي الكونفدرالية    موعد مباراة توتنهام وآرسنال اليوم في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    حالة الطقس اليوم الأحد على القاهرة والمحافظات    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمان لبناء العلاقات مع روسيا    تتبع المنهج البريطاني.. ماذا قال وزير التعليم عن المدرسة الدولية؟    التصريح بدفن جثة شاب صدمه قطار أثناء عبوره المزلقان بقليوب    أسعار الأسماك واللحوم والدواجن والخضروات.. اليوم 28 أبريل    الفرح تحول إلى جنازة، لحظة انتشال سيارة زفاف عروسين بعد سقوطها بترعة دندرة (صور)    حزب الله: وجهنا ضربة صاروخية بعشرات صواريخ الكاتيوشا لمستوطنة ميرون الإسرائيلية    السفير الروسي: انضمام مصر للبريكس مهم جدا للمنظمة    14 مليار دولار في طريقها إلى مصر بسبب رأس الحكمة    تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    أتلتيكو مدريد يفوز على أتلتيك بلباو 3-1 في الدوري الإسباني    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل عن 65 عاما    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    بعد جريمة طفل شبرا، بيان عاجل من الأزهر عن جرائم "الدارك ويب" وكيفية حماية النشء    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ملف يلا كورة.. أزمة صلاح وكلوب.. رسالة محمد عبدالمنعم.. واستبعاد شيكابالا    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    شرايين الحياة إلى سيناء    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارم يحي : “مكرم” نقيب حظر النشر .. عن “حرية التعبير” في صحافتنا .. و تونس الحمراء أيضا
نشر في البديل يوم 20 - 01 - 2011

ساق القدر الاستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الى اختبار عملى كاشف في شهرين متتاليين . و للاسف فان النتيجة في المرتين كانت صفرا كبيرا . في
المرة الأولى تقدم العبد لله في 19 ديسمبر 2010 بوصفه مواطنا مصريا و صحفيا بجريدة ” الأهرام ” و عضوا بالجمعية العمومية لنقابة الصحفيين اليه برسالة رقيقة ، أرفق بها مقالا محدود المساحة بعنوان ” النقابة والدكتور البرادعي و احتكار الرأي ” ، وذلك ردا على مقال ” في فروق اللغة وأصول وآداب التعامل ” ، والمنشور له على نصف صفحة كاملة بجريدة ” الأهرام ” في اليوم السابق . وقمت بإيداع نسختين من (الرد / المقال ) لدى مكتب نقيب الصحفيين بالنقابه و مكتب الاستاذ مكرم في جريدة ” الأهرام ” . وبعدها بأقل من ساعة تلقيت إتصالا هاتفيا ، ولكن من مكتب ثالث للأستاذ مكرم . هذه المرة من “دار الهلال” يفيد تسلم ( الرد / المقال ) ،وإعتذار المرسل اليه بسفره لعدة ايام خارج البلاد . وهو ما يشهد بكفاءة ويقظة سكرتارية مكرم هنا وهناك .. وفي كل مكان (!).
و لأنني لم أشغل نفسي كثيرا باكتشاف كم مكتب للاستاذ مكرم في وسط القاهرة وحدها أو خارجها وكم سكرتيرا و كم سيارة أو بمغزى الإعتذار ، فقد قنعت بنعمة اليقين في أن الرجل قد تسلم ( الرد / المقال ) . و أصبحت لديه على الأقل ثلاث نسخ . إحداها أرسلت على عجل ب ” الفاكس ” الى “دار الهلال” ، حيث ظل هناك من قبل رئيسا لمجلس الإدارة ورئيسا لتحرير مجلة ” المصور ” من عام 1981 وحتى عام 2005 . ومن بينها خمس سنوات كاملة على الأقل متخطيا سن المعاش ، وقد وضع ومعه سلطة دولة مبارك القانون تحت أحذيتهم ( راجع المادة 61 للقانون رقم 96 لسنه 1996 بشأن تنظيم الصحافة ، علما بان قانون الصحافة السابق لسنة 1980 كان يحظر بصفة مطلقة بقاء قيادات الصحف القومية الى ما بعد سن الستين ) .
