إن حقوق الإنسان تعتبر ولا شك من القيم الخالدة التى تنبع من الأديان وخاتم هذه الأديان وأشملها هو الإسلام, إن بعض الأجيال الجديدة فى عالمنا تستهويها مبادئ الإلحاد فتغزو عقولها وتمتلك عقولها الخالية من أي نورانية أو من أى زاد تربوى إلهى, إن الحقوق التى قررها الإسلام وعرفها المسلمون القدامى, ومارسوها تطبيقًا عمليًا وواقعيًا منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان, ولم يعرفها إنسان العصر الحديث إلا منذ نحو قرني من الزمان, لكن للأسف الشديد المسلمون نسوها أو تناسوها واتجهوا إلى أخذها عن الآخر وهو يحسبون أن الآخر يكتشف صنعًا جديدًا, غير مدركين أنها من صنع دينهم وعقيدتهم وتاريخهم الإسلامى المجيد عبر أزمنته, ومن منابع الدين الإسلامى الحنيف الذى علم الإنسانية جمعاء معنى الحقوق والواجبات, وهى من خلق الله اللطيف الخبير "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" إننا مدينون للإسلام بتقرير حقوق الإنسان فى أكمل صورة وأوسع نطاق, وكان المسلمون أسبق أمم الأرض وشعوبها فى تثبيت مبادئها وممارستها والسير على هداها. وللإسلام السبق فى ذلك لمن لا يعلم أو لا يريد أن يعلم استكبارًا فى الأرض ومكر السيئ, ومسخًا للحقيقة ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. فالإسلام ليس عقيدة مجردة أو رهبانية أو عكوفًا على العبادة وابتعادًا عن الواقع الذى نعيشه وكما يريد الكثير فى عصرنا وفى عالمنا العربى الترويج له وجعل ذلك حقيقة فى أذهان الناس, بل الإسلام بالإضافة إلى هذا الجانب الروحى والمهم من الإسلام لا ينفصل عن الحياة ولا عن الناس بل موضوعه أصلًا الحياة، وله صلة قوية بالمجتمع وبالناس وسائر الأمم وشعوب الأرض بحيث لا يمكن فصل الدين عن المجتع كما لا يمكن فصل السمك عن الماء أو الرأس عن الجسد, إن هناك نماذج وصورًا مشرقة لتثبيت حقوق الإنسان فى المجتمع الإسلامى الإنسانى, ومما لا يدع مجالًا للشك فى أن الإسلام كان من أولى أولوياته كفالة الحقوق الإنسانية للبشر جميعًا بصرف النظر عن الانتماء الدينى أو القبائلى أو اللسان أو اللون, لأن البشر كلهم خلق الله, مصداقًا لصاحب الرسالة العصماء ولسيد الخلق والحق الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه "الناس كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله". ولا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قصد من هذا الحديث الشريف غرس هذه التعاليم الحقوقية فى نفوس أصحابه، وجعلها نموذجًا فذا وخالدًا من العدالة الإسلامية وحقوق الإنسان بين الناس جميعًا وفى شتى صورها وأنواعها وقد نجح فى ذلك نجاحًا باهرًا عبر عهده صلى الله عليه وسلم وعهود الخلفاء الذين أتوا من بعهده لحمل راية حقوق الإسلام عن نبيهم والسير على خطاها وهديها, لِأنَهم فهموا من فحوى الإسلام ورسالته أن هذه الرسالة إنما جاءت لإسعاد البشرية كل البشرية وتكريم الإنسان واحترام آدميته وشخصه لأن الإنسان بنيان الله ملعون من هدم بناءه, ولأن من أجله بعث الله الأنبياء والرسل وأنزل الكتب السماوية المقدسة لهديه وبيان الطريق السوى الذى ينبغى عليه أن يسلكه فى حياته ليظفر فى هذه الحياة وبعد الممات, فمنهم من اتبع هداه ومنهم من ضل عنها. "وما على الرسول