لأول مرة منذ عدة أسابيع نرى جمعة (أول مارس الجارى) ينزل فيها الفلول وبعض الثوار التايوانى، لا ليطالبوا باستكمال أهداف الثورة، ولكن بإنهاء الثورة وعودة حكم العسكر وإنهاء التجربة الديمقراطية بالكامل لأنها لم تأت على هواهم وجاءت برئيس إسلامى من الإخوان، ولأنهم واثقون من الفشل بانتخابات البرلمان المقبلة! لأول مرة نجد العشرات يقفون أمام منصة مدينة نصر يرفعون صور مبارك ويطالبون الجيش بالتدخل والانقلاب العسكرى على الرئيس المنتخب.. لأول مرة نرى الجنرال الهارب أحمد شفيق يزايد على قادة جبهة الإنقاذ ويقول لهم إنه أفضل منهم ويحاول قيادة الثورة المضادة علنا وهو فى الخارج بسبب الأحكام الصادرة ضده فى قضايا الفساد.. لأول مرة نرى ميادين الثورة خلت من الثوار التايوانى والبلطجية وحدث هدوء لأن الشعب "قرف منهم" وكشفهم على حقيقتهم ورفض عصيانهم المدنى المزعوم، ونرى بالمقابل من يرفع شعار (يحيا حكم العسكر) ويسقط حكم الإخوان (المدنى)! حتى الست تهانى الجبالى -نائبة رئيسة المحكمة الدستورية السابقة- أفصحت عن كراهيتها للرئيس المنتخب ولكل التيار الإسلامى، وراحت تدعو الجيش فى تصريحاتها الفضائية للتدخل والانقلاب على الرئيس المنتخب، ونسيت أنها كانت يوما ما حامية للدستور الذى يمنع الانقلاب على الرئيس المنتخب، وعضوة فى المحكمة التى أقسم أمامها الرئيس المنتخب.. من الآخر ظهر غيظهم من كلمة (منتخب) هذه، وظهر كفرهم بالديمقراطية وإيمانهم بالعنف فقط وحكم العسكر بعدما صدعونا بخشيتهم من رفض الإسلاميين تداول السلطة بينما هم الذين يرفضون أصلا وجود الإسلاميين ويسعون لإقصائهم تماما حتى ولو كان هذا هو خيار الشعب، بل وبدأ بعضهم يتهم الشعب بالجهل والأمية ويطالب بالحجر عليه وعدم السماح له بالتصويت لجزء منه لأنهم يختارون الإسلاميين!! آخرون من مدعى الثورية ذهبوا إلى إدارة التوكيلات فى بورسعيد لعمل توكيلات مدنية لوزير الدفاع العسكرى (السيسى) لإدارة شئون البلاد، ومنعتهم قوات الجيش من هذا (الهبل) وأغلقت الشهر العقارى! للأسف اختفى الثوار الحقيقيون، ولم يعد يقف فى الساحة إلا قليلون يدافعون بشرف عن مدنية الدولة والثورة التى صدعنا بها الليبراليون واليساريون واتهموا الإسلاميين بأنهم لا يؤمنون بها –أى مدنية الدولة– ويريدونها دينية، ولم نرَ فى هذه الجمعة السوداء سوى رموز (الثورة المضادة)، والداعين للعودة للمربع صفر! الثورة قام بها الشعب لإزاحة نظام مستبد وإنهاء حكم عسكرى استمر 62 عاما، وإعادة بناء مؤسسات ودولة القانون، ولكن هؤلاء الأقلية يريدون أن يفرضوا رأيهم بالقوة على الشعب ويكونون هم فى السلطة وإلا يدعون الجيش للعودة للدخول فى اللعبة السياسية لمواجهة الإسلاميين بالقوة بعدما عجزوا هم عن مواجهتهم بالأساليب الديمقراطية فى الصناديق الانتخابية! برغم هذا الغباء السياسى فأنا سعيد أن الشعب كشفهم على حقيقتهم مرة فى الانتخابات التى خسروها كلما دخلوها.. ومرة عندما رفض عصيانهم المسلح بالإكراه.. ومرة عندما فهم أهدافهم الحقيقية وكفرهم بالديمقراطية وإيمانهم فقط بالعنف وتوفير الغطاء السياسى للبلطجية والعملاء الذين يهاجمون أقسام الشرطة ويحرقون مدارس ومؤسسات الدولة باسم الثورة، وأكاد أجزم أن مقاطعتهم للانتخابات دليل خوف وذعر من الفشل والسقوط فيها مرة أخرى ولهذا يقاطعونها متصورين أنهم هم الذين يمنحون –بالمقاطعة أو المشاركة– النظام شرعيته، بينما الحقيقة أن شرعية النظام هى بالصندوق. أما صحف الخراب والدولارات فلم تختلف كثيرا فى دعمها للانقلاب العسكرى والحكم العسكرى بعدما كانت تشرب حليب السباع وتناهض حكم العسكر فنجد "المصرى اليوم" تقول (الميادين تطلق نوبة صحيان للجيش) مع أنهم يعلمون جيدا أن من خرجوا كانوا فى 4 محافظات فقط وصورتهم الكاميرات بالعشرات. الدماء التى تسيل بسبب مرض "شبق السلطة" الذى أصاب بعض أعضاء جبهة الإنقاذ هم من يتحملون وزرها ومسئوليتها، والشعب لن يغفر لهم هذه السقطات المتتالية.