لأول مرة كمشجع كروي قديم يقع قلبي في مثل هذه الحيرة و مع كل هجمة لمصرأتمنى لهم الفوز و في نفس الوقت عقلي مقتنع تماما بان المكسب سيوظف سياسيا بشكل إجرامي في ظل هذه الظروف الدموية التي تعيشها مصر و كيف كانت الاحتفالات ستعمق الانقسام و تزيد الشماتة خصوصا بقيادة المطبلاتية وسفلة الإعلام و الفلول و المنتفعين و كيف سينسب النصر الرياضي للقيادة الحكيمة و التخطيط المدروس و كيف سيتم تخدير الناس مرة أخرى و كيف سيتم العمل على تثبيت أركان الطغيان لحقبة زمنية جديدة ، فبصرف النظر عن الخلافات و المزايدات حول مفهوم الوطنية و إختزاله في مبارة كرة قدم
هذاالشعب بحاجة لأن لا يتم تخديره و أن يبقى طرف فاعل في المشهد حتى لو لم يكتمل وعيه بعد , لأن بقاء الشعب في المشهد بدون تخدير في مثل تلك الفترات الانتقالية ضمانة هامة لاستمرار الضغط على القائمين على الحكم حتى نصل بعون الله إلى ثنائية الوعي المكتمل للشعب مع الحكم الرشيد ، لذلك كانت الهزيمة رحمة لنا من أن يعبث بنا أو بفريق منا و أن يتم إخراجه من المشهد ، فحقيقة الموضوع اكبر من كونه ماتش كرة ، القضية قضية رغبة في قتل الوعي و إيقاف تقدمه في هذه الفترة العصيبة من حياة الأمة من جانب القائمين على الحكم بعد الثورات
و أنا اقصد بالشعب الفريقين المختلفين ، فبقاء هذا الخلاف برغم سلبياته إلا إنه يمثل عنصر ضغط شديد على القائمين على السلطة و يجعل التركيز على أفعال و تصرفات السلطة محورتركيز الفريقين ، فهناك فريق يدافع و فريق يهاجم فأما الذي يدافع فلن يظل مدافعا على طول الخط إلا إذا وجد تقدما ملموسا و هذا يجعل السلطة تعمل مضغوطة تحت وطأة الحفاظ على جماهيرها من الاستقطاب و التحول للفريق المناهض
و هذا في النهاية سيجعل الصراع يأخذ على الأقل أدنى أشكال الإيجابية من الأنظمة المستبدة و سيعمل على عدم اتساع رقعة الفساد أو على الأقل وقوفه عند حده بلا زيادة أما تخدير الفريق المؤيد و احتوائه بالأساليب التقليدية القديمة و التي على رأسها الكرة سيجعل النظام المستبد يستوحش لأنه روض فريق و سيتفرغ للتنكيل بالفريق الأخر في ظل مباركة من الفريق المخدر ،
لذلك الحد الأدنى المطلوب إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا البعد عن أي محاولة لتخدير أي فريق من الشعب فليس في هذا أي فائدة للشعب بل فيه عودة كبيرة للوراء ولو نتذكر مشهد التوريث العظيم في 2010 الذي عافانا الله منه في مقصورة إستادالقاهرة و جمال مبارك ينتظر هدف الفوز على الجزائر و كيف انهارت كل الخطط السياسية التي كانت معدة و مجهزة بناء عليه ...
نحن في العالم الثالث و نسبة الأمية عندنا تزيد عن 40 % و هم يعرفون من أين تؤكل الكتف فلا نستهن بأي شيء صغير أو تافه في مثل بلادنا أو مثيلاتها فالاستراتيجيات تبنى بأقل و أتفه الأشياء التي لا تخطر على بالك كمتعلم و لكنهم أدرى بشعاب هذه البلاد منا نحن الحالمون المنظرون في العالم الافتراضي وعلى الشبكة العنكبوتية