تحطم طائرة صغيرة وسط المكسيك أثناء هبوط اضطراري ومصرع 7 أشخاص    لحظة سقوط الحاويات من على قطار بضائع بقرية السفاينة بطوخ.. فيديو    حورية فرغلي: بقضي وقتي مع الحيوانات ومبقتش بثق في حد    حورية فرغلي: لسه بعاني من سحر أسود وبتكلم مع ربنا كتير    محمد القس: أحمد السقا أجدع فنان.. ونفسي اشتغل مع منى زكي    جلال برجس: الرواية أقوى من الخطاب المباشر وتصل حيث تعجز السياسة    خطوات عمل الاستمارة الإلكترونية لدخول امتحانات الشهادة الإعدادية    بسبب سوء الأحوال الجوية.. تعطيل الدراسة في شمال سيناء اليوم    وكيل صحة الغربية يعلن افتتاح وحدة التصلب المتعدد والسكتة الدماغية بمستشفى طنطا العام    توسك: التنازلات الإقليمية لأوكرانيا شرط أمريكي لاتفاق السلام    وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة بالغربية    تأجيل محاكمة 9 متهمين بخلية المطرية    ترامب يعلن مادة الفينتانيل المخدرة «سلاح دمار شامل»    مباراة ال 8 أهداف.. بورنموث يفرض تعادلا مثيرا على مانشستر يونايتد    لإجراء الصيانة.. انقطاع التيار الكهربائي عن 21 قرية في كفر الشيخ    أيامى فى المدينة الجامعية: عن الاغتراب وشبح الخوف!    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 16 ديسمبر    لقاح الإنفلونزا.. درع الوقاية للفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الشتاء    إنقاذ قلب مريض بدسوق العام.. تركيب دعامتين دوائيتين ينهي معاناة 67 عامًا من ضيق الشرايين    «المؤشر العالمي للفتوى» يناقش دور الإفتاء في مواجهة السيولة الأخلاقية وتعزيز الأمن الفكري    العربية لحقوق الإنسان والمفوضية تدشنان حوارا إقليميا لإنشاء شبكة خبراء عرب    ثماني دول أوروبية تناقش تعزيز الدفاعات على الحدود مع روسيا    وزير قطاع الأعمال العام: عودة منتجات «النصر للسيارات» للميني باص المصري بنسبة مكون محلي 70%    5 أعشاب تخلصك من احتباس السوائل بالجسم    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    تحطم زجاج سيارة ملاكي إثر انهيار شرفة عقار في الإسكندرية    الكونغو: سجن زعيم المتمردين السابق لومبالا 30 عامًا لارتكابه فظائع    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    نهائي كأس العرب 2025.. موعد مباراة المغرب ضد الأردن والقنوات الناقلة    كأس العرب، حارس مرمى منتخب الأردن بعد إقصاء السعودية لسالم الدوسري: التواضع مطلوب    التموين تواصل افتتاح أسواق اليوم الواحد بالقاهرة.. سوق جديد بالمرج لتوفير السلع    منذر رياحنة يوقّع ختام «كرامة» ببصمته... قيادة تحكيمية أعادت الاعتبار للسينما الإنسانية    إبراهيم المعلم: الثقافة بمصر تشهد حالة من المد والجزر.. ولم أتحول إلى رقيب ذاتي في النشر    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    مصرع طفلين وإصابة 4 أشخاص على الأقل فى انفجار بمبنى سكنى فى فرنسا    شيخ الأزهر يهنئ ملك البحرين باليوم الوطني ال54 ويشيد بنموذجها في التعايش والحوار    فتش عن الإمارات .. حملة لليمينيين تهاجم رئيس وزراء كندا لرفضه تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية    حسام البدرى: من الوارد تواجد أفشة مع أهلى طرابلس.. والعميد يحظى بدعم كبير    الأهلى يوافق على عرض إشتوريل برايا البرتغالى لضم محمد هيثم    الأمر سيصعب على برشلونة؟ مدرب جوادلاخارا: عشب ملعبنا ليس الأفضل    منتدى «السياحة والآثار» وTripAdvisor يناقشان اتجاهات السياحة العالمية ويبرزان تنوّع التجربة السياحية المصرية    في جولة ليلية.. محافظ الغربية يتفقد رصف شارع سيدي محمد ومشروعات الصرف بسمنود    محافظ الجيزة يتابع تنفيذ تعديلات مرورية بشارع العروبة بالطالبية لتيسير الحركة المرورية    العمل: طفرة في طلب العمالة المصرية بالخارج وإجراءات حماية من الشركات الوهمية    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    الثلاثاء إعادة 55 دائرة فى «ثانية نواب» |139 مقرًا انتخابيًا بالسفارات فى 117 دولة.. وتصويت الداخل غدًا    غزل المحلة يطلب ضم ناصر منسى من الزمالك فى يناير    السعودية تودع كأس العرب دون الحفاظ على شباك نظيفة    القبض على المتهم بالشروع في قتل زوجة شقيقه وإبنته ببولاق الدكرور    متحدث الصحة: إطلاق الرقم الموحد 105 لتلقي استفسارات المواطنين    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    الإدارية العليا ترفض الطعون المقدمة في بطلان الدوائر الانتخابية في قنا    اللمسة «الخبيثة» | «لا للتحرش.. بيئة مدرسية آمنة» حملات توعية بالإسكندرية    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    وزير التعليم: تطوير شامل للمناهج من رياض الأطفال حتى الصف الثاني الثانوي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أحمد عكاشة رئيس اتحاد الأطباء النفسيين في العالم
الشارع المصري تحكمه الآن ديكتاتورية الغوغائية
نشر في الأخبار يوم 30 - 07 - 2012

د. أحمد عكاشة هو أول طبيب نفسي من خارج أوروبا وأمريكا يتم انتخابه رئيسا للاطباء النفسييين في العالم ..
منحته الدولة جائزة الإبداع من أكاديمية البحث العلمي في العلوم الطبية وجائزة الدولة التقديرية وجائزة النيل للعلوم الطبية وهي أكبر جوائز موجودة في مصر..
»الاخبار« حاورت د. أحمد عكاشة حول التغيرات التي اصابت الشخصية المصرية بعد ثورة 25 يناير، وشكل الشارع المصري وكيف يتصرف المواطنون في حواراتهم، أحلامهم، تطلعاتهم بعد أن سيطرت لغة السياسة علي مفرداتهم، واصبح من الطبيعي ان تجد رجل الشارع البسيط يتحدث في الدستور ومواده..
»الاخبار« في هذا الحوار مع العالم الكبير تغوص في التغيرات التي اصابت الشخصية المصرية بعد ثورة 25 يناير.

الإثارة العصبية أصبحت سهلة وتحدث لأتفه الأسباب مع جميع المستويات
التحكم في الغضب مستحيل مع عدم وجود هيبة للدولة واحترام للقانون

تشرشل أوقف الطيران ساعة أثناء الحرب ليمكن قاضيا من تحقيق العدل
السلطة إدمان لذلك فكل دساتير العالم تضع مدة محددة للرئيس
كيف تفسر هذا التحول في اهتمامات الشعب المصري وهل تعتبره مؤشرا يدل علي الصحة النفسية؟
إنها أحد الآثار الايجابية لثورة 52 يناير التي أيقظت الوعي السياسي لدي الشعب المصري والذي كان نائما وفي حالة كمون آلاف السنين.. ليس في ال03 سنة الماضية فقط لدرجة ان تلك الحوارات يجريها المرضي النفسيون معي قبل أن أبدأ الجلسات معهم فالمريض قبل ان يتحدث عن حالة الاكتئاب أو القلق أفاجأ بأن يسألني أحدهم سوف تنتخب من يادكتور؟!
