أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري، اليوم الثلاثاء، أن بلاده طالبت أمريكا مرارا بالمشاركة الإيجابية من خلال المحادثات لحل الأزمة السورية، غير أن الطلب قوبل بالرفض من قبل واشنطن واتخذت على إثرها مجموعة من الإجراءات منها إغلاق سفارتها في دمشق وإغلاق كافة القنوات الدبلوماسية المتاحة وتركيز جميع مجهوداتها على استراتيجية سرية لدعم الجماعات المسلحة في حربها ضد القوات النظامية. وقال الجعفري - في مقابلة تليفزيونية مطولة لشبكة (سي إن إن) الإخبارية الأمريكية - "لسنا دعاة أو مروجى حرب، إننا دولة مسالمة، ولا ندعي أننا أقوياء للدرجة التي تمكننا من مواجهة الإمكانات العسكرية لواشنطن، فليست تلك القضية، بل أن القضية الأكثر إلحاحا هي أننا سنصبح جميعا ضحايا لأي عدوان محتمل قد يحدث في سوريا".. مشيرا إلى أن اهتمامات حكومته تنصب على حماية الحدود والحفاظ على مصالح المواطنين والحيلولة دون حدوث أي عدوان على الأراضي السورية. ورفض الإدعاءات المزعومة بقيام القوات النظامية باستخدام الأسلحة الكيميائية في أواخر أغسطس الماضي في ضواحي العاصمة دمشق، واصفا إياها ب"المغلوطة التي لا أساس لها"، لافتا إلى أن الإدارة الأمريكية تكرر نفس الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي في العديد من المرات خلال حرب فيتنام أو الأزمة الكوبية أو الحرب العراقية مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولين باول الذي ادعى أنه قدم أدلة "على نسبة عالية من المصداقية" لمجلس الأمن وهو نفس الإدعاء الذي يستخدمه وزير الخارجية الحالي جون كيري لتبرير شن هجمة عسكرية الحرب على سوريا. وتعليقا على شهادات العديد من الأطباء والمحققين المستقلين وأجهزة الاستخبارات الدولية والتي تؤكد أن النظام السوري قد استخدم الأسلحة الكيميائية في العديد من المرات، أوضح الجعفري أن الحكومة السورية لم تصرح أنها استخدمت غاز السرين في "خان العسل"، بل أنها أصرت في طلبها الذي تقدمت به بعد يوم واحد من الهجوم على المنطقة للسكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون على نقطتين الأولى وهي إثبات ما إذا كان قد تم استخدام أية أسلحة الكيميائية وثانية ماهية المسئول عن ذلك الهجوم، غير أن الوفود الأمريكية والفرنسية والبريطانية رفضت حينها الحديث عن النقطة الثانية وركزت فقط على الأولى، مؤكدا أن حكومته كانت تولي اهتماما شديدا منذ البداية على تسليط الضوء على استخدام تلك الأسلحة الكيميائية من قبل المسلحين في "خان العسل". وألمح إلى أن ما صرح به كيري فيما يتعلق بالعثور على دلائل دامغة تشير إلى استخدام غاز السارين في النتائج التي توصلت إليها واشنطن، لم تكن "اكتشافا عظيما" فالحكومة السورية قد صرحت من قبل أنه قد استخدام غاز السارين والغازات السامة في "خان العسل"، الأمر الذي لم يوليه أحد اهتماما، حيث إن الجميع كان يعلم بماهية المسئول عن تلك الهجمات، والدليل على ذلك أن الاستخبارات البريطانية تسللت بشكل غير مشروع إلى المنطقة وحصلت على عينات وقامت بتحليلها وتمخضت نتائجها عن أن الجماعات المسلحة هي المسئولة عن استخدام تلك الأسلحة في منطقة "خان العسل". وأشار إلى أن التقارير المنبثقة من حكومات واشنطن ولندن وباريس لا تتسم بالمصداقية فيما يتعلق بالأزمة السورية، حيث إن تلك الحكومات ضالعة وبقوة في الأزمة فهي تدعم الجماعات المسلحة ضد الحكومة، لافتا إلى أن عضوة لجنة التحقيق بانتهاك حقوق الانسان في سوريا كارلا ديل بونتي شاهدة على أن الجماعات المسلحة قد استخدمت الأسلحة الكيماوية في منطقة "خان العسل"، فضلا عن وجود مصادر معلومات أخرى أمام الحكومة تؤكد عكس ما تدعيه تلك الحكومات. ونوه بأن أمر منع وقوع عدوان على الأراضي السورية بات هو الأهم الآن ويأتي في المرتبة الأولى لحكومته ثم يأتي لاحقا أي أمر يتعلق بالأسلحة الكيماوية، مستشهدا بأن بلاده قد قامت في 2003 عندما كانت عضوا في مجلس الأمن الدولي بتقديم مشروع قرار لإقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، غير أن الأمر قوبل بالرفض من قبل الوفد الأمريكي وقتها، الأمر الذي يشير إلى أن حكومة دمشق كانت ولا تزال مهتمة بنزع أسلحة تلك الأسلحة من منطقة الشرق الأوسط ومن بينها الأسلحة النووية الخطيرة التي تمتكلها إسرائيل.