دشنت قيادات أقباط المهجر حملة ل "محو" هوية مصر الإسلامية من الدستور، عبر المطالبة بحذف كل مواد الشريعة وكل ما يشير إلى "الإسلام" من قريب أو بعيد، داعية التيار المدني إلى انتهاز الفرصة التاريخية التي تمر بها البلاد بعد سقوط "الإخوان المسلمين" والسعي لحذف كل ما يخص الشريعة الإسلامية لتعود مصر علمانية مرة أخرى. وأكد مجدي خليل، المتحدث باسم "منظمة التعاون القبطي" بالولايات المتحدة، أن المناقشات التي تدور حاليًا حول المادة 219 من دستور 2012 هي مناقشات تدور تحت الأرض في المنطقة السالبة والتي تأخذنا إلى الماضي السحيق. وأضاف أن هناك الكثيرين قاموا بفتح نقاشات واسعة حول هذه المادة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وصدرت بيانات عديدة تطالب ما بين إلغائها أو تعديلها، بل وصفها الخبير الدستوري الدكتور يحيى الجمل بأنها مادة نفاق وضعها الرئيس الأسبق أنور السادات لتمرير مادة أخرى وهى الخاصة بتمديد حكمه. وادعى خليل أن المادة الثانية التي تنص على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، كانت سببًا في إشاعة مناخ التطرف والمزايدات الدينية وظهور الأحزاب الدينية. وأشار إلى أن شعار الإخوان "الإسلام هو الحل" حصل على أكثر من حكم قضائي باستخدامه وفقا لهذه المادة، وأن مناخ الهوس الديني هذا هو الذي أتى بالإخوان إلى الحكم بعد ذلك، وجعل شريحة كبيرة من المصريين تصوت للسلفيين وهم أكثر تشددًا من "الإخوان المسلمين". وتابع خليل: "الهجوم على مادة "الشريعة" قائلاً إن تلك المادة كانت سببًا فى انتهاك الحق في المساواة، والتضييق على الحريات، ومطاردة المبدعين، وصدور أحكام جائرة بحق العديد من المبدعين والمثقفين وغير المسلمين، وتفريغ الحقوق والحريات الأساسية من مضمونها، وتقييد المواثيق الدولية بقيد مطاطي غير معرف. ورأى أن "هذه المادة بنصها الحالي والسابق، مع الإصرار على عدم ذكر أى مصادر أخرى للتشريع، يجعل منها عمليا المصدر الوحيد للتشريع، مما يجعلنا ولو نظريا نقع فى دائرة الدولة الدينية الكاملة، وأن هذه المادة تخل بحياد الدولة تجاه الأديان المختلفة"، على حد زعمه. ووصف الناشط القبطي هوية مصر بأنها "قبطية"، قائلاً إن "المسيحية فى مصر يقترب عمرها من ألفى عام والإسلام حوالي 1400 عام، ناهيك عن التراث والثقافة الفرعونية والقبطية والرومانية والإغريقية والعربية والمسيحية والإسلامية، كل هذا تعاقب وتفاعل وتراكم وتداخل وانصهر ليخرج لنا هوية مصر". وذكر أنه في مارس 2007 شارك مع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان فى جمع توقيعات على بيان يطالب بتعديل المادة الثانية من الدستور، ونشر منتدى الشرق الأوسط للحريات البيان وقتها على نصف صفحة فى جريدتي "وطني" و"الأهالي" كإعلان، وقد طالب أكثر من مائتي مثقف من خيرة وقمم المثقفين المصريين بتعديل المادة الثانية بناء على المبادئ التالية: أن الإسلام ديانة غالبية المواطنين، أن القيم والمبادئ الكلية للأديان والعقائد مصدرٌ من المصادر الرئيسية للتشريع، بما لا يتناقض مع التزامات مصر طبقا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، أو يخل بحقوق المواطنة أو بمبدأ المساواة أمام القانون، أن التمتع بالحقوق والحريات المدنية لا يتوقف على العقائد الدينية للفرد، ضرورة التزام كافة أجهزة الدولة بالحياد إزاء الأديان والعقائد ومعتنقيها من المواطنين. وكان أكثر من شخص من الموقعين على البيان من الذين تم اختيارهم مؤخرا في لجنة الخمسين ومنهم الشاعر الكبير سيد حجاب ،والسياسي اليساري حسين عبد الرازق، والمتحدث باسم لجنة الخمسين الكاتب محمد سلماوي، بل أن الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء الحالي كان من الموقعين على البيان، وقد اتصلت به وقتها من واشنطن في أبو ظبي حيث كان يعمل في صندوق النقد العربي وقرأت له البيان ورحب بالتوقيع عليه وقتها. وطالب خليل هؤلاء الموقعين على البيان أن "يتبنوا ما وقعوا عليه من قبل، وأن يتجاهلوا هذا المناخ المشحون بالهوس الديني لأن الأجيال القادمة لن تعذرنا عندما نقدم لها دستور يؤسس لدولة دينية، فهل نتحلى جميعا بالشجاعة والوطنية والاستقامة الفكرية ونطالب بدولة مدنية بالمعنى الحقيقي للكلمة بما في ذلك إلغاء المادة الثانية أو حتى تعديلها"؟.