حتي المريض النفسي؟ وهل الحوارات التي تحدث بين طوائف الشعب دليل علي صحة نفسية؟
علي فكرة المريض النفسي أذكي من الشخص العادي وغير صحيح من يقول ان الثورة لم تكتمل أو أنها فشلت فحسب المفهوم السائد فإن الثورة هي تغيير فكر وتغيير في الدوائر المعرفية بالمخ.. الثورة أسقطت حاجز الخوف لدي المواطن المصري ولكنها في نفس الوقت إزالة لحاجز الخوف أتاح الفرصة للانفلات والفوضي لانهم لم يدركوا الفرق بين عدم الخوف وبين احترام حقوق الآخر والالتزام بالقانون واحترامه الذي هو أساس حضارة أي أمة. ويكفي ان تنظري إلي شوارع مصر الآن وما يفعله الباعة الجائلون علي الأرصفة بل وفي نهر الطريق لدرجة أن الشارع لا يتحمل مرور أكثر من سيارة واحدة بل أكثر من ذلك في الشوارع المهمة مثل شارع سليمان باشا البعض وضع ترابيزات وأنشأ قهوة علي الأرصفة هذا التلوث البصري والسمعي والشمي »القمامة« واختفاء التذوق الجمالي والازدحام هم أكثر الطرق للوصول بالإنسان إلي الاحباط ويؤثر علي صحته النفسية ويؤدي إلي العنف والعدوان.
إدارة الغضب
إذا كانت الصحة النفسية للشعب قد تأثرت سلبا بالسلوكيات التي ذكرتها فما هي روشتتك لإدارة ذلك الغضب إدارة تعيد الصحة النفسية للشعب؟
إدارة الغضب في مصر حاليا مع عدم وجود هيبة الدولة واحترام للقانون غير ممكنة فالإثارة العصبية أصبحت سهلة وتحدث من أتفه الأسباب وتؤدي إلي الجدل والنزاع وهذا يحدث علي كل المستويات وأقرب مثل هو متابعة المحاولات الكثيرة لعمل حوار ووفاق وطني بين التيارات السياسية وممثلي الأحزاب ولقد سمعنا الألفاظ التي تقال وعدم القدرة علي إجراء الحوار.. لم أر في حياتي ولا في حياة أي أمة متخلفة أو متقدمة تطاولا علي القضاء وإهانته وعدم الالتزام بأحكامه مما يعني سقوطا للدولة وليس للنظام فقط.. من الممكن اسقاط حكومة أو برلمان لكن المساس بالهيئة القضائية في كل بلاد العالم من رابع المستحيلات.
قد يري البعض أن مصر في ظروف استثنائية أو ثورية ولذلك تحدث تلك التجاوزات؟
لا يمكن المساس بالقضاء حتي في الحروب وليس الثورات وسوف اضرب لك مثلا بما حدث أثناء الحرب العالمية الثانية فقد كان تشرشل رئيسا لوزراء بريطانيا وكان يحرك العالم كله معه والقنابل كانت تدك لندن وحدث أن قاضيا بإحدي المحاكم تضرر من صوت الطائرات الذي رآه معوقا له عن الحكم في القضية التي أمامه فأرسل تليغرافا سريعا لرئيس الوزراء يشتكي له من أن أزيز الطائرات يعوقه عن إقامة العدل السريع وطلب منه برجاء ايقاف كل الطيران لمدة لا تتجاوز ساعة أو اثنتين حتي يستطيع ان يصدر حكما عادلا فاستجاب له تشرشل رغم حالة الحرب التي يخوضها البلد وأصدر أمرا بايقاف الطيران وحينما اعترض وزراءه وتعجبوا من تصرفه هذا قال لهم »أنا لا أؤيد أن يقال في التاريخ أن تشرشل رفض رغبة لقاضي يريد تحقيق العدل السريع«.
السلطة مرض
هل السلطة تؤثر في شخصية الحاكم؟
السلطة مرض وأحيانا تكون مرضا إدمانيا ولذلك في كل دساتير العالم لا أحد يمكث بالسلطة أكثر من مدة محددة لأن السلطة تحدث تغييرا بالفعل في الشخصية خاصة شخصية الحاكم وأقول حتي لو كان »نبيا« بمعني ان الحاكم يتوحد مع الكرسي ويعتبر النقد الموجه إليه خيانة عظمي وفق رؤيته وتزداد ثقته بنفسه لدرجة اعتباره مبعوث العناية الإلهية لانقاذ البلد وبالتالي تصبح المساءلة له لا تجوز إلا من الله ومن التاريخ وليست من الشعب وهذا ما نجده في خطاب الرئيس السابق حسني مبارك فقال في الخطبة الثالثة له »أنه سوف يحكم عليَّ الله والتاريخ« وهكذا يفعل بشار الأسد وفعلها القذافي وعلي صالح فالديكتاتور لا يتعلم من التجربة ولذلك في علم النفس تم تسميته كمرض نفسي »متلازمة الغطرسة« أو التعالي وهو الالتصاق بالكرسي.