وكان على العبد لله ( 52 عاما ) أن ينتظر لير كيف سيتصرف كاتب الرأي المخضرم و نقيب الصحفيين ( 75 عاما ) وصاحب العمود اليومي و المقال الاسبوعي في “الأهرام” ، و الصفحة الأخيرة في مجلة ” المصور ” وغيرها . واللهم لا حسد . وهنا قد يتفضل قارئ فطن ليسأل : ولماذا لم تتقدم بنسخه أخرى من ( الرد / المقال) الى زملائك المسئولين عن النشر في جريدة “الأهرام ” ؟. وهنا أيضا أجد نفسى مضطرا للإجابة ب ” أنه القدر”. وببساطة فقد ساق القدر العبد لله الى اختبارين آخرين خلال الشهر الماضي ، ومعي الدكتور عبد المنعم سعيد عضو لجنة السياسات بحزب مبارك محتكر الحكم ورئيس مجلس إدارة “الأهرام” و أيضا الدكتور حسن أبو طالب عضو لجنة السياسات كذلك و مسئول صفحة الرأي بالأهرام ( ولديه مناصب أخرى هو الآخر ). وكانت النتيجة لكليهما صفرا كبيرا مماثلا لصفر الاستاذ مكرم .
و للأسف رسب الثلاثة على التوالي في اختبارات متواضعة بشأن تقاليد المهنة وحرية التعبير وحقوق الزمالة ، فضلا عن حقوق القراء المهدرة أصلا. فقد سبق وكتبت فور مهزلة التزوير الفاضح الماس بكرامة المصريين لانتخابات مجلس الشعب مقالا بعنوان ” رسالة من صحفي بالأهرام الى الدكتور عبد المنعم سعيد : إستقل من الوطني ؟” . وكانت الغاية ان افتح ملف العلاقة بين حزب مبارك محتكر الحكم من جانب و بين الصحافة القومية وما تعانيه من تدهور مهني وقمع الحريات في الخبر والرأي من جانب آخر. و المقال منشور بموقع جريدة ” البديل ” الالكتروني في 3 ديسمبر 2010 وفي جريدة “العربي ” المطبوعة بعدد 12 ديسمبر 2011 . وبعدما اشرت في المقال / الرسالة الى أنني كنت اتمنى نشره في الجريدة التي أعمل بها، قلت للدكتور سعيد ما معناه : اسمحوا ان اختبر انحيازكم للديموقراطية والالتزام بالقانون بفتح حوار على صفحات ” الأهرام ” حول تطويره واستقلاليته و ان تفتحوا بالأصل حوار حرا حول عواقب تزوير الانتخابات والمنهج الاستئصالي الذي أديرت به ، وبمشاركة كل الآراء والتيارات بما في ذلك ” الإخوان المسلمين “. لكن لا حياة لمن تنادي.
ولاحقا .. وتحت الحاح الضمير كتبت مقالا محدود المساحة ( لا يتجاوز 400 كلمة ) بعنوان ” زميلي بدر وزاور الفجر ” لصفحات الرأي بالأهرام . وهي ماشاء الله وفيرة يرتع فيها كتبه لجنة السياسات والحزب ( طبعا “الحزب” لأنه واحد أحد لا يحتاج الى تعريف ) . و سلمته يدا بيد في 16 ديسمبر الماضي الى الدكتور “أبو طالب” . لكن لاحياة لمن تنادي . والمقال الآن منشور في موقع ” إخوان أون لاين” الالكتروني ، بعدما ارسلته الى زميله وزميلي وزميل النقيب الصحفي الاستاذ بدر محمد بدر بعد اطلاق سراحه.
