كشفت تقارير صحفية مصرية الثلاثاء النقاب عن عرض إسرائيلي للحصول على كميات من مياه النيل، مقابل التدخُّل لإنهاء الأزمة القائمة بين القاهرة ودول حوض النيل، وذلك بعد يومين فقط من إعلان الرئيس مبارك أنّ مياه النيل لن تتجاوز حدود مصر مطلقًا، وأن مدينة العريش ستكون آخر نقطة تشرب من مياه النيل. وقالت التقارير: إن جهات سيادية مصرية تلقت رسالة من إسرائيل عبر مكتب الاستخبارات الإسرائيلية بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا لحلّ أزمتها مع دول حوض النيل، مقابل أن تنقل مصر 25 مليار متر مكعب من المياه لإسرائيل عبر صحراء النقب، من خلال أنابيب مياه تمرّ بالبحر الأحمر أو عبر سيناء. وأكدت التقارير أنّ القاهرة ردّت بحسم على العرض الإسرائيلي السبت الماضي وعلى لسان مبارك شخصيًا، بحسب صحيفة الجريدة الكويتية ومن جانبه، قال رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية في مركز الأهرام للدراسات السياسية، عماد جاد: إن الرئيس مبارك اختار الردّ غير المباشر على العرض الإسرائيلي؛ لأنه جاء إليه بشكل غير مباشر، وأن مبارك اختار العريش لأنها تقع على حدود مصر الشرقية المتاخمة لإسرائيل. وقال جاد: إن المشكلة في العرض الإسرائيلي أنه يأتِي عبر أراضي طرف ثالث هو إثيوبيا، مؤكدًا أنه في حال تقدم الإسرائيليون بعرضهم مباشرة لتلقوا الردّ المباشر. ونبّه جاد إلى أن الدور الإسرائيلي في أزمة حوض النيل يشهد متغيرًا كبيرًا؛ إذ سبق أن تقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي "مناحم بيجن" للرئيس السادات بنفس الطلب أثناء مباحثات السلام بين الطرفين عام 1978، الأمر الذي وافق عليه الأخير، في حين عارضته دول حوض النيل، موضحًا أن التغيير يكمن في أن دول الحوض تقبل الآن بينما ترفض مصر. يذكر أن وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور محمد نصر الدين علام كان قد أعلن في منتصف مايو الماضي أنّ عملية نقل مياه النيل لإسرائيل غير ممكنة من الناحية العملية، وإذا حدثت فستكون تكلفتها- على حد تعبيره- أكبر من تكلفة استخراج اليورانيوم. والجدير بالذكر أن الفترة الراهنة تشهد تصاعدًا مستمرًا للخلاف في أزمة مصادر المياه بين مصر ودول حوض النيل حيث سعت الثانية- لإلغاء الاتفاقيات التاريخية وخاصة اتفاقيتي 1929، 1959 والتي بموجبهما تَمّ إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة في مياه النيل، وأيضًا بند الأمن المائي الذي يقضي بعدم السماح بإقامة مشروعات على حوض النيل إلا بعد الرجوع إلى دولتي المصبّ. وفي آخر التطورات طالبت دول الحوض بإلغاء هذه الاتفاقيات من خلال تقديم طلب إلى محكمة العدل الدولية، وصرحت حكومة كينا وأثيوبيا أنّ على مصر إذا أرادت الحصول على حصتها من المياه أن تقوم بشرائها. وتسعى دول الحوض السبعة (إثيوبيا، رواندا، تانزانيا، أوغندا، بوروندى، كينيا، والكونغو الديمقراطية) للتوقيع المنفرد على الاتفاقية الإطارية دون مصر والسودان في 15 مايو المقبل.