هل ذلك المرض يحدث نتيجة لتغيرات فسيولوجية ولذلك تم تصنيفه طبيا؟
تفسيري أنا العلمي لمرض »متلازمة الغطرسة« هو أن السلطة المطلقة تفرز من المخ مواد لذة.. وقوة سواء كانت مواد أفيونية »حشيش« أو مهدئات ومطمئنات وأيضا مواد تحدث بهجة بالمخ مثل الهيروين والكوكايين والحشيش بحيث أنك إذا سحبت منه السلطة تنتابه أعراض انسحاب أو محاولة الانتحار ولذلك أنا لم أر في حياتي شيئا أقوي من حب الأم أو الأب لأولاده أو حب الأولاد لأبويهم مثل حب السلطة.. والحياة مليئة بالأمثلة فهناك من تخلصوا من آبائهم أو إخوانهم بسبب السلطة إنها شديدة القوة والقوة تأتي من أن المخ حدث به إفرازا رباني.
التوحد مع المعتدي
كثير من الناس يفسرون أداء الإخوان المسلمين أو التيارات الدينية في البرلمان المنحل بأنه تكرار لسيناريو الحزب الوطني فهل لذلك تفسير علمي في طب النفس وخاصة أنهم عانوا كثيرا من القهر والإقصاء والظلم؟
إنه ما يسمي في علم النفس الاجتماعي بالتوحد مع المعتدي أو كما ذكر ابن خلدون أنه غالبا ما يتوحد المقهور بسلوك القاهر وهذا الرجل تحدث عن علم النفس الاجتماعي منذ 006 عام قبل العالم كله ما يعرف هذا التوصيف لدرجة أن هناك متلازمة تسمي »متلازمة استوكهولم« وهو مرض نفسي سوف أحكي لك كيف ومتي بدأ، ففي يوم من الأيام هجم أناس علي بنك في »استوكهولم« بالسويد وأخذوا بعض الناس رهائن لمدة 6 أيام وفي خلال تلك الفترة دارت أحاديث بينهم أحوالهم المعيشية وعن أسرهم وعن الفقر الذي يعانون منه.. إلخ وحينما دخلت عليهم الشرطة وجدوا الرهائن متعاطفة مع المعتدين فأطلقوا عليها اسم »متلازمة استوكهولم« وهي تحدث في 72٪ من الحالات كذلك ايضا مثل أفلام »أرسين لوبين« وتعاطفنا مع البطل الذي يسرق من أجل الفقراء وهذا السلوك لاشعوريا.. فنحن كشعب كنا نعتبر الحزب الوطني مسيطرا علي كل شئ في البلد.. الحكومة.. ومجلس الشعب والرئاسة.. ولم يعطوا الفرصة للمعارضة وهكذا يفعل أيضا التيار الإسلامي الآن الذي يعتبر نفسه الأغلبية وهم ليسوا أغلبية فهم يريدون التكويش والهيمنة علي كل شئ بنفس السلوك السابق للحزب الوطني يريدون البرلمان واللجنة التأسيسية والحكومة والرئاسة وأقول أنهم ليسوا أغلبية إذا ما نظرت للانتخابات الأخيرة 5.94٪ أي حوالي نصف الشعب غير موافق علي هذا التيار، وهناك 05٪ لم يدلوا بأصواتهم في الانتخابات إذا ما حصلوا عليه من أصوات يمثل 52٪ من الشعب المصري ولو أخذنا في الاعتبار أن 51٪ ممن انتخبوا التيار الاسلامي كان خوفا من مرشح النظام السابق وهكذا ايضا البرلمان كان لايعبر اطلاقا عن الشعب لانه كان فيه استنفار وتنظيم.
لكن هناك محاولات وسعي للتوافق مع التيارات الأخري؟
لأن الديمقراطية هي قبول الرأي الآخر ولكن للأسف الشديد كل التيارات الموجودة في مصر حاليا تنتمي إلي فئات سواء كانوا شباب الثورة أو الليبراليين أو المجلس العسكري أو التيار الاسلامي أو السلفي أو الحكومة.. كل واحد من هذه التيارات ينتمي إلي الفئة التابع لها.. ونسوا مصر وهذا اخطر ما يواجهنا مع الانفلات الأخلاقي.