ولقد سار النقيب الاستاذ مكرم مع العبد لله هو الآخرعلى سنة سلفه ورفاقه الحزبيين في ” التجمع الدستوري المصري ” أقصد “الوطني الديموقراطي التونسي ” الدكتورين العزيزين المحترمين ” السعيد ” و ” أبو طالب” . ومرة أخرى لا حياة لمن تنادي . و لقد حاولت تأمل الأمر قليلا ، فاكتشفت ان المقالات الثلاث المحجوبة او شبه المحجوبة في صحيفتى ” الأهرام “ جميعا لا تخالف بأي حال
الدستور والقانون .و أن أسباب الحجب تكاد أيضا تكون واحدة . فالسادة الحاجبون كلهم من ” الحزب ” .ولم تخلو سيرتهم من انتعال القانون بأحذيتهم بشأن علاقة الصحف القومية بالأحزاب .(راجع مقال ” صحف قومية أم نشرات حزبية ؟” المنشور ” العربي ” 2 يناير و ” البديل ” الالكتروني 9 يناير 2011 )
لكن ما جدد عندي الاسبوع الماضي ذكرى ( الرد / المقال ) المحجوب عن النشر بيد نقيب الصحفيين ،ما نشرته ” الأهرام ” للاستاذ مكرم يوم 17 يناير 2011 .وجاء فيه نصا عن دكتاتور تونس لا مصر طبعا وتحت عنوان لا يخلو من دلالة شائعة عند كتبه الاستبداد هذه الايام ” تونس حالة خاصة ” . قال :” أصل الداء الذي ساعد على قتل نظامه قمعه الشديد لحرية الرأي و التعبير وتكميمه الأفواه وسيطرته على كل وسائل الإعلام التي لم تكن تستطيع ان توجه نقدا لحكومته ولتصرفات بطانته” . وزاد على ذلك قوله :” وثالثة الاثافي في نظام حكم الرئيس بن على أنه فقد جسور التواصل مع أجيال جديدة ..”.
ولما كان الاستاذ مكرم قد تجرع حبوب الشجاعة وأنتابته صحوة الضمير متأخرا جدا، وبعدما فر صديقه ” الجنرال بن على “. فقد فكرت أن أتخذ منه دراسة حالة لجيل من كتبه الاستبداد في صحافتنا، بدوره اسلم الراية لجيل جديد بذات المواصفات ، وبعدما اخلص المحدثون لحكمة الأقدمين منهم، وتتلخص في عبارة : ” نافق رئيسك الذي ينافق الرئيس “. ( راجع فصل ” الطيعون المطيعون : في صناعة الصحفي وترويضه ” بكتاب العبد لله :” حرية على الهامش : في نقد أحوال الصحافة المصرية ” ، الصادر عام 2005 ، وبالمناسبة فان الاستاذ مكرم لديه نسخة منه) .
نعم .. فكرت في أن أعكف على دراسة حالة الاستاذ مكرم ، لمكانته وثقله المهني والنقابي في صحافتنا على مدى ما يزيد عن الثلاثة عقود. لكننى وجدت ان هناك ماهو أجدى الآن. فقط أكتفى هنا بعدد من الملاحظات العابرة التي قد تفيد كافتراضات مقترحة لجهود لا حقة لباحثين في تاريخ الصحافة المصرية .
بعد أن قام الاستاذ مكرم مع كل الإحترام والتقدير بوصفه أمينا عاما لاتحاد المحامين العرب بزيارة تونس في نهاية إبريل عام 2010 و بتسليم الدكتاتور ” بن على ” درع الاتحاد ومعه الاستاذ إبراهيم نافع رئيس الإتحاد عاد ليكتب في عموده اليومي بالاهرام في 2مايو 2010 ” تحت عنوان ” الحرية والمسئولية ” العبارات التالية :” لا أحد ينكر حجم التقدم الضخم الذي طرأ على مصر والعالم العربي في حرية الكلمة والتعبير و وسع من نطاقها الى حد سقطت معه معظم الخطوط الحمراء ” .
