منذ البارحة وهو يبحث عن فكرة لكتابة مقالته الأسبوعية . يرمي الأوراق الساخنة والقلم المدبب كرمح ويذهب إلى الآيباد البارد . يفتش في المواقع الإلكترونية عن حدث / خبر ... أي شئ يستفزه للكتابة . المواضيع القابلة للكتابة كثيرة .. هو يبحث عن المواضيع القابلة للاشتعال ! يقلب القنوات الاخبارية : في الفترة الأخيرة صار يرى وجه " كيري " و " لافروف " اكثر مما يرى وجوه اطفاله ! منذ شهر ووجه الطفلة السورية يطارده، وهي تصيح بعد نجاتها من الكيماوي ( أنا حية .. أنا حية عمو ) .. لا يجد لغة تليق بها وببراءتها وجمال وجهها الملائكي .. يبصق على الشاشة والساسة والمؤتمر الصحفي ويغلق التلفاز .
لم يعد ذلك الهاوي الذي تجره الكلمات إليها ، ويلاعبها كطفل ، ويغازلها كعاشق .. يحوّل الورقة لأجلها : ملعباً .. وسريرا ! صار محترفاً .. يشبه الآلة .. ويخاف أن تتحول كلماته - دون شعور منه - إلى شئ يشبه البيانات الختامية لمؤتمرات القمة العربية : باردة ، ومستهلكة ، وغير مؤثرة .
يلجأ إلى الأسئلة .. لعل الإجابات تتحوّل إلى فكرة مقال : - من الذي يصنع الآخر ويعيد انتاجه ؟ - هل النخبة هي التي تصنع الجمهور وتشكله حسب مصالحها .. ام أن الجمهور هو الذي يصنع النخبة ويدفعها في مقدمة المشهد ؟ - من هو ( البطل ) في ذهنية هذا الجمهور ؟ - من أين أتت ( النُخب ) ؟ - هل هبطت من السماء ام انها نمت وكبرت بين ومن هذا الجمهور المتذمر منها ؟
أينما التفت حوله يجد موضوعاً قابلاً للسلق السريع .. ولكنه ، في الكتابة والأكل ، يكره السلق والوجبات السريعة .. والمايونيز .
قال .. سأكتب هذا السطر ، وأنام : أكره التصنيف أياً كان مصدره وشكله وعنوانه ، وانحاز للإنسان لأنه إنسان دون أن أفتش في تفاصيل بطاقته الشخصية ، وألعن الساسة ومجلس الخوف الذي يُسمي نفسه : مجلس الأمن ! يحتضن طفلته الصغيرة ، ويقول لها دون وعي منه ( أنتِ حيّة .. أنتِ حية يا بابا ) .. والعالم ميّت . يرسل وبشكل سريع عبر هاتفه الجوال لكافة الصحف التي يتعامل معها : أعتذر عن مقال الغد . يدعو الله أن لا يرى " لافروف " أو " الأخضر الأبراهيمي " في أحلامه ... وينام .