شجاعة الأمل
هل يحتاج أي مشروع لنهضة الأمة في المجالات المختلفة سواء كانت اقتصادية أو زراعية أو صناعية أو سياحية.. إلخ إلي عامل معنوي كي تحقق النجاح؟
سوف استشهد بالكتاب الذي ألفه أوباما »شجاعة الأمل« وذكر فيه ان أستاذه سأله ذات يوم كيف تنهض الأمم فقال له ان نهضة الأمم ليست بالاقتصاد أو بالجيش أو بالأحزاب القوية ولكن بأخلاق المواطنين.. فالأخلاق هي التي سوف تجعل الفرد ينجح.. وهذا ما حدث في اليابان بعد أن تم تدمير الدولة والحرب تماما نجح اليابانيون بأخلاقهم في نهضة بلدهم، وكذلك الألمان استطاعوا بالأخلاق بناء دولتهم من جديد وعندما سأله ما هي أقوي وظيفة في البلد فقال له إذا كان البلد ديكتاتوريا فأقولي وظيفة هي الديكتاتور وإذا كان البلد ديمقراطيا فأقوي وظيفة هي أن أكون مواطنا لدي الحرية.. وأكبر مثل لذلك هو أن مواطنا أمريكيا »صحفي« استطاع ان يسقط فسيكون رئيس الجمهورية.
ألم تلاحظي معي كيف ان شفيق ومرسي كانا يتوسلان للشعب لأول مرة لكي ينتخبوهما.. قالوا أشياء غريبة جدا لم تحدث من قبل وأنا كنت سعيدا بذلك لأن معني هذا ان المواطن أصبح له قيمة.
معني ذلك أننا قد نشهد تغيرا في الشخصية المصرية؟
هذا ليس جديدا علي الشعب المصري ولكن الشخصية المصرية كان عليها قيود وهي قامت بفكها ولكن ثورة 52 يناير كما أنها أخرجت أحسن ما في الشخصية المصرية فهي أيضا أخرجت أسوأ ما فيها فالتطاول والانفلات الأخلاقي سوف يؤدي إلي كارثة إن لم نحترم القانون فالمواطن المصري بعد فك قيوده وحصل علي حريته لم يأخذ حرية الآخر في الاعتبار وأصبح يتعدي عليها ويكفي ما يحدث في المرور وفي الشوارع وهي أسميها »ديكتاتورية الغوغائية« التي اعتبر بعض الناس فيها أن عدم الالتزام بأحكام القانون أو الضغط بالمطالب الفئوية هو الأسلوب العادي للديمقراطية والشعب يقف من ورائه كالقطيع وأنا أري أن هذا ضد الديمقراطية.
الهيستيريا الجماعية
البعض يا دكتور يختلفون معك في مسألة القطيع هذه تدل علي أنه بلا وعي أو إرادة؟
أنا لم أقل كل الشعب المصري ولكن مجموعة من الشعب مثلا ما يحدث في ماتشات الكورة إذا ما حدث اشتباك أو ضرب تجدين.. القطيع بدون وعي سارعوا بالانضمام وهو ما نسميه بالهيستيريا الجماعية والمثل علي ذلك ما فعله أتباع صاحب تيار معين يعتبرونه زعيمهم ويسيرون خلفه رغم ما ثبت انه لا يقول الصدق.. فهم مثل القطيع.. وهناك ما يسمي بأخلاق العبيد.. فأثناء الحكم السابق كان الشعب يتصف بالسلبية والجنوح والمهادنة والنفاق للحاكم وعدم تحمله للمسئولية.. وكل هذه الصفات تأتي مع الديكتاتور أو الحاكم المستبد أضف إلي ذلك أنه كان سوف يورث الحكم لابنه ايضا أي اننا لسنا فقط عبيدا ولكن اعتبر مصر عزبة.. وحينما اتحدث عن القطيع فلابد من عدم التعميم لان تلك الشريحة هي الأقرب إلي الفقر والأمية أو التعليم المتواضع.