مع كل الإحترام والتقدير ،إحتكر الاستاذ مكرم ويحتكر وأمثاله من جيله و الجيل التالي له مساحات نشر وب “الفدان” . فيما جرى حجب حقوق النشر والتعبير عمن ليسوا على دينهم . وصوردت معها حقوق القراء في المعرفة وفي خدمة صحفية مهنية محترمة .وهنا يحضرني على سبيل المثال المرحوم الاستاذ موسى جندي “الأهرام ” .وقد مات كمدا ومرضا قبل أن يبلغ الستين، محروما من النشر ومحاصرا وممنوعا من الدخول الى مقر عمله في المؤسسة . ويحضرني أيضا الاستاذ سمير تادرس أطال الله عمره ، و قد سارعت “الأخبار ” الى احالته للمعاش فور بلوغه الستين ، ومن دون ان تمدد له حتى الخامسة و الستين ، كما ينص القانون . و الاستاذان ” جندي ” و ” تادرس ” كانا بالأصل خبيرين بارعين في الشئون الدولية يشهد لهما بالنزاهة والكفاءة وباجادة اللغات الأجنبيه.
ومع كل الإحترام والتقدير ، ماذا كتب الاستاذ مكرم و معه كتبه الاستبداد محتكري مساحات النشر في صحافتنا قبل يوم 14 يناير 2011 عن دكتاتور تونس وعن ذبح وقمع و إفقار التونسسين ،ومنذ تولي “صديقهم الجنرال ” عام 1987 . وإن لم يكتبوا ، فلماذا صمتوا وقد توافرت لهم كل مساحات النشر .و ألم يقرأوا
و لو باللغة العربية تقارير المنظمات المعنية بحقوق الانسان وحرية الصحافة والتعبير . وألم يسمعوا خدمات اللغة العربية بالإذاعات الأجنبيه . أم انهم لا يقرأون ولا يسمعون . و ألم يذهبوا مرارا الي تونس في الضيافة الفخمة ل ” وكالة الاتصال الخارجي” للجنرال ، و”يأكلوا من لحم الشعب التونسى ويشربوا من دمه” ، كما قالت زميلتنا الصحفية التونسية ” نزيهة رجيبة ” ( أم زياد ) في مقر نقابة الصحفيين بالقاهرة في 3 مايو 2006 ؟
ومع كل الإحترام والتقدير ، ألم تتورط مجلة ” المصور ” بالمخالفة للقانون ولميثاق الشرف الصحفي تحت رئاسة تحريره ومعها رئاسة مجلس ادارة المؤسسة ” دار الهلال ” في الخلط بين الإعلان والمادة التحريريه، وفي ممارسة الخداع بنشر اعلانات لجنرالات و أمراء الاستبداد ، ومن دون التنبيه الى طبيعتها
الإعلانية مدفوعة الثمن . أنصحه لو كان قد نسى بأن يراجع معنا كمجرد عينه أعداد 4 مارس و18 مارس و29 إبريل و10 يونيو في عام 2005 .
ومع كل الإحترام والتقدير ، هل يتذكر أحدكم أن الاستاذ مكرم و معه رفاقه من كتبة الاستبداد نشروا ولو لمرة واحدة على مدى تاريخهم المديد في الصحافة وبما لهم من سلطة نشر و مساحات مخصصة لاقلامهم ب ” الفدان ” انتقادا لسياسات مبارك أو سابقيه في حكم مصر . ( ابان رئاسته لمجلس ادارة المؤسسة و رئاسة تحرير المجلة كان يحتكر النشر لنفسه في الصفحات الأولى للمجلة و الصفحة الأخيرة ).
ومع كل الإحترام والتقدير ايضا ، هل لاحظ مكرم ان صورة “مبارك الأب ” احتلت غلاف مجلة “المصور ” في اربعة أعداد من بين 12 عددا خلال اشهر يناير و فبراير و مارس 2005 ، فيما كان توزيع المجلة آخذا بالانهيار بعد انتعاشة مطلع الثمانينيات . وأليس في ذلك ” عبادة حاكم فرد “. وألم يكن هو نفسه الذي كرس مع رفاقه من كتبه الاستبداد تدبيج المقالات في “عيد ميلاد الرئيس “، و على غرار الحالة التونسية تماما. (راجع على سبيل المثال ” تحية من القلب والعقل ” في عدد 6 مايو 2005 بمجلة ” المصور ” ) .
