تواجه المساعي الرامية إلى احتواء الأزمة المشتعلة بين المحامين والقضاة منذ الأسبوع الماضي مخاضا عسيرا بعد أن أصيبت جهود المصالحة بانتكاسة مفاجئة عبر صدور تصريحات ومواقف من جانب مجلس القضاء الأعلى ونادي القضاة تعزف على وتر التشدد وترفض تسوية الأمر، في مقابل تهديدات من المحامين باللجوء إلى تدويل نزاعهم إذا لم يتم إطلاق المحامييْن بتهمة التعدي على رئيس نيابة ثاني طنطا باسم أبو الروس. ففيما نفى نادي القضاة أي نية للصلح والتوصل لتسوية سلمية للأزمة، دعا المستشار عادل عبد الحميد رئيس مجلس القضاء الأعلى عقب اجتماع عاصف للمجلس، حكماء وشيوخ مهنة المحاماة إلى التدخل بقوة لإخماد نار الفتنة بين المحامين ورجال القضاء قبل أن تعصف الفتنة لكل القيم واعتبارات الأمن العام والسلام الاجتماعي. وأبدى رفضه بقوة لأي مساع "لإرهاب أعضاء السلك القضائي"، ووقوفه ضد أي "محاولات لمنع سدنة العدالة من مزاولة مهنتهم ولحق إنقاذ العدل وإعطاء الحقوق لمستحقيها"، وأدان المجلس في بيان حصلت "المصريون" على نسخة منه "الأحداث المؤسفة التي تجاوزت حدود الشرعية وضوابط حق الإضراب والتوقف عن الدفاع عن المتقاضين، فضلا عن استخدام القوة والعنف والتهديد وإتلاف الأموال العامة". وطالب المجلس القضاء وجميع المختصين بالأزمة بالامتناع عن إجراءات حوارات أو مناظرات في كافة وسائل الإعلام بشأن الأحداث الجارية، مؤكدا ثقته في العودة لتحكيم القانون دون سواه، آملا في أن تعود العلاقة بين القضاة والمحاماة إلى طبيعتها ليمارس الجميع أدوارهم في إطار من الشرعية الدستورية. في السياق ذاته، نفي نادي القضاة وجود أي محاولات للتوصل لتسوية سلمية للأزمة والتصالح، مؤكدا عدم وجود علاقة بين النادي وبين ما تردد عن وجود محاولات للتصالح بين القضاة والمحامين في ظل المساعي التي تقوم بها نقابة المحامين بهذا الشأن. وأكد المستشار عبد الله فتحي وكيل نادي القضاة في مؤتمر صحفي، أن النادي ليس طرفا في أية محاولات للمحامين للتهدئة أو التعارض أو حل أزمتهم، لافتا إلى أن مهمة النادي تتمثل في حماية أعضائه والدفاع عن كرامتهم. وأشار إلى وقوف الجميع أندية القضاة وراء نادي قضاة مصر وتأييد جموع القضاة لجميع الإجراءات القانونية، نافيا وجود نية لعقد جمعية عمومية، مشيرا إلى البلاغات التي تقدم بها المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة لا تحمل دلالات شخصية أنما جاء اعترضا على إساءة البعض للقضاة. ونفى وكيل نادي القضاة تدخل الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب في شئون القضاة، معتبرا أن ما قام به جاء في إطار سعيه للحفاظ على العلاقة بين نادي القضاة ونقابة المحامين، وأنه شدد على ضمان حقوق المحامييْن اللذين تمت إدانتهما بالدفاع عن أنفسهما. يأتي هذا في الوقت الذي واصل فيه المحامون إضرابهم عن العمل في جميع المحاكم، وتنظيم وقفات احتجاجية أمام مقر النقابة العامة، فيما قام المحامين المحبوسين إيهاب ساعي الدين ومصطفى فتوح بإرسال خطابين لكل من النائب العام لوقف تنفيذ الحكم وآخر لحمدي خليفة نقيب المحامين يحثانه فيه على التدخل لتسوية الأزمة. من جانبه، أكد حمدي خليفة نقيب المحامين مواصلة جهوده لتسوية الأزمة، مشيرا إلى إجرائه اتصالات مكثفة بعدد من الشخصيات رفيعة المستوى وأنه تلقى وعود بحل الأزمة وديا، نافيا في الوقت ذاته وقف اعتصام المحامين قبل حل الأزمة أو ظهور مؤشرات تسير في إطار التسوية، وشدد على تواجد المحامين خلفه في إطار السعي لتسوية الأزمة. وبموازاة البحث عن حل للأزمة لا يبدو في الأفق حتى الآن، هدد المحامون بتدويل القضية في المحافل الدولية وعلى رأسها الأممالمتحدة. وقال المحامي منتصر الزيات إن المحامين قرروا تدويل نزاعهم واللجوء للأمم المتحدة، وتقديم شكوى للمقرر الخاص بالمحاماة والقضاة بالمنظمة الدولية، ومطالبته بالتدخل لإنصاف المحامين، وتوفير ضمانات لحمايتهم في مواجهة القضاة، خاصة وأن محاكمة المحامييْن المحبوسين في طنطا افتقدت للضمانات القانونية. وقال الزيات إن الشكوى المقدمة للأمم المتحدة تتضمن الإشارة إلى أن قاضي محكمة طنطا أصدر نفس الحكم الذي لوح به المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة قبل 24 ساعة من عقد جلسة المحاكمة، كما تتناول الشكوى أيضا مما أسماه باختلال العدالة في ظل عدم توجيه الاتهام لعضو نيابة طنطا رغم تقديم بلاغ ضده بالاعتداء بالضرب على المحامي إيهاب ساعي الدين واحتجازه دون وجه حق. وحذر الزيات جموع المحامين من الخداع والتخدير، وطالب بعدم التنازل أبدا عما يحقق الاحترام الواجب لمهنة المحاماة وكرامة المحامين خاصة أثناء عملهم داخل أقسام الشرطة ودواوين النيابة. وقال: "لن نقبل المهانة أمام غرف وكلاء النيابة أو ننتظر في الطرقات بما يتنافى مع كرامتنا، ولن نقبل أبدا أن نكون في درجة تالية لأعضاء النيابة".