الجلاد الذي تبغضه وأبغضه معك هو لا يختلف كثيرًا عني وعنك! إنسان بسيط، له أطفال يحبهم ويخاف عليهم، ويحدث أن يعود ذات مساء إلى منزله وهو يحمل الحلوى لأطفاله وعطر جديد - متوسط الثمن - رآه وأعجبه وأحب أن يهديه لزوجته. هو إنسان.. يشبه الأغلبية. يجلدك في الصباح، وينام مطمئنًا في المساء بعد أن قام ب"دوره" في حماية الوطن.. كما يظن! هو إنسان تشكّل بهذا الشكل. تم تلقينه بعض الأفكار وصارت لديه هي الحقائق الوحيدة والثابتة. يفهم "الولاء والانتماء" بطريقة مختلفة عني وعنك. يتميّز بالجهل.. مثل الأغلبية! كان يبحث عن أي عمل يعيش منه.. صادف أنه وجد هذه الوظيفة والتي تحمل اسمًا ألطف من "الجلاد" فتقدّم إليها.. وجدوا أنه يمتلك كل المميزات التي تؤهله للحصول عليها: الجهل، الحاجة، الطاعة.. فحصل عليها. قامت الأجهزة بتشكيل "وعيه " واختارت له "الأعداء" ومع الوقت تشكّل حتى أصبح بهذا الشكل الذي تعرفه.. صار "الجلاد" ووحده لا يعلم أنه الجلّاد! هو لا يعرفك.. قالوا له إنك خطر على الوحدة الوطنية.. فأصبح عدوك اللدود. هو لا يخاصم أفكارك.. لأنه في الأصل لا يفهمها! هو في معادلة الشر والخير.. يرى - وهو مطمئن - أنه الخير الذي سيقضي على شرّك! حتى الأساليب السيئة والدنيئة التي يمارسها معك يرى أنها أساليب خيّرة طالما أنها ستضغط عليك وتقضي على شرّك المفترض. تم تصويرك له بصورة لو رأيتها أنت لكرهت نفسك! ربما، وبعد أن ينتهي من تعذيبك، سيمر بالمستشفى لزيارة أحد أقاربه المرضى. ربما سيبكي كطفل عندما يجد السرير فارغًا لأن قريبه توفى قبل ساعة. ربما، وبعد أن ينتهي من جلدك، وقبل وصوله إلى المنزل سيتوقف عند محل الإلكترونيات ليشتري لعبة "البلاي ستيشن" لأولاده. ربما، هو في هذه اللحظة في أحضان زوجته يحاول كتابة قصيدة تتغزل في حُسنها. لا ترسمه كوحش.. لا تجرده من إنسانيته.. لا تلعنه... العن الأجهزة التي صنعته، والجهل الذي شكّله بهذا الشكل. twitter | @alrotayyan