ومع كل الإحترام والتقدير ، ألم يهاجم الاستاذ مكرم بضراوة ويقول مستنكرا ” أنها مهزلة فريدة من نوعها ” و يحذر من ” اللعب بالنار ” لمجرد أن اصواتا واهنة خرجت متحشرجة من نفر في أحزاب المعارضة المرخص لها من لجنة الأحزاب الحكومية التي يرأسها أمين عام حزب “التجمع الدستوري المصري ” تعلن اعتراضا خجولا على التجديد لرئاسة مبارك لمرة ثالثة بآلية الاستفتاءات المزورة . وعلى اساس ان مجلس الشعب الذي يرشحه بأغلبية الحزب الواحد المزورة مطعون في دستوريته ( راجع مقال :”مبارك و فترة رئاسة ثالثة ” في كتاب ” مبارك والمثقفون ” الصادر عن الهيئة العامة للكتاب عام 1993 ).
أليس الاستاذ مكرم مع كل الإحترام و التقدير الذي يهاجم الآن دكتاتور تونس صاحب العبارة الأخيرة الشهيرة ” لا رئاسة مدى الحياة .. لا رئاسة مدى الحياة “هو نفسه الاستاذ مكرم الذي ينخرط منذ نحو العام في الكتابة والنشر مطالبا برئاسة مبارك لفترة سادسة ،وحتى آخر نبضة ونفس .( على سبيل المثال : ” مكرم : ترشيح مبارك لولاية جديدة اكثر سلامة لمصر ” ، بمجلة “الأهرام العربي ” عدد 22 إبريل 2010.و مقال بعنوان :” ماذا لو رشح مبارك نفسه لفترة رئاسة جديدة ” ، بالاهرام اليومي في 1 مايو 2010).
ومع كل الإحترام و التقدير ، ألا يخلط الاستاذ النقيب بين صفته النقابية و بين عضويته بالحزب الحاكم و هجومه بالتالي على الدكتور محمد البرادعي( على سبيل المثال عموده بالأهرام يومي 11 مايو و 10 يونيو 2010 ). و الا يدعونا ذلك في التساؤل عن السبب الحقيقي غير المعلن في منع الدكتور البرادعي لاحقا من دخول نقابة الصحفيين .
و هل يتذكر الاستاذ مكرم مع كل الإحترام والتقدير أنه هو القائل في كتابه ” مؤامرة أم مراجعة : حوار مع قادة التطرف في سجن العقرب” الصادر من دار الشروق عام 2002 و 2003 :” إن الرئيس السادات حاول ان يعيد ضبط الأمور عندما ألغى صحيفة الدعوة ( لا شك انه يقصد مجلة الدعوة الناطقة بلسان الإخوان المسلمين ) و اعادة التأكيد على عدم شرعية الإخوان و اعتقل كل خصومه السياسيين و تحدد إقامة البابا شنوده في وادي النطرون بعد عزله ” ( ص 16) . وهل يليق ان تصدر هذه الكلمات في تبرير إغلاق الصحف و اعتقالات سبتمبر 1981 من كاتب أو من نقيب صحفيين . وهل لا يعرف الاستاذ مكرم ماهو سجن العقرب شديد الحراسة و ما تعرض اليه محاوروه من قادة الجماعة الإسلامية من تعذيب رهيب في عهد مبارك ؟ . واي معنى لإجراء حوار “حر ” مع مسجونين سياسيين كانوا تحت طائلة التعذيب؟!
في الختام وعلى سبيل الذكرى ، فان الاستاذ مكرم كان قد قال في مقال كتبه قبل ان يغادر المقعد المزدوج لرئيس مجلس الإدارة والتحرير قبل أكثر من خمس سنوات كلمات اظنها تركت في نفسى حينها قدرا من التأثر ،رغم انني كنت أرى حذاءه يدوس على القوانين و قلمه يحتكر مساحات النشر . ووقتها لم يكن لي مكان في مصر مطلقا يمكنني ان أكتب فيه . قال :”لا أهدف من اراء الكلمات نفاقا أو زلفى أو أمنا و حماية لأنه لم يعد في العمر بقية ” . ( المصور عدد 24 يونيو 2005 ) .
