يعيش الشعب المصرى أجواء من الترقب والقلق انتظاراً ليوم 30 يونيه، الذى أعلنته القوى العلمانية وشرذمة (تمرد) الفلولية يوماً للنفير العام لحشود البلطجية المأجورة بهدف إسقاط أول رئيس مصرى منتخب فى التاريخ بعد عام واحد من انتخابه ثم إجراء انتخابات (مبكرة للغاية) بعد عام ونصف من الآن!! وبعيداً عن المؤيدين والمعارضين للرئيس، فهذا خطاب موجه إلى كل مصرى عاقل يعانى من أزمات الوطن الاقتصادية صابراً، وإلى كل من شارك فى ثورة يناير المجيدة وسعى لتحرير البلاد من الفساد والاستبداد.. اتفقت مع الرئيس أم اختلفت معه، أيدت قراراته أم رفضتها، تفهمت ثقل التركة الفاسدة التى ورثها أم حملته مسئولية عدم إصلاح تلك التركة، إسلامياً كنت أم علمانياً، مسلماً كنت أم مسيحياً، لا يسع أى مصرى مخلصٌ لوطنه محبٌ لأمته أن ينساق وراء تلك الدعوات الصبيانية لإنهاء حكم الرئيس تحت دعوى استكمال الثورة أو تحقيق الإرادة الشعبية المزعومة، فالإرادة الشعبية لا نستطيع إدراك كنهها إلا عبر الاقتراع الحر المباشر، وقد انتخب المصريون رئيساً فى يونيه 2012 بإرادتهم المطلقة ولمدة 4 سنوات، كما أنهم أقروا دستوراً فى ديسمبر 2012 بنسبة موافقة تقارب الثلثين، وهو ما يعنى أن رفع شعار (الشعب يريد) كلمة حق يراد بها باطل، لأن المصريين كباقى شعوب العالم، يريد بعضهم ما يرفضه الآخر والاحتكام للصندوق والنزول على رغبة الأغلبية هو عين (الديمقراطية) التى يمارسها العالم. لقد ثار المصريون فى 25 يناير من أجل الحرية والكرامة، سواء كرامة الإنسان المستعبد على يدى زبانية مبارك، أو كرامة الوطن الخاضع للهيمنة الأمريكية والراضخ الذليل للقرارات الصهيونية، فلم يمر سوى عام على إعلان تسيبى ليفنى للعدوان على غزة من قلب القاهرة، إلا وشاء الله تعالى أن يزيل حكم الطاغوت الموالى للصهاينة. كانت الثورة نتيجة لانسداد سياسى ويأس مطلق من التغيير عبر الآليات الديمقراطية، وغنى عن البيان أن الثورة المجيدة قد تلت أكثر الانتخابات المزورة فجوراً فى التاريخ الحديث (برلمان2010)، وفى ظل اعتقال المعارضين والتنكيل بالنشطاء السياسيين، فلا عجب أن تثور الشعوب الحية لسلب إرادتها وامتهان كرامتها وضياع مقدراتها وتبديد ثرواتها على أيدى طغمة الفساد. ونظرة للواقع الآن فليس ثمة أى تضييق على التعبير حتى بدت الحرية كفوضى من الهجوم الدنىء والتطاولات الرخيصة على الرئيس من إعلام الفلول وكتبة أمن الدولة وكومبارس الفن الهابط، أما عن القدرة على التغيير، فهى متاحة للجميع عبر الانتخابات الحرة، فالرئيس قد نال منصبه بأغلبية 51.8% فقط، أما عن البرلمان، فطبقاً للدستور الجديد فهو صاحب الكلمة العليا فى تعيين الحكومة واختيار الوزراء، وهو ما يعنى أن تلك المعارضة المدنية المسماة بجبهة الإنقاذ، بالإضافة إلى حزب النور، يمكنهم تشكيل حكومة تقتسم صلاحيات اتخاذ القرار وأدوات السلطة التنفيذية مع الرئيس، فلماذا الهروب من الانتخابات البرلمانية؟ لقد زعموا أنهم يملكون ملايين المؤيدين الموقعين على أوراقهم، لكنهم يتهربون تحت زعم التشكيك فى تزويرها، وتظهر الشيزوفرينيا فى مطالبتهم بانتخابات رئاسية مبكرة فى ذات الوقت دون خوف من التزوير!! أما عن القلة من الشرفاء التى قد تخرج مطالبة بتطهير المؤسسات وبالقصاص للشهداء والمصابين، فنذكرهم بأمرين، أولهما أن الرئيس يدير دولة فيها من الفساد والمحسوبية ما يفوق دول الموز، وهو ما أدى لقيام الثورة، وفى ذات الوقت فإن الإصلاح والبناء أكثر تعقيداً وصعوبة وأطول زمناً من الهدم، فالإحباط الناتج عن الأداء الحكومى والأمنى حقيقى وواقعى، لكن العلاج يتطلب وقتاً أكثر ودعماً أكبر للرئيس فى قرارات التطهير، وأقرب الأمثلة هو حجم الهجمة العلمانية الفلولية الساقطة على وزير الثقافة الجديد الذى يبتغى الإصلاح والتطهير وتقويم المسار المعوج للثقافة المصرية لتعبر عن هوية الشعب المصرى الإسلامية. وثانيهما أن الثورة بعد خلع مبارك كان عليها تطهير السلطات الثلاثة المصنوعة على عين أمن الدولة، فقام 30 مليون مصرى بانتخاب مجلسى الشعب والشورى، ثم وصلت الثورة لرأس السلطة التنفيذية بنجاح الرئيس مرسى، لكن خطأها الأكبر كان فى ترك السلطة القضائية على حالها لتكون الأداة الأكبر فى يد الثورة المضادة التى يتولى كبرها أمثال الزند، فالدستورية التى حلت مجلس الشعب وما زالت تعمل جاهدة على عرقلة المسار الديمقراطى، وأجنحة القضاء التى تتهجم على رئيس الدولة هى ذاتها من تصدر أحكام البراءة المتوالية على قتلة الثوار ورموز الفساد، فمن أراد استكمال الثورة فليجاهد لتطهير القضاء الذى يكاد أن يصدر حكماً بعدم دستورية الثورة ذاتها!! والحق أن الصورة واضحة إذا تدبرتم الأمر ملياً، فحينما يجتمع للدعوة لانقلاب 30 يونيه توفيق عكاشة مع فاطمة ناعوت، والمدعو عمر عفيفى مع الهارب شفيق، ومحمد أبو حامد مع صبى صفوت الشريف (مصطفى بكرى)، وحينما يباركها رجال أعمال الوطنى مع متطرفى الأقباط (فيلوباتير، موريس صادق) وبلطجية البلاك بلوك، ويتم تضخيمها برعاية أباطرة الفساد الإعلامى ممن بكوا على مبارك ليلة موقعة الجمل: رولا خرسا، لميس الحديدى، منى الشاذلى، القرموطى، الجلاد، حمودة وغيرهم من إنتاج ماكينة أمن الدولة، حينها عليك أيها المصرى الطيب أن تتحسس مسدسك، فهؤلاء لا يجتمعون على خيرٍ أبداً.. ((فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ)) (يونس:81)