حصريا ً على المصري .. هو الشعار الذي رفعته كل القنوات الفضائية المصرية ، أستعدادا ً لشهر رمضان . وهو الشعار الذي يقصد به أصحاب تلك القنوات والقائمون عليها . ان عرض هذا المسلسل أو هذا البرنامج سيقدم حصرا ً على قنواتنا المصرية . دون بقية القنوات الفضائية الاخرى . و أنهم خصوا المشاهد المصري به دون الاخرين من مشاهدي تلك الفضائيات المنافسة . وهكذا تميز المواطن المصري بمشاهدة حصريه خلال شهر رمضان ، وهو الذي تميز في رمضان وغيره من شهور السنة بحياة حصرية . دون غيره من خلق الله . ليصبح الشعار الذي يقول ( حصريا ً ) ليس فقط شعاراً يرفعه أصحاب الفضائيات وحدهم . بل شعار الحكومة وكل القائمين على أمر مواطنيها من مسئولين .. فحصريا ً يتكرر أنقطاع التيار الكهربائي عن المصريين . في شهر رمضان وغيره . وحصريا ً يحظر على المصريين الاحتفال بقدوم الشهر الكريم . فيحرم عليهم تعليق الزينات وإضاءة الشوارع أو المنازل بحجة تخفيف الاحمال وترشيد الاستهلاك . بينما لا يخضع لهذا الحظر أو الحصر . الملاهي الليلية وأصحاب المنتجعات والاحياء الراقية والقري السياحية ومكاتب المسئولين وما بها من اجهزة تكييف يستهلك الواحد منها ما يساوي أستهلاك احد الاحياء الفقيرة من كهرباء ! وحصريا ً تنقطع المياه عن بيوت الفقراء وعن زراعتهم ويعفى من انقطاع المياة حصريا ً حمامات السباحة وملاعب الجولف ! وحصريا ً يبدأ المصريون يومهم بالوقوف في طوابير العيش . للحصول على مايكفيهم منه . وإذا كانت هذه هي عادتهم التي اعتادوها في غير أوقات الازمة في مخزون القمح او الدقيق . فكيف سيكون حالهم بعد أن لاحت في الافق أزمة في استيراد الدقيق من الدول المصدره ؟ ! وحصريا ً يمضى الصائمون في مصر يومهم بحثاً عن أنبوبة بوتاجاز او الوقوف في طوابير من اجل الحصول عليها ؟ وحصريا ً .. يتعرض المصريون لموجة من الغلاء الفاحش . خلال هذا الشهر الكريم الذي تترك فيه الحكومة مواطنيها فريسة للتجار الجشعين . من أصحاب الضمائر الميته . دون مسئولية عليها في ضبط الاسعار ومراقبة الاسواق ! وحصريا ً .. يقف الفقراء في مصر في طوابير طويلة للحصول علي شنطة رمضان التي يتكرم بها عليهم الحزب الوطني وحكومته المباركة وكأن الفقر لا يأتي للناس الا في رمضان أو كأن الكرم لا يأتي للحكومة زائراً الا فيه !! وحصريا ً .. تعج الشوارع في مدن مصر وقراها بموائد الرحمن التي يجود بها البعض تقربا ً من الله .. او من مجلس الشعب !! وحصريا ً تنتشر جيوش المتسولين في الشوارع وفي الطرقات بحثا ً عن أصحاب القلوب الرحيمة " والجيوب العامرة بالمال " حلاله .. وحرامه ! وحصرياً يعاني المصريون في شهر رمضان من اختناقات مرورية أكثر من كل الاختناقات التي يتعرضون لها طوال العام . فتتحول الشوارع الي جراجات بحجم المدينة ! وحصريا ً يتعرض مشاهدوا التليفزيون لحملة من المباذل والمساخر والبذاءات أكثر من أي شهر من شهور السنة . حتى تحول رمضان من شهر للعبادات الي شهر للمساخر والبذاءات ! اذن .. لم يحرز التليفزيون المصري السبق بهذا الشعار الذي استعد به لاستقبال شهر رمضان . فقد كان السبق من نصيب الحكومة وحزبها الوطني . وكان علي التليفزيون أن يؤكد هويته المصرية التي يتمتع بها بامتياز . فرفع شعاراً يؤكد به انتسابه الي حكومة لا تريد أن ينافسها احد في " الحصر " والحصار .. " والحسرة " فرمضان كريم حصريا ً .. أو حسريا ً على المصريين !! .