هل تعتبر سلوك الالتراس يتوافق مع تلك الشريحة المنقادة كالقطيع.. خاصة ان الاعلام أظهرهم بصورة ايجابية لدي الشعب؟
الالتراس في كل بلاد العالم هي مجموعة بدأت في جنوب أمريكا وفي أوروبا وهم يكونون فريقا لتشجيع الرياضة خاصة رياضة كرة القدم والتشجيع يكون من خلال تدريب يتعلمون فيه كيفية التوحد في استخدام آليات التشجيع مثل »الصفافير« أو الشماريخ أو الصواريخ.. متي يبدأ التشجيع ومتي يتوقف.. لكن العبقرية المصرية.. أضافت وحورت فأصبحوا آلية مهمة جدا في الحشد والتنظيم ليس في تشجيع الكرة فقط ولكن انضموا للتيارات السياسية في الثورة واصبحوا عاملا مهما جدا لأي تيار ينجح في انضمامهم إليه فهم يتميزون بطاعة القائد ومدربين علي الهتاف ولذلك في أي ثورة انت محتاج لناس بالشكل ده. واصطلاح القطيع ينطبق عليهم لأنهم يسيرون خلف القائد حتي لو كان رأيه الخاص لا يوافق رأي القائد..
هل لها توصيف في علم النفس؟
غريزة القطيع معروفة في علم النفس وهي أن يسير الحشد بوعي القائد.. مثلا الشعب الألماني كله كان قطيع خلف نازية هتلر واستطاع عمل غسيل مخ للشعب الألماني الذي قدم الموسيقي والعلم والعبقرية.. ولكنهم قضوا علي 03 أو 04 مليونا من أجل سيادة الجنس الآري.. وما حدث للشعب الالماني كان بسبب تلك الاسطورة »كاريزمة هتلر« رغم أنه بالاستبداد والحكم القهري للنارية استطاع ان يجعل الشعب الالماني قطيعا وما أخشاه أن التيار الاسلامي يجعل الشعب المصري قطيع مثلما كان أيام النظام السابق الذي حول جزءا كبيرا من الشعب إلي قطيع فلا أريد أن يتبدل قطيع بقطيع.. أريد ان يكون هناك وعي والثورة نجحت في ذلك والحمد لله.
غيبوبة حضارية
هل يؤثر الاعلام علي الصحة النفسية للجمهور المتلقي؟
طبعا تأثير الاعلام علي الصحة النفسية خطير جدا فهو يمكن ان يعزز الصحة النفسية أو يحطمها سواء كان اعلاما مقروء وهو ما يؤثر في من 3 - 4 ملايين متلقي أو الاعلام المرئي الذي يتلقاه من 2- 3 ملايين 7شخص لأنه يعطي اشارات متناقضة للمخ وعندما يعطي توقعات ويتم احباطها.. أو عندما يعطي آمالا وأهدافا لا تتحقق تلك اشارتان مختلفتان للمخ في وقت واحد فيصاب الإنسان بالإرهاق فلا يستطيع العمل أو الانتاج بكفاءة ويقل تركيزه الصحيح ومن هنا يصبح مشروع التقدم الحضاري لمصر والذي يعتمد علي أخلاق المواطن كما في اليابان وألمانيا في حالة من حالات الغيبوبة ولمزيد من الإيضاح إذ كان لديك مريض مصاب بورم في المخ وتم استئصال هذا الورم »مبارك ونظامه« ولكن ما حدث بعد ذلك من تلوث جعل المخ كله ملتهبا وأصبحت الجراثيم تنخر في نسيج المخ.. فهكذا يكون الاعلام الذي ينخر في مخ الإنسان لانه عبارة عن موجات صوتية وبصرية تدخل إلي المخ وتؤثر علي الدوائر الكهربائية التي تكون المنظومة المعرفية للإنسان لدرجة ان معظم الناس - وهذا شئ غريب- بدأت العودة إلي الأفلام وعزفت عن مشاهدة برامج التوك شو أو البرامج الحوارية التي استمرت تشاهدها بحرص علي مدي سنة ونصف لأن الناس أصابها الملل من الحوارات المليئة بالكلام المكرر والمعاد والمتعارض والمتناقض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.