تأثرت حينها إشفاقا على رجل مسن له في القلب بعض منزلة وكل الإحترام
،وهو يقول :”لم يعد في العمر بقية ” . لكنني الآن أشد تأثرا وهو و رفاقه وتلاميذه على غرار” نافق رئيسك الذي ينافق الرئيس ” يسدون على البلد وعلينا كل النوافذ .
رحم الله الكاتب الصحفي بحق الاستاذ موسى جندي .. وأطال الله عمر الكاتب الصحفي بحق الاستاذ سمير تادرس .لم يحتكرا مساحات نشر ولم يدوسا على القوانين ومواثيق الشرف بالأحذية .ولم يكتنزا المكاتب و السيارات و الأموال
والعقارات والأراضى و عمولات اعلانات الجنرالات و الأمراء . ولم ”
يأكلا من لحمناو يشربا من دمنا”. فقد ألهمانا كثيرا كي نقبض عليه جمر الضمير في هذه المهنة التعسة طوال عهد مبارك المديد .
( والى اللقاء في مقال قادم عن كيف عالجت صحافتنا ايام مابعد هروب الدكتاتور زين العابدين بن على بعنوان:” تونس الحمراء والصحافة المصرية : أيام الحضيض ” وذلك “
إن كان في العمر بقية “)
ملحوظة : مجرد محض صدفة أي تشابه بين هذا المقال و مقال آخر كان
منشورا بإحدى الصحف التونسية محدودة التوزيع أو على شبكة الإنترنت في عهد الدكتاتور “زين العابدين “. وقد كان كتبه الاستبداد عنده أيضايتغنون بحرية صحافة غير مسبوقة . كما كان الرجل على قدر من الدهاء والحنكة هو الآخر فسمح بهوامش “أزقة صحفية ” لغرض ” التنفيس ” .بل كان يدفع أموالا للصحافة الخاصة والحزبية المعارضة ” أزقة النشر ” كي تستمر وتواصل الصدور . لكن كرمه و عطفه على الصحافة للأسف لم يمتد للأسف ليشمل رعايتة كتبه الاستبداد حين غادر الى السعودية ،وحيث لم يكن على الطائرة مقعد لأي منهم .
\
رد على الأستاذ مكرم
النقابة و الدكتور البرادعي و احتكار الرأي
رحم الله شيخ الصحفيين المصريين والعرب النقيب المستقل الاستاذ كامل زهيرى الذي كان يقول ” أسوأ أنواع الاحتكار هو احتكار الرأي ” . ومن هذا المنطلق أكتب كمواطن أولا وكعضو جمعية عمومية لنقابة الصحفيين ثانيا و كصحفي في ” الأهرام ” ثالثا ردا على مقالكم الأسبوعي لا عمودكم اليومي بالجريدة ذاتها و المعنون ” في فروق اللغة وأصول و آداب التعامل ” ، و المنشور بعدد السبت 18 ديسمبر 2010 ، بشأن دعوة عدد من صحفيي جريدة ” الدستور ” للدكتور محمد البرادعى لزيارتهم زيارة تضامنيه بمقر نقابة الصحفيين .
ولعله من بين الأمور المحيرة في هذا المقال كما الرسالة الموجهة الى الدكتور محمد البرادعي من موقع نقيب الصحفيين هي تلك اللغة العصبية . في الرسالة عبارات من قبيل ” فاعلم جيدا....” .و في المقال استخدام الفاظ من قبيل ” كلام رخيص ” و” سفاهات” واطلاق اتهامات على غرار ” السعي للفوضى ” . وفي كل ذلك تناقض ظاهر مع عنوان المقال ومقدمته .يضاف الى التناقض الواضح في المتن ذاته بين القول ” أتحدى أن تكون الرسالة التي بعثت بها الى الدكتور البرادعي تحدثت من قريب أو بعيد عن المنع او طلب رسمي بدخول النقابة” وبين القول بعد عدة فقرات :” إذا كان البرادعي يريد زيارة النقابة فأهلا به متى وافق المجلس ( المقصود مجلس النقابة ) “.(!) .. وحقيقة لا يدرى المرء سببا لهذا التناقض في النصوص المنسوبة الى ذات الكاتب .أهو آفة النسيان أم شئ آخر.
