غريب أمر هذا البلد، فبعد ان تم الإنقضاض على ثورة قامت بدم أطهر أبنائها من أجل حرية أرادوها، فتكالبت عليها الأمم كما تتكالب القصعة على أكلتها، حيث واجهت تحديات جمة تنوء بها أولى العصبة من الأمم، فصوبت الثورة المضادة مدفعيتها بكل ضراروة وشراسة نحو قلب الثورة المصرية لوأدها، وظل صراع محتدم بين ثورة وثورة مضادة حتى الرمق الأخير من انتخابات الرئاسة الى ان جاء مرسى ممثلاً للثورة وهزيمة ممثل الثورة المضادة، فلم يستقر على كرسي الحكم سوى بضعة أشهر نال خلالها حظاً وافراً من تلك المضادة التى الهبت ظهره بسياطها المنطلقة من فضائيات الفلول بأموالنا المنهوبة تحت سمع وبصر الجميع لا لشئ سوى لإسقاطه وإسقاط اول تجربة ديمقراطية تشهدها البلاد وبالتعبية إفشال موسم الربيع العربى، كما شارك مرسى وتياره فى انجاح مخططها بسوء فى الإدارة وعدم ايجاد حلولاً لمشاكل عديدة بصرف النظر عن انها حقيقية أو مصطنعة. وبعد انقلاب السيسى الذى وهج حرباً بين طائفتين من المصريين، ولا ندرى ايا منها التى تبغى فكلاهما وقع فى نفس الأخطاء، وقع فى نفس التطلعات، وقع فى نفس النهج، وقع فى نفس الأسلوب، قاما بتحقير الأخر وتسفيهه والتقليل من شأنه وعدم الاعتراف به أو برأيه، انهالوا بسيل إتهامات فضلاً عن تسخير كل ما أوتيا من قوة فى محاولة وأد الأخر، غير ان إحداهما تحالفت مع فلول الشياطين أو شياطين الفلول بل كفرت بكل قيم ومبادئ ثورية واستعانت واستنجدت بالحكم العسكرى ومهدت وروجت له، ثم هللت وكبرت بقدومه، ثم انهالت متشفية متصفية فى الأخرى فأستحقت ان تكون الغادرة برغم من ان الأولى هى المتغايبة. تغيرت الحقائق، وتبدلت المواقف، واختفت الأسس والقواعد والمبادئ، وحرفت المسميات، فصار الثائر بلطجى، والبلطجى ثائر، والثائر سافر، والسافر ثائر، والفلول قيادات ثورية، وقيادات الثورة أعدائها، حكم العسكر حكم مدنى، الإنقلاب عمل ثورى، التآمر والإقصاء هو عقيدة الثوار، فإستخدمت الديمقراطية تبعاً للهوى والمصلحة، فأجيز حرق المقرات وتدمير المنشأت ومحاصرة المؤسسات، واقتحام المساجد، والإستعانة والإستغاثة بحكم العسكر، فأصبح الإنقلاب تصحيحاً للمسار، وقتل المتظاهرين لبعضهم من كل طرف مؤيد ومعارض حقاً واجب النفاذ، السحل طريقة التعامل بين الأخوين، فلمصلحة من؟ ومن النقائض والطرائف ما جاء بعد بيان السيسى الذى اوقف العمل بالدستور ثم جاء المنصور ليحلف القسم على احترام الدستور.. وقد أقسم ! فعلى اى دستور أقسم المنصور؟ على دستور 1971 ، أم دستور مبارك المشوه، أم على دستور 2013 المعطل؟ سؤالاً لابد من الإجابة عليه، حيث يلقى بظلال من الشكوك هو شرعية المنصور لأنه أقسم وحقيقة الأمر أنه لم يقسم على دستور؟ هذا اذا فرض شرعية ما حدث قبل مراسم القسم؟