إلاhttp://www.google.nl/url?sa=t&rct=j&q=%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%20%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%AD%D9%8A%20%D8%A7%D9%86%20%D9%8A%D8%B6%D8%B1%D8%A8%20%D9%85%D8%AB%D9%84%D8%A7%20%D9%85%D8%A7%20%D8%A8%D8%B9%D9%88%D8%B6%D8%A9&source=web&cd=2&cad=rja&ved=0CDgQFjAB&url=http%3A%2F%2Fquran-m.com%2Fcontainer.php%3Ffun%3Dartview%26id%3D963&ei=yPrvUcpQi9o4toaAuA8&usg=AFQjCNH3epO_6_3AlPC0YIhZK69r8JsHVg&bvm=bv.49641647,d.ZWU البلاغ المبين"، "إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" فيوفق الله لنوره من يشاء, ويضل من يشاء وما ربك بظلام للعبيد. فى العاشر من ديسمبر سنة 1948م فقط أقرت كما نعلم, الجمعية العامة للأمم المتحدة حقوق الإنسان ودعت العالم http://www.google.nl/url?sa=t&rct=j&q=%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%20%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%AD%D9%8A%20%D8%A7%D9%86%20%D9%8A%D8%B6%D8%B1%D8%A8%20%D9%85%D8%AB%D9%84%D8%A7%20%D9%85%D8%A7%20%D8%A8%D8%B9%D9%88%D8%B6%D8%A9&source=web&cd=2&cad=rja&ved=0CDgQFjAB&url=http%3A%2F%2Fquran-m.com%2Fcontainer.php%3Ffun%3Dartview%26id%3D963&ei=yPrvUcpQi9o4toaAuA8&usg=AFQjCNH3epO_6_3AlPC0YIhZK69r8JsHVg&bvm=bv.49641647,d.ZWUإلى الترويج لها وتطبيقها, ويتضح من تلك المواد والنصوص والبنود المتعلقة بذلك الإعلان الأممى أن معظمه لا يخرج عن روح ونص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى القران والسنة النبوية الشريفة الذى صدر منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان, وبناء على هذا فإن بضاعتنا فى ظل غفلتنا ردت إلينا وسوقت مرة ثانية لنا على أساس بضاعة جديدة. تجدر الإشارة إلى أن حقوق الإنسان فى الإسلام ليست منحة من أحد لأحد, بل هى ملزمة بحكم مصدرها الإلهى الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم عليم. إن وثيقة حقوق الإنسان فى القرآن الكريم يجب أن تكون زادًا للمسلم المعاصر فى حياته اليومية وفى مناهجه الدراسية وفى مناقشاته الفكرية والإعلامية ومن ضمن اهتماماته السياسية وتنزيلها على أرض الواقع. وعلينا ألا نتجاهل حقوق الإنسان فى الإسلام لأنها من صنع هذه الأمة القرآنية, فهى جديرة بالرعاية والاهتمام فى شتى مناحى حياتنا. السياسى فى حقله, والأستاذ فى جامعته, والإمام فى مسجده, والأم فى بيتها, والعامل فى عمله, والمدرس فى مدرسته, والمذيع فى إذاعته وصاحب البرنامج فى برنامجه حتى نقرها فى حياتنا وتصبح حقيقة واقعة. لأن الأمة غافلة حقيقة عن تراثها العظيم المكتوب والمدون عن حقوق الإنسان فى الإسلام, وعن نشره وترسيخه فى النفوس والعقول والقلوب والضمائر وفى مجتمعاتنا وتعاملاتنا, علينا ألا نضيع جهد أسلافنا الميامين بخصوص هذا الترث الظخم والموروث السياسى الإسلامى, لأنه وبحق لو كتب له رجال ينشرونه وويعرضونه بثوب جديد سيسهم فى الرفع من شأن الأمة وتغيير صورتها أمام الرأى العام العالمى وسيهذب سلوكها وتعاملاتها مع بعضها البعض ومع الآخر, وإخراج هذه الأمة فى ثوبها الجديد ومن سباتها العميق, لأنها أمة حقًا ينبغى أن تخرج إلى العالم من خلال تراثها لتسهم مع الآخرين بما قيض الله لها من تراث إسلامى عالمى ومن مبادئ وقيم سامية وسمواية قد تسهم لا محالة فى ترسيخ قواعد حقوق الإنسان بما يعود على الإنسان بالخير والسؤدد. وأخيرًا إذا نطق لسان حقوق الإنسان فى الإسلام فى عالمنا العربى والإسلامي فليبشر ساكنها بالعز والكرامة والسؤدد وما ضاع تراث وراءه رجال ومصلحون.