و إذا و ضعنا التناقضات اللفظية والشكلية جانبا و انتقلنا الى الأهم . فإننا إزاء سابقة سلبية ومدهشة في العمل النقابي لم تعرفها نقابة الصحفيين منذ تأسيسها عام 1941.وحقيقة فقد عكفت على مراجعة نصوص قوانين النقابة ( القانون الأول رقم 10 لسنه 1941 .. والقانون الثاني رقم 185 لسنه 1955 ..والقانون الثالث والحالي رقم 70 لسنه 1970 ) فلم أجد نصا او فقرة تخول النقيب أو المجلس سلطة اصدار تصاريح دخول لزوار النقابة وضيوف أعضاء جمعيتها العمومية . بل انه وبعد الاستفهام من عدد من نقابيينا المخضرمين وشيوخ المهنة يمكننى ان استعير لغة مقالكم لأقول :” أتحدى” أن يكون هناك قرار واحد من النقيب أو مجلس النقابة قد صدر على مدى تاريخ النقابة يصرح بدخول زائر أو بمنعه من الدخول .هذا اذا ما تجاوزنا عن كون الزملاء المعتصمين في النقابة من جريدة ” الدستور ” طالما استقبلوا شخصيات عامة سياسية وغير سياسية من دون تقديم طلب أو الحصول على إذن او ممارسة منع . و لا شك ان زيارة الرجل الجليل الدكتور محمد البرادعي لم تكن إلا زيارة تضامنية ولا تخرج عن اطار الزيارات التضامنية السابقة .
والأخطر ..أن منع زائر من دخول النقابة أيا كان الداعي أو المدعو يعد إعتداءا غير مسبوق على حق اعضاء جمعيتها العمومية .وهو حق يدخل في عداد ما يمكن وصفه ب ” الحقوق الطبيعية ” لأعضاء النقابات ، وإلى حد انه لم يكن متصورا ان يصبح في أي يوم من الأيام موضع نقاش ، او مجادلة او منح ، أو حاجة لنص يقره أو ينظمه.
ولعله مما يسئ الى مقام نقابة الصحفيين و تاريخها كنقابة رأي أن يقال يوما انها أغلقت أبوابها في وجه متضامن مع نفر من اعضاء جمعيتها العمومية يرون انهم تعرضوا الى انتهاك حقوقهم المهنية والأدبية . بقدر ما يسئ للمقام والتاريخ أن تغلق النقابة أبوابها دون أي مواطن أو صاحب رأي أيا كان موقف السلطة منه كي يخاطب الرأي العام . وهو بالأصل حق لم يسعى الدكتور البرادعي بعد الى ممارسته .
وهنا اخشى القول بان الكثير من الأمور في هذا البلد تجرى عكس العقل، و أنه اصبح من الترف ان نتحدث عن خلاف في رأي أو دقة معلومة . ولعله ممايستحق الذكرى ولعلها تنفع العقلاء ان نستدعى عبارات للدكتور شبلي شميل ( 1860 1917 ) أحد أعلام فكر التنوير وعلى صفحات مجلة “الهلال ” التي شرفتم برئاسة مجلس ادارتها سنوات عدة . قال منذ اكثر من قرن كامل :” إن النظم السياسية والقانونية لا بد و أن تنسجم مع قوانين الطبيعة التي تقول بأن كل الأشياء في حالة تغير وتطور .. أما إذا بقيت المؤسسات والقوانين دون تغير فانها تغدو فاسدة و غير عادلة و مستبده”. وقال أيضا في ذات السياق :” على الإنسان ألا يهاب ملكا لصولجانه و لا شريعة لاجماع الناس عليها من حيث يراه نافعا للهيئة الإجتماعية مؤيدا لحقوقها .”
وختاما .. علكم تلاحظون انني كتبت ردى هذا في نصف المساحة المخصصة لمقالكم الأسبوعي .ورحم الله شيخ الصحفيين المصريين والعرب و نقيبنا المستقل الاستاذ كامل زهيرى الذي كان يقول :”أسوأ أنواع الاحتكار إحتكار الرأي”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.